الأسلوب ومكانته الأدبية
في العمل الأدبي
_ آ _
الأسلوب وأهميته
في العمل الأدبي

ليست كلمة الأسلوب هي العنصر اللفظي الذي تتألف منه الكلمات والجمل والعبارات فقط ، فكلمة الأسلوب, يستعملها العلماء ليدلّلوا بها على منهج من مناهج البحث العلمي و يستعملها الأدباء في الفن الأدبي قصصا أو جدلاً أو تقريراً ، وفي العنصر اللفظي سهولة أو تعقيداً ، وفي إيراد الأفكار تنسيقاً أو اضطراباً ، وفي طريقة التخييل جمالاً أو تشويهاً ونبواً .... ولهذا كله كان إطلاقها على هذا العنصر اللفظي ضرورة اقتضاها التعليم أولا ؛ ولأن الأسلوب مظهر العناصر الأخرى ومعرضها ، فالأسلوب هو فن الكلام يكون قصصاً أو حواراً ، تشبيهاً أو مجازاً أو كنايةً ، تقريراً أو حِكَماً و أمثالاً . فهو يشمل الفن الأدبي الذي يتخذه الأديب وسيلة للإقناع والتأثير . والأسلوب عند أهل صناعة الشعر عبارة عن المنوال الذي تنسج فيه التركيب ، أو القالب الذي تفرغ فيه ، ولا يرجع إلى الكلام باعتبار إفادته كمال المعنى من خواص التركيب الذي هو وظيفة البلاغة والبيان ، ولا باعتبار الوزن كما استعمله العرب فيه الذي هو وظيفة العروض . فهذه العلوم الثلاثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية . وإنما يرجع إلى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص . وتلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويصيرها في الخيال كالقالب أو المنوال ، فإن لكل فن من فنون الكلام أساليب تختص به ، وتوجد فيه على أنحاء مختلفة ، فسؤال الطلول في الشعر يكون بخطاب الطلول كقوله :
يا دار ميّةَ بالعلياءِ فالسَّندِ أَقْوَتْ فطال عليها سالفُ الأبد
ويكون باستدعاء الصحب للوقوف والسؤال كقوله :
قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بِسِقْطِ اللوى بين الدُّخول فحَوْملِ
وهذه القوالب كما تكون في المنظوم تكون في المنثور ، فإن العرب استعملوا كلامهم في كلا الفنين وجاؤوا به منفصلا في النوعين ، ففي الشعر في القطع الموزونة والقوافي المقيَّدة واستقلال الكلام في كل قطعة ، وفي المنثور يعتبرون الموازنة والتشابه بين القطع غالبا ، وقد يقيدونه بالأسجاع , وقد يرسلونه وكل واحدة من هذه معروفة في لسان العرب .
إن هناك فارقا بين الوجهين العملي والفني في تكوين الأسلوب الأدبي، فعلوم النحو والبلاغة والعروض تنفعنا على نحو أنها نظريات ترشدنا في إصلاح الكلام ومطابقته لقوانين النظم والنثر ، وقد يعرفها الإنسان ولا يحسن معها الإنشاء , أو ينشىء الكلام الصحيح . وأما صياغة الأسلوب الجميل فهي فن يعتمد على الطبع والتمرس بالكلام البليغ . والأسلوب في الأصل صورة ذهنية تتملىء بها النفس وتطبع الذوق ، من الدراسة والمران ، وقراءة الأدب الجميل . وعلى مثال هذه الصورة الذهبية تتألف العبارات اللفظية الظاهرة التي اعتدنا أن نسميها أسلوبا لأنها دليله ، وناحيته الناطقة الفصيحة و هذه الصورة الذهنية التي هي الأصل الأول للأسلوب ليست معاني جزئية ،ولا جملا مستقلة ، بل طريقة من طرق التعبير يسلكها المتكلم ، كخطاب الطلل ، أو استدعاء الصحب للوقوف , والسؤال أو الدعاء له بالسقيا والبقاء كقول الشاعر :
أسقى طلولَهم أجشُّ هزيمُ وعدَتْ عليهم نضرةٌ ونعيمُ
أو بتسجيل المصيبة على الأكوان عند فقد شجاع كقوله :
منابت العشب لا حام ولا راع قضى الردى بطويل الرمح والباع
وهذه الفروق اللفظية والمعنوية بين المنظوم والمنثور من حيث الأسلوب تبدو جلية في امتياز النظم بالوزن والقافية واستقلال كل بيت بمعنى تام .. والأسلوب منذ القدم كان يلحظ في معناه ناحية شكلية خاصة هي طريقة الأداء أو طريقة التعبير التي يسلكها الأديب لتصوير ما في نفسه أو لنقله إلى سواه بهذه العبارات اللغوية ، ولا يزال الأسلوب طريقة الكتابة ، أو طريقة الإنشاء ، أو طريقة اختيار الألفاظ وتأليفها للتعبير بها عن المعاني قصد الإيضاح أو التأثير ، أو ضرب من النظم والطريقة فيه . أما إذا أردنا أن يكون تعريف الأسلوب عاماً يتناول العلوم والفنون فإنا نعرفه بأنه طريقة التعبير ,، لأن الفنون الأخرى لها طرائق في التعبير يعرفها الفنيون ، ويتخذون وسائلها أو عناصرها من الألحان والألوان والأحجار . وكذلك العلماء لهم رموزهم ومصطلحاتهم ومناهجهم في البحث والأداء . ويعد الأسلوب من العناصر المهمة واضحة الأثر في أي عمل أدبي ويعده بعضهم الممثل الوحيد لشخصية الكاتب والأديب على افتراض أن ( الأسلوب هو الرجل ) . فإن له جانبين لفظي : ويعني المذهب والاتجاه ، وسطر النخيل كما ورد في لسان العرب ومعنوي ويعني نقل الكلمات من معانيها الحسية إلى معانيها الأدبية والنفسية ويشير أحمد الشايب إلى ( إن الأسلوب معاني مرتبة قبل أن يكون ألفاظاً منسقة يتكون في العقل قبل أن ينطق به اللسان أو يجري به القلم )
وقد صارت كلمة الأسلوب في أيامنا مشتركاً بين البيئات المختلفة ، وقد استعملها العلماء في مناهج البحث العلمي واستعملها الأدباء في الفن الأدبي جدلاً أو قصصاً أو تقريراً وفي العنصر اللفظي سهولة وتعقيداً وفي إيراد الأفكار تنسيقاً و تبويباً أو اضطراباً وفي طريقة التخييل جمالاً ملائماً أو تشويهاً ونبواً . وقد يكون الأسلوب فناً من الكلام ويكون قصصاً أو حواراً ، تشبيهاً أو مجازاً أو كناية تقريراً أو حكماً أو أمثالاً وقد يشمل الفن الأدبي الذي يتخذه الأديب وسيلة للإقناع والتأثير متجاوزاً العنصر اللفظي ولكل أديب أسلوبه الخاص وقاموسه المستقل , فالمتنبي نلمح في معجمه الشعري ألفاظ الشجاعة والقوة والكرم والعلو والمعاناة الخاصة ونزار قباني نلمح في ألفاظه ما يختص بالمرأة وما يتعلق بها من شمائل وصفات نفسية وجسدية وأبو العلاء المعري نلمح في معجمه الشعري ما يرتبط بالتشاؤم ورفض العلاقات السائدة والتشكيك بجميع معطيات الحياة . ويرى عبد القاهر الجرجاني أن الأسلوب ضرب من النظم والطريقة في تأليف الكلمات ضمن سياق معين يؤدي غرضاً محدوداً . ويعده ابن خلدون المنوال الذي تنسج فيه التراكيب والقالب الذي يفرغ فيه المعنى وعند النقاد المعاصرين هو اللفظ الذي تتمثل فيه أفكار الأديب وانفعالاته ويرى -بوفون -الفرنسي أن ( الأسلوب هو الإنسان نفسه ) . وعرّفه بعضهم بأنه لباس الفكرة وثوبها الذي ترتديه ونحن إذ نبحث عن الأسلوب عند كاتب ما نجد طريقة التفكير ومستوى الانفعالات ونوع المزاج لأنه لكل أديب أسلوبه الخاص وتختلف الأساليب باختلاف الأغراض فالرثاء في شعرنا العربي اتجه اتجاهات شتى واتخذ أساليب متعددة ، فهو عند سُعْدى الشمردلية وابن الرومي فجائعي وعند الخنساء اتخذ صورة التفجع والديمومة وعند أبي تمام والبحتري والمتنبي رسم معالم البطولة في الفقيد بينما كان أسلوب الغزل يتجه في شعرنا نحو الحسية عند بعض والعذرية عند بعض آخر والروحية عند الصوفية. إن الأسلوب باعتباره العنصر الأهم في تمييز الأدب عن بقية فنون الكلمة وفي تحديده لقيمة الكلام يدعونا للوقوف في الصف الداعي إلى ضرورة دعوة الأدباء إلى التركيز على هذا العنصر لما له من الأثر في نفسية الآخرين . إن اختلاف أديب عن آخر محوره الأسلوب وكل مضمون لا يرتدي أسلوباً دقيقاً ليس له مكانة في عالم الأدب .
