الفلسفة ماهية وأبعاد:
ما هي الحكمة ؟
وما هي الفلسفة الفلسفـــة؟
الفلسفة لفظة يونانية مركبة من الأصل فيليا أي محبّة وصوفيا أي الحكمة، أي أنها تعني محبة الحكمة. وتستخدم كلمة الفلسفة في العصر الحديث للإشارة إلى السعي وراء المعرفة بخصوص مسائل جوهرية في حياة الإنسان ومنها الموت والحياة و الواقع و المعاني و الحقيقة. وتستخدم الكلمة ذاتها أيضا للإشارة إلى ما انتجه كبار الفلاسفة من أعمال مشتركة. فهي حقل للبحث والتفكير يسعى إلى فهم غوامض الوجود والواقع، كما يحاول أن يكتشف ماهية الحقيقة والمعرفة، وأن يدرك ماله قيمة أساسية وأهمية عُظمى في الحياة . كذلك تنظر الفلسفة في العلاقات القائمة بين الإنسان والطبيعة ، وبين الفرد والمجتمع . والفلسفة نابعة من التعجّب وحب الاستطلاع والرغبة في المعرفة والفهم. بل هي عملية تشمل التحليل والنقد والتفسير والتأمل . وإنَّ كلمة فلسفة لا يمـكـن تحديـد معـناهـا بدقـة؛ لأن موضوعها مُعقد جدًا ومثير للجدال. فقد تختلف آراء الفلاسفة حول طبيعتها ومناهجها ومجالها. فالحكمة الناتجة عن الفلسفة تتمثل في الاستخدام الإيجابي للذكاء، وليست شيئًا سلبيًا قد يمتلكه الإنسان. وقدعاش رواد الفلسفة الغربية المعروفون، في اليونان القديمة في مطلع السنوات الخمسمائة الأولى ق.م. وقد حاول هؤلاء الفلاسفة الأوائل أن يكتشفوا التركيب الأساسي للأشياء، وكذا طبيعة العالم والواقع. وكان الناس في استفسارهم عن مثل هذه المسائل، يعتمدون إلى حد كبير على السحر والخرافات وأصحاب الخبرة. لكن فلاسفة اليونان اعتبروا هذه المصادر من المعرفة غير موثوقة، وعوضًا عن ذلك التمسوا الأجوبة عن تلك المسائل بالتفكير ودراسة الطبيعة. وللفلسفة أيضا تاريخ طويل في بعض الثقافات غير الغربية، خصوصا في الصين والهند. ويرجع عدم التبادل بين الشرق والغرب إلى صعوبات السفر والاتصال بالدرجة الأولى، مما جعل الفلسفة الغربية تتطور على العموم بصورة مستقلة عن الفلسفة الشرقية. وتطورت مواضيع الفلسفة خلال فترات تاريخية متعاقبة وهي ليست وليدة يومهاوبحسب التسلسل الزمني لها تطورت بالشكل التالي :
1-أصل الكون وجوهره.
2-الخالق(الصانع) والمخلوق.
3-العقل واسس التفكير.
4-صفات الخالق(الصانع)
5-ولماذا وجد الانسان؟
6-براهين اثبات الصانع.
