الأدب الموازن
(المقارن)

حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصدالأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com



الأدب الموازن أو كما يسمى –المقارن- فرع من فروع المعرفة، يتناول المقارنة بين أدبين أو أكثر من أدبين، ينتمي كلٌّ منهما إلى أمة أو قومية غير الأمة أو القومية التي ينتمي إليها الأدب الآخر، وفي العادة إلى لغة غير اللغة التي ينتمي إليها أيضًا, وهذه المقارنة قد تكون بين عنصر أو أكثر من عناصر أدب قومي ما، ونظيره في غيره من الآداب القومية الأخرى، وذلك بُغية الوقوف على مناطق التشابه، ومناطق الاختلاف بين الآداب، ومعرفة العوامل المسئولة عن ذلك .كذلك قد يكون هدف هذه المقارنة كشف الصلات التي بينها، وإبراز تأثير أحدها في غيره, وقد يكون هدفها الموازنة الفنية أو المضمونية بينهما، وقد يكون هدفها الصورة التي ارتسمت في ذهن أمة من الأمم عن أمة أخرى, وقد يكون هدفها هو تتبع نزعة أو تيار ما عبر عدة آداب ؛ وإن الأدب المقارن يقوم على المقابلة بين الآداب القومية المختلفة، وماذا يمكن أن نفهم من مصطلح أدب قومي؟ ما الحدود التي إذا تعديناها جاز لنا أن نتحدث عن أدب أجنبي، وعن تأثر به أو تأثير فيه؟ هل يقوم التحديد على أسس سياسية وتاريخية، أو على أسس لغوية خالصة؟ إن الحدود الأصيلة بين الآداب القومية هي اللغات؛ فالكاتب أو الشاعر إذا كتب بالعربية عددنا أدبه عربيًّا، مهما كان جنسه البشري الذي انحدر منه. وأن الحدود الأصلية بين الآداب القومية هي اللغات؛ فالكاتب أو الشاعر إذا كتب بالعربية عددنا أدبه عربيًّا مهما كان جنسه البشري الذي انحدر منه, ولذلك يعد ما كتبه المؤلفون الفرس الذين دونوا مؤلفاتهم، وآثارهم باللغة العربية داخلًا في دائرة الأدب العربي لا الفارسي. وفي حالة تطابق اللغة والقومية، أو الوطن لدى الأديب؛ فحينئذ فلا مشكلة، أما إذا كان ثمة تعارض فالعبرة بالشعور القومي للكاتب، واتجاهاته وهمومه، وبمضمون العمل الإبداعي وروحه, والأدب الموازن أو ما يسميه بعضهم بالمقارن : هو الأدب القومي والإنساني في علاقاته التاريخية بغيره من الآداب الأخرى وإن اصطلاح الأدب المقارن أو ما أحب أن أسميه الموازن مصطلح حساس قد لاقى نجاحاً كبيراً في الجامعات العربية والأجنبية ، فالمقارنة بين الآداب يندر أن تكون فكرية بحتة مركزة في تاريخ الأدب وقد غطى اصطلاح الأدب الموازن مجالات متميزة من الدراسة واعتنى كثيراً بدراسة الأدب الشعبي (الأدب الشفوي) وهجرته بين الشعوب كما واهتم بدراسة الصلة بين أدبين أو أكثر. وتعود نشأة هذا الأدب في أوروبا وأمريكا كمنهج بحثي معرفي في مختلف العلوم والعلوم البحثية كعلم اللغة المقارن وعلم القانون المقارن وعلم الأحياء المقارن وفي لغتنا علم الفقه المقارن وعلم الأدب المقارن نتيجة التراكم المعرفي وتكاثر المعلومات وقد أخذ الشعور بأهمية المقارنة يلح في مجال الدراسات الأدبية زيادة في الوعي ومسعى لتحقيق الحرية الخاصة بكل أمة عبر التمايزات وامتدادا للنزعة الإنسانية التي يبحث عنها الأدباء والمؤرخون كما أن المقارنة تقوم على الاعتقاد بكلية الظاهرة الأدبية ، وفي العالم العربي جاء الاهتمام بالأدب المقارن ضمن الحركة النهضوية في مطلع هذا القرن لتعميق الصلة بين الثقافتين العربية والغربية ودخل الأدب المقارن في حيز الاهتمام الأكاديمي وتعزيز الاهتمام بالأدب الوطني ذلك أن الآداب في مختلف الأمم تتبادل فيما بينها علاقات التأثير والتأثر بالرغم من اختلاف اللغات التي كتبت بها ذلك لأن الأفكار والتعابير تتناظر وتتكافأ في معظم اللغات . وإذا كان