مشكلة الأسلوب:
وقديمًا قال بوفون1: "إن الأسلوب هو الرجل نفسه"2 وكذلك عرف فلوبير3 الأسلوب بأنه: "طريقة الكاتب الخاصة في رؤية الأشياء"، ويستطيع فلوبير أن يستبدل بالرؤية الشعور أو التفكير فيقول: إن الأسلوب هو طريقة الكاتب الخاصة في التفكير أو الشعور. "والطريقة الخاصة في الشعور والرؤية تفرض طريقة خاصة في استخدام اللغة، فالأسلوب الصادق إذن يجب أن يكون فريدًا إذا كنا نفهم من عبارة "الأسلوب الصادق" تعبيرًا لغويًّا كافيًا كل الكفاية عن طريقة الكاتب في الشعور"4. معنى هذا أن الأسلوب ليس مجرد طريقة للكتابة يتعلمها من يشاء، ولكنه يرتبط عند كل كاتب بالإلهام الخاص الذي يدفعه إلى الكتابة، والذي يشكل هذه الكتابة، فهو الطريقة التي دفع بها هذا الإلهام ذلك الرجل بالذات إلى الكتابة، فالأسلوب "صفة لغوية" توصل بدقة العواطف أو الأفكار، أو مجموعة من العواطف والأفكار، الخاصة بالمؤلف، وحيث يتغلب الفكر يكون التعبير نثرًا، وحيث تسود العاطفة يكون التعبير إما نثرًا وإما شعرًا. ويكون الأسلوب كاملاً عندما يتم توصيل الفكر أو العاطفة على الوجه الأكمل.. فالأسلوب يعتمد اعتمادًا كليًّا على هذه التوصيل الدقيق، إذا لم يوجد لم يوجد الأسلوب"1. وخلاصة كل هذا أن الأسلوب هو طريقة الكاتب الخاصة في التفكير والشعور، وفي نقل هذا التفكير وهذا الشعور في صورة لغوية خاصة، وأن الأسلوب يكون جيدًا بحسب درجة نجاحه في نقل ذلك إلى الآخرين، ويترتب على ذلك أن تقليد الكتاب في أساليبهم -إذا أمكن ذلك- لا يحدث مطلقًا في عمل إبداعي مبتكر؛ لأن المقلد إنما يعرض عندئذ شخصية أخرى، ولا يمكن في الحالة أن يكون له أسلوبه الخاص. فالكتاب لا يتكررون، وإنما هم أفراد متميزون. وكذلك الأسلوب، خاصية فردية متميزة.
وقد كان البحث في طبيعة الأسلوب مشكلة منذ عهد أفلاطون، فالأسلوب من وجهة النظر الأفلاطونية صفة نوعية خاصة، إما قائمة وإما غير قائمة، فهي ليست شيئًا يضاف إلى الكتابة. كما أنها ليست مجرد شكل توضع فيه الكتابة، ولكنها صفة -إن وجدت- تتمثل فيما هو مكتوب. ولكي نفهم وجهة النظر الأفلاطونية2 في الأسلوب يجب أن نكون على أتم المعرفة بمعنى "الكلمة" عند أفلاطون. فالكلمة3 Logos عنده تعني الفكرة ذاتها وحقيقتها الخارجية المتمثلة في صورة كلمة على السواء. فالكلمة معناها الفكرة، وكذلك هي تعني الفكرة حين تعرض في الخارج.