وقد نشأ علم الكلام باعتباره أصل الفلسفة الاسلامية قبل أن يتم الاتصال باليونان على أيدي المعتزلة، ثم جاءت فترة الترجمة والنقل عن اليونان والرومان، والهند، فبدأت المعرفة الإسلامية تصطبغ بصبغة هذه الفلسفات الى حدود تم فيها تجاوز الأصول المعتمدة في النصوص الإسلامية، وبقيت الفلسفة الإسلامية تعبر عن نفسها في مصنفات العقيدة وعلم التوحيد، وفي التصوف بجميع ألوانه . ويحتوي الكون كثيراً من الموجودات ، وعدداً لا يحصر من الظواهر ؛ ونُعّد نحن جزءاً من هذه المجموعة ؛ وكثيراً ما يحدث أن نظن بأن شيئاً ما موجود ، وله أساس من الواقع ، ونضفي عليه صفة الصدق، ثم يتبن لنا أنه لا أساس له من الواقع ، وهو مندرج تحت عنوان الكذب؛ وكثيراً ما يحدث أيضاً أن نعدّ شيئاً ما معدوماً ، ونصفه بالكذب ، ثم يتضح لنا بعد ذلك أنه كان صحيحاً، وهو متصف بميزات ، وله آثار متعددة في هذا الكون ؛ ونحن نعلم أن حب الاطلاع ، وغريزة الفحص في كل ما تصل إليه أيدينا ، والبحث عن علله الوجودية مغروسة في أعماقنا . ومن هنا فلا بد أن نميز الموجودات الحقيقية ، والواقعية ( الحقائق ) من الموجودات المتخيلة ( الوهميات ، والاعتباريات) ، والفلسفة تقع في مقابل السفسطة. ولما كان السوفسطائي منكراً لأي واقع خارج الذهن ، ومعتبراً الإدراكات ، والمفاهيم الذهنية كلها لوناً من ألوان الفكر الخالص ، فهو ينكر أن تكون الحقيقة هي الإدراك المطابق للواقع ؛ أما الفيلسوف ، فهو يذعن ، ويسلم بأن هناك واقعاً خارج أذهاننا ، وهو يعتبر بعض الإدراكات حقيقة لأنها تطابق الواقع ، ويسلم بأن بعض الإدراكات لا تطابق الواقع (وهي الاعتبارات ، والوهميات) . فمن وجهة نظر الفيلسوف تنقسم الإدراكات ، والمفاهيم الذهنية إلى الحقائق : وهي تلك المفاهيم التي لها مصاديق واقعية في الخارج ، واعتباريات ؛ وهي المفاهيم التي ليس لها مصداق واقعي في الخارج ، ولكن العقل يعتبر لها مصداقاً. أي: أن العقل يعتبر الشيء الذي ليس هو مصداقاً واقعياً لهذه المفاهيم- يعتبره مصداقاً ، والوهميات : وهي الإدراكات التي لا مصداق لها إطلاقاً في الخارج ، وهي باطلة من أساسها مثل تصور الغول ، والعنقاء ، والحظ ....وأمثالها. وتسعى الفلسفة بموازينها الدقيقة إلى فصل الأمور الحقيقية عن الفئتين الأخيرتين. وتمييز الأمور الاعتبارية - التي تبدو كأنها حقيقية - من الحقائق يعتبر من المواضيع المعقدة التي زلّت فيها أقدام كثير من الفلاسفة. وحاول العلماء المحدثون في أوربا - والذين انصرفوا إلى نقد العقل ، وفهم الإنسان - أن يفصلوا مخلوقات الذهن عن الحقائق التي لها واقع خارجي، وأدى هذا إلى انحراف بعضهم نحو السفسطة القائلة : إن جميع المفاهيم هي مخلوقة أذهاننا. ودفع البعض الآخر إلى اختيار أسلوب الشك ، وبذلت الفلسفة الإسلامية جهداً ملحوظاً في هذا المضمار وقدمت تحقيقات نافعة للتفكيك بين الاعتباريات ، والحقائق. وبغض النظر عن هذا الدافع الغريزي لتأمين احتياجات الحياة ، فنحن كلما اقتحمنا فرعاً من فروع العلم المختلفة فإن إثبات كل خاصة من خواص الموجودات لموضوعها يحتاج إلى ثبوت الموضوع نفسه قبل ذلك ( نحن محتاجون إلى الفلسفة لأن غريزة حب الاطلاع مغروسة فينا، ونحب دائماً أن نميز الحقائق من الأوهام، والأمور التي لها واقع من الأمور التي لا واقع لها. ولأن العلم بجميع فروعه يحتاج إلى الفلسفة، ولأن العلم سواء أكان طبيعياً أم رياضياً،؟ وسواء أكان يتقدم بالأسلوب التجريبي أم بالأسلوب البرهاني والقياسي ؟ ، فهو يأخذ موضوعه مفروض الوجود ، والواقعية ؛ ثم يتناول آثاره ، وحالاته بالبحث ، والتمحيص، وهذه المجموعة من البحوث البرهانية تهدف إلى تأمين إثبات الوجود الحقيقي للأشياء ، وتشخيص علل ، وأسباب ، وكيفية ، ومرتبة وجودها- كل هذه يطلق عليها اسم الفلسفة. ويختلف عن هذا أسلوب البحث ونتيجة الفحص في العلوم الأخرى المقصودة هنا هو : التفريق بين الفلسفة ، والعلم. ويحتاج هذا الموضوع إلى دقة كبيرة، لأن لفظ الفلسفة قد استعمل أخيراً بصورة واسعة، ونتج عن ذلك أن ظل معناه مبهماً بحيث أصبح الناس يفهمون من هذا اللفظ معاني مختلفة، فبعضهم يظن أن الفلسفة تعني : ( إبداء الآراء المشوبة بالدهشة والحيرة بالنسبة إلى الكون)؛ وبعضهم تخيل أنها تعني : ( الأقوال المبعثرة ، أو الأحاديث المتناقصة) ؛ وبعضهم لا يميّز بين المسائل الفلسفية ، والمسائل التي تبحث في العلوم، ومن هنا : فهو ينظر حل المشكلة الفلسفية من العلوم الأخرى، أو يطلب الجواب عن سؤال متعلق بالعلم من الفلسفة. وبعضهم الآخر لا يفرق بين الأسلوب الفكري المتبع في الفلسفة ( وهو أسلوب القياس العقلي) ، والأسلوب الفكري المستخدم في العلوم لا سيما العلوم الطبيعية ( وهو الأسلوب التجريبي) ، ولهذا فهو ينتظر حل المسائل الفلسفية الدقيقة ، والعميقة بوساطة المجاهر ، أو بوساطة المختبرات العلمية، من أنها لا يمكن إزالة الغموض عن الفلسفة إلا بواسطة البراهين العقلية الخاصة. وتعود جذور لفظ الفلسفة إلى اليونانيين ، فكانت تطلق سابقاً ويقصد منها معنى عام يشمل كل المعلومات النظرية ، والعملية ، فتكون مرادفة تقريباً للفظ العلم. وشاع الاصطلاح حتى بين علمائنا، ولكن العلماء فصلوا أخيراً بين لفظ العلم ، ولفظ الفلسفة وذلك منذ تخلّت بعض العلوم عن أسلوب البرهان ، والقياس العقلي ، وأحلّت الأسلوب التجريبي محله، فأصبح كل لفظ من هذين يطلق على معنى خاص . ولا بد من النظر بعين الاعتبار إلى أن الاصطلاحات الشائعة بين العلماء المحدثين تختلف أيضاً باختلاف آرائهم ، وأساليبهم في فهم عقل الإنسان ، وحدود قدرته ، وقواه المدركة. وعادة يطلق العلماء - الذين يؤمنون بقيمة الأسلوب التجريبي ، والأسلوب العقلي في البرهان ، والقياس- لفظ العلم على تلك المواضيع الناتجة من تجارب الإنسانية، ولفظ الفلسفة على تلك المسائل النظرية والعقلية المحضة . ولما كانت الحكمة الأولى حصيلة خالصة لقوة العقل البشري ، ولا دخل للتجربة الحسية في مسائلها، ففي أغلب الأحيان عندما تطلق كلمة "الفلسفة" فإن المقصود بها هو الحكمة الأولى التي كانت تعتبر أحد الفروع الثلاثة للفلسفة النظرية، وكان العلماء السابقون يسمونها