أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: المادية والمثالية -المخستشار الأدبي : حسين علي الهنداوي

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    المشاركات : 710
    المواضيع : 706
    الردود : 710
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي المادية والمثالية -المخستشار الأدبي : حسين علي الهنداوي

    القضية السادسة :المادية والمثالية
    تستعمل كلمة "المثالية" حديثاً في مقابل "المادية" (أصالة المادة). ويفهم من هذا أن كل العلماء من غير الماديين إنما هم مثاليون، فالمثالية = ايدياليزم: وأصل كلمة -ايدة - يوناني، وذكرت لها معانٍ مختلفة من قبيل الظاهرة والشكل والنموذج وغيرهما، وهي مشتقة من "ايده ئيو" ومعناها الرؤية. واستعملها أفلاطون لأول مرة ضمن المصطلحات الفلسفية بمعنى "النموذج" أو " المثال" الذي هو أحد معانيها اللغوية، وقصد بها سلسلة من الحقائق المجردة التي كان يقول بها وتعرف بيننا اليوم باسم "المثل الأفلاطونية". ويقول أفلاطون : إن لكل نوع من أنواع موجودات هذا العالم المادية وجوداً مجرداً عقلياً، والأفراد المحسوسة لكل نوع إنما هي ظل ذلك الوجود المجرد، وهو النموذج الكامل لهذه الإفراد، ويسميه "ايده"، وترجمت هذه الكلمة في المرحلة الإسلامية إلى كلمة "مثال". ولا ينكر أفلاطون وجود الأفراد المحسوسة وإنما يعتبر وجودها وجوداً متغيراً جزئياً فانياً على عكس "المثال" الذي يعتقد بكونه متمتعاً بوجود كلي باق وغير متغير. ويعتقد الإشراقيون من بين المسلمين بالمثل الأفلاطونية. ويشير مير فندرسكي في قصيدة معروفة له إلى هذا الموضوع بقوله:
    "إن الفلك بما يحتوي من نجوم رائع وجميل
    وصورته التي في الأسفل هي نفسها التي في الأعلى
    وصورته السفلى إذا ارتقى عليها بسام المعرفة
    إلى الأعلى فسوف تكون كالأصل
    وسوف تكون الصورة العقلية اللانهائية والخالدة
    واحدة سواء وجد الأفراد جميعاً أم لم يوجدوا
    وقد أودع العارفون الماضون هذا الحديث في الرمز
    ولن يدرك هذا الرمز إلا من كان عارفاً
    ولا يدرك عمق هذا الحديث أي فهم ظاهري
    وحتى لو كان الفارابي أو ابن سينا".
    ومن المعروف أن الشيخ الرئيس ابن سينا يخالف بشدة الاعتقاد بالمثل الأفلاطونية وقد وجّه إليها انتقادات شديدة وشهّر بها كثيراً. ويعتقد أفلاطون بأن الأفراد المتغيرة المادية تدرك فقط بالحواس أما العلم فلا يتعلق بها، لأن العلم لا يتعلق إلا بشيء كلي خارج عن الزمان والمكان أي بـ"المثال". وحسب ما تذكره كتب تاريخ الفلسفة فإن "المثالية" كانت تطلق فقط على "الاعتقاد بالمثل" إلى أواخر القرن السابع عشر، ولم يكن لها أي معنى آخر . ولكن هذه الكلمة استعملت بعد ذلك في موارد عديدة حتى قيل لعلّه لم تشاهد لغات الدنيا كلمة مثلها قد استعملت بهذه الكثرة في المعاني ، أما المعنى المصطلح عليه والشائع في زماننا والذي يستعمله الماديون في مؤلفاتهم ويعرفون به " المثالية" فهو: أن كلمة " المثال" تعني مطلق التصورات الذهنية (حسية كانت أم خيالية أو عقلية)، و "المثالية" تعني مذهب الذين يعدون هذه التصورات الذهنية هي الأصيلة، أي أن هذه التصورات صنيعة الذهن، وليس هناك وجود خارجي لهذه الصور في العالم المنفصل عنا. ولما كان هذا المذهب منكر الشيء بديهي وهو العالم الخارجي وأنه ليس بشيء، فهو إذن مثل السفسطة المنكرة للبديهيات والتي لا تعتبر العالم الخارجي شيئاً، والماديون يعرفون المثالية في كتبهم بالمعنى نفسه المرادف للسفسطة ولكنهم لا يعيرون أهمية للتحولات والتغيرات التي طرأت على هذه الكلمة منذ عهد أفلاطون وإلى يومنا هذا بحيث أصبحت لها دلالات مختلفة ومعانٍ متباينة. وهم يسمون جميع العلماء من غير