3 ومن معانيها -أيضًا- المبدأ العقلاني في الكون، وذلك في الفلسفة اليونانية القديمة. ونستطيع بسهولة أن نفهم كيف تقبل العقل الإغريقي هذه الفكرة، وكيف بنى عليها أن كل فكرة لا يمكن التعبير عنها تعبيرًا كافيًا إلا بكلمة واحدة، فحيث إن كل كلمة لها ارتباطات تختلف -حتى عن "مرادفها"- اختلافًا بسيطًا، فإنه يتبع ذلك أن استعمال أي كلمة سوى الكلمة التي ترتبط بفكرك ارتباطًا دقيقًا يعد خطأً ونقصًا, فنقص الكلمة معناه تغير في الفكرة. ويترتب على ذلك أن يكون الرباط بين القارئ والفكر فاسدًا, وانتقال الفكرة هكذا إلى القارئ لا ينتج عنه سوى أن يستقبل القارئ ما لم يهدف الكاتب إلى أن ينقله إليه, ويتبع ذلك أن يكون من الخطأ الكلام عن أسلوب "جيد" على الرغم من نقصه. هذا كلام منطقي -كما يقول وستلاند1- لا يمكن أن نختلف فيه من حيث هو فكر مجرد, ويضيف أنه يجب أن نعترف، بوصفنا قراء عمليين، بأن هناك درجات للنجاح تتفاوت بين الكمال والإخفاق، وأن عمل الكاتب يمكن أن يكون قريبًا من التعبير الكامل عن معناه، وأن يكون من القرب بحيث نقدر معناه الذي نتج عن اختيار للألفاظ أو ترتيب لها ليس كاملا كل الكمال, والتجربة ترينا كيف أن هذا كذلك. وينبغي أن نخلص إلى نتيجتنا الخاصة، وهي أن الأسلوب الجيد غير ممكن, وكذلك يمكن الحديث عن أسلوب رديء وأسلوب خاطئ، حيث يؤكد الأفلاطوني المتمسك أنه في هذه الحالة لا يوجد أسلوب2. وخلاصة هذه القضية: أن الأسلوب ينظر إليه من وجهة نظر على أنه خاصة فكرية، ومن وجهة نظر أخرى على أنه خاصة تعبيرية. وحين ينظر إلى الأسلوب على أنه خاصة فكرية يكون التعبير اللغوي ليس شيئًا سوى تحقيق للفكرة في الصورة الحسية المناسبة. فالأفكار وحدها أساس الأسلوب بحسب رأي بوفون وأفلاطون من قبل, وحين ينظر إلى الأسلوب على أنه خاصة تعبيرية لا يكون الفكر بوصفه مادة العمل الفني أساسًا، ولا يكون لمادة العمل الفني أن تحدد الصورة وخصائصها؛ لأنه يحدث أن تكون المادة واحدة، ولكن كاتبًا يخرجها في صورة وآخر في صورة أخرى بينهما تفاوت في الواقع. وهما يختلفان كذلك عن محرر الحوادث الذي يقدم تقريره المشتمل على هذه المادة أيضًا، ولكنه يكون تقريرًا خاليًا من كل وقع, فإن ما يجعل الكتاب تحفة فنية ليس هو حوادث المغامرة الأساسية، ولكنه التعبير عنها، المرصوف رصفًا ممتازًا. والفصل في هذا الإشكال من خلال خبرتنا العملية يقضي بأن يكون الأسلوب صفة عقلية متحققة في اللغة، ويتبع هذا أن تكون لغة الأديب شخصية. على أننا نعود فنجد الأديب يستخدم اللغة السائدة في مجتمعه، وهو لكي يوصل فكرته أو شعوره إلى الآخرين مضطر لأن يستخدم هذه "العملة" التي يتعامل بها الناس. فكيف يتسنى لنا أن نقول: إن لغة الأديب لغة شخصية صرف، وهو في الحقيقة يستخدم لغة الآخرين كذلك، أو -على الأقل- ما يفهمه الآخرون من هذه اللغة؟ أما أن الأديب يستخدم اللغة السائدة فهذا لا شك فيه، بدليل أننا لا نجد أديبًا في القرن العشرين يستخدم لغة القرون الوسطى. وأما أن لغة الأديب شخصية فهذا لا شك فيه كذلك, بدليل أننا نجد لكل أديب أسلوبه الخاص الذي نميزه به عن غيره من الأدباء، ويبقى أن يلتقي هذان الطرفان، فيتمثل في الأسلوب العظيم الجانبان الشخصي واللاشخصي. والأدب -بعدُ- إنتاج شخص لأشخاص في مجموعة. وبإزاء كلمتي الشخصي واللاشخصي نجد "الخاص" و"العام" في الأدب. وإذن "فكل عمل أدبي هو خاص وعام معًا، أو لنقل على نحو أفضل من ذلك: إنه فردي وجماعي معًا. فكل عمل أدبي -ككل كائن- له خصائصه الفردية، ولكنه يشارك الأعمال الفنية الأخرى في الصفات العامة"1. وفردية الأسلوب الأدبي أو العمل الأدبي بعامة تأتي من أنه صادر عن فرد, وعموميته تأتي من أنه موجه إلى الجماعة. وهنا نجد أنفسنا أمام مشكلة ذات جانبين هي مشكلة العلاقة بين الأدب والمجتمع. أما الجانب الأول فيبحث فيه عن موقف الأديب من المجتمع، وعن المضمون الاجتماعي لأعماله الأدبية ذاتها، وأخيرًا عن أثر هذا الأدب في المجتمع. وأما الجانب الثاني فتدرس فيه ظاهرة العبقرية المبدعة الخاصة بالأديب، واستقلال هذه العبقرية عن مجتمع بذاته.في التعريف بالأسلوب
حد الأسلوب:
1- إذا سمع الناس كلمة الأسلوب فهموا منها هذا العنصر اللفظي الذي يتألف من الكلمات فالجمل والعبارات، وربما قصروه على الأدب وحده دون سواه من العلوم والفنون، وهذا الفهم -على صحته- يعوزه شيء من العمق والشمول ليكون أكثر انطباقًا على ما يجب أن يؤديه هذا اللفظ من معنى صحيح، وذلك أن هذه الصورة اللفظية التي هي أول ما تلقى من الكلام لا يمكن أن تحيا مستقلة، وإنما يرجع الفضل في نظامها اللغوي الظاهر إلى نظام آخر معنوي انتظم وتألف في نفس الكاتب أو المتكلم فكان بذلك أسلوبًا معنويًّا، ثم تكون التأليف اللفظي على مثاله، وصار ثوبه الذي لبسه أو جسمه إذا كان المعنى هو الروح، ومعنى هذا أن الأسلوب معانٍ مرتبة قبل أن يكون ألفاظًا منسقة، وهو يتكون في العقل قبل أن ينطق به اللسان أو يجري به القلم، فهذا وجه.
