المنهج اللساني في دراسة الأدب
المطلّع على تاريخ الأمم السابقة يجد أنه حافل بالدراسات اللسانية كما يقول الباحث اللساني الإنكليزي/ روبنز/ فقد استرعت الظاهرة اللغوية( صوتاً وتركيباً ودلالة ) انتباه الإنسان ، فالحضارة الهندية بحثت في مجال الصوتيات اللغوية منذ أربعة آلاف سنة على يد / بانيني / واليونان استفادوا من بحوث الإغريق اللغوية التي قدمها أفلاطون وأرسطو ، والمدرسة الرواقية ولا سيما في المجال الدلالي البلاغي كذلك . والصينيون واليابانيون أسهموا في هذه الدراسات على يد اللساني/هياكاوا / في كتابه اللسانيات الشرقية والعرب أسهموا في التحول الكبير في مسيرة التراث اللغوي العالمي بما خلّفوه من تراث لغوي يضم :
ـ كتب النحو والشروح التي تناولته (نحويّات ) .
ـ كتب التجويد وفق قراءة القرآن الكريم ( صوتيات ) .
ـ كتب البلاغة ( دلاليات ) .
ـ كتب الفلسفة والمنطق .
ـ كتب التفاسير القرآنية والنبوية .
ـ كتب دواوين العرب الشعرية والنثرية وشروحها .
ـ كتب الموسوعات المعرفيّة / الجاحظ – ابن حزم / .
ـ كتب المعاجم واللغة .
ـ كتب التاريخ .
وقد حفل التراث اللغوي العربي بركامٍ معرفيٍ تناثر في تاريخ الحضارة العربية ذلك أن العرب القدماء أرادوا تفسير الظاهرة اللغوية كما فسروا الظواهر الإنسانية والطبيعية الأخرى خدمة للنص القرآني . ومما يسترعي الانتباه حديثاً أن التطور قد شمل بحوث اللسانيات الحديثة التي أخذت تهتم بالأصوات اللغوية والتراكيب النحوية ، والدلالات والمعاني اللغوية ، وعلاقة اللغات البشرية بالعالم الفيزيائي من خلال دراسة عملية تستخدم المقاييس التالية ومن خلال ملاحظة الظواهر اللغوية والتجريبية ( الاستقراء المستمر ) ، وبناء نظريات لسانية كلية ، وضبط هذه النظريات ومن ثم ضبط الظواهر اللغوية واستعمال النماذج والعلائق الرياضية .وللسانيات فروع متعددة كل منها يختص بناحية جزئية . فاللسانيات النظرية : تبحث في النظريات اللغوية الحاضرة والماضية من خلال ( الصوتيات الفيزيولوجية النطقية ، والصوتيات الفيزيائية و الصوتيات السمعية الدماغية) والنحويات أو علم التراكيب المتضمن ( بناء الجملة – بناء الكلمة – التقديم والتأخير في العناصر اللغوية ) والدلاليات أو علم المعنى الذي يشمل (علم المعنى الخاص والعام وعلم بنية الدلالة في الدماغ وعلم التعرُّف على اللغة عندما تختزن في الدماغ ، وعلم فهم اللغة عندما تختزن في الدماغ مع فهمها وعلم المشترك والترادف .... ) واللسانيات الأنثروبولوجية : التي تبحث في صلة اللغة بأصل الإنسان لأنها عضو فسيولوجي إنساني . واللسانيات التطبيقية : وتبحث في التطبيقات الوظيفية التربوية للغة من أجل تعليمها والمنهجية لتقنيات تعليم اللغة
( أصول تدريس مناهج تدريس ) .
واللسانيات الاجتماعية : وتبحث علاقة اللغة بالمجتمع لأن اللغة ظاهرة اجتماعية تتفق عليها الجماعات وتعكس عادات وتقاليد وثقافة اجتماعية .
واللسانيات البيولوجية : وتبحث في علاقة اللغة بالدماغ ومقارنتها بالبنية الإدراكية عند الحيوان والتطور اللغوي البيولوجي عند الأطفال .