الماديين من قبيل أفلاطون وأرسطو بـ " المثاليين"، ويقولون عنهما إنهما يدفعان إلى الانحراف عن أصول المادية نحو المثالية أي السفسطة. والحقيقة أن "المثالية" بمعنى أصالة التصور تقابل " الواقعية" التي هي بمعنى أصالة الواقع. والمثالي هو المنكر للعالم الخارج عن الذهن من قبيل بروتا غوراس وغورغياس من اليونانيين القدماء، وبركلي وشوبنهاور من الأوربيين المتأخرين. أما كون الإنسان إلهياً أو روحياً فلا علاقة له بالمثالية، ومع أنه ندحض أصول المثالية ولا يقال بأصالة الذهن ولكننا مع ذلك نثبت بنظرة واقعية عقائدنا الإلهية والروحية بأدلة ناصعة محكمة ؛وأما الواقعية : = رياليزم .فهي مشتقة أيضاً من "ريل" بمعنى الواقع أو الحقيقة واستعملت على مـرّ التاريخ بمعانٍ مختلفة ، وتعرف فلسفة "الاسكولاستيك" بفلسفة المدرسيين. وقد جرى بين أصحاب هذه الفلسفة في القرون الوسطى جدال عظيم حول مبحث واحد جعلوه شغلهم الشاغل وهو وجود الكلي. فالكلي مثل "الإنسان" أهو موجود أم لا ؟ وعلى فرض وجوده أهو موجود في الذهن أم في الخارج؟ فالقائلون بأن للكلي واقعاً مستقلاً عن الأفراد أطلق عليهم اسم "الواقعيين"، أما الذين أنكروا وجود الكلي في الخارج والذهن واعتبروا الكلي لفظاً فارغاً فقد أطلق عليهم لفظ "الاسميين"، وأما القائلون بأن للكلي وجوداً ذهنياً ووجوداً خارجياً ضمن الأفراد فقد أطلق عليهم اسم "التصوريين" أو " المثاليين". وفلسفة المدرسيين لم تفكك ( وجود الكلي، ووجودالمثل الأفلاطونية) . فهذان الموضوعان قد اختلطا فيما بينهما. والقارئ المطّلع على الفلسفة الإسلامية يعلم بأن هذه الفلسفة قد فصلت هاتين المسألتين. فالمسألة الأولى تذكر في المنطق وأحياناً تذكر في الفلسفة، ولم يكن بين الفلاسفة اختلاف بشأنها بل كانوا جميعاً يتناولونها بأسلوب واحد. أما المسألة الثانية فكانت تطرح في الفلسفة في فصل خاص ولم يكن للفلاسفة بإزائها موقف واحد، فبعضهم نفى وبعض أثبت. وقد شاع أخيراً في المصطلحات الفلسفية معنى جديد للواقعية يعني أصالة الواقع الخارجي، وبهذا المعنى تكون "الواقعية" في مقابل "المثالية" التي تعني أصالة الذهن أو التصو . والواقعية في الآداب تقابل المثالية أيضاً، فالأسلوب الواقعي هو الذي يعتمد في الحديث أو الكتابة على العيّنات الواقعية والاجتماعية، أما الأسلوب المثالي فهو الذي يعتمد على الخيالات الشاعرية للمتحدث أو الكاتب). أو الواقعية والمثالية كل واحد منا إذا نظر منا إذا نظر إلى نفسه واستعرض حياته ثم عاد القهقري إلى أيامه السوالف وأوغل في ماضيه إلى الحد الذي تعلقت به ذاكرته فسوف يجد أنه منذ تفتحت عيناه وبدأ... يراقب جمال هذا الكون وقبحه- منذ هذا الوقت شاهد أشياء " هذا الكون" خارجة عنه، وقام بأعمال حسب ما يحلو له (ولا ننسى أن نذكر هنا أنه خلال هذا الاستعراض سوف نصادف أيضاً بعض الأخطاء التي أدركناها تدريجياً عن طريق العلم والعمل). وإذا كررنا هذا الشيء مرات عديدة ودققنا في كل مرحلة من مراحل حياتنا فسوف تتضح جيداً تلك الحقيقة القائلة: (يوجد في الواقع كون وهو خارج عني وأنا أستطيع أن أؤدي فيه أعمالاً حسب ما أحب). فإذا أخذنا هذا المعلوم الفطري (لكي لا يختلط علينا الأمر لا بد من الإشارة إلى أن المعلومات الفطرية أو الفطريات قد استعملت في المصطلحات بمعنيين:
    الأول: تلك المعلومات الناشئة مباشرة من العقل، وتدركها القوة العقلية دون أن تعتمد على الحواس الخمس أو على أشياء أخرى، وإنما هي موجودة في العقل بحسب الطبع. ويوجد اختلاف بين العلماء في أن معلومات كهذه أهي موجود فعلاً أم لا وجود لها؟ فجميع المعلومات عند أفلاطون فطرية وليس العلم إلا تذكراً. أما ديكارت وأتباعه فيقولون : إن بعض المعلومات فطرية وناشئة من العقل.