والوجه الثاني: أن كلمة الأسلوب صارت هذه الأيام حقًّا مشتركًا بين البيئات المختلفة، يستعملها العلماء ليدلوا بها على منهج من مناهج البحث العلمي، ويستعملها الأدباء في الفن الأدبي قصصًا أو جدلًا أو تقريرًا وفي العنصر اللفظي سهلًا أو معقدًا، وفي إيراد الأفكار منطقية أو مضطربة، وفي طريقة التخييل جميلة ملائمة أو مشوهة نابية. وكذلك الموسيقيون يتخذونها دليلًا على طرق التلحين وتأليف الأنغام للتعبير عما يحسون أو يخالون، ومثلهم الرسامون فهي عندهم دليل على طريق تأليف الألوان ومراعاة التناسب بينها، وهكذا حتى أصبحت هذه الكلمة "أسلوب" تكاد ترادف كلمة الشخصية في المعنى. لهذا كله كان إطلاقها على هذا العنصر اللفظي ضرورة اقتضاها التعليم أولا، ولأنه هو مظهر العناصر الأخرى ومعرضها ثانيًا.. فما الأسلوب؟ في لسان العرب: ويقال للسطر من التخيل أسلوب. وكل طريق ممتد في أسلوب، والأسلوب: الطريق، والوجه، والمذهب. يقال: أنتم في أسلوب سوء، ويجمع على أساليب، والأسلوب الطريق تأخذ فيه، والأسلوب الفن يقال: أخذ فلان في أساليب من القول، أي أفانين منه. هذه المعاني التي نقلناها عن ابن منظور قسمان: قسم حسي يمثل الوضع الأسبق للفظ، كسطر النخيل والطريق الممتد أو المسلوك، والأسلوب عليه خطة يسلكها السائر. وقسم معنوي هو الخطوة الثانية في الوضع اللغوي حين تنتقل الكلمات من معانيها الحسية إلى هذه المعاني الأدبية، أو النفسية، وذلك هو الفن من القول أو الوجه والمذهب في بعض الأحيان. على أن هذه المعاني كلها تنتهي بنا عند فكرة إذا أردنا استعمالها في باب الأدب كانت ملائمة، فالأسلوب هو فن من الكلام يكون قصصًا أو حوارًا، تشبيهًا أو مجازًا أو كناية، تقريرًا أو حِكمًا وأمثالا. فإذا صح هذا الاستنباط كان للأسلوب معنى أوسع إذ يتجاوز هذا العنصر اللفظي فيشمل الفن الأدبي الذي يتخذه الأديب وسيلة للإقناع أو التأثير. وإذا تركنا لسان العرب إلى مقدمة ابن خلدون رأيناه يتناول الأسلوب في فصل صناعة الشعر ووجه تعلّمه حيث يقول:
"ولنذكر هنا سلوك الأسلوب عند أهل الصناعة -صناعة الشعر- وما يريدون بها في إطلاقهم، فاعلم أنها عبارة عندهم عن المنوال الذي ينسج فيه التراكيب، أو القالب الذي يفرغ فيه ولا يرجع إلى الكلام باعتبار إفادته أصل المعنى الذي هو وظيفة الإعراب، ولا باعتبار إفادته كمال المعنى من خواص التركيب الذي هو وظيفة البلاغة والبيان، ولا باعتبار الوزن كما استعمله العرب فيه الذي هو وظيفة العروض. فهذه العلوم الثلاثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية، وإنما يرجع إلى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص وتلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها، ويصيّرها في الخيال كالقلب أو المنوال، ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان فيرصّها فيه رصًّا كما يفعله البناء في القالب أو النساج في المنوال، حتى يتسع القالب بحصول التراكيب الوافية بمقصود الكلام ويقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكه اللسان العربي فيه، فإن لكل فن من الكلام أساليب تختص به، وتوجد فيه على أنحاء مختلفة؛ فسؤال الطلول في الشعر يكون بخطاب الطلول، كقوله: "يَا دَار مَيَّةَ بالعليْاَءِ فالسندِ" ويكون باستدعاء الصحب للوقوف والسؤال، كقوله: "قِفَا نَسْألِ الدارَ التي خَف أهْلُها" أو باستبكاء الصحب على الطلل، كقوله: "قِفَا نَبْك من ذكْرَى حبيب ومنزل" وأمثال ذلك كثير في سائر فنون الكلام ومذاهبه، وتنتظم التراكيب فيه بالجمل وغير الجمل إنشائية وخبرية، اسمية وفعلية، متفقة وغير متفقة، مفصولة وموصولة على ما هو شأن التراكيب في الكلام العربي، في كل مكان كلمة من الأخرى يعرفك فيه "كذا" ما تستفيده بالارتياض في أشعار العرب من القالب الكلي المجرد في الذهن من التراكيب المعينة التي ينطبق ذلك القالب على جميعها وهذه القوالب كما تكون في المنظوم تكون في المنثور، فإن العرب استعملوا كلامهم في كلا الفنيين وجاءوا به مفصلا في النوعين ففي الشعر بالقطع الموزونة والقوافي المقيدة واستقلال الكلام في كل قطعة، وفي المنثور يعتبرون الموازنة والتشابه بين القطع غالبًا وقد يقيدونه بالأسجاع وقد يرسلونه وكل واحدة من هذه معروفة في لسان العرب". هذا النص الذي نقلناه عن ابن خلدون يضع أمامنا عدة قوانين قيمة في الدراسات الأدبية:
أولها: أن هناك فارقًا بين الوجهين العلمي والفني في تكوين الأسلوب الأدبي فعلوم النحو والبلاغة والعروض تنفعنا على أنها نظريات ترشدنا في إصلاح الكلام ومطابقته لقوانين النظم والنثر. وقد يعرفها الطالب ولا يحسن معها الإنشاء أو ينشئ الصحيح فقط. وأما صياغة الأسلوب الجميل فهي فن يعتمد على الطبع والتمرس بالكلام البليغ1، وتتكون من الجمل والعبارات والصور البيانية.
ثانيها: أن الأسلوب في الأصل صورة ذهنية تتملأ بها النفس وتطبع الذوق من الدراسة، والمرانة وقراءة الأدب الجميل، وعلى مثال هذه الصورة الذهنية تتألف العبارات الظاهرة التي اعتدنا أن نسميها أسلوبًا لأنها دليله، وناحيته الناطقة الفصيحة.
ثالثها: أن هذه الصورة الذهنية -التي هي الأصل الأول للأسلوب- وليست معاني جزئية، ولا جملا مستقلة، بل طريقة من طرق التعبير يسلكها المتكلم، كخطاب الطلل، أو استدعاء الصحب للوقوف والسؤال أو الدعاء له بالسقيا، كقوله:
أسقى طلوهُم أجَشُّ هزيمُ ... وَغَدتْ عليهم نَضرة وَنَعيمُ
أو بتسجيل المصيبة على الأكوان عند فقد شجاع كقوله:
مَنابتَ العُشب، لا حاَمٍ ولا رَاع ... مَضَى الردى بطويل الرمح والباعِ
رابعها: هذه الفروق اللفظية والمعنوية بين المنظوم والمنثور من حيث الأسلوب، وأهم ما ذكره امتياز النظم والوزن، والقافية، واستقلال كل بيت بمعنى تام، كما هو مذهب العرب، وسيأتي تفصيل القول في ذلك. والذي يعنينا هنا أن الأسلوب منذ القدم كان يلحظ في معناه ناحية شكلية خاصة هي طريقة الأداء أو طريقة التعبير التي يسلكها الأديب لتصوير ما في نفسه أو لنقله إلى سواه بهذه العبارات اللغوية. ولا يزال هذا هو تعريف الأسلوب إلى اليوم، فهو طريقة الكتابة، أو طريقة الإنشاء، أو طريقة اختيار الألفاظ وتأليفها للتعبير بها عن المعاني قصد الإيضاح والتأثير، أو الضرب من النظم والطريقة فيه. هذا تعريف الأسلوب الأدبي1 بمعناه العام. وأما إذا أردنا أن يكون التعريف عاما يتناول العلوم والفنون. فإنا نعرفه بأنه طريقة التعبير؛ لأن الفنون الأخرى لها طرق في التعبير يعرفها الفنيون، ويتخذون وسائلها أو عناصرها من الألحان والألوان والأحجار، وكذلك العلماء لهم رموزهم، ومصطلحاتهم، ومناهجهم في البحث والأداء.