واللسانيات الرياضية : وتبحث في اللغة كظاهرة حسابية مركبة صوتاً وتركيباً ودلالة ومنظمة بحيث يمكن وضعها في أطر رياضية لإثبات ما قاله/ تشومسكي / من أن اللغة آلة مولدة قادرة على توليد ما لا نهاية له من الرموز اللغوية بطرق محددة . وكذلك اللسانيات الحاسوبية : التي تستعمل الحاسب من أجل الدقة والسرعة في البحوث اللغوية والترجمة اللغوية ولقد استرعى انتباه دارسي الأدب استعمال اللغة من قبل اللسانيين وأدركوا أنه يمكن لهم أن يستفيدوا منها في مجال الدراسة الأدبية ؛ وإذا كان اللجوء إلى المنهج الاجتماعي والنفسي في مواجهة التجربة الإبداعية خارج عن طبيعة الأدب ، فإن الاستعانة باللسانيات يأتي من داخل الأدب بعد أن استطاعت هذه المباحث أن تحقق تطورات كبيرة في القرن العشرين، فالموضوع المدروس في هذا المنهج هو اللغة الإنسانية التي توظف في الأدب توظيفاً جمالياً . وأداة الدراسة هي لغة المفاهيم والمصطلحات ؛ فاللسانيّ يستخدم اللغة في دراسة اللغة استخداماً خاصاً فيحلل ويركب ويشرح ويفسر ويحكم ويستقرىء ويستنتج ويخرج بحقائق تتصل بجوانب اللغة لإقامة نظام يستوعب هذه الأشكال كلها ويجعل أمر وجودها ممكناً ضمن نظام لغوي ، ودارس الأدب لسانياً يشرح ويفسر ويحلل ويوازن لإقامة نظام أدبي يحكم إنتاج هذه النصوص أو ما يسمى بنظرية الأدب الداخلية أو الشعرية وتبدو اتجاهات أصحاب المنهج اللساني في دراسة الأدب تسير في منحيين :
1- استلهام الأنموذج اللساني كلياً أو جزئياً على اعتبار أن الأدب شكل من أشكال الممارسة اللغوية المتميزة بسيادة الوظيفة الجمالية لاستخلاص النظام الذي يحكم النصوص الأدبية في فن من الفنون .وفي بحث ناقد الأدب عن النظام الأدبي الخاص بأدب أمة ما, يفترض فيه أن يبدأ من دراسة الإنشاءات الأدبية الفردية /نصوص مختلفة / ثم يضعها تحت عناوين الأجناس الأدبية ثم يستنبط الأعراف والقوانين والمعايير والقيم والضوابط التي تحكم إنتاجها والتي تشكل النظام الأدبي / الشعري / ، ففي دراستا لمجموعة قصص لكاتب من الكتاب نكتشف النظام الأدبي الذي يحكم إنتاج القصة لديه وفي دراستنا لما أنتجه كتاب القصة في بلد من البلدان نكتشف النظام الأدبي الذي يحكم القصة في ذلك البلد . ويمكن أن نأخذ مستوى من مستويات اللغة ونستلهمه جزئياً كاستلهام المستوى النحوي وتطبيقه على المسرح والقصة ( فالجملة في اللغة العربية تتألف من فعل وفاعل ومفعول به وظرف وجار ومجرور ومنصوبات ) ويمكن استلهام ذلك في المسرحية . فالعمل المسرحي هو الفعل والشخصية التي تؤدي هذا العمل هي الفاعل والشخصيات المتأثرة بالعمل هي المفعول به والمحتوى الزماني والمكاني هما ظرفا الزمان والمكان والحوافز والغايات هي المفعول لأجله والمؤكدات هي المفعول المطلق .
2- توظيف المصطلح اللساني في دراسة الأدب باعتبار أن الأدب فـــن لغوي ( إنشاء لغوي) ، فإنه بوسع دارس الأدب أن يستخدم المصطلح اللساني في وصفه لهذا الإنشاء بمستوياته المختلفة وأن يصغ توظيفاً أفضل لمختلف وجوه العمل الأدبي وأن يستخدم معطيات هذا التوظيف في تحديد ما يجعل الأدب أدباً بشكل عام أو يفسر جمالية وجه من وجوهه فدارس الأدب يستطيع أن يصف لسانياً المستويات التالية من العمل الأدبي : ( المستوى المعجمي _ الصوتي _ الوظيفي الصوتي _ الصرفي _ الدلالي _ النحوي _السياقي - الإنشائي ) . يقول د. رضوان قضماني : ( الشعر ممارسة لغوية إبداعية تتم بقوانين أدبية اجتماعية تاريخية تقوم على التعامل مع منظومة اللغة نفسها لتجعل منها منظومة إبداع ، وتتجلى عبقرية الشاعر في الإمساك بتلك القوانين التي تدير الكلام وتتحكم به والنظرة اللسانية إلى الشعر لا تفصل بين الدلال والمدلول ، أو بين الشكل والمادة أو بين العبارة والمحتوى بل ترى في الشعر عملاً تتحقق فيه وظائف اللغة الثلاث ( الوظيفة المرجعية _ والوظيفة الإيديولوجية _ والوظيفة الشعرية ) دون فصل لأن النص الشعري علاقة غير منفصمة كما يؤكد لوتمان ويضيف د . قضماني ( أن الوظيفة المرجعية ترتبط بالواقع والعلاقة مع الواقع مفتاح الدخول إلى الشعر والعلاقة اللسانية جزء من الواقع المادي والوظيفة الإيديولوجية إدراك واع لذلك الواقع وللعلاقة اللسانية دور إيديولوجي جليّ فعندما تتحول العلاقة اللسانية / الخبز/ إلى رمز ديني تتحول إلى علامات إيديولوجية ) وبما أن اللغة هي الواقع المباشر للفكرة وأن العلاقة اللسانية هي اتحاد بين الدال والمدلول ، فإن الشعر هو اتحاد بين الدال والمدلول ( اللغة والفكرة ) اللتين تحققان الوظيفتين المرجعية والإيديولوجية وتلتقيان عند الوظيفة الشعرية .) .
إن توظيف المصطلح اللساني في دراسة الأدب تدفع بالدارس أن يفتح آفاقاً جديدة للاطلاع على جوانب النص الأدبي ، وتفتح أمام القارئ عوالم جديدة يكتشف من خلالها أفق تجربة الأديب الخاصة وآفاق تجارب الشخصيات التي استلهمها هذا الأديب . فالواقع الأدبي يشير إلى أن للغة أهمية عظيمة في فهم الأدب لأنها من مكوناته الأساسية وهي أداته التي من خلالها يمكن للأدب أن يرسم تجارب الحياة ، فاستعمال الأديب لصيغة الفعل المضارع في عمل أدبي ما له دلالة تتعلق بواقع العمل وشخصية الأديب وتختلف عن استعمال الفعل الماضي واستعمال ضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب له دلالة خاصة والإكثار من استعمال صيغة الحال أو الأسماء له دلالات معينة . وإنه لمن نافلة القول أن ندّعي أن دراسة الأدب لسانياً تكفي في فهم غوامض النص الأدبي



حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)