الأدب والرؤيا الإسلامية
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصدالأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com



أ-ماهية وأبعاد:

منذ أن نزل جبريل عليه السلام بكلمة ( اقرأ ) على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام والمعركة محتدمة في الأدب حول قدرة الدعوة الجديدة على الصمود بل أصبح الأدب أداة من أدوات الدعوة سواء إلى جانب معسكر الكفر أو إلى جانب معسكر الإيمان ، وانقسم الأدباء كل إلى جانب معسكره المفضل وبرز شعراء من مثل حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنهم مدافعين عن الدعوة الجديدة ، وبرز شعراء مثل أبي سفيان وكعب بن الأشرف وابن الزبعرى مدافعين عن دولة الكفر والظلم ثم اتخذ هذا المنهج طريقه على مر العصور مؤسسا لأدب دعوي جديد اتخذه الكثيرون من الشعراء والأدباء كسلاح في نشر الدين الإسلامي ونشر الثقافة والمبادئ والأفكار الإسلامية , فقد افتخر الشاعر النابغة الجعدي في انتسابه إلى الإسلام أكثر من انتسابه للقبلية بل رفض أن يكون له أب غير الإسلام :
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
وقد عايش الأدباء على مر الأيام دعوة الإسلام ودافعوا عنها حتى أن الكثير من الأدباء حديثا قد دفعوا حياتهم وقودا لهذه الدعوة ( سجنا ً – تعذيبا – قتلا ً – نفيا ً ) وقد برز من هؤلاء الشعراء أو الأدباء من ينتسب إلى العروبة والإسلام معا ومنهم ينتسب إلى الإسلام دينا وإلى الشعوب الأخرى عرقا ً . وقد تشكل بناء ً على ذلك روابط أدبية وأنشئت مواقع على الشابكة تهتم بالأدب الإسلامي وتساعد في نشره وتطويره وتنميته وتوجيهه باتجاه الأدب الإنساني العالمي ولو رجعنا إلى ما كتبه الشاعر أحمد شوقي في كثير من شعره وما كتبه الشاعر الباكستاني محمد إقبال لوجدنا الكثير من الشعر في هذا الاتجاه ؛ ولقد كان للشاعر أحمد محرم ملحمة شعرية طويلة كتبها في انتصار الإسلام متحدثا عن بدء الدعوة وحتى بناء الدولة المسلمة ولو رحنا نبحث عن الأدب الدعوي الإسلامي لوجدنا أن معظمه قد كتب في ( الدعوة للحرية ومحاربة الاضطهاد والمطاردة والسجن والتعذيب ) ، فقد كتب الشعراء شعرا فاعلا ً في توصيف مطاردة الظلمة للمتنورين من الأدباء والتضييق على حياة الناس وكسر الأقلام الواعدة ، ولقد عبَّر عن معاناة السجن الشاعر القائل :
أبتاه ماذا قد يخط بناني والسيف والجلاد ينتظرانِ
وفي رحلة البحث عن الأدب الإسلامي الدعوي سنكتشف أن هناك كما ً هائلا ً من الأدب المغيَّب الذي بقي طي السطور حتى أفرج عنه . ومن الحقائق التي لا يملك أحد طمسها و نكرانها- إذ هي أقوى من أن تطمس وأظهر من أن تنكر- أن الإسلام منذ بواكير شروقه على العالم قد صبغ الحياة بصبغته التوحيدية البارزة التي تمنح الإنسان حريته واختياره على الأرض وترك بصماته على كل شيء لمسه ووقع تحت تأثيره في النفس والمجتمع ... وفي الحياة والكون ... كما أن تأثير الانقلاب الجذري الذي صاحب الدعوة المحمّدية منذ إشراقة " اقرأ باسم ربّك الذي خلق" الأبجدية الأولى للعمل الإسلامي- لم يقف مدّه عند مساحة المفاهيم العقيدية والمسألة الاجتماعية والأعراف والخلق ... وإنما امتد قدما ليلمس أيضا الخطاب الثقافي السائد في المجتمع العربي حينذاك فيبعث فيه روحا إبداعيا جديدا. وإذا كانت الظاهرة القرآنية قد شغلت- بإبداعية خطابها المؤثر وعمق مضامينها وجدّة أسلوبها- العرب عن قول الشعر والانبهار به وأخرست بإعجاز بيانها ألسنة الفحول عن النطق به ، فإن ذلك لا يعني أبدا