العاطفة وأهميتها في العمل الأدبي

إذا كان الأدب مزيجاً من الحقائق والعواطف والخيال يخاطب العقل والوجدان ، فإن العاطفة تلعب دوراً هاماً في إظهار كينونته لأنها أبرز عناصر العمل الأدبي تدفع الأديب للعمل وتوجه إرادته؛ ولا يعد من الأدب ما لا يثير فينا العاطفة وهي العامل الوحيد المفرق بين الأدب والموسيقى صحيح أن الأدب والموسيقى يخاطبان العاطفة إلا أنّ الأدب يخاطبها معتمداً على حقائق علمية ومواد عقلية بينما الموسيقى لا تعتمد في خطابها للعاطفة على الحقائق العلمية فالفكرة لا تنفصل عن العاطفة في الشعر ومعظم شعرنا العربي غنائي وجداني عاطفي مع أنه ليس من الدقة أن نسمي الشعر عاطفة لأنها جزء منه تحرك ينابيع الإلهام فيه وهي الصورة الإيمائية غير البارزة التي ينمُّ اللفظ والنغم عنها وتشفُّ الصورة من خلالها ولا يصدر العمل الفني عن حالة هياج كما قيل بل تتبلور العاطفة بعد سكونها وتستحيل شعراً ، وقد يخلو الشعر من العاطفة ويبقى رفيعاً كشعر التصوير ووصف الطبيعة ولا يعدو الشعر أن يكون عاطفة وفناً في رأي مارون عبود . يقول دعبل الخزاعي: ( من أراد المديح فبالرغبة ومن أراد الهجاء فالبغضاء ومن أراد التشبيب فبالشوق والعشق ومن أراد المعاتبة فبالاستبطاء ) ويروى عن بعض نقاد العرب أنه قال : ( أشعر الناس امرؤ القيس إذا غضب والنابغة إذا رهب وزهير إذا رغب والأعشى إذا طرب ) وأكثر ما يثير العاطفة شدة الشوق والعشق والفاجعة والغربة التي تثير الانفعالات في النفس وفقدان الشعر للعاطفة يجعله جافاً قليل الماء والرونق لا يبعث في النفس النشاط والحيوية والبهجة فقول لبيد بن ربيعة
ما عاتب الحَّر الكريمَ كنفسه والمرءُ يصلحُه الجليسُ الصّالحُ
يبين جودة المعنى والسبك ولكنه قليل الماء والرونق ، ويرى أحمد أمين أنه ( من المستحيل وجود قياس مضبوط للعواطف ) يحدد درجة حرارتها أو برودتها إذا جاز لنا التعبير ولا تقدر العواطف إلا بقوتها وحيويتها وبما تحركه في نفوسنا وقلوبنا من مشاعر لأن التجربة الشعرية تسهم في قوة العاطفة التي هي مفتاح النغم ، ويمكن لنا أن ندّعي أن قوة العاطفة تعتمد على قوة الأسلوب لأنه المحرض للأحاسيس والعنصر الفعال في وضوح المعاني ، ومتى استطاعت العاطفة البقاء في نفوسنا مدة أطول كانت مؤثرة التأثير الحقيقي . إن العاطفة تقاس بخصبها وتنوعها وغناها وبدرجة رفعتها وضعتها وبمدى استمرارها في النفوس ؛ ويعزو مارون عبود توفيق عمر أبي ريشة فيما يخرجه من شعر إلى أنه يتحدث عما يحسه في صميم قلبه وإلى أنه يؤمن بما يكتبه :
أمَّتي هل لك بـين الأمـمِ منـبــــرٌ للسّيـفِ أو للقلــمِ
أتلقاك وطـرفي مطـرِقٌ خجلاً من أَمْسِكِ المُنْصرمِ
ومع أنه لا يمكن لنا أن نحدد للعاطفة لا حجماً ولا ثقلاً ولا مكاناً في النفس إلا أننا نحسّ ونشعر بآثارها ، فالمرء إذا أحبَّ أحبَّ بكل كيانه لا بحاسة واحدة وإِذا كره كره بكل كيانه لا بحاسة واحدة وإِن العاطفة تقدّر بما تخلفه في نفس المتلقي من حرارة أو فتور أو ثورة أو هدوء ، فقد تبلغ العاطفة ذِرْوتَها في بعض الأبيات وقد تنحطُّ إلى الحضيض بحسب عمق انفعال الشاعر أو سطحيته ولا يمكن الجزم بصدق العاطفة أو كذبها بشكل مطلق لأنه ربما كان الشاعر متكسِّباً في مدحه و عاطفته قوية كشعر النابغة الذبياني في ملوك الغساسنة وكغزل جريرالذي أفرزه دون تجربة عشق حقيقي مثل قوله :