3- ومع ذلك ففي الأدب وحده نرى -كما يمر بك تفصيله- أن التصرف والاختلاف يكون في صوغ العبارات بين إيجاز وإطناب، وسهولة وإغراب، وبساطة وتعقيد، وجمال وتنافر، ويكون قبل ذلك في اختيار الأفكار، وكيفية ترتيبها ترتيبًا منطقيًّا أو مضطربًا، ووضوحها أو غموضها، وصحتها أو خطئها، وإخضاعها لطريقة الاستقراء أو الاستنباط، ويكون بعد هذا في طريقة التخييل والتصوير: هل يسلك الكاتب طريقة التشبيه غالبا أو الاستعارة أو الكناية، وما مقدار ابتكاره في ذلك أو تقليده، فلكل كاتب مذهبه في ذلك أو أسلوبه الخاص، فالشيب في رأي المعري:
والشيبُ أزهار الشبابِ فماله ... يخفى، وحسنُ الروضِ في الأزهار
وهو في رأي الفرزدق:
تَفارِيقُ شيب في الشباب لوامعُ ... وما حُسْنُ ليلٍ ليس فيه نجوم
لكن الشريف الرضي يقول:
غالطوني عن المشيب وقالوا ... لا ترع إنه جلاء حسام
قلت ما أمْنُ على الرأس منه ... صارم الحد في يد الأيام
انظر بعد ذلك إلى كتاب السيرة المعاصرين؛ كيف اختلفوا في طريقة العرض بين البحث العلمي المنسق، والتمثيلي المقسم، والقصصي الجميل1، وانظر إلى هذه الشخصيات المتباينة في الخطابة كعلي ومعاوية وزياد والحجاج وفي الكتابة كالجاحظ وبديع الزمان وابن خلدون وفي الشعر كأبي تمام وابن الرومي والبحتري والمتنبي فإنا نجد أنماطا شتى، وأساليب متباينة تجعل لكل فرد طابعا، أفيكون من الغريب إذا قلنا: إن الأسلوب هو طريقة التفكير والتصوير والتعبير؟ والحق أن هذا التعريف الأخير يتناول عناصر الأسلوب كلها ويقوم على أساس الصلة بينها وإن كان العنصر اللفظي مظهر الفكر والصورة؛ لأنه الجانب الحسي لهما زيادة عما يتوافر له جمال خاص: وهو أيضًا يتضمن المراد من الأسلوب في سائر الفنون، فهو تفكير وتصوير وتعبير.
4- وأعود مرة ثانية إلى تعريف الأسلوب فقد غم الأمر على بعض الدارسين بصدد ذلك؛ أعود لأقول: إن تعريف الأسلوب يَنْصَبُّ بداهة على هذا العنصر اللفظي فهو الصورة اللفظية التي يعبر بها عن المعاني أو نظم الكلام وتأليفه لأداء الأفكار وعرض الخيال، أو هو العبارات اللفظية المنسقة لأداء المعاني إلا أننا -حين نريد الإيضاح والتقسيم- مضطرون إلى ملاحظة أمرين:
أولهما: وحدة النص الأدبي الذي لا يمكن الفصل بين عناصره، فاللفظ لا يتصور بدون سائر العناصر الأدبية كما أنها لا تبدو بغير اللفظ.
ثانيهما: أن الفرق بين الأسلوب العلمي والأدبي مثلا لا يمكن إلا بملاحظة ما وراء اللفظ من فكرة أو عاطفة أو خيال، لذلك كان هناك فرق بين تعريف الأسلوب، وتحليله، وبين تقسيمه ... هو فرق أساسه وجهة النظر فقط، وإن النص الأدبي وحدة لا تتجزأ.
تكوين الأسلوب:
وهنا نجد فرقًا واضحًا -في تكوين الأسلوب واستكمال عناصره- بين الطالب المبتدئ والأديب المنتهي؛ فالطالب الذي يأخذ في دراسة الكتابة يسلك الطريق الذي يسلكه زميله طالب الموسيقى أو الرسم؛ تجد تلميذ الموسيقى يبدأ درسه بتعرف الأدوات الموسيقية والفرق بينها، وطرق استخدامها، وأنواع الألحان والأنغام التي تنتجها كل أداة، ثم ينتقل من ذلك إلى تأليف الألحان المركبة واستخدام أداتين أو أكثر مع مراعاة الانسجام والتأليف بين الأنغام ... وآخر الأمر يتعلم كيف يؤلف الدور الموسيقي العام ويتخذ من الأدوات وأنغامها وسائل لتوقيع المقطوعات وقد يصل به الأمر إلى التجديد والابتكار. كذلك طالب الأدب يبدأ دروسه بتعلم الحروف وتأليف الكلمات منها، ثم تأليف الجمل من الكلمات تأليفًا خبريًّا أو إنشائيًّا فعلية كانت أو اسمية، إيجابية أو سلبية، مع ملاحظة الفروق الدقيقة بينها وينتقل من الجمل إلى الفقرات المؤلفة من الجمل مفصولة أو موصولة حسب مقتضيات المعاني ... ولا ينسى طرائق المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية والمطابقة وحسن التعليل ... وأخيرًا هذه الأساليب القصصية أو الجدلية أو التقريرية أو الوصفية منثورة ومنظومة ... ومعنى هذا أنه يبدأ بالألفاظ وينتهي إلى الفنون الأدبية. أما الكاتب المنتهي فإنه يسير في طريق عكسية، شأنه شأن الموسيقار البارع تعرض له القطعة الأدبية أو يبدو له تصوير معنى نفسي أو مظهر طبعي فيفهم المراد ثم يسمعك ألحانًا منسجمة منسقة، تؤدي ما وراءها في دقة وجمال، كذلك الأديب إذا شاء قولا في الوصف، أو الرثاء، أو القصص، اختار معانيه، ورتبها، وفسرها طوع مزاجه تفسيرًا فنيًّا، ثم عبر عنها بالألفاظ التي تجذبها المعاني. هذا الكاتب كما رأيت يبدأ باختيار الفن وينتهي بالألفاظ، عكس التلميذ الناشئ. وسواء أعنينا بحال الطالب أم الكاتب، فإن تكون الأسلوب أهم المظاهر لبراعة الكتاب والشعراء، وأوضح معرض لقوة الإدراك ويقظة الشعور وجمال الذوق؛ لذلك كان الكاتب الأمين ذو الطبع الأدبي الصادق، منصرفًا إلى تخير الكلمات الفصيحة الدقيقة المعنى، المتلائمة مع أخواتها، حتى تطمئن عناصر العبارة في موضعها دون إكراه، وحتى يجمع الأسلوب بين وضوح التفكير وجمال التصوير. وهذه الدرجة تتطلب من غير شك مرانة دائبة، وصبرًا طويلًا، وذوقًا جميلا صادقًا وتملأ بخير الأساليب الأدبية فهمًا، ونقدًا، وتمثلًا، ويمكن للكاتب أن يلزم نفسه بأمرين اثنين ليوفر لنفسه الفوز بحسن التعبير.
الأول: الحرص الشديد على الدقة سواء في أداء الفكرة أو صوغ الخيال فلا يسمح بكلمة أو عبارة هي أقل أو أكبر من فكرته كما يرفض استعارة قبيحة، أو كناية غامضة، أو تعليلا غير حسن.
الثاني: التصرف السديد في بناء الجمل والعبارات بتقديم بعض العناصر
أو تأخيرها، وبالقصر أو الفصل أو الوصل، حتى تكون العبارة صورة صادقة لما في نفسه من المعاني وما في وجدانه من تصور وموسيقى.
ذلك يتلخص في أن يكون الأسلوب للكاتب طبيعته الثانية، وبذلك يكون سهل الإنشاء؛ يصدر عن صاحبه حديثًا أو محاضرة أو تأليفًا، كأنه يتنفس أو يبصر، وهذه آخر درجات القدرة البيانية.