    الثاني: تلك الحقائق المسلمة التي تتّفق عليها كل العقول ولا يمكن إنكارها ولا التشكيك فيها لأي أحد. وإذا أنكرها شخص أو تردد فيها فإنما يفعل ذلك لساناً، أما عملاً فهو يقبلها ويعمل بها. ثم إننا سمعنا أن في هذا العالم أشخاصاً لا يصدقون بأن للكون والوجود واقعاً خارجاً عن ذواتنا أو هم منكرون للواقع أساساً، فستنتابنا لأول وهلة الحيرة ويتملكنا العجب، خاصة إذا علمنا أن هذه الفئة كانت من العلماء والباحثين الذين قضوا شطراً كبيراً من أعمارهم في سبيل إكتناه أسرار الوجود من قبيل (جورج بركلي )القائل بكون التجربة والحس منشأ لكل العلوم، ولا يعترف بالمعلومات العقلية والفطرية التي كان يعترف بها بعض فلاسفة أوربا. وهو يتبع في هذه النظرية العالم الإنجليزي المعاصر له جون لوك ، ولكنه في الوقت نفسه لا يعترف بوجود خارجي للمحسوسات ولا يعترف بأن منشأ الإحساس هو التأثيرات الخارجية، ويذكر الأخطاء التي تقع فيها الحواس دليلاً على أن الإحساس لا يكون دليلاً على الوجود الخارجي للمحسوسات. ويقول بركلي : إن للتصورات الذهنية وجوداً خارجياً وبهذا يثبت وجود النفس، ويقول : إن الإدراك يحتاج إلى مدرك وهو النفس. ويظهر بركلي أنه لا ينكر وجود الأشياء، ولكنه يتساءل : ما معنى قولنا: "إن الشيء الفلاني موجود ؟" ولو تعمقنا في هذه الجملة لوجدنا معناها: "أنني أدرك وجوده". فمثلاً إذا قلنا: الأرض موجودة، السماء موجودة، الجبال موجودة ، السماء موجودة، الجبال موجودة، البحار موجودة، أو قلنا: الشمس تشع النور أو هي جسم ذو بعد أو أن الأرض تدور، فإن كل هذه الجمل صحيحة ولكن معناها هو: أننا علمنا بهذا الشكل". فالوجود إذن هو الوجود في إدراك الشخص المدرك. وينكر بركلي أن يكون من السوفسطائيين ويعلّل ذلك بأنه لا ينكر وجود الموجودات، ولكنه يقول : إن معنى الوجود عندي غير ما يتخيله الآخرون فهو عندي الوجود في إدراك الشخص المدرك. فهو يعدّ الحس- إذن- منشأ للعلم ولكنه ينكر أن يكون منشأ الحس هو الوجود الخارجي للشيء المحسوس. وهو يعترف بوجود النفس فهي القوة المدركة عنده، ويعترف أيضاً بوجود الله، ويستدل على ذات الله بهذه الطريقة نحن نرى صور المحسوسات تظهر في أذهاننا بترتيب خاص ونظام معيّن ثم تذهب منه، وهذا الظهور والاختفاء خارج عن اختيار أنفسنا، فمثلاً أحياناً نحس أنه نهار وفي تلك الحال لا نستطيع الإحساس بأنه ليل، وبعده عدة ساعات نحسّ أنه ليل وفي تلك اللحظة لا نستطيع أن نحس بأنه نهار، وهكذا في سائر المدركات البصرية والسمعية وغيرهما فإن لها نظاماً خاصاً وترتيباً معيناً. ومن هذا نعرف أن ذاتاً أخرى قد أوجدت هذه التصورات بذلك النظام والحساب في أذهاننا، وتلك الذات هي ذات الباري تعالى) وشهوبنهاورزعيم المتشائمين في العالم، ولا يعتقد شوبنهاور- على العكس من ديكارت وأتباعه - بالمعلومات والتصورات الناشئة من العقل، وهو يعدّ الحس منشأ لكل التصورات ومبدأ لكل العلوم، أما عمل العقل فهو التصرف فيما تظفر به الحواس فقط. ومن هنا فإن شوبنهاور يعّد من المثاليين لأنه يعتبر كل المعلومات لا حقيقية لها، ويقول : إن العالم الذي ندركه بالحس والشعور والعقل وهو عالم المادة إنما هو ذهني واستعراضي محض، وعلى العكس من بركلي الذي كان يظن إن وجود الإدراك وقوة المدرك حقيقية فإن شوبنهاور كان ينكر هذين الأمرين، ويعترف فقط بشيء واحد على أنه حقيقة وذلك هو "الإرادة" ويقول : إن حقيقة الكون هي الإرادة، ويستطيع الإنسان أن يدرك حقيقته التي هي الإرادة دون وساطة الحس والعقل. ويقول إن الإرادة في ذاتها حقيقة مطلقة ومستقلة بالذات وخارجة عن حدود الزمان والمكان، وجميع حقائق العالم إنما هي درجات ومراتب من الإرادة. وعلى هذا فمهما أنكر شوبنهاور حقيقة المعلومات وعدّ مثالياً ولكنه