أنواع النقد الأدبي -الجزء الثاني-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداوي
ي- النقد التفسيري للأدب:
ينظر إلى هذا النقد -في الواقع- لا على أنه فرع من الأدب، بل فرع من العلم، وهو من ثم ينشد الدقة والعدالة العلمية. "وهذا التناول المقصود -تناول مستقل عن المدح أو الذم، فلا شأن له بالقيمة، نسبية كانت أو مطلقة، ومن ثم فالناقد العلمي كالباحث في أي ميدان من ميادين البحث العلمي، وهو ينظر إليه بكل اطمئنان على أنه زميل له. هذا الناقد يصور ظواهر الأدب كما هي في الواقع، يفحصها ويحاول تنظيم القوانين والمبادئ التي بحسبها تتشكل هذه الظواهر، ويكون لها تأثيراتها. وتفسير الأدب على أساس نفسي قائم على نظرية "فرويد" في تحليل النفس، فكل ناقد ينشد القيام بمهمة التفسير يلزمه معرفة هذه النظرية، وقد كان "الرومانتيكيون" في نقدهم -قبل ظهور "فرويد"- ينزعون نزعة تفسيرية قريبة من هذه، فعدوا الشرح هو العمل الأساسي للناقد. ولكي نستطيع الإفادة من فرويد في تفسير الأدب يجدر بنا هنا أن نقف وقفة قصيرة عند تحليله النفسي، فنتبين العناصر التي تتألف منها، وتحدد ميدان عمل كل من هذه العناصر.تتكون النفس الإنسانية -بحسب فرويد- من الأنا والذات العليا والـ هي. والأناهو الجانب الظاهر من الشخصية؛ وهو يتأثر بالعوامل اللاشعورية من ناحية، وبعالم الواقع من ناحية أخرى؛ ففي عالم الواقع نجد المجتمع بتقاليده وقوانينه وعلاقاته ، وتتصف الأنا فوق هذا بأنها حلقة الاتصال بين الطاقة الغريزية والعالم الخارجي؛ فالأنا هي التي تتصل بعالم الواقع لتحقيق النزعات الغريزية بالصورة التي تراها خلقية معقولة, وفوق كل هذه الصفات فإن الأنا هي التي تتصل اتصالا مباشرا بعالم الواقع. ويلاحظ أن الأنا تغفل في ساعات النوم..وإن التفكير الشعوري يقتصر على النقد والإنكار والمقابلة والتصحيح والتصنيف والقياس والموازنة والربط واستنتاج العام من الخاص وترتيب الحالات الخاصة تبعًا للقاعدة العامة، غير أنه لا يمكن أن يبرع في الإنتاج أو يفتن فيه، إذ يعتمد في ذلك على اللاشعور كل الاعتماد" والذات العليا تتكون منذ الطفولة، فالطفل يزن الأمور والأشياء ويقدرها بحسب تقدير والده أو من يعيش معه وبتوجيه منه. وقد يكون الطفل معجبًا بوالده محبًّا له؛ لأنه يجمع بين مظهري القوة والعطف، فيتقمص الطفل شخصية والده تقمصًا يترتب عليه توجيهه لسلوك نفسه وتوجيهه لسلوك غيره. وبعبارة أدق فإن في نفسه جانبًا يمثل عنصر السلطة الممتصة، وهو الذي يقوم بعملية الزجر والتوبيخ.وهذا العنصر مركب لاشعوري، وتتلخص الصفات الأساسية للأنا العليا في أنها الناقد الخلقي الأعلى الذي يشعر الأنا بالخطيئة. ويتضح من هذا أن الأنا العليا مكلفة بالأنا ورقيبة عليها، وهي بذلك لا دخل لها في عملية الإبداع الفني؛ لأن الأنا ليس ميدانها العمل الفني. والـ هي فتكوين كل من الأنا والأنا العليا لا يقضي على المنابع الأساسية للدوافع الغريزية، وإنما تظل هذه حية مندفعة للتعبير عن نفسها, ولا يمنعها من التعبير عن نفسها إلا الأنا العليا، وإلى حد ما الأنا. ويرى فرويد أن هذا الجانب يلعب دورًا مهمًّا في حياة