عناصر الأسلوب:
رأينا في الفصل الماضي أن الخطوة الأولى للكاتب إنما هي اختيار الفن الأدبي الذي يعتمد عليه لأداء ما في نفسه من المعاني، فهو مقالة أو قصيدة أو رسالة أو قصة أو خطابة عامة أو محاضرة أو كتاب مؤلف، وبعد ذلك يختار المعاني أو الأفكار والحقائق التي يعتبرها هامة جديرة بموضوعه لجدتها أو قوة تأثيرها أو ملاءمتها لقرائه وسامعيه، ثم يرتب هذه الأفكار ترتيبًا يصل به إلى نتائجها المرادة، سواء اختار طريقة التحليل أم التركيب، فإذا انتقل من ذلك إلى التعبير عنه بعبارات واضحة تكشف عنه فقد تكون له الأسلوب العلمي أو الأدبي بمعناه العام، كما قيل في وصف الشمس: "الشمس كوكب مضيء بذاته وهي أعظم الكواكب المرئية لنا منظرًا، وأسطعها ضوءًا، وأغزرها حرارة، وأجزلها نفعًا للأرض التي نسكنها، والشمس كرة متأججة نارًا، حرارتها أشد من حرارة أي ساعور أرضي، ويبلغ ثقلها ثلاثمائة وزن من ثقل الأرض، وهي أكبر منه جرمًا بثلاثمائة ألف وألف ألف مرة، وتدور الشمس على محورها من الغرب إلى الشرق مرة واحدة في نحو خمسة وعشرين يومًا وتبعد عنا بنحو اثنين وتسعين ألف ألف ميل وخمسمائة ألف ميل، وهي مع كل هذا العِظَم الهائل لا تعد في النجوم الكبرى، بل إن أكثر ما نشاهده من النجوم الثابتة شموس أكبر من الشمس بألوف، والشمس بسياراتها تابع من توابع أحدها"1.. فالفن هنا مقالة اقتبس منها هذا النص، ويلاحظ أن الكاتب كان حريصا على إيثار الحقائق القيمة الدقيقة، ثم رتبها ذاكرًا مسائل عامة تميز الشمس من الكواكب الأخرى، وأتبع ذلك بذكر الخواص المتصلة بشكلها وحرارتها وحركتها، وأخيرًا هذه العبارة الواضحة المؤلفة من الكلمات والتراكيب، وهنا نستطيع أن نقول إن الأسلوب العلمي يتكون من عنصرين أساسيين: الأفكار والعبارات. وأما اختيار الأفكار وتنسيقها، وإيثار الكلمات الدقيقة والجمل الواضحة، فذلك عمل أسلوبي لأنه طريقة يقوم بها الكاتب متأثرًا بموضوعه من جهة وبشخصيته من جهة أخرى. وقد يتوافر للأسلوب خاصة أخرى، حين يلجأ الكاتب إلى الخيال يصور به انفعاله -عاطفته- فيضيق دائرة الأفكار ويأخذ منها أجلها وأشملها على أسباب القوة والجمال، ثم يفسرها تفسيرًا أديبًّا كما يشاء خياله ويملي عليه طبعه ومزاجه، وبذلك نقرأ أسلوبًا أدبيًّا خالصًا تبدو فيه شخصية الكاتب أشد وضوحًا وأبعد تأثيرًا كما قيل في الشمس كذلك: "سَلِ الشمس من رفعها نارًا، ونصبها منارًا، وضربها دينارًا؟ ومن عقلها في الجو ساعة، يدب عقرباها إلى يوم الساعة؟ ومن الذي آتاها معراجها وهداها أدراجها، وأحلّها أبراجها، ونقل في سماء الدنيا لمسراجها؟
الزمان هي سبب حصوله، ومنشعب فروعه وأصوله، وكتابه بأجزائه وفصوله، وُلد على ظهرها، ولعب على حجرها، وشاب في طاعتها وبرها ولولاها ما اتسقت أيامه، ولا انتظمت شهوره وأعوامه، ولا اختلف نوره وظلامه، ذهبُ الأصيل من مناجمها، والشفق يسيل من محاجمها وتحطمت القرون على قرنها، ولم يعل تطاول السنين بسنها، ولم يمح التقادم لمحة حسنها"1. هذا النص يختلف عن سابقة مع اتحاد موضوعهما؛ فالأول وقف عند الحقائق والعبارات وصاغ منها الأسلوب العقلي الخالص، والثاني تجافى عن الحقائق التفصيلية الدقيقة كالأعداد والمقاييس ووقف عند رءوس الأفكار وأهمها، ثم تصورها أشياء جميلة لإعجابه بها، وصورها بخياله فكانت جميلة مؤثرة، فالشمس دينار مضروب وساعة معلقة عقربها الليل والنهار، وهي كتاب الزمن ومهده وأمه، وهذا الأصيل ذهب من مناجم الشمس والشفق سائل من محاجمها ... إلى غير ذلك مما نفصله بعد، وبذلك نقول: إن الأسلوب الأدبي ينحل إلى عناصر ثلاث: الأفكار والصور والعبارات، وكذلك يكون الاختيار الذي يتناول الأفكار والصور والعبارات عملًا أسلوبيًّا، هو طريقة الصياغة التي تتصرف في تلك العناصر بما تراه أليق بموضوع الكلام. فإذا كان الفن شعرًا كقول حافظ إبراهيم في الشمس:
لاحَ منها حاجبٌ للناظرين ... فَنسُوا بالليل وضّاع الجبين
ومحت آيتُها آيتُه ... وتبدَّت فتنة للعالمين
هي أم النار والنور معا ... هي أمَّ الريح والماء المعين
هي طَلعُ الروض نورًا وجنَى ... هي نشر الورد طيب الياسمين
هي موتٌ وحياة للورى ... وضلالٌ وهدى للغابرين1
لاحظت الوزن والقافية يلزمان الشعر فوق هذه العناصر التي ذكرت في الأسلوب الأدبي والتي سنجد أنها في بيان النظم تختص بميزات فنية نشرحها في الكلام على أنواع الأساليب. وهناك عنصر العاطفة الذي يعد في الأدب الدافع المباشر إلى القول وروحه، وهذا العنصر هام إلى درجة أنه احتاج غالبًا، لأجل أدائه، إلى الخيال الذي هو لغة العاطفة ووسيلة تصويرها من ناحية الأديب، وبعثها في نفس القارئين، فالعاطفة في الأدب عنصر أسلوبي يُحسّ دون أن يشرح أو يعرض عرضًا مباشرًا صريحًا. فإذا أراد الكاتب درس عاطفة وتحليلها، وبيان مبعثها وآثارها، كان كاتبا عالما. هذه هي عناصر الأسلوب كما نتصوره نصًّا أدبيًّا لا يتجزأ، وكما نتصوره أقسامًا لكل قسم خواصه المترتبة على ما فيه من أفكار وانفعالات وأخيلة. وأما إذا وقفنا عند الجانب اللفظي فقط وهو ما يتصرف إليه اللفظ عند الإطلاق فيمكن أن تعتبر العناصر هي الكلمة، والجملة، والصورة "التشبيه، والاستعارة، والكناية ... " والفقرة والعبارة، وعلى ذلك يدرس الأسلوب للتلاميذ، دراسة تطبيقية، وتكون هذه العناصر -التي ذكرت سابقًا في التحليل- خصائص يتميز كل قسم ببعضها، ولا مشاحة في الاصطلاح.
الأسلوب والموضوع:
نذكر في هذا الباب وما يليه أسباب اختلاف الأساليب، ومظاهر هذا الاختلاف، ونعني بالأساليب هنا هذه العبارات اللفظية التي هي المظهر لطريقتي التفكير والتصوير كما سبق، وإنما يرجع اختلاف الأساليب إلى سببين رئيسين:
الأول: الموضوع.
الثاني: الأديب.