بـ "الفلسفة الحقيقية" لأنها نظرية ، وعقلية محضة، ويسمونها بـ " العلم الكلي" لأنها تبحث في أكثر الأمور كلية ، وهو الوجود ؛ ويطلقون عليها أيضاً اسم "الإلهيات" لأن إحدى مسائلها هي مسألة علة العلل ، وواجب الوجود. وأطلق عليها اليونانيون القدماء اسم "الميتافيزيقية" . ومنذ بداية القرن السابع عشر فما بعد ظهرت فئة من العلماء تنكر قيمة "البرهان ، والقياس العقلي" ، وتعتبر الأسلوب التجريبي هو الأسلوب الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه. ويعتقد هؤلاء أن الفلسفة النظرية ، والعقلية المستقلة عن العلم لا تتمتع بأي أساس، وليس العلم إلا ثمرة للحواس، وهذه الحواس لا تتعلق إلا بأعراض الطبيعة ، وظواهرها . إذن : لا قيمة لمسائل الفلسفة الأولى التي هي نظرية ، وعقلية محضة ، ومتعلقة بكنه الواقع وبأمور غير محسوسة، ولا يمكن إدراك هذه المسائل للإنسان ، لا نفياً ، ولا إثباتاً ؛ فلابد من إخراجها من حيّز البحث ، ولا بد من اعتبارها ضمن الأمور غير القابلة للتحقيق. ومن العلماء المنكرين لقيمة الفلسفة العقلية ، والنظرية الفيلسوف الفرنسي الشهير أوجست كونت الذي عاش في القرن التاسع عشر، وهو يعتقد بفلسفة حسية تعتمد على العلم، والفلسفة عنده تعني بيان علاقات العلوم فيما بينها ، وكذلك بعض الفرضيات الواسعة التي تستفيد منها كل العلوم ، أو أغلبها . ويسميها بهذا الاسم لوجود بعض الشبه بالفلسفة الأولى من حيث العموم ، والكلية فيها. ويطلق اليوم اصطلاح "الفلسفة العلمية" على الأساليب المتّبعة في العلوم والطرق السائدة في كل علم. فهذه الفلسفة الحسية التي جاء بها أوجست كونت ، وهكذا سائر الأنظمة الفلسفية الحسية التي أعلنها الفلاسفة الحسيون كلها تعتمد على العلوم الحسية، فهي إذن محدودة مثل تلك العلوم، ولا تتجاوز حدود تفسير أعراض ، وظواهر الطبيعة ، وأشهر الفلسفات الحسية هي الفلسفة الوضعية ، ومؤسسها هو الفيلسوف الفرنسي أوجست كونت؛ أما الفلسفة المادية في شكلها الأخير (المادية الديالكتيكية) فهي تسهب في الحديث عن الحس والعلوم الحسية، وأحياناً تحرف مسألة علمية لتصدق بها أحاديثها ، ولكن بعض الفلاسفة الماديين لم يتقيدوا بالمنطق الحسي لأنهم قد تناولوا بالنقد مسائل الفلسفة الأولى النظرية ، والعقلية ، وهذه المسائل لا تدخل مجال الحس ، ولا التجربة . فالمقصود من الفلسفة هو (الفلسفة الأولى التي هي نظرية وعقلية صرفة) ، وتشكل العلوم المنتشرة في المجتمعات البشرية أقساماً مختلفة، ويعرف كل قسم منها باسم خاص، فهناك الفيزياء، الكيمياء، الحساب، الهندسة، الفلك، الأحياء، و... وكل واحد من هذه يطلعنا على لون معين من المعارف بحيث نستطيع قبل أن نَرِدَ ذلك القسم أن نعرف ما هو لون المسائل التي سنواجهها في هذا المجال؟ . إن الفلسفة بدورها قد أخذت على عاتقها حل مشكلات معينة، وتدور مسائلها حول مواضيع معينة . وهي لا تتدخل فيما يتعلق بالمسائل العلمية ، ولا تسمح أيضاً لهذه المسائل أن تتطفل على حدودها. والفلسفة عبارة عن البحث والدراسة في سلسلة من المسائل التي تتحدث عن مطلق الوجود وأحكامه وأعراضه على أساس البرهان والقياس العقلي. وهي تتكلم عن وجود الأشياء ، أو عدمها ، وتدقق في أحكام مطلق الوجود ، ولا تنظر إلى الأحكام ، والآثار المختصة بموضوع واحد ، أو عدة مواضيع معينة، وهذا بعكس العلوم التي تتناول دائماً موضوعاً واحداً ، أو عدة مواضيع مفروضة الوجود ، ثم تدقق في أحكامها ، وآثارها ؛ وهي لا تنظر إلى وجود الأشياء ، ولا إلى عدمها. إنَّ العلوم بأسرها تتوقف في صمود محاولاتها ، واستمرا تقدمها على الفلسفة. وكذلك الفلسفة فهي تتوقف في بعض المواضيع على شيء من مسائل العلوم ؛ فهي تستفيد ، وتنتزع منها بعض النتائج ؛ وإذا دققنا في هذا وجدنا أن العلم بالجزئي قد ولد من العلم بالكلي، فهو يعتبر إذن نتيجة له. ومن الواضح أن مسائل الفلسفة لا يمكن أن تستنتج من مسائل العلم، لأن المعطي للنتيجة لا بد أن يكون أكبر في شموله وكليته من الآخذ للنتيجة، والحال أن المسائل الفلسفية أعم ، وأكبر كلية من جميع المسائل الأخرى لأن موضوعها هو مطلق الوجود، وليس بين الموضوعات ما هو أكبر كلية من الوجود. فالانتزاع: وهو اصطلاح تستعمله الفلسفة وعلم النفس لعمل ذهني خاص يمكن تسميته أيضاً بـ "التجريد" ، وهو يعني أن الذهن عندما يدرك عدة أشياء متشابهة ، فهو يقيس بعضها إلى البعض الآخر ، ويميز بين صفاتها المختصة وصفاتها المشتركة ، ثم يصوغ من الصفة المشتركة مفهوماً كلياً يصدق على كل تلك الأفراد ، وحينئذ يقال : إن هذا المفهوم الكلي قد انتزع من هذه الأفراد، مثل مفهوم الإنسان المنتزع من الصفات المشتركة بين سعاد وهند وغيرهما. وفي اصطلاح الفلسفة يستعمل لفظ الانتزاع في موارد أخرى. فالمقصود من قولنا :إن المسألة الفلسفية "تنتزع" من المسألة العلمية هو أن الفلسفة تسير في استدلالها الفلسفي على أساس مسألة علمية ثم تصل إلى نتيجة فلسفية. وبعبارة أخرى فإن الفلسفة ترتب قياساً منطقياً تحتل فيه المسألة العلمية صغرى هذا القياس (لا كبراه) ، ثم تستنتج الفلسفة نتيجة فلسفية حسب قواعدها الكلية. فالفلسفة شيء غير العلم ، وإن كان بينهما علاقة خاصة، وحسب هذه العلاقة ، فإن العلم يستفيد من الفلسفة، كما أن الفلسفة أيضاً تستفيد من العلم. لأن حاجة العلوم إلى الفلسفة غير منحصرة ، وإنما كل القوانين الكلية العلمية متوقفة في قطعيتها ، وقانونيتها على أصول عامة لا يمكن إثباتها إلا في ظل الفلسفة. فالمسألة العلمية ، ومن أي علم كانت لا يمكن أن تصبح جزء البحث الفلسفي، بل ينفصل كل لون من الدراسات الفلسفية (الإلهية ، والمادية) عن البحوث العلمية، ويسير بأسلوبه الخاص ، ويتحدث عن وجود الأشياء ، وعدمها. وبهذا يتضح أن الظنون لازمت علماء الفلسفة المادية الديالكتيكية (التحولية) التي لا تتمتع بأساس سليم فهؤلاء العلماء يزعمون أن الفلسفة الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) تعتمد فقط على مجموعة من المقدمات العقلية ، والظنون الساذجة التي لم تتأكد صحتها، بينما الفلسفة تستند إلى العلم المعاصر الذي تقدم بوساطة الحس والتجربة، وفي كل يوم