الإنسان، ويسميه الـ هي، ومن خصائصها أنها لاشعورية، وأنها لا تتجه وفق المبادئ الخلقية، وإنما تسير على قاعدة تحقيق اللذة والابتعاد عن الألم، ثم إنها لا تتقيد بقيود منطقية، ومن مركباتها النزعات الفطرية الوراثية والمكبوتة، ويقال -بحسب رأي فرويد: إن أهم هذه المركبات هي النزعة الجنسية. فإذا كان الفن هو عمل اللاشعور، وكان اللاشعور هو خاصية الـ هي، وكانت الـ هي لا تتجه وفق المبادئ الخلقية ولا تتقيد بقيود منطقية، وكان من مركباتها النزعات الفطرية الوراثية التي أهمها النزعة الجنسية؛ كان الفن كذلك صدًى في أصله الأصيل لتلك النزعة الجنسية "بمفهومها الواسع عند فرويد"، وقد عزز فرويد نظريته بفهمه الخاص للكبت, وقد نشأ هذا الفهم من دراسته للظاهرة التي تبدو لغوًا من وجهة النظر المعقولة في مثل الرغبة اللاشعورية عند الابنة في أن تحتل مكان أمها في حب أبيها ، أو الرغبة اللاشعورية عند الابن في أن يحب أمه ويحتل مكان أبيه في ذلك. وقد منعت هذه الرغبات منذ بداية التاريخ المدون بواسطة أقوى المحرمات الدينية والاجتماعية، وكانت نتيجة ذلك أنه صار ينظر إليها باعتبارها "غير طبيعية". وقد وجد فرويد أن مثل هذه الرغبات تتمثل بوضوح في الأحلام، في الوقت الذي لم يتضح له فيه هذا من سلوك مرضاه الواعي اليقظ عندما حلل هذا السلوك بألفاظ الكبت. ومن هنا فهم أن الدوافع الطبيعية عندما توصف بأنها خطأ، فإنها من الممكن أن تكبت، ولكنها لا تنمحي بل تبقى في اللاشعور حتى وإن لم يعد العقل الواعي يعرفها. فوظيفة الكبت إذن "هي منع النزعات النفسية من السير في طريقها الطبيعي. وهذا المنع لا يقضي على النزعات النفسية، فهي تظل قوة متحفزة للظهور، ولكنها تبقى مع كل هذا مختفية فيما يسمى اللاشعور"4. وهي تحاول في كل وقت أن تطفو على السطح، وأن تظهر بصورة إيجابية، ولكن الذات العليا "والأنا في بعض الأحيان" ما دامت منتبهة واعية فإنه لا مجال لطفوها وتحققها. فهي إذن لا تظهر في اليقظة وإنما تلتمس الفرصة التي تغفل فيها الأنا والذات العليا، وهي فترة النوم، فتتحقق بصورة ما في الأحلام، سواء أكانت أحلام النوم أم أحلام اليقظة؟ . "وفي اللاشعور تتخذ ثيابًا رمزية ينظر إليها العقل الواعي على أنها كلام فارغ, وهو في الحقيقة لا يعرف أهميتها" ،فالرغبات المكبوتة إذن تجد مجالا للظهور في الأحلام، وهي تظهر على شكل رموز. وهناك نوازع جنسية مكبوتة لسبب أو لآخر, وهي مكبوتة في اللاشعور، فليست تستطيع الظهور إلا في حالات الغفلة التي تصيب الشعور، فتظهر عندئذ، ويفرغ اللاشعور شحنته في شكل رموز لا يقبلها العقل الواعي بصدر رحب، بل ربما عدها لغوًا. وليس ما يتحقق في الأحلام -في الواقع- شيئًا آخر يغاير في طبيعته ما يتحقق في العمل الإبداعي الفني. ويؤكد "جوته" نفسه "أنه كتب أحسن قصصه في أثناء فترة نوم حالمة غريبة يقارنها هو بحالة السائر في أثناء نومه وإذا كان الحلم -في الأعم- يشبه حلم اليقظة في كونه سلسلة من أفكار وصور ليس بينها كبير علاقة, فالعملية الإبداعية كثيرًا ما تتخذ فيها الرمو الصفات نفسها . وكما يقول "ودورث": إن الحالم لا يعمل، وإنما هو يلعب لملء الفراغ، وقديمًا تحدث