وهناك أشياء أخرى يذكرها بعض الباحثين كاختلاف الصنعة، ومقدار الملائمة بين اللفظ والمعنى وغير ذلك، ولكنها في الواقع مظاهر تطبيقية لأحد هذين السببين أو لكليهما كما يتضح ذلك أثناء الكلام الآتي.
فالموضوع هو السبب الأول الذي يقوم عليه اختلاف الأساليب، ويراد بالموضوع الفن الذي يختاره الكاتب ليعبر به عما في نفسه، علمًا أو أدبًا، نظما أو نثرًا مقالة أو قصة أو رسالة أو خطابة ... فلكل فن منها أسلوبه الخاص الذي يلائم طبيعته. وأما الأديب فإن اختلاف الأساليب بالنسبة له راجع إلى اختلاف شخصيات الأدباء من حيث أذواقهم ومواهبهم العقلية ودرجة انفعالهم، وطبعائهم الخشنة أو الرقيقة، وطريقة تفكيرهم وتصويرهم؛ إذ كان لكل ذلك معنى خاصًّا ونفرد هذا الباب للكلام في السبب الأول وهو الموضوع، فنلاحظ أن: ونذكر في الفصول التالية خواص كل أسلوب، وما يميزه من سواه، بناء على اختلاف هذه الفنون، وليلاحظ أن بعض فنون النثر أدب خاص والآخر أدب عام يمكن عده في الأسلوب العلمي العام أيضًا كما يمر بك.
الأسلوب العلمي والأسلوب الأدبي:
الخطوة الأولى لاختلاف الأساليب تبدأ بالفرق بين الأسلوبين: العلمي والأدبي. وقد رأيت فيما مضى أن الكاتب حين يريد الكتابة في موضوع يجب عليه أولًا أن يختار الأفكار التي يريد أداءها لجدتها أو قيمتها أو ملاءمتها لمقتضى الحال، ثم يرتب هذه الأفكار ترتيبًا معقولًا ليكون ذلك أدعى إلى فهمها وحسن ارتباطها في ذهن القارئ وأخيرًا يعبر عنها بالألفاظ اللائقة بها، فإذا ما فعل ذلك حصل على الأسلوب العلمي، وقد ذكرنا مثال ذلك قبل ونذكر هنا مثالًا آخر نستعين به على بيان ما يمتاز به كل من النوعين؛ فالأسلوب العلمي، كما قيل في وصف الأهرام: "كان القصد من بناء الأهرام إيجاد مكان حصين خفي يوضع فيه تابوت الملك بعد مماته؛ ولذلك شيدو الهرم الأكبر وجعلوا فيه أسرابًا خفية زَلِقَة صعبة الولوج لضيقها، وانخفاض سقفها وإملاسها حتى لا يتسنى لأحد الوصول إلى المخدع الذي به التابوت، ومن أجل ذلك أيضًا سُدَّ مدخل الهرم بحجر هائل متحرك، ولا يَعرف سر تحريكه إلا الكهنة والحراس، ووُضِعَت أمثالُ هذا الحجر على مسافات متتابعة في الأسراب المذكورة. وبهذه الطريقة بقي المدخل ومنافذ تلك الأسراب مجهولة أجيالا من الزمان. ويُعد الهرم الأكبر من عجائب الدنيا. قرر المهندسون والمؤرخون أن بناءه يشمل 2.300.000 حجر، متوسط وزن الحجر منها طنان ونصف طن، وكان يشتغل في بناء الهرم مائة ألف رجل يستبدل بهم غيرهم كل ثلاثة أشهر، وقد استغرق بناؤه عشرين عاما. وجميع هذا الهرم شيد من الحجر الجيري الصب ما عدا المخدع الأكبر فإنه من الصخر المحبب وكَان الهرم مغطى بطبقة من الجرانيت فوقها أخرى من الحجر الجيري المصقول ووضع الملاط بين الأحجار في غاية الدقة حتى كان الناظر إلى الهرم يكاد يظنه صخرة واحدة"1.
فليس من شك أن كاتب هذه القطعة.
1- قد اختار هذه الحقائق أو المعارف لأهميتها في تاريخ الأهرام.
2- ثم رتبها هذا الترتيب الذي رأيته فعرض لسبب البناء، ولهذا الوصف الذي يطابق سر هذا البناء، ثم انتقل إلى ذكر هذه الأفكار التفصيلية المتصلة بالبناء.
3- وأخيرًا عبر عنه بهذه العبارة السهلة الكاشفة، وهذا هو الأسلوب العلمي الذي يتخذ وسيلة لنشر المعارف وتغذية العقل دون أن تطغى شخصية الكاتب فيه.
وأحيانًا يقف الكاتب عند هذه الحقائق والمعارف ولا يجعل قصده الفذّ تغذية العقل بالأفكار، وإنما يعرف هذه الحقائق، ويختار أهمها وأبرزها الذي يستطيع أن يجد فيه مظهرًا لجمال ظاهر أو خفي أو معرضًا لعظة واعتبار أو داعيًا لتفكير وتأثير ثم يفسر ما اختار تفسيرًا خاصًّا به، بما يخلع عليه من نفسه المتعجبة أو المتعظة، الراضية أو الساخطة، ثم يحاول نقل هذا الانفعال -أو إثارة مثله- إلى نفوس القراء والسامعين ليكونوا معجبين أو مغتبطين، راضين أو ساخطين، وبذلك يدخل في الأسلوب هذا العنصر الجديد الذي يصور الشعور وهو الخيال. وهنا نرى الأسلوب الأدبي كما قيل في الأهرام: "ولما وقفتْ بنا الركاب في ساحة الأهرام، وقفنا هناك موقف الإجلال والإعظام، قبالة ذلك العَلم الذي يطاول الروابي والأعلام، والهضِبة التي تعلو الهضاب والآكام والبِنية التي تشرف رَضْوى وشمام، وتُبلى ببقائها جدة الليالي والأيام، وتطوى تحت ظلالها أقوامًا بعد أقوام، وتفنى بدوامها أعمار السنين والأعوام، خَلِقت ثيابُ الدهر وهي لا تزال في ثوبها القشيب، وشابت القرون وأخطأ قرنها وخط المشيب، ما برحت ثابتة تناطح مواقع النجوم، وتسخر بثواقب الشهب والرجوم"1. موضوع النصين واحد، هو وصف الأهرام إلا أننا رأينا في عبارات القطعة الثانية خواص لا نجدها في عبارات الأولى سواء في هذه الكلمات الجزلة الفخمة البريئة من المصطلحات العلمية، والتحديد الدقيق، وفي هذه الجمل المختارة القوية المسجوعة، وهذه الصور المتتابعة تشابيه واستعارات فالهرم مرة جبل، وأخرى حرب الدهر، وثالثة فتاة شابة خالدة الشباب.. وأخيرًا هذه الموسيقى العامة الفخمة التي هي في الحقيقة صوت هذا الانفعال النفسي الذي ملك على الكاتب شعوره الباطني ففاض على قلمه ألفاظًا وعبارات. هذا الإعجاب هو -هنا- ما منح الأسلوب صفته الأدبية، وأيدي شخصية الكَاتب في هذا الموقف فإذا بها تُكبِرُ الأهرام، تعجب بقوة الإنسان، ثم تدل على درس للأدب القديم واعتزاز بهذه الصنعة اللفظية والجزالة اللغوية والصور البيانية القديمة. وهذا الإعجاب -باعتباره انفعالا- تعجز اللغة العادية عن تصويره؛ لأنها وضعت بأزاء الأفكار لتعبر عن هذا الفعل الهادئ المحدود، أما الانفعال فهو قوة تعوزه لغة خاصة به وهي التي يحتال لها الأديب فيؤلفها -مستعيًنا بالخيال- من
تشبيه واستعارة وكناية وحسن تعليل، ونحو ذلك لتكون ملائمة لما تؤدي من روعة وسخط وحب وما إليها. وبالموازنة بين هذين النصين نستطيع أن نفرق بين الأسلوبين: العلمي والأدبي فيما يلي:
1- الأصل الأول الذي قام عليها الخلاف بين الأسلوبين هو دخول الأنفعال "أو العاطفة" في الأسلوب الأدبي بجانب أهم الحقائق والأفكار. وأما العلمي فإن المعارف العقلية هي الأساس الأول في بنائه، وقلما تجد للانفعال أثرًا واضحًا؛ لذلك كانت عنايته باستقصاء الأفكار بقدر عناية زميله بقوة الانفعال، ولسنا نعدو الصواب إذا قلنا: إن الأسلوب العلمي لغة العقل والأدبي لغة العاطفة.