مدلول الأدب المقارن تاريخياً فإنه يدرس مواطن التلاقي بين الآداب في لغاتها المختلفة وصلاتها الكثيرة والمعقدة في ماضيها وحاضرها وما عندها من الصلات التاريخية من أثر وتأثير وتأثر وما تعلق منها بالأصول الفنية العامة للأجناس الأدبية أو التيارات الفكرية أو اتصلت بطبيعة الموضوعات والمواقف والأشخاص أو مست مسائل الصياغة الفنية والأفكار الجزلة في العمل الأدبي وكذلك يكشف الأدب المقارن عن جوانب تأثر الكتّاب في الأدب القومي بالآداب العالمية ولا يعد من الأدب المقارن في شيء ما يعقد من موازنات بين كتّاب من آداب مختلفة لم تقع بينهم صلات تاريخية حتى يؤثر أحدهم في الآخر نوعاً من التأثير أو يتأثر به كذلك ولا يعد من الأدب المقارن ما يساق من موازنات في داخل الأدب القومي الواحد سواء أكانت هناك صلات تاريخية بين النصوص المقارنة أم لا ؟ فالموازنة بين أبي تمام والبحتري تدخل في نطاق الأدب القومي الواحد يتخلى عنها مؤرخ الأدب المقارن ومقارنات الأدب العربي بالأدب الفارسي والتركي والآداب الغربية كثيرة تحتاج إلى بحوث مستقلة تعزز خصائص هذا الأدب وفعاليته وعدة الباحث في الأدب المقارن العلم بالحقائق التاريخية للعصر الذي يدرسه والمعرفة الدقيقة بالآداب المختلفة الذي هو سبيل البحث فيها وعلى دارس الأدب المقارن أن يقرأ النصوص المراد مقارنتها بلغاتها الأصلية ، كذلك عليه أن يكون ذا إلمام بالمراجع العامة وطريقة البحث في المسائل وبمظان مواضعها من الكتب التي يدرسها . وأما ميدان البحث في الأدب المقارن فيكون في عوامل انتقال الأدب من لغة إلى لغة ودراسة الأجناس الأدبية والقوالب الأدبية التي تفرض بطبيعتها على المؤلف اتّباع طريقة معينة ودراسة الموضوعات الأدبية وتأثير كاتب ما في أدب أمة أخرى ودراسة مصادر الكتاب والتيارات الفكرية. وإذا أردنا أن نفتح صفحة الموازنات الأدبية على المستوى العالمي فإننا نجد أن شعراء (التروبادور) قد تأثروا بالشعر العربي الأندلسي كما وأن (الكوميديا الإلهية ) ، قد تأثر صاحبها بالمعراج الإسلامي وبرسالة الغفران لأبي العلاء المعري ويمكن لنا في العصر الحاضر أن نجري مقارنات كثيرة بين الشعر العربي والشعر الأوروبي وتأثُّر كثير من الشعراء العرب بالقصيدة الأوروبية أما فيما يتعلق بالمسرح العربي فإننا نجد أنه تأثر كثيرا بالمسرح الأوروبي خاصة بعد استقدام نابليون فرقة مسرحية فرنسية لترفيه جنوده وإقامته لدار الأوبرا في مصر لذلك ودخول المسرح لمصر . وميادين الأدب المقارن مُتعددة؛ فقد يكون ميدانه المقارنة بين جنس أدبي كالقصة أو المسرحية في أدب ما، ونظيره في أدب آخر, وقد يكونُ ميدانه المقارنة بين الأشكال الفنية داخل جنس أدبي من هذه الأجناس في أدب ما، ونظيراتها في أدب آخر. وقد يكون ميدانه الصورة الخيالية كالتشبيه، والاستعارة، والكناية والمجاز, وقد يكون ميدانه النماذج البشرية والشخصيات التاريخية في الأعمال الأدبية, وقد يكون ميدانه التأثير الذي يحدثه كتاب أو كاتب ما في نظيره على الناحية الأخرى، أو مجرد الموازنة بينهما لما يلحظ من تشابههما مثلًا. وقد يكون ميدانه المقارنة بين المذاهب الأدبية كالكلاسيكية والرومانسية، والواقعية والرمزية والبرناسية هنا وهناك, وقد يكون ميدانه انعكاس صورة أمة ما في أدب أمة أو أمم أخرى وهكذا. وهدف الدراسة في الأدب المقارن على النحو الآتي:
1 - الحِوار: يُمكنُ للأدب المقارن أن يمثل جسر الحوار بين الثقافات المختلفة، من خلال إيجاد مواطن التأثير والتأثر بين نصوص الإبداعية في تلك الثقافات، وتشخيص نقاط الاختلاف والائتلاف بين الأنظمة الثقافية المختلفة.