تؤكده صحة مسيرة آلاف التحف التي تقذف بها مؤسساته الصناعية، وهو لا يعتمد على غير الحس والتجربة وليس فيه إثارة مما وراء المادة. ويدعون أيضاً أن فلسفة ما وراء الطبيعة تؤدي إلى طرق مسدودة يتوقف فيها البحث ويموت بسببها العلم ؛ وينبغي أن نعلم أن البحث الفلسفي منفصل أساساً عن البحث العلمي، وأن المادية الديالكتيكية الميتافيزيقية تماماً تستفيد من نتائج العلوم الحقيقية (يقصد بالعلوم الحقيقية ما يقابل العلوم الاعتبارية، وكان القدماء يسمون العلوم الاعتبارية بالعلوم العملية كعلم الأخلاق ، وغيره) بالاعتماد على البحث الفلسفي. ولكن النزاع واقع في أن أياً من هاتين الفلسفتين قد أخذت ما يلزمها من مقدمات بصورة صحيحة وسليمة ، وإذا كانت الفلسفة الميتافيزيقية لا تتغير كما تتغير العلوم بسبب أن العلوم تعتمد على الفرضيات ، وهي تتغير بتقدم ، وتوسع التجربة، أما الفلسفة ، فهي تعتمد على البديهيات ، وتعطي نتائج علمية ثابتة. ويؤيد هذا الرأي أن الفلسفة لا تأبى التغيير في المجالات التي تأخذ فيها مقدماتها من العلوم كالفلكيات والجواهر والأعراض وغيرها ، فهي تتغير كالعلوم بتغير الفرضيات. وحول علاقة الفلسفة بالعلوم ، فإن العلوم جميعها تحتاج إلى الفلسفة في إثبات وجود موضوعاتها. وتختلف البحوث الفلسفية عن الآراء العلمية في الإِطلاق ، وكل علم يتخذ موضوعاً أو عدة مواضيع يقصر عليها نشاطه ليكتشف خواصها ، وآثارها ؛ أما موضوع الفلسفة ، ومجال نشاطها ، فهو مطلق الوجود العاري عن كل قيد، ولهذا فإن كل علم يتحرك في محيط محدود، ولا تتجاوز نظرياته حدود موضوعه الخاص. وإذا قال علم بأن الشيء الفلاني موجود، فهو يعني أنه موجود في دائرة عملي ، وإذا قال إنه غير موجود أي : أنه غير موجود في هذه الدائرة. أما الفلسفة فلكون موضوعها عاماً وهو مطلق الوجود فإذا قالت : إن الأمر فلاني غير موجود فمعنى ذلك أنه لا وجود له إطلاقاً والتقييد والعموم والخصوص. والبحث المادي يستطيع فقط إثبات ، أو نفي الوجود المادي ، ولا يستطيع إثبات ، ولا نفي مطلق الوجود، لأن نشاط كل علم لا يخرج عن حيّز موضوعه، ولما كان موضوع العلم هو المادة إذن إثباته ونفيه لا يتجاوز حدود المادة ، ولا يحقّ له أن يتناول غير المادة نفياً ، ولا إثباتاً. وهذا بخلاف الفلسفة حيث أن موضوعها مطلق ، ولا يقتصر على موجود معين. وعلى هذا ، فإنه من الممكن أن تثبت العلوم شيئاً ، ولا تقتنع الفلسفة بهذا الإثبات ، أو تنفي العلوم أمراً ، ولا تعتني الفلسفة بهذا النفي. "نحن لا نستطيع أن نردّ بما أعدّه العلم نفياً ، أو إثباتاً أية نظرية فلسفية موجبة أم سالبة ؟ . وإذا كان البحث الفلسفي يدور حول وجود الأشياء ، أو عدمها فإنه إذا لم يؤثر البحث الفلسفي في فرد ما ( أي لم يستطع أن يقطع بوجود شيء على الإطلاق) فهذا الفرد يسمى بـ "السوفسطائي" أو المثالي وهو يقابل الفيلسوف. ومن هنا فإن المذهب الذي يتعرض لوجود الأشياء وعدمها ينقسم أولاً : إلى الفلسفة والسفسطة ، أو الواقعية ؛



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)