بانَ الخليطُ ولو طُوِّعْتُ ما بانا وقطَّعوا من حِبالِ الحُبِّ أقرانا
وربما كان مبعث العاطفة الإعجاب الحقيقي كمدح زهير للحارث بن عوف وهرم بن سنان , ويبدو كذب العاطفة أحياناً من خلال معرفتنا حياة الشاعر وتجاربه و مذهبه في الحياة كغزل كثير عزة و مدائح المتنبي لكافور الإخشيدي :
أبا المسك ذا الوجه الذي كنت تائقاً إِليه وذا الوقت الذي كنت راجيا
إِذا كسب الناس المعـالي بالندى فإنك تعطي من نـداك المعا ليـا
بينما تصدق عاطفة الشاعر نفسه في هجائه لكافور لكرهه إياه مع العلم أن معاني الشاعر هنا ليست صحيحة ، ولا مقبولة لأنها تخالف حقائق الأديان كلها والناس سواسية كأسنان المشط كما علَّمَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
والعبد ليس لحـرٍّ صالحٍ بأخٍ لو أنَّهُ في ثيـابِ الحـرِّ مولودُ
ما كنْتُ أحسبُني أبقى إلى زمنٍ يُسيء بي فيه كَلْبٌ وهو محمــود
ويحتاج الحكم على صدق العمل الأدبي إلى ملكة نقدية متمرسة مطلّعة على كثير من النصوص مميزة بدقة وحساسية تبرز مكنونات الأديب وعلاقاته الاجتماعية والشخصية والسياسية ، فالحكم على صدق العاطفة عند قيس بن ذريح سهل لأن الشاعر كان عذرياً لم يعرف في حبه غير ليلى بينما الحكم على كذب العاطفة سهل عند عمر بن أبي ربيعة لأنه تنقل في علاقاته بين كثير من النساء ولم يبد همه إلا في اللهو واللعب والتسلية. ويشير الدكتور محمد النويهي إلى أن صدق العاطفة يتمثل في الشروط التالية :
1 - أن تكون قد ألمت بالشاعر نفسه
2- أن تكون حدة التصوير فيها ناشئة عن حدة الشعور وقوة الحساسية لا عن رغبة في المبالغة في التصوير
3- ألا يخالف التصوير نواميس الكون والحقائق والسلوك الإنساني
4- أن يكون من شأن صنعة الأديب أن تزيد العاطفة في النص جلاء وقرباً لا أن تقف أمام حقائق الكون حجاباً وليس الشاعر المحدث أصدق عاطفة من الشاعر القديم كما يزعم بعضهم ، إن المشاعر العاطفية تتعدد في قصائد الشعراء وتنطلق من أحاسيس الشاعر وانفعالاته ومواقفه تجاه الحياة والكون والطبيعة والجمال والوطن والذات والغير؛ ومع أننا نرى الشاعر مشرق العاطفة في بعض المواقف إلا أننا في الوقت نفسه نجده يصدر عن عاطفة باهتة بسبب قربه أو بعده من الموضوع الذي يتحدث عنه وبسبب حساسيته الزائدة تجاه موقف من المواقف ، إن اعتبار العواطف معادلات كيميائية تسير وفق قوانين دقيقة أمر فيه كثير من التعسف والبعد عن إصابة الحقيقة لأن العاطفة شعور نلمح أثره ولا نجد له مكاناً في داخل الإنسان ويؤثر فينا ولا نلمسه ويحرك خطانا بالاتجاه الذي يريد دون أن نشعر. ويقدر عنصر العاطفة بصحتها واعتدالها , ونعني بصحتها واعتدالها أن تكون الأسباب التي أثارتها واقعية وإن الإعجاب قد يثار من انعقاد الزهرة ثم تفتحها وهذا يعد عاطفة شعرية ،فإذا أردنا أن نقيّم عاطفة ما في قطعة أدبية تساءلنا : هل العاطفة التي تثيرها هذه القطعة قوية و صحيحة ؟ وهل هي قد بنيت عن أسباب صحيحة ؟ فإذا نحن استعرضنا مثلا عاطفة الحب عند مجنون ليلى ، وجدناها عاطفة مائعة نشأت من عاطفة مريضة , وهذا ما نلمحه في الكثير من شعر لزوميات أبي العلاء , فهو شعر متشائم حزين نشأ من عاطفة مريضة , فقد يصبُّ الشاعر غضبه على الدنيا وما فيها لأن إنسانا جنى على الأخلاق ، وهكذا كل شعر الغزل الممعن في وصف ما يلاقي المحب من الضنى , والذي يذوب رقة وحنانا , ليس ناشئا عن عاطفة صحيحة قوية ، والشاعر الجيد هو الذي يثير العواطف الصادقة والموضوعية .وتقدر العاطفة بقوتها وحيويتها , فإذا عرض علينا قطعة أدبية تساءلنا : هل حركت هذه القطعة عواطفنا وأهاجت شعورنا ؟ هل وسَّعت نظرنا وأحيت قلبنا ؟ إن كانت كذلك كانت أدباً رفيعاً ومن المستحيل أن نجد قياسا عاما للعواطف المختلفة . فهناك عواطف حنان وعواطف جلال , وعواطف إعجاب , وعواطف كره واشمئزاز . ومن الصعب أن تقول : إن هذه العاطفة أقوى من تلك . وكذلك يختلف الناس باختلاف طبائعهم و أمزجتهم في العاطفة التي تهيجهم ، فإنسان تثيره عاطفة الحزن , وآخر عاطفة السرور , وثالث عاطفة الإعجاب ........ ولهذا من المستحيل وجود مقياس واحد مضبوط لنعرف أي العواطف هي الأقوى . وكثيرا ما يكون الكاتب أو الأديب مزودا بأسباب كثيرة من القوة كحسن التعبير وقوة الخيال , ثم يخفق لأنه يفتقر إلى قوة العاطفة . وكذلك قد يكون له عين تدرك الجمال وشعور رقيق وفكاهة حلوة , ولكن ليست له العاطفة القوية , فيخفق , بل كثيرا ما نجد له من قوة العاطفة ما يعوض نقصه في النواحي الأخرى . ولسنا نعني بالعاطفة القوية العاطفة الهدامة المعربدة الهائجة المضطربة , فقد تكون هذه مظاهر ضعف فيها ، وتعتمد قوة العاطفة على قوة الأسلوب , وسنجد أن لقوة الأسلوب مدخلا كبيرا في إثارة العواطف ووضوح المعاني . فالأديب قد يستطيع أن ينقل إلى سامعيه معانيه ولكن لا يستطيع أن ينقل عواطفه ومشاعره إلا بقوة الأسلوب . ويظهر أن هناك شعراء و أدباء قد مُلئوا شعوراً ومُنحوا عواطف قوية , ولكنهم لم يُمْنحوا أسلوباً ينقلون به عواطفهم إلى سامعيهم وقارئيهم وسبب ذلك ضعف أسلوبهم . وتقاس العاطفة أيضا باستمرارها وثباتها , ولذلك معنيان الأول : بقاء أثرها في نفوس السامعين زمناً طويلاً , والثاني: أن تكون القطعة الأدبية شعورا متجانسا متسلسلا , وتقاس العواطف أيضا بخصبها وغناها وتنوعها , وقلما يوهب الأديب هذه الموهبة . فقد يشتهر الأديب ويعظم أمره وهو مع ذلك مفتقر إلى هذه الصفة . ونعني بها كثرة التجارب التي تجعل بمقدوره إذا تعرض لنوع من العاطفة أن يستوفي التعبير عنها , كما يستطيع أن ينوع في كتابته أو شعره فيمس مشاعر مختلفة وهو في كل منها غزير . وتقاس القطعة الأدبية أيضا بنوع العاطفة ودرجة رفعتها أو ضعتها , وهنا يعرض أمر كثر حوله الجدل , لأن القول بأن للعواطف درجات يستلزم أن هناك عواطف سامية وأخرى وضيعة . و إذا قيل هذا القول فما المقياس ؟ أعني ما نوع العواطف التي نسميها سامية والتي نسميها وضيعة ؟ لم يتفق النقاد على الإجابة عن هذا السؤال , فهناك عواطف جليلة وأخرى هزأة . هناك أدب يثير شعورا أخلاقيا كالإعجاب بالبطولة واحتمال الآلام في سبيل أعمال جليلة , وهناك أدب يثير لذه حسية , كالميل إلى طعام والشراب , فالعاطفة التي تتصل بحياة الناس وسلوكهم أرقى من عواطف تثيرها لذة الحواس وحينئذ إذا أردنا نحن أن نقيّم قطعة أدبية تساءلنا : هل يثير فينا انفعالا وميلا إلى الحياة السامية , أولا ؟ فإذا لم يكن كذلك لم يكن أدبا راقيا
والأحرف مرآة العاطفة فقد دلت الدراسات النفسية المعاصرة على الرابط والصلة الوثيقة بين الأحرف الفاعلة ودلا لاتها وبين عاطفة الشاعر فقد يكثر الشاعر من استخدام أحرف معينة بدافع لا شعوري فيدلنا دلالة غير مباشرة على نفسيته ومشاعره وأحاسيسه ، فحرف النون يدل على الطرب حزنا أو فرحا لقد رحل أحبة الشاعر وبات بعيدا عن منازلهم فبدت عاطفته تمتزج بالحزن :
بان الخليط ولو طوعت ما بانا وقطعوا من حبال الوصل أقرانا
حيِّ المنازل إذ لا نبتغي بدلا بالدار دارا ولا الجيران جيرانا
ما كنت أول مشتاق أخا طرب هاجت له غدوات البين أحزانا
لقد استخدم حرف النون في البيت الأول أربع مرات و في البيت الثاني ست مرات و في البيت الثالث خمس مرات ، وتدل أحرف السين و الزاي و الصاد على الأسى و الحزن و الكآبة و خير ما يمثل لنا ذلك الشاعر البحتري حين وقف في إيوان كسرى أنوشروان في طريق عودته إلى الشام في أعقاب مقتل الخليفة العباسي المتوكل الذي كان يخلص له المدح فصور لنا في قصيدته الرائعة الهاجس النفسي الذي كان يعتريه والحزن والغم الذي تظطرم به نفسه
صنت نفسي عما يدنّس نفسي و ترفعت عن جدا كل جبس
وتماسكت حين زعزعني الدهر التماسا منه لتعسي و نكسي
حضرت رحلي الهموم فوجهـ ت إلى أبـيض المدائن عنسي
أتسلى عن الحظوظ وآســى لمحلٍّ من آل ساسانَ دَرْسِ
فنحن نشعر بصدق عاطفة البحتري لأن مبعثها التجربة النفسية التي مر بها
واستطاع أن ينقلها لنا بأمانة من خلال التعبير بالحرف الموحي ذي الدلالة
على شجون نفسه وهمومها ، وأما القاف والكاف فهما حرفان يدلان على
القسوة والقوة كما في قول عنترة العبسي :
ومدجج كرهَ الكُماةُ نزاله لا مُمْعنٍ هرباً ولا مستسلمِ
جادت له كفي بعاجل طعنة بمثقف صدق الكعوب مقوم
فشككت بالرمح الأصمِّ ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم
وهكذا يمكن أن نستشف نفسية الشاعر و عاطفته من خلال ما يكثره الشاعر من استخدام لحرف معين ؛ وللعاطفة منزلة كبيرة في الأدب: فالعاطفة القوية الصادقة هي التي تجعل الأدب قويا والشعر نابضًا بالحياة، فهي من النص الأدبي بمنزلة الروح من الجسد، فيها يسمو الأدب ويخلد الشعر، ولذلك تنبه لها النقاد القدامى، وأشادوا بمنزلتها من الأدب، وتحدثوا عن مصادرها القوية، ومنابعها المندفقة، وأوارها المتأجج، فاختاروا لها أنسب الأوقات وأصفاها، وأجمل الأماكن وأهدأها، ووضح أبو سهل بشر بن المعتمر في صحيفته وقت احتدام العاطفة، ومنطلق صدقها، وحرارتها، ومنزلتها من الأدب، حين تبعث فيه القوة والحياة قال بشر: "خذ من نفسك ساعة نشاطك، وفراغ بالك، وإجابتها إياك، فإن قليل تلك الساعة أكرم جوهرًا، وأشرف نسبًا، وأحسن في الأسماع، وأحلى في الصدور، وأسلم من فاحش القول، وأجلب لكل عين وغرة ، من لفظ شريف، ومعنى بديع، واعلم أن ذلك أجدى عليك مما يعطيك يومك الأطول بالكد والمطاولة والمجاهدة، وبالتكلف والمعاودة" ( البيان والتبيين: الجاحظ 1/ 134) ، وينبغي على الأديب أن ينتقي أنسب الأوقات لكتابة الأدب أو إنشاد الشعر أو إلقاء الخطب، ويمتنع عن الكتابة في وقت فتور العقل، وخمود البدن، وتبلد الإحساس وامتلاء المعدة، فكما قالوا: إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة. وإنما يكتب الأديب أثناء النشاط في البدن، واليقظة في العقل، والحركة في الذهن، وانفعال المشاعر، ورقة الأحاسيس، لتكون العاطفة صادقة، والخيال خصباً فتتمكن منه الألفاظ الكريمة، والكلمات الفصيحة، والنظم البليغ، والتراكيب القوية، والمعاني البديعة، والأفكار المبتكرة، فإن مثل هذه الفترة، مهما كانت وجيزة فهي أفضل من أيام خفتت فيها العاطفة الصادقة، حين يعاني منها الأديب أثناء الصياغة من آلام الكد والمطاولة ومتاعب الجهد والمحاولة ، فالعاطفة الصادقة هي التي تؤجج في الأدب شعورا متدفقًا، وإحساسًا عميقًا، ونشاطًا فكريًّا وذهنيًّا، فينبض الأدب بالحياة، والحياة فيه هي الصدق العاطفي والفني، فيرتفع إلى سمو الغرض، وشرف الهدف، ووضوح المعنى، وينقاد اللفظ خفيفًا سهلًا على اللسان، ويجري رقيقًا عذبًا، كالماء العذب الرقيق، والينبوع الثر الصافي ، وحرارة العاطفة لا تزج بالأديب في دروب الخطأ، ومنحنيات التيه، لأن العقل يوجهها ويسدّد خطاها، وينظم شراراتها، فلا تهبط في الشعاب المتوعرة، أو تنزل في مخالق التعقيد، الذي يلف المعنى في ضباب كثيف، أو يدرج الغرض في أثواب قائمة، فيكون الأديب في أسلوبه الذي اختفى فيه المعنى، أسوأ حالًا قبل أن يكشف عنه. وأبو تمام الذي عاصر بشرًا تحدَّث عن وقت نشاط العاطفة، وعن مصدر القوة والصدق في الأدب بما وصَّى به تلميذه البحتري: يا أبا عبادة تخيَّر الأوقات وأنت قليل الهموم، صفر من الغموم، وأعلم أن العادة في الأوقات أن يقصد الإنسان لتأليف شيء أو حفظه في وقت السحر.... فإذا عارضك الضجر، فأرح نفسك ولا تعمل إلا وأنت فارغ القلب. وسار ابن قتيبة على نهج بشر، متأثرًا به في حديثه عن العاطفة، ووقتها وصدقها قال: "وللشعر أوقات يسرع أتيه، ويسمح فيها أبيه، منها أول الليل قبل تغشي ، ويسير أبو هلال العسكري [م 395 هـ] في هذا الطريق الذي بدأه بشر، فيذكر الأديب بالكف عن الأدب إذا شعر بفتور أو ملل، ويحثه على العمل يقول فاعمل: "ما دمت في شباب نشاطك، فإذا غشيك الفتور، وتخونك الملال، فأمسك، فإن الكثير مع الملال قليل، والنفيس مع الضجر خسيس، والخواطر كالينابيع، يسقى منها شيء بعد شيء، فتجد حاجتك من الري، وتنال إربك من المنفعة فإذا أكثرت عليها نضب ماؤها، وقلَّ عنك غناؤها" وغيرهم من النقاد الذين تأثروا بالصحيفة مثل الآمدي، والقاضي الجرجاني ، وعبد القاهر الجرجاني.


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)