الأدب والرؤيا القومية
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصدالأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com


أولا- المقصود بالقومية:

القومية فكرة وضعية نشأت أول ما نشأت في البلاد الأوروبية شأن غيرها من الحركات والأفكار التي تبحث عن التفلت من رابطة الدين ويلاحظ أن دعاتها قد اختلفوا في المفهوم الصحيح لها هل هي بمعنى تجمع أمة من الناس وارتباط بعضهم ببعض هدفا وسلوكا وغاية. إما لانتمائهم إلى لغة واحدة - كما يرى القوميون الألمان - وإما لانضوائهم في عيشة مشتركة - كما يرى القوميون الفرنسيون - أم أنها لكليهما. أو أنها لغير ذلك من أمور سياسية واقتصادية كالاشتراك في المعيشة الاقتصادية كما يرى الماركسيون أو الاشتراك في التاريخ واللغة في البلد الواحد كما يرى كثير من دعاة القومية العربية ساطح الحصري ومن سلك سبيله بحيث يحسون أنهم جميعا كتلة واحدة وأن ما يجري على البعض من آلام وآمال هو ما يجري على الكل فتقوم قوميتهم على هذا المفهوم. إنه خلاف مرير بين القوميين على تعريف القومية ولكنهم جميعا متفقون على أن إبعاد الدين خصوصا الإسلامي أمر حتمي لانتعاشها. والقوميون العرب دائما يصرحون بأن الدعوة إلى القومية ليس معناها الدعوة إلى الدين لأن كل الناس عباد لله تعالى وكلهم يريدون الحياة السعيدة في الدنيا وما بعد الحياة الدنيا وهذا لا شأن للقومية به بل يعتبرونه الدعوى إلى الدين دعوى ناقصة عن تحقيق طموحات القوميين بل إنها رجعية في نظرهم ويجب فصله عن الدولة أيضا. انسياقا مع مفاهيم الحركات الأوروبية التي قامت في البداية على القومية وحرب الدين بل وصل طمع دعاة القومية أن تكون بديلا عن النبوات وأن نبوة القومية يجب أن يبذل لها كل غال ورخيص وأن يكون الإيمان بها أقوى من كل الروابط وجعلوها في الكفة الأخرى مع الإيمان بالله تعالى وأنها يجب أن تكون هي الديانة لكل عربي وأخذوا يتباكون على مصير العرب حينما لا يتم تحقيق هذا الدين الجديد الذي سيخلص العرب من كل سيطرة أجنبية ويرفعون رؤوسهم عالية أمام كل أجنبي - ليس بعربي (بزعمهم) ولا ريب أنها دعوات جاهلية ليس ورائها إلا الخراب سوءا أكانت الدعوة إلى القومية أو إلى الوطنية. فلا عزة للعرب ولا استرجاع لحقوقهم إلا بالتمسك بالدين الحنيف. إن القومية والوطنية كلتاهما نعرتان جاهليتان خرجتا من أوروبا الجاهلية وفي هذا يقول فرنارد لويس: " فالليبرالية والفاشية والوطنية والقومية والشعوبية والاشتراكية كلها أوروبية الأصل مهما أقلمها وعدلها أتباعها في الشرق الأوسط " أحلها القوميون والوطنيون محل الدين ورؤوا أن الاجتماع عليها خير وأنفع من الاجتماع على الدين وذلك للاختلاف الواضح بين الناس في قضية التدين حسب زعمهم بخلاف القومية والوطنية التي تضم كل أفراد القوم وجماعاتهم ليكونوا مجتمعا واحدا لا خلاف فيه لاتحادهم التام في الانتساب إلى القومية أما الوطنية التي تقبل كل تناقضات المذاهب المختلفة وهي في الواقع لا تقبلها كما يدعون بل ترمي بها كلها وتؤخذ بدلا عنها شعار القومية - والوطنية ومن هنا قدسوها ورفعوها فوق كل اعتبار واجتمعوا على التفاخر والتباهي بها حتى صار كل قوم يدعون أنهم هم أفضل الجنس البشري وغيرهم في الدرجة الدنيا ولهذا تسمع وتعجب حين يفتخر كل قوم أو كل شعب بأنهم أرقى أمة وأفخرها فما دام قد انحل الوكاء فما الذي يمنع كل جنس أو قوم من الافتخار بل والتعالي على الآخرين راكبين كل صعب وذلول في تقرير ذلك فكثرت تبعا لذلك القداسات المزيفة لهذه الفئات من البشر كما كثرت الأماكن والأراضي المقدسة عندهم كما يقتضيه شرح القومية والوطنية.