معترف بعالم حقيقي واحد وراء المعلومات وهو لا يدرك بالحس والشعور والعقل، وذلك العالم هو عالم الإرادة، ولهذا فنحن نستطيع أن نعدّه من "الواقعيين". ويقول إن الإرادة التي هي أصل العالم وحقيقته هي أساس الشر والفساد لأنها في الأصل واحدة ولكنها لما جاءت إلى عالم الكثرة وهي تريد استمرار الوجود تحولت في الأفراد إلى حب الذات وعبادتها، وأدى حب الذات في الأفراد إلى النزاع والصراع والشر والفساد. واللذة عند شوبنهاور أمر عدمي، أما الألم فهو شيء وجودي . والحب بين الرجل والمرأة سبب للتعاسة، وحقيقة هذا الحب أن الحياة تريد استمرار النسل، ولكي يتحمل الأفراد المصائب والمشاكل الناشئة من ذلك فإن الطبيعة تخدع الأفراد بهذه اللذات. وكان شوبنهاور معتقداً اعتقاداً راسخاً بفلسفة بوذا وهو يحصر السعادة الحقيقة في الرياضة النفسية وفي خنق إرادة الحياة ولا سيما اللقاء الجنسي مع النساء لكي ينقطع النسل ويرتاح النوع ، ولكننا إذا أخذنا أنفسنا بالصبر ودققنا في حياتهم واستعرضنا أوضاعهم فسنلاحظ أن كل واحد منهم لم تلده أمه سوفسطائياً ولم ينطلق لسانه أول ما انطلق بحديث السفسطة، ولم تفلت من يده فطرته الإنسانية "الإدراك والإرادة"، فهو مثلاً لم يبك مرة واحدة في المناسبة التي عليه فيها أن يضحك في المجال الذي عليه أن يبكي فيه، ولم يستعمل مرة واحدة حس البصر لكي يدرك المسموعات أو بالعكس، ولم يستعض بالنوم عن الأكل ولم يفعل العكس، ولم يغلق فمه لكي يتكلم، بل لم يتحدث حديثاً مبعثراً مشتتاً، وإنما هم يعيشون تماماً كما نعيش نحن (نحن الواقعيين) وبنفس ذلك النظام الخاص الموجود في الحياة الإنسانية، ويشاركوننا في الحياة النوعية والأفعال الإرادية . ومن هنا نفهم: إن هؤلاء هم شركاؤنا في الحقيقة المذكورة في بداية هذا الحديث وفي كل المعلومات التي تشكل الأسس الأزلي لهذه الحقيقة إذا حللنا هذه الحقيقة (يوجد خارج ذهني عالم أستطيع حسب رغبتي أن أؤدي فيه أعمالي) التي ركّبها الذهن من مجموع المعلومات والإدراكات التي تعدّ أجزاءها أو عناصرها الأصلية فسوف نلاحظ عدداً من المعلومات الأولية التي ساهمت في إيجاد هذه الحقيقة. وتذكر هذه المعلومات الأولية في المنطق وتسمى تارة بالمبادئ التصورية والتصديقية (في مقالة التحليل والتركيب)، وتارة أخرى بالضروريات والبديهيات (في باب البرهان) ويتمتعون بالإدراكات ويقومون بالأفعال البسيطة الأولية كما هو موجود عندنا. ثم بعدما نزلوا إلى ساحة الفكر والبحث ووصلوا إلى مستوى النضج اعتنقوا السفسطة والمثالية وأعلنوا بملء أفواههم أنه "لا يوجد إي واقع" ولكن بعضهم التفت إلى أن هذه الجملة تحتوي على تصديق كثير من الواقعيات فبادر إلى تغيير شكلها وقال: "نحن لا نعلم بالواقع"، ولاحظ بعضهم- بدقة أعظم- أن في هذه الجملة تصديقاً بحديث أنفسهم وبعلمهم (تفكيرهم)، لذلك لجأ إلى هذه العبارة: "نحن لا نملك أي واقع خارج أنفسنا (ذواتنا وأفكارنا) " أي لا علم لنا بأي واقع خارج ذواتنا وأفكارنا. وخطا بعضهم خطوات أوسع فأنكر كل شيء ما عدا ذاته وفكره فقال: "أنا لا أعلم بشيء إطلاقاً ما عدا نفسي وفكري". والأدهى من هؤلاء جميعاً أولئك الذين أنكروا الواقع مطلقاً وحتى واقعية أنفسهم ولم يظهروا إلا التردد والشك. ويتضح لنا من هذا الحديث أن حقيقة السفسطة هي إنكار العلم (الإدراك المطابق للواقع)، وكل الأدلة المنقولة عن هذه الفئة تدور حول هذا المحور وتؤكد هذا الأمر. ومن هنا فإن الفلسفة تؤكد كون السفسطة مبنية على أساس "عدم التناقص" لأن كل المعلومات تعتمد على هذه القضية بالتحليل الدقيق، فإذا سلمنا بها فأننا لا يمكننا إنكار أية حقيقة، وإذا أنكرناها لم نستطع أن نثبت أية حقيقة ، فالملاحظة التي ينبغي الالتفات إليها هنا هي أن العالم الفرنسي المعروف ديكارت حاول أن يعيد النظر في كل معلوماته وأن يضع أساساً جديداً فشك في أفكاره من المحسوسات والمنقولات والمعقولات، وقال لنفسه لعلّ الحقيقة ليست هي كما أحس أو أفكر أو كما قيل لي، ولعلّ هذه جميعاً خيال محض تتراءى لي كما يظهر للنائم الحلم أثناء نومه. وما هو الدليل على أنه ليس الأمر كذلك؟ إذن كل أفكاري (وحتى أصل عدم التناقض) باطلة، ولم يبق لي حتى أصل واحد يمكنني أن أعتمد عليه. وفي هذه اللحظة انتبه إلى أنه مهما شك وتردد في كل شيء ولكنه لا يمكن أن يشك في وجود الفكر، إذن أنا لا أتردد في وجود الفكر، وهذا يدل على وجود المفكر، فاطمأن بوجوده وقال" أنا أفكر إذن أنا موجود" ، وجعل هذا أساساً لسائر الأصول وتقدم نحو الأمام. ولهذا قال الفلاسفة منذ أقدم الأزمنة إن إنكار هذا الأصل لا يمكن معه إثبات أية حقيقة). ونحن مهما بسطنا أيدينا نحو الواقع فلن نظفر بشيء سوى الإدراك (الفكر)، إذن ليس لدينا شيء سوى أنفسنا وإدراكنا. وبعبارة أخرى نقول: كل واقع نظن أننا قد أثبتناه ليس هو في الحقيقة إلا فكرة جديدة قد نشأت فينا، إذن كيف يمكننا أن نقول : (إن لدينا واقعاً خارجاً عنا وعن أفكارنا) بينما هذه الجملة بنفسها ليست شيئاً أكثر من فكرة وظن ( وبعبارة أخرى فإن الطرق التي تخيلها الإنسان للوصول إلى الواقع لن توصله إلى الواقع وإنما توصله إلى مجموعة من الأفكار فقط . إن الفلسفة المادية الديالكتيكية قد اتخذت لنفسها في بيان حقيقة العلم نظرية مثالية مائة بالمائة مع أن المادية الديالكتيكية تعتبر نفسها النقطة المقابلة للمثالية . إن حواسنا التي هي أقوى الوسائل للعلم بالواقع الخارجي تخطئ كثيراً (فمثلاُ ترى العين الجسم البعيد أصغر والقريب جداً أكبر مما عليه في الخارج. وكذلك عندما ندير بأيدينا خيطاً في نهايته نار فإن العين ترى النار بشكل دائرة حينما ندير هذا الخيط. ونحن ندرك الحرارة والبرودة بحس اللمس فلو فرضنا أن إحدى يدينا كانت حارة والأخرى باردة ثم غمسناهما معاً في ماء دافئ فسوف نشعر بإحدى يدينا أن الماء بارد وبالأخرى نحس به أنه حار. وتوجد أخطاء كثيرة للحواس وهي مذكورة في الكتب العلمية والفلسفية. ويعتقد بعض العلماء أن أنواع أخطاء الحواس تصل إلى( ثمانمائة) وكذلك الوسائل والطرق الأخرى غير الحواس فهي مبتلاة بالأخطاء الكثيرة أيضاً، ويمكن إثبات الواقع عن طريق الفطرة، لأننا لو لم نثبته لم نرتب أثراً منظماً على الموضوعات فلم نفكر في الأكل بعد الجوع مباشرة، ولم نهرب بعد الإحساس بالخطر مباشرة، ولم نرغب بعد الإحساس بالنفع... وهكذا ... (مع أن الفكر الفارغ تحت تصرفنا ومن آثارنا، ونحن نستطيع في كل وقت أن نصوغ أفكاراً كما يحلو لنا ،وقد اعتمد العلماء المحدثون في أسلوبهم العلمي على أصول ثلاثة:
    1-لا يوجد في الكون شيء غير المادة (المادة تساوي الوجود).
    2-إن المادة في تحول وتكامل ذاتي.
    3-كل أجزاء المادة يؤثر بعضها في بعض.
    وبناء على هذه الأصول اضطروا لأن يعتبروا الفكر وليد المادة وأن يضفوا على كل خواص الفكر وإثارة صفة المادية، وأن ينتزعوا من المفاهيم الذهنية كل هذه الصفات:
    1-الكلية.
    2-الدوام
    3-الإطلاق


    المستشار الأدبي
    حسين علي الهنداوي
    شاعر وناقد
    مدرس في جامعة دمشق
    دراسات جامعية-في الأدب العربي
    صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
    حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
    سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
    السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
    أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
    ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
    ج-نشر في العديد من الصحف العربية