2 - التركيز على البعد الإنساني للأدب، وذلك من خلال إبراز التقارب بين الغايات القصوى، التي ترمي إليها الآداب القومية المختلفة، والتي قد تتباين من حيث وسائل التعبير واللغة، ولكنها تتآلف من حيث الغاية.
3 - الترجمة: إذ يرى العديد من الباحثين أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين مستقبل الأدب المقارن، وازدهار الترجمة في العديد من بقاع العالم؛ فدراسات الترجمة تنبع من الدراسات اللغوية والأدبية والتاريخية والأنثربولوجية، والنفسية والاجتماعية والعرقية وغيرها.
4 - التكافؤ الثقافي: ويتحقق من خلال ردم الهوة بين الثقافات المتباينة، ورفع الغبن التاريخي الذي لحق ببعض الثقافات؛ لأن التاريخ لم يشهد تساويًا وتكافؤ كاملًا في مستوى تطور الحضارات، بل جعل ثقافات بعض الشعوب ثقافات مهيمنة ومسيطرة، فيما جعل بعض الثقافات ثقافات مقلدة أو مهمشة؛ عليه فإن مهمة الأدب المقارن هي خلق حالة من التوازن والتكافؤ بين الآداب والثقافات المختلفة. وللأدب المقارن أهداف متوخاة تتلخص في أن يتم التلاقح بين الآداب القومية المختلفة بعضها وبعض، وبغير هذا التلاقح قد يأسن الإبداع الأدبي، ويظل يدور في حلقة مفرغة، وقد ينتهي به الأمر إلى أن يأكل نفسه كالرحى حين لا يكون هناك ما تطحنه؛ فلا يكون إمامها إلا أن يحتك شقاها ويتحاتّا ويَظلّا يحتكان ويتحاتان، ثم ينتهي بهم المطاف إلى أن تتفتت الرحى وتنتهي. أما الاحتكاك بالآداب الأخرى؛ فمن شأنه أن يضخ دماء جديدة في الآداب القومية، تدب فيها الحيوية من خلالها؛ فتتوثب وتضج فيها الحياة القوية العارمة. والواقع أن ميدان الأدب المقارن يشمل كل ما يتعلق بالأدب العام والقومي، ولكن من حيث علاقته بغيره من الآداب؛ والإفادة التي يمكنه أن يفيدها من هذه العلاقة، فمثلًا هناك الأجناس الأدبية، التي لم نكن نعرف منها في أدبنا القومي قبل العصر الحديث جنس المسرحية، ولا جنس الملحمة، ولكن بعد اتصالنا بالغرب أصبح عندنا مسرح شعري ونثري، ولمعت أسماء: "شوقي" و"عزيز أباظة" و"عبد الرحمن الشرقاوي" و"صلاح عبد الصبور" و"فاروق جويدة" و"توفيق الحكيم" و"علي أحمد با كثير" و"سعد الله ونوس" و"ممدوح عدوان". وحاول عددٌ من كبار شعرائنا كتابة الملحمة؛ فاقتربوا بإبداعهم منها كالعقاد في "ملحمة شيطان" وأحمد محرم في "الإلياذة الإسلامية" وفوزي المعلوف في "وادي عبقر" وهكذا ورغم أن عندنا بعض قصص تتعلق بالأمثال بعض أبطالها من الحيوان؛ فإنّ قصصَ الحيوان كجنس أدبي مستقل، يُبدع فيه الأدباء عن قصد وعناية، لم يكن معروفًا عند العرب بل أخذوه عن غيرهم، حين كتب عبد الله بن المقفع كتابه (كليل ودمنة) ذا الأصل الهندي الذي انتقل للعربية عبر الفارسية لغة ابن المقفع القومية. وفي الاتجاه المضاد كان عندنا في الشعر العربي الوزن والقافية المنضبطان تمام الانضباط، واللذان اقتبسهما الشعر الفارسي بعد الإسلام؛ وأصبحا جزءًا لا يتجزأ من الإبداع الشعري الفارسي كما هو معروف، كذلك كان عندنا جنس المقامة، وهو