أرسطو عن فكرة التطهير ومؤداها أن المسرحيات تعين المتفرجين على أن يتخففوا من مشاعرهم الزائدة، وأن يحققوا رغباتهم المكبوتة. وهذا التخفف وذاك التحقيق هو الذي يحدث في نفس المتفرج المتعة، ويشعره السعادة لا شيء آخر. والذين يعانون الإنتاج الفني يقرون بسهولة أنهم طالما أحسوا بالمتعة أو اللذة أو السعادة بعد أن أتموا إخراج العمل الذي يبدعونه. فكأن المتعة تحدث نتيجة لعملية التخفف التي تتحقق في النشاط اللاشعوري الذي يبذله الفنان, ولو أن النشاط المبذول كان من العقل الواعي لما حدثت اللذة؛ لأن للوعي صفة الصرامة والجد، وأيضًا فإنه لا يستطيع -إزاء الرقابة المبثوثة حوله- أن يكون وسيلة للتنفيس عن الرغبات المكبوتة. ومن هذا يتبين لنا أن العمل الفني يتم عند الفنان في حالة شعورية، وأنه يكون أكثر قربًا من أعماق نفسه وطوايا صدره إذا هو تم في حالة لاشعورية. وهو في هذه الحالة يؤدي غرضه بالنسبة للفنان في أنه يخفف عنه القدر الزائد عن احتماله، وأيضًا فإنه ينفس عن النزعات الفطرية والرغبات المكبوتة في اللاشعور، لا في صورة أو صور سافرة، بل في رموز تحمل نفس الدلالة، يؤلف بينها في صورة حرة تلقائية . وإن أحسن الشعر وأحسن القصص وأبدع الصور، كلها -إلى حد بعيد- إنتاج النشاط اللاشعوري للعقل . ومع أن التحليل النفسي قد أضاف بالتأكيد كثيرًا، وما زال في إمكانه أن يضيف أكثر في فهم الفنانين بصفتهم شخصيات، فإن أعظم عمل للنظرية الفرويدية يقدم به دارسو الأدب إنتاجًا طيبًا هو في تفسير الأدب ذاته". ونحن نستطيع أن نتكلم عن الأدب باعتباره رمزًا للرغبات المكبوتة في اللاشعور. "ومن الممكن الانتهاء إلى أن العمل الفني إشارة أو رمز يقوم مقام شعور الفنان. وهو بهذا يمكن أن يعد إشارة رمزية بالنسبة للفنان نفسه، الذي يصير -بعد أن يتم العمل الفني- فردًا متذوقًا مستمتعًا أكثر منه مبدعًا. ولأن الموضوع عندما يتم، ينفصل عن الفنان، فإنه ليست هناك عقبة واحدة تمنع من القول بأنه إذا كان رمزًا بالنسبة للفنان فإنه -من باب أولى- يكون رمزًا بالنسبة لغير الفنان من المتذوقين. والقول بأن العمل الفني رمز لمشاعر الفنان معناه قبول الشعور بوصفه إطارًا يرجع إليه لا عند البحث عن المقدرة على الإبداع الفني فحسب، بل أيضًا عند البحث عن التجربة الفنية سواء بسواء". وإذا رجعنا إلى فرويد وجدنا أن لامنطقية اللاشعور تنشئ علاقات جديدة بين الرموز, وهذه العلاقات الجديدة هي التي يجب أن يلتفت إليها عند محاولة تفسير الأدب. فالرمز في ذاته بما هو صورة أو جزء من صورة ليس هو المعنى, وإنما هو الصورة المجسمة للمعنى الكامن في النفس. وأيضًا فإن العلاقات الجديدة بين هذه الرموز ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي صورة للتلوين النفسي. وليس لما يجري في اللاشعور أية علاقة بفكرة الزمن، إذ إنه لا يوجد في تلك المرتبة من مراتب العقل أي توقيت أو زمان. وإذا كان العمل الفني طريقة للتعبير ونقل التجربة الشعورية إلى الآخرين ، فإن اختلاف البيئة والثقافة والمزاج والتراث الفطري قد يؤدي غالبًا إلى اختلاف في المعاني التي يدلي بها الرمز الواحد عند مختلف الأشخاص .
