أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: جمال الأسلوب- حسين علي الهنداوي

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    المشاركات : 710
    المواضيع : 706
    الردود : 710
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي جمال الأسلوب- حسين علي الهنداوي

    جمال الأسلوب

    المستشار الأدبي
    حسين علي الهنداوي
    شاعر وناقد
    مدرس في جامعة دمشق
    صاحب الموسوعة الأدبية (النرصدالأدبي )
    حجم الموسوعة( خس عشرة ألف صفحة )
    سوريا -درعا-

    الجمال صفة لازمة للأساليب الأدبية، لا غنى لها عنه ما دام الأديب معنيًّا بإمتاع القراء واحترام أذواقهم، ومن السهل معرفة ذلك، فقد تقرأ نصًّا أدبيًّا واضح الأفكار، قوي العاطفة، ولكنك تحس مع هذا أنها نابية عن الذوق، فجة العبارة، لا تمتزج بالنفس. هذا النقص ناشئ في الغالب عن سقم التعبير، ودليل على خمود الشعور والذوق الأدبي، وهو سبب وحده يكفي للعناية بجمال الأسلوب وموسيقى العبارة لعلنا نستطيع إرضاء ذوق القارئ وخياله فوق عواطفه وعقله. وهنا نلاحظ أن ليس من جمال الأسلوب في شيء هذه المحسنات البديعية، والصورة الخيالية التي يصطنعها الكتاب عمدًا، ظانين أنها حلى بديعة، أو مدارين بها فقرًا عقليًّا ونقصًا ذوقيًّا، والحق أنها تدخل الأساليب الأدبية حين تدعوها طبيعة المعاني لتقويتها أو إيضاحها، أو حين يلجأ إليها الخيال ليصور بها عاطفة صادقة وانفعالا قويًّا.
    والجمال صفة نفسية تصدر عن خيال الأديب وذوقه، فالخيال المصور يدرك ما في المعاني من عمق وما يتصل بها من أسرار جميلة إدراكًا حادًّا رائعًا والذوق يختار أصفى العبارات وأليقها بهذا الخيال الجميل. وإذا ذكرنا الذوق فإنما نعني الذوق المهذب "الذي صقله الأدب، وشحذته الرواية، وجلته الفطنة، وألهم الفصل بين الرديء والجيد، وتصور أمثلة الحسن والقبح"( الوساطة ص30. )وبذلك تتحقق هذه الصفة الفنية للأسلوب. والجمال صفة سلبية وإيجابية، يكون بخلو الأسلوب من التنافر والخشونة التي تؤذي الحس والذوق، ثم يجعله صدى صادقًا لجمال الذوق والخيال

    أولًا: الناحية السلبية

    ويراد بالناحية السلبية أن تكون العبارة خالية من أساس الاضطراب الصوتي والخشونة القاسية التي لا تنم عن عاطفة أو خيال، وبذلك تجد الكلمات مطردة، متناسقة الحروف والكلمات، تقرؤها جهرة فتحس بالصوت متناسب الأنغام صافيًا، ومما يعين في ذلك ما يلي:
    1- قدرة الكاتب -بذوقه المصفى- على إبعاد الكلمات المتنافرة الحروف أو العبارات المتنافرة الكلمات والجمل مهما يكن سبب التنافر( المثل السائر، ص56 وما بعدها، ص110 وما يليها، والصناعتين.) ، وذلك نجده في قول البحتري:
    حلفت لها بالله يوم التفرق ... وبالوجد من قلبي بها المتعلق ،والأصل من قلبي المتعلق بها، فلما فصل بين الموصف -قلبي- والصفة "المتعلق" بالضمير "بها" قبح ذلك ونجد تتابع الإفاضات أفسد أسلوب البيت الثاني من قول كشاجم:
    والزهر والقطر في رباها ... ما بين نظم وبين نثر
    حدائق كف كل ريح ... حل بها كل قطر
    وهذه الميمات التي اعتصمت بأوائل الكلمات، في البيت الآتي، جعلته ثقيل النغم:
    ملكت مطال مولود مفدى ... مليح مانع مني مرادي
    وفي النثر ما ورد لرجل يمدح كريمًا: "يا مغبوق كأس الحمد يا مصبوح، ضاق عن نداك اللوح، وببابك المفتوح تستريح، وتريح ذا التبريح، وترفه الطليح". ومما ذكر مثالًا للكلمات المتناسقة والعبارات المتناسبة السلسلة ما ورد لامرأة في أخيها عمرو:
    فأقسم يا عمرو لو نبهاك ... إذًا نبها منك داء عضالًا
    إذًا نبها ليث عريسة ... مغيثًا مفيدًا نفوسًا ومالًا
    2- سرعة الأذن في إدراك الرتابة الصوتية التي تبدو في ترديد نغمة بعينها في النص الأدبي حيث تبعث الملل، وخير منه التنويع الذي يحتفظ فيه بمستوى الموسيقى لتلائم الموضوع.
    وكثيرًا ما يقع الكتاب والشعراء والخطباء في هذا الخطأ وهو نوع من المماطلة اللفظية وقع فيه الشاعر حيث قال:
    دان بعيد محب مبغض نهج ... أغر حلو ممر لين شرس
    3- وبعد ذلك لا بد من ملاحظة النغمة العامة للأسلوب، والتيار الصوتي الذي يجب أن يطرد في غير قوة ولا ملل، وذلك متوقف على براءة العبارة من الكلمات الطويلة الكثيرة، وترديد الجمل المتشابهة والعبارات العادية إلى مدى بعيد.

    ثانيًا: الناحية الإيجابية

    على أن ما سبق كان عملًا سلبيًّا يراد به إعداد الأسلوب لقبول العنصر الإيجابي للجمال، وهو ما يمكن تسميته بالتناسب، أو مطابقة اللفظ للمعنى، وقد رأيت فيما مضى أمثلة هذا القانون وبواعثه، حين اختلفت العبارات باختلاف الموضوعات والفنون، ومع ذلك فنذكر هنا شيئًا من مظاهر هذا التناسب:
    1- الملاءمة الطبيعية بين الألفاظ والمعاني حتى تكون الأولى حكاية للثانية فتمثل حركاتها، وأصواتها، وروعتها إذا كانت مشاهد طبيعية، وتصور الحماسة قوية صارمة، والنسيب عذبًا رقيقًا، والعتاب سهلًا لطيفًا كما مر.
    2- وذلك يستلزم استيحاء الكاتب شعوره الصادق، وخياله اليقظ ليمدا الذوق بالمقياس السديد الذي يستخدمه في تكوين العبارات الملائمة.
    2- وثمرة ذلك الظفر بهذه الهندسة الجميلة في صوغ وتأليف العبارات المتواصلة التي تكون صورة مطابقة لهذا النموذج المعنوي القائم بنفس الأديب، وهنا يعرض عليك الأسلوب جميع الخواص الفنية لشعور الكاتب وذوقه وخياله وقد مرت أمثلة لذلك.

    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 06-05-2016 الساعة 08:24 PM سبب آخر: حذف بريد الكتروني

المواضيع المتشابهه

  1. صفات الأسلوب في الخطابة-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-05-2016, 09:31 PM
  2. الأسلوب والعمل الأدبي-ج2-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-05-2016, 06:34 PM
  3. الأسلوب والعمل الأدبي ج-1--المستشار الأدبي :حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-05-2016, 06:30 PM
  4. متانة الأسلوب-حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-05-2016, 06:06 PM
  5. صفات الأسلوب -حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-05-2016, 06:03 PM