جنس كان ينقص الآداب الأخرى كالأدب الفارسي الذي حاول أحد كتابه وهو القاضي حميد الدين أن يستزرعه في الأدب الفارسي، فكتب عدد من المقامات الجيدة إلا أنه رغم هذا لم يستطع أن يلهم غيره متابعة الطريق؛ فتوقف الأمر عنده مثلما بدأ به . كذلك تأثر الشعر الأوربي متمثلًا في شعراء "التروبادور" بفن الموشحات موضوعًا وشكلًا ، وإن ما يمكن أن يفيده الأدب القومي من الأدب المقارن أيضًا استلهامًا للمواقف والنماذج البشرية، التي قد تكون غائبة عنه أو تكون فيه؛ لكنها في الآداب الأخرى تمثل ألوانًا مختلفة عما يعرفه، ومن تلك النماذج أنموذج البخيل أو أنموذج البغي التي كانت في انحرافها ضحية للمجتمع وأوضاعه الظالمة. وهناك كذلك نموذج "يوسف" و"زليخة" والأخيرة رمز الشهوة والإغراء من جهة، والأول رمز العفة والتماسك والصبر على ما يترتب على تلك العفة وهذا التماسك من تنكيل شديد. ونموذج "شهرزاد" رمز الذكاء الأنثوي، ورباطة الجأش، والتحايل للخروج من المأزق الماثل العتيد دون أن تخسر المرأة شيئًا، بل تكسب كل شيء، وتنتصر على الشر والخطر الجائح، ونموذج ليلى والمجنون رمز الحب المحروم والعذاب الذي يصطليه المحب، ولا يُفرط رغم ذلك في محبوبه، بل يجد السعادة في هذا الحرمان وذلك العذاب. ومن ميادين الأدب المقارن التي يمكن استفادة الأدب القومي منها: المذاهب الأدبية؛ كالكلاسيكية، والرومانسية، والواقعية والبرناسية، والرمزية. التي هي قد يكون لها أو لبعضها بذور في آدابنا، لكنها لم تتبلور في ذلك الأدب، وقد دخلت تلك المذاهب أدبنا العربي في عصرنا الحديث بعد اتصالنا بالغرب، ووجداننا فيه تلك المذاهب التي لم يكن لنا بها عهد على النحو الذي وجدناه عليه في الآداب الأوربية، وأكسبت أدبنا طعومًا ومذاقات جديدة في مجالات الشعر والقصة والمسرحية. ويدرس الأدب المقارن كذلك ضمن ما يدرس: صورة الأمم والبلاد الأخرى في عيون زوارها، والذين قرؤوا عنها، وكونوا صورة من خلال القراءة لا من خلال الزيارة مباشرة. ولا شك أنّ لكل أمة أو بلد صورة معينة في أذهان كل شعب من الشعوب في عصر معين، وهذه الصورة عادة ما تتغير تبعًا لتغير هذا العامل أو ذاك، وإنَّ للأدب المقارن علاقة وثيقة بالعولمة والعالمية والمثاقفة بين الشعوب من خلال الترجمات والتأثر والتأثير بين الآداب العالمية ، وعلى الرغم من تنوع مناهج الدرس المقارن للأدب في الغرب الأوربي والأمريكي، واختلافها فيما بينها في التركيز على هذا العنصر أو ذاك، من عملية التفاعل الأدبي بين الأمم والشعوب ؛ ولقد تأثرت مثلًا آدابنا العربية في العصر الحديث بآداب أوربا الغربية وما زالت، رغم اختلاف الأوضاع الاقتصادية هنا عنها هناك، بل إنّ آدابنا كانت تتأثر في ذات الوقت بآداب الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، رغم اختلاف علاقات الإنتاج والأوضاع الاقتصادية بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية اختلافًا شديدًا، والواقع أن كثيرًا من تلك الترجمات والمقالات. والدراسات