ثانيا: كيف ظهرت القومية؟

أساس ظهور القومية في شكل مذهب جماعي وله دعاته المتحمسون له كان من البلد المضياف لكثير من الآراء والمذاهب المختلفة - أوروبا - كما عرفت وكان سبب ظهورها هو الأسباب نفسها التي أظهرت بقية المذاهب الفكرية فيها متوخية الرغبة الشديدة في هدم سلطة الكنيسة الطاغية التي سامتهم سوء العذاب - كما تقدم - إضافة إلى ما كان يعيشه الأوروبيون من شريعة الغاب والظلم والعدوان وسوء الأخلاق في معاملة بعضهم وعدم وجود الدين الصحيح الذي ينير لهم الحياة، فكان ظهور القومية هناك مظهرا مشاركا لبقية مظاهر الخروج والانفلات عن سلطة الكنيسة وقبضة رجالها وكانت القومية هي إحدى معاول الهدم التي تكاثرت على الكنيسة بعد أن بدأت الكنيسة تترنح للسقوط النهائي إثر إفاقة الشعوب الغربية الأوروبية على واقعهم الشنيع من الذل والخوف والتنكيل والقتل الجماعي والجهل المركب والأحكام الجائرة على أيدي فئة تزعم أنها تمثل الرغبة الإلهية في كل ما تأتي وتذر، فظهرت القومية كغيرها من الأفكار الأخرى ووقفت من الدين وأهله نفس المواقف للنظريات الإلحادية الأخرى ويظهر أنه لم يكن لديهم أي جامع أو رابط يقدمونه لشعوبهم غير هذا الرابط الجديد الذي داروا حوله بكل جد وقدسوه إلى أن أوصلوه قريب الألوهية علهم يجدون فيه عزاءً عن الالتجاء إلى الإله الذي كان هو السبب في إذلالهم على أيدي رجال الكنيسة الذين كانوا يمثلونه في الأرض كما قرره زعماء الكنيسة الرهبان لهم لتحقيق شهواتهم وافتراء على الله تعالى، وعلى هذا فإن ظهور القومية في أوروبا وعامة دول العالم المسيحي إنما كان لتلك الأسباب الظاهرة وغيرها وكان لهم ما يبرر ذلك الخروج فيما ظهر من أحوالهم - وإن لم يكن مبررا حقيقيا - وبعد خروجهم ذلك الهوى كل ما راق لهم ومنها القومية التي قدسوها وزينوا أمرها لكل الشعوب لتكون العزاء والبديل عن الدين النصراني ورجاله يقول الندوي: " ولا يزال القوميون في داخل البلاد وخارجها يزينون للشعوب الصغيرة القومية ويطرون أدبها ولسانها وثقافتها وتهذيبها ويمجدون لها تاريخها حتى تصبح نشوانه بالعواطف القومية والخيلاء والكبرياء وتدل بنفسها وتظن أنها مانعتها حصونها وما أعدت للحرب وتنقطع عن العالم وتتحرش أحيانا بالدول الكبيرة غرورا بنفسها أو تهجم عليها الدول فلا تلبث إلا عشية أو ضحاها وتذهب ضحية لقوميتها وانحصارها في دائرة ضيقة ولا يغني أولئك المسؤولون عنها شيئا { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [الحشر:16] ومن الجدير بالذكر أن القومية كانت في نشأتها لا يرمي أهلها إلا إلى الخلاص من قبضة رجال الدين وتنفس الصعداء من الأغلال التي كانت عليهم. ولكن ما إن تم لهم ذلك الخلاص المنشود حتى انتقلوا نقلة أخرى فصاروا لا يقنعون بذلك الخلاص وإنما تطلعوا إلى ظلم الآخرين والبغي عليهم واستعمار الضعفاء من الناس واستعبادهم وحصل من وراء ذلك شر عظيم وفتن عريضة وحروب ثم انقلب السحر على الساحر فأصبحوا في دوامة القومية التي لا تعقل ولا ترحم ونبغت قرون الشر في رأس كل فريق من القوميين كل ينوح على ليلاه وكل فتاة بأبيها معجبة فانتعش بينهم فن المفاخرات لضرورة الحاجة إليه في ظل القومية التي لم يقم بناؤها في الأساس إلا على هذا المسلك البغيض في بداية تكوينها في أوروبا. وبعد أن سار ركب القومية في أوروبا يحطم بعضه بعضا وكثرت الحروب بينهم نتيجة التعصبات القومية الشعوبية الهوجاء عاد الأسد إلى عرينه فقام مفكروهم وقادتهم بالدعوة الجادة إلى نبذ القومية لأنها تمثل أفكار "هتلر" النازي حين قسم العالم على أساس عرقي أفضلهم ألمانيا. ولأن مسلك التقدم والحضارة لا يتماشى مع مسالك القومية الضعيفة فلفظتها أوربا لتقع في أيدي المخادعين والماكرين من العرب وغيرهم ليتموا حاجة في نفس يعقوب بعد أن بيتوا النية لحرب الإسلام كما سنذكر ذلك في موضعه. يقول د. صلاح الدين المنجد: " تنبه العرب إلى فكرة القومية في أوائل القرن بعد أن مضى على موتها في أوروبا فترة طويلة بتأثير الغرب ". ومما يذكره الباحثون عن القوميات الأوروبية وسبب ظهورها أن البدايات الأولى لظهور القوميات هناك. كان أثر النزاعات التي احتدمت بين رجال الدين الكنسي والملوك حول الأحقية بالسيطرة والأمر والنهي هل هم الملوك فقط أم رجال الدين فقط وكاد أن يتم الحل بينهم على أن تكون السلطة الأمنية للملوك والسلطة الروحية للبابوات. إلا أن الأمور انحدرت إلى هاوية سحيقة كانت هي ثالثة الأثافي وهو النزاع الشرس الذي نشب بين رجال الدين أنفسهم وما وقع بين الكنائس من عداوات خرجت تباعا عن الكنيسة الأم في روما وتعصبت كل كنيسة لآرائها - كاثوليك - بروتوستانت - إصلاحيات ... إلخ وانفلت الأمر وصار الحبل على الغارب فقام كل فريق بتكوين نفسه ومذهبه فانتشرت المذاهب والأفكار ومنها قيام القوميات على ذلك النحو وأخذ النزاع طابعا قوميا.