ك-النقد الحكمي للأدب:
ويشعر فيه الناقد بأنه قاضٍ وحكم, ومهمة القاضي تنتهي دائمًا بإصدار الحكم. وأبسط صورة للحكم هي أن يعبر الناقد عن رضاه عن العمل الأدبي أو نفوره منه، فيقول مثلا: إنه جيد أو إنه رديء، وقد يقول: إنه حسن أو إنه قبيح. والناقد الذي يكتفي بأن يصدر حكمًا على العمل الأدبي لا يفترق عن أي شخص آخر يحكم على طعام بأنه جيد أو رديء؛ ولذلك كان لا بد من "حيثيات" لهذا الحكم، تمامًا كما يصنع القاضي في المحكمة، فلا بد أن يقول لنا الناقد لماذا حكم بالجودة لهذا والرداءة لذلك. وأكثر من هذا أنه في كثير من الحالات يكون في حاجة لأن يحدد لنا في حكمه "الفرق في الدرجة" بين شيئين, كلاهما جيد. وهنا تكون مهمة الناقد حقا، فوضع المبررات التي جعلته يصدر حكمًا بذاته أمر من الصعوبة بمكان. ومنه المفترض أن تكون هناك قوانين يستند إليها الناقد في حكمه وفي تعليله لهذا الحكم, وقد سن هذه القوانين كبار النقاد, وهم قد اشتقوها من أعظم الأعمال الأدبية التي أنتجتها العبقريات المبدعة, والنقاد يعملون بمقتضاها، ويتحركون في حدودها، ويوجهون إليها الشعراء. والقوانين النقدية من المرونة ما يترك الفرصة واسعة أمام الناقد كيما يتحرك هو شخصيا ويثبت وجوده. ثم إننا لا نكاد نجد للنقد قوانين ثابتة، فهناك تغير مستمر فيها، وإن عمل الناقد لا ينتهي، وعليه في هذه الحالة أن يبدأ مرة أخرى. وفهمنا للأدب فيبدو -نسبيًّا- أنه لم يحدث به تغيير كبير, وما زالت قضية المتعة موضوع المناقشات عبر العصور المختلفة. فالناقد في حاجة إذن لمعرفة تلك القوانين؛ لينظر في ضوئها إلى العمل الأدبي فيحكم عليه بحسبها، وعندئذ لا يعييه أن يجد التعليل, ولكن ينبغي أن نلتفت إلى أن هذه القوانين وحدها لا تكفي المعرفة بها حتى يستطيع الإنسان أن يعلل لحكمه، بل لا بد له من تجارب كثيرة يختبر فيها مقدرته على الحكم العادل. وهو بعد كل ذلك عرضة لأن يترك جوانب أخرى قيمة في العمل الأدبي الذي حكم عليه. فمن السهل أن نعرف قوانين "القصة القصيرة" مثلا وأن نقيس ما نقرأ من قصص كثيرة على ما عرفناه فنحكم بنجاح الكاتب أو إخفاقه في كتابة هذا النوع الأدبي, ولكن حكمنا بنجاحه أو إخفاقه, وفقًا للقواعد العامة، لا يمكن أن يعد حكمًا نهائيًّا على القصة من حيث قيمتها. والقواعد التي وضعت للنقد تساعد الناقد على أن يتصور ما يقرأ، وأن يحدد مدى اندراجه تحت نوع أدبي بذاته، وتحقق الأصول الفنية لهذا النوع الأدبي. وحكم الناقد ينصب على مدى تحقق الأصول الفنية للنوع الأدبي الذي نقرؤه، والحكم عليه بأنه عمل أدبي. وهذا الحكم يستند -عادة- إلى فلسفة الناقد الخاصة في القيم.
بعد أن تحددت للأدب قيمة المتعة والمنفعة. فالنقد الإغريقي كان ينشد من الأدب المنفعة، في حين أن النقد العربي كان ينشد المتعة. والذين يريدون أن يظهروا شيئًا من الحكمة يجمعون للأدب المهمتين، ويحكمون عليه بمدى تحققهما. وهكذا تحددت أمام الناقد قيمتان للأدب: قيمة جمالية وأخرى أخلاقية, فهو أحيانًا يحكم بقيمة العمل الأدبي بمقدار ما تحقق فيه من عناصر الجمال، وبما أحدثه في نفسه من متعة التأمل, وأحيانًا أخرى يحكم بقيمة العمل الأدبي بمقدار ما حقق من هدف أخلاقي. ولا يعيب النقد الحكمي مثل التحيز و"النزعة التقريرية" فنحن كثيرًا ما نتحيز لفكرة بذاتها فننظر إلى الأشياء من خلالها ولا نرضى أن نعدل منها أو نغير فيها, وهكذا يتورط النقد الحكمي في عيوب لا تقل خطرًا عن عيوب النقد التفسيري. وإذا كان النقد التفسيري لا يحدثنا عن قيمة العمل الأدبي فإن تقرير هذه القيمة في النقد الحكمي محفوف بكثير من الخطورة. وكثيرًا ما ينسى الناقد أنه محتاج لأن يضع يدنا على "فرق القيمة" في هذا العمل الأدبي حتى عندما يكون موافقًا لفكرته الخاصة، ففي نطاق الفهم الواحد لغاية الأدب يمكن إصدار أكثر من حكم نقدي على أعمال أدبية تمثل هذا الفهم. فإذا كان الناقد يحكم بقيمة الأعمال الأدبية مثلا لأنها تخدم هدفًا أخلاقيًّا معينًا، فينبغي عليه أن يحدد لنا الفرق بين قيمة كل عمل وآخر، فموافقة العمل الأدبي لهدف بذاته لا تعطيه قيمة مطلقة.