أن الإسلام جاء ليحطّ من قيمة الأدب والشعر ويلغي دورهما في الحياة ويعلن حربه على الأدباء والشعراء ... وإنما الذي يجب أن يقر في الذهن أن القرآن الكريم قد أضعف من سيطرة الشعر على المجتمع الأدبي الإسلامي بعد أن كان هو اللون الأساسي في الحياة الأدبية الجاهلية. وإذا كان لبيد بن ربيعة قد فكّر في أن يحطّم قيثارته - بعد أن أسلم وملك عليه الإسلام كيانه- فقد كان هناك غيره- مع دخولهم دائرة الإيمان والإسلام- قد احتفظوا بقيثاراتهم دون أن يحطموها والشعراء الإسلاميون- من هذا المنطلق- هم الذين يحيون تحت مظلة الاستثناء في القرآن الكريم ? {"... إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا..." } ( الشعراء-227) ، ولنا في أقوال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لحسّان بن ثابت شاعر الإسلام الأول الأسوة الحسنة ? ("نافح عنا وروح القدس يؤيدك " " اهجهم وجبريل معك...) إن الرجّة الدينية والأدبية التي أثارها القرآن الكريم في نفوسهم وفي المجتمع الإسلامي من حولهم كادت تزلزل الأوتار في أيديهم حيث تجد الناس لا يجدون في فنّهم تلك المتعة الآسرة التي كان القدماء يجدونها في الشعر القديم . وإذا كانت الآراء قد اختلفت حول تقييم الشعر الإسلامي- قديمه وحديثه- فمنها ما يلحّ على صفة الضعف فيه ومنها ما يجزم بقوّته وازدهاره... فنحن مع الرأي الذي يرى أن الشعر- في ظلال الحياة الإسلامية- قد شهد أزهى فترات تقدمه وإبداعه وذلك بما تهيأ له في المناخ الإسلامي من أسباب القوة والتقدم والنهوض ? كـ(المصداقية وحرية التعبير والالتزام المسؤول ) ، إذ يكفي أن نعرف أن الرسول  صلى الله عليه وسلم كان يمّد شاعر الإسلام الأول حسّان بن ثابت رضي الله تعالى عنه- بالأسباب المشجعة على القول والإفصاح لندرك مدى المصداقية والمكانة التي يتبوؤها الشاعر- والشعر- في المجتمع الإسلامي. وقد فهم الشعراء هذا الدور الذي أولاه لهم هذا الدين ووعوا أبعاده... فكرّسوا قرائحهم في خدمة الدعوة وشحذوها لتحصين القيم والمثل السامية وترشيد الحياة الإسلامية والتغني بجمال الكون وإبداع الخالق... والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من القيم الإجابية الحياتية والأخروية....كما أنهم وطّنوا أنفسهم على الالتزام بقضايا الأمة وترجمة هموم المسلمين والإفصاح الصادق عن المعاناة الإسلامية ،

ب-ميزات الشعر الإسلامي الدعوي :
لقد تميز الشعر الإسلامي منذ العهود الأولى إلى يومنا هذا بــــــــــــــــ:
1-سمو الموضوعات التي عالجها ، فموضوعاته هي الإسلام ودعوته
2-نبل الغاية التي قصد إليها ، وغايته إخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الكفر إلى سعة الإسلام. وكان الشعر عبر رحلته الإسلامية يقود معارك الحرية ضد الاحتلال الأجنبي ويوقد نيران الحماس في الجماهير التي تنطلق بين الحين والحين لتدافع عن وجودها المادي والأدبي.. ولا ننسى هنا شهادة العلامة ابن خلدون في مقدمته الرائعة حول الشعر الإسلامي عموما حيث يقول? (" إن كلام الإسلاميين من العرب أعلى طبقة في البلاغة وأذواقها من كلام الجاهليين في منثورهم ومنظومهم ... والسبب في ذلك أن هؤلاء الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف اللذين عجز البشر عن الإتيان بمثلهما فنهضت طباعهم وارتقت ملكاتهم في البلاغة على ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية ممن لم يسمع هذه الطبقة ولا نشأ عليها. فكان كلامهم في نظمهم ومنثورهم أحسن ديباجة وأصفى رونقا ") .