أولا- التعريف:

حركة سياسية فكرية متعصبة، تدعو إلى تمجيد العرب، وإقامة دولة موحدة لهم، على أساس من رابطة الدم واللغة والتاريخ، وإحلالها محل رابطة الدين. وهي

ثالثاً- بداية ظهور القومية العربية:

لا يعرف على وجه الدقة تحديد نشأة الحركات والأفكار في الغالب أما بالنسبة للقومية فإن الباحثين يذكرون أن ظهورها في أوروبا كان في الفترة التي كان رجال الفكر والتحرر - كما يسمون أنفسهم - يبحثون عن بديل للعقيدة الجائرة والانفلات من قبضة رجال الدين الجامدين، وكان ذلك في حدود القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين واشتد عودها في القرن التاسع عشر الميلادي، وقد أثنى دعاة القومية على الثورة الفرنسية التي كانت هي البداية الأولى لظهور القوميات حيث عرف بعدها أن الحكم يجب أن يكون للشعوب وليس لفئة من الناس هم الحكام وأن الحرية يجب أن تشمل جميع الأمة بالتساوي وشعار الجميع الإخاء وأصبح هذا المبدأ الثلاثي _الحرية، المساواة، الإخاء _هو مصدر إلهام الجماهير في زعم دعاة القومية وقد زعموا أن القومية العربية إنما أثارها التوجه الأوروبي للقومية حيث نشأ دعاة القومية العربية متأثرين بذلك التيار في أوروبا فأصبحوا يلهثون للحاق بركبهم، والواقع أن الذي أثار القومية العربية وكان لهم اليد الطولى في الدعوة إليها في بلاد المسلمين هم العرب الداعين للعروبة دون الدين لإدراكهم فائدة التفاف العرب المسلمين على القومية بدلا عن الدين الذي لا يتوافق مع دمج المسلم وغير المسلم في حظيرة واحدة، فجاء القوميون العرب وأخذوا يكيلون المديح لهذه القومية وأن العرب في حاجة شديدة إلى قيامها إن أرادوا العزة والمنعة واحترام سائر الأمم لهم بزخرف من القول وظلت تستعر نارها وتشتد تدريجيا من معين الحقد على الدولة العثمانية. لقد ظهرت بدايات الفكر القومي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقرًّا لها، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1912م. وأهم الجمعيات ذات التوجه القومي حسب التسلسل التاريخي:
1- الجمعية السورية: أسسها : بطرس البستاني وناصيف اليازجي سنة 1847م في دمشق.
2- الجمعية السورية في بيروت: أسسها : سليم البستاني ومنيف خوري سنة 1868م.
3- الجمعية العربية السرية: ظهرت سنة 1875م ولها فروع في دمشق وطرابلس وصيدا.
4- جمعية حقوق الملة العربية: ظهرت سنة 1881م ولها فروع كذلك، وهي تهدف إلى وحدة المسلمين والنصارى.
5- جمعية رابطة الوطن العربي: أسسها نجيب عازوري سنة 1904م بباريس وألف كتاب يقظة العرب.
6- جمعية الوطن العربي: أسسها خير الله خير الله سنة 1905م بباريس، وفي هذه السنة نشر أول كتاب قومي بعنوان الحركة الوطنية العربية.
7- الجمعية القحطانية: ظهرت سنة 1909م وهي جمعية سرية من مؤسسيها خليل حمادة المصري.
9- جمعية (العربية الفتاة): أسسها في باريس طلاب عرب منهم محمد البعلبكي سنة 1911م.
10- الكتلة النيابية العربية: ظهرت سنة 1911م.
11- حزب اللامركزية: سنة 1912م.
12- الجمعيات الإصلاحية: أواخر 1912م وقد قامت في بيروت ودمشق وحلب وبغداد والبصرة والموصل وتتكون من خليط من أعيان المسلمين والنصارى.
13- المؤتمر العربي في باريس: أسسه بعض الطلاب العرب سنة 1912م.
14- حزب العهد:1912م وهو سري، أنشأه ضباط عرب في الجيش العثماني.
15- جمعية العلم الأخضر: سنة 1913م، من مؤسسيها الدكتور فائق شاكر.
16- جمعية العلم: وقد ظهرت سنة 1914م، في الموصل.• هذا وقد ظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وفي عدد محدود من أبناء المسلمين الذين تأثروا بفكرتها، ولم تصبح تياراً شعبيًّا عامًّا إلا حين تبنى الدعوة إليها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حين سخر لها أجهزة إعلامه وإمكانات دولته. ويمكن أن يقال إنها الآن تعيش فترة انحسار أو جمود على الأقل.

رابعاً- الأفكار والمعتقدات:

يعلي الفكر القومي من شأن رابطة القربى والدم على حساب رابطة الدين، وإذا كان بعض كتاب القومية العربية يسكتون عن الدين، فإن بعضهم الآخر يصر على إبعاده إبعاداً تامًّا عن الروابط التي تقوم عليها الأمة، بحجة أن ذلك يمزق الأمة بسبب وجود غير المسلمين فيها ويرون أن رابطة اللغة والجنس أقدر على جمع كلمة العرب من رابطة الدين. حيث إن أساسها إبعاد الدين الإسلامي عن معترك حياة العرب السياسية والاجتماعية والتربوية والتشريعية، وضرباً من ضروب الغزو الفكري الذي أصاب أقطار العالم الإسلامي، لأنها في حقيقتها صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا. ويرى دعاة الفكر القومي ـ على اختلاف بينهم في ترتيب مقومات هذا الفكرـ أن أهم المقومات التي تقوم عليها القومية العربية هي: اللغة والدم والتاريخ والأرض والآلام والآمال المشتركة. ويرون أن العرب أمة واحدة لها مقومات الأمة وأنها تعيش على أرض واحدة هي الوطن العربي الواحد الذي يمتد من الخليج إلى المحيط. كما يرون أن الحدود بين أجزاء هذا الوطن هي حدود طارئة، ينبغي أن تزول وينبغي أن تكون للعرب دولة واحدة، وحكومة واحدة، تقوم على أساس من الفكر العلماني.