    د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
    ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
    و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
    ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
    ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
    ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
    ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
    ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
    1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
    2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
    3- عضو تجمع القصة السورية
    4- عضو النادي الأدبي بتبوك
    مؤلفاته :
    أ*- الشعر :
    1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
    2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
    3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
    4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
    5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
    6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
    ب*- القصة القصيرة :
    شجرة التوت /1995
    ج – المسرح :
    1- محاكمة طيار /1996
    2- درس في اللغة العربية /1997
    3- عودة المتنبي / مخطوط
    4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
    د – النقد الأدبي :
    1- محاور الدراسة الأدبية 1993
    2- النقد و الأدب /1994
    3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
    4- أسلمة النقد الأدب
    هـ - الدراسات الدينية :
    1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
    2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
    3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
    4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
    5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
    و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
    1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
    2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
    3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
    4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
    5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
    6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
    7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
    8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
    9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
    10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
    11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)


    التعديل الأخير تم بواسطة حسين علي الهنداوي ; 21-05-2016 الساعة 06:09 PM سبب آخر: العنوان المستشار الأد=بي

المواضيع المتشابهه

  1. قضايا فلسفسة-الواقعية والمثالية-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداو
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-05-2016, 05:45 PM
  2. وظائف النقد الأدبي وأهدافه -المستشار الأدبي : حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-05-2016, 11:16 AM
  3. ماهية النقد الأدبي-الجزء الثاني المستشار الأدبي حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-05-2016, 06:25 PM
  4. حسين علي الهنداوي ///حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-11-2006, 12:43 AM