ج-القوة والوضوح في الشعر الإسلامي ...إن المتصفح للشعر الإسلامي القديم منه والحديث يلمس فيه القوة والوضوح في المبنى والمعنى ... بعيدا عن كل إبهام وغموض وذلك راجع إلى اعتبارين
1-كونه من باب العمل الصالح: ذلك أن الذين رضوا الحق والصدق بتبنيهم الفكرة الإسلامية لم يرضوا أبدا أن يغطوا أفكارهم أو يصبغوا أشعارهم برمزية معقدة بل اتخذوا الوضوح منهاجا في كل ما يكتبون يقينا منهم أن ما يفعلونه هو من "العبادة" ومن باب العمل الصالح الذي يتقربون به إلى الله مولاهم الحق ، والعبادة الإسلامية بعيدة عن الطلاسم والرموز والتعقيد.
2-كونه دعوة لله تعالى: لقد اهتمت الدعوة الإسلامية منذ أيامها الأولى بالشعر والشعراء وأحلّ الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم الشعراء مكانا بارزا في الإعلام الإسلامي ، فأدّى الشعراء الرسالة التي أنيطت بهم وتصدوا لشعراء المعسكرات المناوئة للدعوة آنذاك للمشركين واليهود والمنافقين فأبطلوا باطلهم وردوا افتراءهم ووفّقوا في ذلك التوفيق كله. ولقد واكب الشعر الإسلامي مراحل الفتوحات والحرب والجهاد منذ بدايتها وعاش معها في كل مراحلها وتطوراتها المختلفة وحمل الشعراء على عواتقهم عبء الدعوة ومقاومة المحتلين وتوحيد الجهود الإسلامية المشتتة ، وكذلك استمر شعراء الإسلام على مر العصور هداة وجنودا حماة يرفعون صوتهم بالدعوة إلى الله ويرمون بشعرهم أعداء الإسلام. وكيف لا يفعلون والرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم يقول ( "ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم" ) . ومن هنا أصر الشعراء الإسلاميون على أن يكون شعرهم قذائف حقّ تطيح بالأعداء ودعوة ناصعة تبلغ إلى الجماهير العريضة على مختلف مستوياتها وأصواتا تسمع وألحانا تفهم دون ترجمان . وهذا لا يمكن أن يتيسر إلا متى كانت نفثات الشاعر واضحة المعنى قوية المبنى موسيقية النفس. وعموما : فالشعر الدعوي في معظمه كان صادرا عن عاطفة جياشة ودافع إيماني ولهذا كان طبيعيا أن يفرغ الشعراء مضمون قصائدهم في صور فنية جميلة تبرز روعة المعاني وتصوغ الأفكار صياغة محسوسة دقيقة . إن الشاعر الذي يعيش قضايا أمته ويتخذ من الكلمة الشاعرة سلاحه في الميدان يحمي بها عقيدته ويلوذ بها عن دعوته يتحتّم عليه الابتعاد عن أي طلسم أو غموض حتى تكون كلمته حيّة نابضة فاعلة ومؤثّرة .

السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)