ويدعو الفكر القومي إلى :

1-تحرير الإنسان العربي من الخرافات والغيبيات والأديان كما يزعمون
2-يتبنى شعار: (الدين لله والوطن للجميع). والهدف من هذا الشعار، إقصاء الإسلام عن أن يكون له أي وجود فعلي من ناحية، وجعل أخوة الوطن مقدمة على أخوة الدين من ناحية أخرى.
3-يرى الفكر القومي أن الأديان والأقليات والتقاليد المتوارثة عقبات ينبغي التخلص منها من أجل بناء مستقبل الأمة.
4- يقول عدد من قادة هذا الفكر: نحن عرب قبل عيسى وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
5-ويقرر الفكر القومي أن الوحدة العربية حقيقة، أما الوحدة الإسلامية فهي حلم.
6-وأن فكرة القومية العربية من التيارات الطبيعية التي تنبع من أغوار الطبيعة الاجتماعية، لا من الآراء الاصطناعية التي يستطيع أن يبدعها الأفراد.
7- كثيراً ما يتمثل دعاة الفكر القومي بقول الشاعر القروي:
هبوني عيداً يجعل العرب أمةً وسيروا بجثماني على دين بَرْهَمِ
سلام على كفرٍ يوحِّد بيننـــــــــا وأهلاً وسهلاً بعده بجـــــــــــــــــــــهن مِ

8-يقول بعض دعاة الفكر القومي: إن العبقرية العربية عبرت عن نفسها بأشكال شتى، فمثلاً عبرت ذات مرة عن نفسها بشريعة حمورابي، ومرة أخرى بالشعر الجاهلي، وثالثة بالإسلام.
9- وقال أحد مشاهيرهم: لقد كان محمد كل العرب، فليكن كل العرب محمداً.
10-يرى دعاة الفكر القومي أن من الإجرام أن يتخلى العربي عن قوميته، ويتجاوزها إلى الإيمان بفكرة عالمية أو أممية، مع أن إبعاد الإسلام عن معترك حياة العرب ينهي وجودهم.
11-يقول بعض مفكري القومية العربية: إذا كان لكل عصر نبوته المقدسة، فإن القومية العربية نبوة هذا العصر.
12- ويقول بعضهم الآخر: إن العروبة هي ديننا نحن العرب المؤمنين العريقين من مسلمين ومسيحيين، لأنها وجدت قبل الإسلام وقبل المسيحية، ويجب أن نغار عليها كما يغار المسلمون على قرآن النبي والمسيحيون على إنجيل المسيح.
13-ويقرر بعضهم الآخر أن المرحلة القومية في حياة الأمة، مرحلة حتمية، وهي أخر مراحل التطور كما أنها أعلى درجات التفكير الإنساني.

خامسا: ومن مشاهير دعاة القومية العربية:

1-أبو خلدون ساطع الحصري
2- مصطفى الشهابي
3- محمد معروف الدواليبي
4-جمال عبد الناصر

سادساً- القومية والأدب العربي:

عبر الأدب العربي القديم عن مواقف الأدباء وأبرز شكل صلتهم بالواقع ومستوى وعيهم له وفهمه . ولقد حدد الواقع الحضاري والتاريخي للشاعر العربي والمسلم حدود قوميته التي لا تتعارض مع دينه والتي لا تحمل صفة الشوفونية ومنذ العصر الجاهلي حدد الشعراء إطارين من الوعي تداخلا في علاقات متفاعلة برزت فيها اتجاهات التطور وآفاق حركة التقدم من الإطار القبلي إلى الكيان القومي وكان الوعي يبرز في :
أ – إطار واقعي مادي: يمثل الإحساس بالكيان القبلي والانتماء المباشر إليه , ويتجلى في المفاخر القبلية ومآثرها والاعتزاز بالنسب والمكارم التي ترفع من شأن هذا النسب , فتذوب آل ( أنا ) الذاتية في كيان الجماعة ويبرز صوتها في معنى القيم المثلى التي كان الإنسان العربي يعتز بها ( من شجاعة تدفع العدوان عن القبيلة, ونجدة تعين الملهوف والمستجير, ومكرمة تغيث المحتاج الذي حزبته الشدة )
ب – إطار عاطفي : يمثل الشعور القومي الذي ينبض فيه إحساس مصيري وحضاري بالأحداث يشير إلى اتجاه حركة التطور التاريخي والتقدم الإنساني . لقد كان الشعور القومي أفقا حضاريا للنزعة القبلية يسير إليه التطور والانتقال من الخاص إلى العام . ولطالما تردد على ألسنة الجاهليين هذا التركيب الذي يبرز الانتماء القومي لقبائلهم , فيقولون : (إنه حي من العرب . )( لم يبق أحد من إحياء العرب لم يسمع بذلك ) . قال حسان بن ثابت يغمز من قناة الحارث بن عامر :
يا حار قد كنت لولا ما رميت به لله درك في عز وفي نسب
جللت قومك مخزاة ومنقصــــــــــــة ما إن يجلله (حي من العرب)
وكانت الأحداث المصيرية تؤكد صحة هذا الاتجاه للتطور القومي فتتضاءل العصبيات وتتجاوز القبائل المتنافرة اختلافاتها ومصالحها الضيقة وتتحد في وجه الأخطار التي تهدد وجودها القومي . وقد تجلى ذلك في معركة ذي قار التي انتصر فيها العرب على الفرس .............قال الأعشى يفخر بهذا النصر :
لو أن كل معد كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
وتبقى ذكرى هذه الموقعة رمزا لوحدة العرب وموضع اعتزاز على مر الأجيال والعصور لما فيها من معنى عروبي قومي عميق , وكذلك قال أبو تمام يمدح خالد بن يزيد الشيباني ويشيد بقومه وبمأثرتهم القومية في معركة ذي قار :
لهم يوم ذي قار مضى وهو مفرد وحيد من الأشياء ليس له صَحْبُ
به علمت صهب الأعاجم أنــــــــــــه به أعربت عن ذات أنفسها العُرْبُ
ثم قام للعرب كيان سياسي أخذت تذوب فيه العصبيات , وراح هذا الكيان يواجه تحديات قومية من الشعوب التي احتواها مد الفتوحات العربية . وكان الفرس أشد عناصر المواجهة وقد كان مجالهم في التحدي والكيد للعرب يجد موضوعه في الاعتزاز بماضيهم الحضاري , وقد فاتهم أن للعرب في الجاهلية تراثا لا يقل عن تراث الفرس , وأن هذه الحضارة العربية ما تزال مثار إعجاب للباحثين عنها في شتى البقاع التي استقر فهيا العرب . وانصب نقد الفرس على عادات العرب وتقاليدهم متناسين أن لكل شعب من شعوب العالم عاداته المميزة وتقاليده الموروثة وطرائقه الخاصة في السلوك والمأكل , والمشرب . وها هو ذا الجاحظ يتصدى لهذه المكايد بفهم علمي موضوعي وموقف قومي أصيل , فيرد على دعاواهم ويدحضها في كتابه : ( البيان والتبيين ) , ويكشف ضعفها وتهافتها وما فيها من حقد وكيد فيقول : ( وقد شفى الصدور منهم جثوم الحسد على أكبادهم وتوقد نار الشنآن في قلوبهم وغليان المراجل الفائرة وتسعر تلك النيران المضطرمة . ولو عرفوا أخلاق كل ملة وزي كل لغة , وعللهم على اختلاف إشاراتهم وآلاتهم وشمائلهم وهيئاتهم , وما علة كل شيء من ذلك ولمَ اختلقوه ؟ ولم تكلفوه ؟ لأراحوا أنفسهم , ولخفت مؤونتهم على من خالطهم . .) ، وحين تمزقت دنيا الخلافة فصارت إلى دويلات وإمارات وطغت على الكثير منها عناصر أعجمية , حمل الإنسان العربي صوت العروبة , وكانت مواقف المتنبي تعبيرا عفويا عن هذا الصوت فإذا هو يصيح في احتجاج غاضب :
وإنما الناس بالملوك وما تفلح عُرْبٌ ملوكُها عَجَمُ
ويستمر التمزق والضعف , وتسقط القدس في أيدي الفرنجة فتنطلق صيحة محمد بن أحمد الأبيوردي من كبرياء قومية جريحة تستصرخ همم العرب والمسلمين لإنقاذ هذه المدينة المقدسة المجيدة :
مزجنا دماء بالدموع السواجم فلم يبق منا عرضة للمراحـــــــــــــم
دعوناكم والحرب تدعو ملحة إلينا بألحاظ النسور القشاعــــــــــم
تراقب فينا ( غارة عربيـــــة ) تطيل عليها الروم عض الأباهم
فإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه رمينا إلى أعدائنا بالحرائـــــــــــــــــم
ثم سقطت بغداد تحت سنابك خيول الغزاة من التتار , وغرق الوطن العربي في ليل طويل من التمزق والغربة والضياع .
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)