التي مهدت الطريق إلى تأثر أدبنا العربي بالآداب الغربية، سواءٌ تِلك التي تنتمي للكتلة الشيوعية أو الكتلة الرأسمالية، إنّما ترجعُ في جانب منها إلى المبادرات والاهتمامات الفردية للكتَّاب والمترجمين، الذين قد يكون بعضهم مقتنعًا بما يدعو إليه، ويعمل على نشره أو قد تكون له مصلحة في ذلك. وفي جانب آخر إلى الدعاية والتخطيط المنظمين، الذين كانا يقوم بهما الاتحاد السوفيتي، والدول الرأسمالية؛ حيث يتم تشغيل كثير من الكتاب والأدباء والنقاد بالمناصب والأموال والرحلات والهدايا وغير ذلك، بِغَرض القِيام بالدعاية لآدابهم، ونشر قيمها بين العرب، وطبع آدابهم وعقولهم وأذواقهم، ومن ثم اتجاهاتهم السياسية والخلقية والاقتصادية بطابعه، فضلًا عن تَوفير المجلات والمطبوعات والكتب المترجمة بسعر زهيد. ولقد انقلب مثلًا كثيرٌ من الكتاب والأدباء المتحمسين للاشتراكية، فأصبحوا متحمسين بالقوة نفسها إلى كل ما هو غربي أو الأمريكي منه بالذات، رغم أنه لم يتغير شيء يذكر في أوضاع العرب، والبركة طبعًا في أجهزة الدعاية الأوربية والأمريكية، وما تنفقه في هذا السبيل من أموال، وتضعه من خطط، وتغرق السوق العربية من مطبوعات وصحف ومجلات، وكتب تمجد ثقافة بلادها وقيمها وأذواقها. وإنًّ تشابه الظروف الاقتصادية، وعلاقات الإنتاج ووسائله، سببًا في تشابه الأشكال الفنية، أو الموضوعات الأدبية بين أدبين من الآداب أو أكثر، بيدَ أنني لا نقصر تلك المشابهات على هذا العامل وحده، أو أجعله عاملًا حتميًّا بالضرورة، إنّما هو عاملٌ واحد بين عوامل متعددة؛ قد يكون له تأثيره، وربما لا يكون له شيء من تأثير على الإطلاق. وكتابنا القدماء مارسوا ما نسميه الآن الأدب المقارن، بل كانت جهودهم في ذلك الميدان جهودًا عفوية فطرية؛ وكذلك أدباؤنا المحدثون كرفاعة الطهطاوي، وأحمد فارس الشدياق، وروح الخالدي، وقسطاص الحمصي مثلًا. بل إن هناك دراسات مقارنة شائقة قام بها بعد ذلك الدكتور جمال الدين الرمادي، وشفيق جبري على سبيل لا تستند إلى أي اهتمام بتأثير أو تأثر. والشعوب والأمم التي على ظهر البسيطة، تنتمي كلها إلى جنس واحد هو الجنس البشري رغم اختلافها في أشياء كثيرة، ورغم أن الغلبة في معظم الأحيان تكون لتلك الأشياء الفارقة، على حساب ما هو مشترك بينها. وإن كثيرًا من الآداب الكبيرة العالمية التي لا يظن للحظة أنها مدينة في شيء لآداب الأمم الصغيرة، التي لا تتمتع بالشهرة العالمية، بل قد يظن كثيرٌ من الدارسين أنها ليست آدابًا ذات قيمة، أنّها على العكس من ذلك، قد أفادت من تلك الآداب قليلًا أو كثيرًا، دونَ أن يتنبه بذلك أحد من قبل؛ لحرص رجالها على أن لا يعرف الناس شيئًا عن هذا الأخذ الذي يرون أنه يحط من قدرهم. وتتنوع عوامل التأثير والتأثر بين الآداب؛ فقد يكون غزو شعب لبلد شعب آخر أو احتلاله إياه سببًا من أسباب تأثير أدب الفاتحين في أدب المغلوبين، ومثالًا على هذا نشير إلى تأثير الأدب العربي في آداب البلاد التي فتحها المسلمون عند ظهور