ل-الفرق بين مناهج النقد الحكمي ، ومناهج النقد العلمي :
هناك ثلاثة جوانب من التعارض بين مناهج النقد الحكمي ، ومناهج النقد العلمي :
أولًا: يهتم النقد الحكمي اهتمامًا بعيدًا بمسألة درجات القيمة بين الأعمال الأدبية, وهذه المسألة تقع خارج نطاق العلم، والناقد العلمي -كالعالم- لا يعرف شيئًا عن الاختلاف في الدرجة، ولا يعرف سوى الاختلافات في النوع. فهو ينظر إلى المذاهب الأدبية المتعارضة لا من حيث سموها أو انحطاطها، ولكن من حيث مجرد تميزها, وهذا التميز لا يسمح بأي مكان للتفضيل؛ لأنه ليس هناك أساس عام للمقارنة. ومن ثم يمكن ملاحظة الفروق بين كاتب وكاتب وتصنيفها، ولكن دون محاولة لتقدير قيمها الخاصة.
ثانيًا: يقوم النقد الحكمي على فكرة أن القوانين التي يقال لها قوانين الأدب تشبه قوانين الأخلاق أو قوانين الدولة, أي: إنها تفرضها قوة خارجية, وإنها تتحكم في الفنان كما تتحكم قوانين الأخلاق وقوانين الدولة في الإنسان "وقد بينا موقف الناقد من هذه القوانين". هذه القوانين لا وجود لها عند الناقد العلمي، فقوانين الأدب عنده كقوانين الطبيعة عند العالم الطبيعي، ليست أحوالا تفرض من الخارج، ولكنها "حقائق في صور قضايا". قوانين الطبيعة هي مجرد تقرير عام للنظام الذي يلاحظ في الواقع بين الظواهر, وقوانين الأدب ينبغي أن تشتقّ بطريقة متشابهة كل المشابهة، فهي تعبر عما هو كائن لا عما يجب أن يكون. وهكذا "لم تكن قوانين مسرح شكسبير قوانين تفرضها قوة خارجية على شكسبير يكون مسئولا عن طاعتها،ولكنها قوانين التأليف المسرحي المشتقة من تحليل نفس مؤلفاته. ومن ثم فليس عمل الناقد أن يفحص مدى موافقة تأليف شكسبير -أو حاجته لأن يوافق أفكارًا مجردة على المسرح، أو قواعد وضعت مستقلة، ولكن عمله هو مجرد الكشف بطريق الدراسة المباشرة لمسرحياته عن المبادئ التي كتبت على أساسها المسرحيات، ثم تلخيص نتائج هذه الدراسة في عبارة عامة.
ثالثًا: النقد الحكمي يقوم على فرض أن هناك "مستويات ثابتة" ينشأ الأدب ويقاس بحسبها, وقد اختلفت هذه المستويات اختلافًا كبيرًا عند النقاد المختلفين وفي العصور المختلفة ، ومع ذلك فقد قيل بوجود بعض هذه المستويات, ولا يعرف النقد العلمي مستويات ثابتة، بل ينكر في الحقيقة إمكان قيامها. فالأدب -ككل الظواهر التي تتناولها العلوم- ثمرة التطور، فتاريخه تاريخ تطور دائم؛ ومن ثم فإن البحث عن قاعدة نقدية دائمة مآله الفشل التام؛ لأن النهائية في هذه الحالة تتخذ قاعدة محققة، في حين أن طبيعة الأشياء ذاتها لن توجد فيها هذه النهائية.

حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)