الإسلام، وكذلك تأثير الأدب الإنجليزي والفرنسي في البلاد المختلفة، التي احتلتها بريطانيا وفرنسا أيام المد الاستعماري. وقد تكون الرحلات والبعثات الدراسية سببًا آخر في التعرف على آداب الأمم الأخرى، والإعجاب والتأثر بها, ولدينا أيضًا الترجمة التي قد تقوم بها الأمم المتأثرة من تلقاء نفسها، أو يخطط لها، ويوجهها ويشرف عليها ويمولها أصحاب الأدب القوي، الذي يراد له أن يكون مؤثرًا. وهناك كذلك الصحف والمجلات والإذاعات المسموعة والمرئية، التي تتحدث عن أدب شعب من الشعوب، مروجة وممجدة له، ومقدمة إياه في صورة براقة تسحر النفوس، وتسبي العقول. وقبل ذلك لا ننسى أنه كثيرًا ما يتم تعرفنا إلى الآداب الأجنبية، وتأثرنا بها، عبر قراءتها في لغتها الأصلية, وقد يكون التأثر عن طريق الندوات والمؤتمرات ومقابلة الأدباء الأجانب. وقد يقع من خلال أدب وسيط تأثر من قبل بأدب أمة ما، ثم أثر بدوره في أدب أمة ثالثة حاملًا إليه أثناء ذلك العناصر التي استقاها من الأدب الأول. ومن أهم هذه العوامل حاليًا الدراسة المنظمة للآداب الأخرى في أقسام اللغات الأجنبية، كما هو الحال في جامعاتنا التي لا تخلو إحداها من أقسام لدراسة اللغة الإنجليزية والفرنسية على الأقل، وآدابهما, وقد ينضاف إلى ذلك الأدب الألماني، والأدب الإيطالي، والأدب الإسباني؛ فضلًا عن آداب الأمم الإسلامية كالأدب الفارسي والأدب الأردي، والأدب التركي. وبالمثل يوجد في بريطانيا، وأمريكا، وكندا، واستراليا، وفرنسا، وسويسرا، وروسيا، وأسبانيا وايطاليا واليابان وإيران، وباكستان، وتركيا والهند والصين، ونيجيريا، وكثير من البلاد الأخرى وبخاصة الإسلامية أقسام لدراسة اللغة العربية وآدابها. وينبغي أن لا نغفل عن الدور الذي قامت به المكتبات العامة ولا تزال، في توفير الكتاب إلى من يريد أن يقرأ، ودون أن يدفع مقابل لذلك إلا في الحالات الشاذة التي لا يقاس عليها. وقد جد في الفترة الأخيرة عامل آخر فائق الأهمية ألا وهو المشباك "الإنترنت" حيث يتوفر الكتاب والمجلة، والصحيفة بلغات العالم المختلفة، في دقائق معدودات؛ ودون تكلفة على الإطلاق في معظم الحالات وهكذا. ثم إن صور التأثر متعددة ومتنوعة، فقد يكون محصورًا في بعض الألفاظ أو العبارات أو التراكيب أو الصور البيانية؛ فيكون مجال التأثر والتأثير أسلوبيًّا, وقد يكون هناك تأثر من ناحية الجنس الأدبي أو الاتجاه المذهبي، أو مضمون العمل أو موضوعه أو العاطفة السائدة أو الوزن الشعري أو بناء القصيدة أو المقال أو الرواية ... إلخ. وقد يكون التأثر من ناحيتين أو أكثر من هذه النواحي. وكثيرا ما يكون التأثر سلبيًّا بمعنى أن الأديب المتأثر قد يفهمه نظيره المؤثر فهمًا خاطئًا، أو يكون تأثره به عكسيًّا كأن يكون في الطرف الأول تشاؤم شديد، وتكون شخصية الثاني شخصية ناجحة مرحة مقبلة على الحياة، فيكون رد فعله هو الرغبة في إثبات أن في الدنيا موجبات كثيرة للابتهاج والسعادة .

السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)