2- ويتبع ذلك أن يكون الغرض من الأسلوب العلمي أداء الحقائق قصد التعليم وخدمة المعرفة، وإنارة العقول، ولكن الغاية في الأسلوب الأدبي هي إثارة الانفعال في نفوس القراء والسامعين، وذلك بعرض الحقائق رائعة جميلة كما أدركها أو تصورها الكاتب الأديب، وبهذا يجمع الأسلوب الأدبي بين الإفادة والتأثير.
3- تمتاز العبارة الأولى بالدقة والتحديد والاستقصاء، ولكن الثانية تعنى بالتفخيم والتعميم والوقوف عند مواطن الجمال والتأثير.
4- هذه المصطلحات العلمية، والأرقام الحسابية، والصفات الهندسية التي هي في الأسلوب العلمي مظهر العقل المدقق، يقابلها هذه الصور الخيالية والصنعة البديعة والكلمات الموسيقية التي هي في الأسلوب الأدبي مظهر للانفعال العميق.
5- والعبارة الأولى تمتاز بالسهولة والوضوح إذا كانت صادرة عن عقل رزين فاهم كما تمتاز بالجزالة والقوة ما دامت تعبر عن عاطفة قوية حية، فكانت كل منهما موسيقى صادقة لمعناها.
6- ومن ناحية التكرار لا ترى في الأسلوب العلمي تكرار الفكرة وترديدها، ولكن الأسلوب الأدبي يأخذ المعنى الواحد ويعرضه علينا في عدة صور بيانية مختلفة، تُمثل الإجلال والإعظام، ثم انظر إلى فكرة الضخامة تجدها مرة في صورة علم، وأخرى في صورة هضبة، وثالثة فوق الجباب والهضاب، وكذلك فكرة الخلود تجدها مصورة عدة صور، والخلاصة أن بين الأسلوبين فرقًا في المصدر والغاية والوسيلة، ونورد لك هنا ما قال شوقي في الأهرام ليكون مثالًا تطبيقيًّا. "ما أنت يا أهرام؟ أشواهق أجرام أم شواهد إجرام، وأوضاع معالم أم أشباح مظالم؟ وجلائل أبنية وآثار، أم دلائل أنانية واستئثار؟ وتمثال منصب من الجبرية أم مثال صاح من العبقرية؟ يا كليل البصر عن مواضع العِبر، قليل من البصر بمواقع الآيات الكبر: قف ناج الأحجار الدوارس وتعلم فإن الآثام مدارس، هذه الحجارة حجور لعب عليها الأول، وهذه الصفائح صفائح ممالك ودول، وذلك الركام، من الرمال، غبار أحداج وأحمال، من كل ركب ألم ثم مال. في هذا الحرم درج عيسى صيبًّا، ووقعت بين يديه الكواكب جثيا، وههنا جلال الخلق وثبوته، ونفاذ العقل وجبروته، ومطالع الفن وبيوته، ومن هنا نتعلم أن حُسن الثناء، مرهون بإحسان البناء"1.
هذا هو الأصل العملي للأسلوبين والفرق بينهما.. وقد يتجه بعض الباحثين اتجاها آخر، لعله نوع من المراء والجدل النظري الممقوت، فيقول: إن مواهب النفس وحدة واحدة، والإنشاء كله صنف واحد لا فرق بينه فنونه شعرًا أو نثرًا، فهو تعبير عن النفس أو عن تفاعلها مع الطبيعة أو هو أدب وكفى، ولكن هل تنبهوا إلى أن النفس البشرية لا تكون بحال واحدة دائمًا كما قلنا؟ ألم يلاحظوا أن هذه الفنون الأدبية ذات خواص متباينة؟ فيم هذا التباين؟ وما سره؟ الذي أخشاه أن تكون مثل هذه الدعاوى فرارًا من دقة النقد الأدبي، وهربًا من تحليل النصوص واستخلاص ما فيها من ميزات أسلوبيه هي التي تفرق بين الفنون الأدبية وكتابها، وهذا هو الخطر الخطير.

إن انصرافنا إلى الجانب الشكلي حين ذكرنا لكلمة أسلوب يدعونا إلى الحديث عن أركانة المتمثلة بالألفاظ والتراكيب
آ- الألفاظ : هي المادة الخام المحددة للأدب والتي تسير به بالاتجاه للشكلية ويفترض بالألفاظ أن تتصف بما يلي :
1- الملاءمة التامة للموضوع والمضمون .
2- الإيحاء المعبر الذي يثير معاني كثيرة متشعبة في النص .
3- الشاعرية الفياضة غير المنفّرة .
4- الألفة والاقتراب من النفس .
5- القوة والطرافة وعدم الامتهان بكثرة الاستعمال .
6- السهولة والخفّة على السمع والجريان على اللسان بيسر .
7- الرقة في المواطن التي يفترض فيها أن تكون رقيقة .
8 - وضوح الدلالة والتأثير البليغ النافذ بسرعة وسهولة للمتلقي .
9- البعد عن الغرابة والحوشي .
10- الجرس الموسيقي الخفيف الظل .
11- الدقة في التعبير عن المعاني .
ب - الجمل والتراكيب : وهي العمود الفقري للأسلوب الذي يحمل ثقل المعاني ويفترض فيها أن تكون :
1- متوافقة مع معانيها .
2- ملائمة للمقام الذي وضعت له .
3- أن ترد طويلة في مجال التأمل .
4- أو ترد قصيرة في المواقف الانفعالية .
5- أن تكون واضحة جلية .
6- أن تتلون بين الخبرية والإنشائية بحسب الموقف .
7- أن تكون اسمية أو فعلية بحسب رؤية الأديب ما يعتمل في نفسه من انفعال
ويؤثر بأسلوب الأديب عدة عوامل تجعل هذا الأسلوب يسير بالاتجاه الذي يتناسب معها على رأسها الموضوع أو الغرض الذي يحرك مشاعر الأديب ، فالغزل على سبيل المثال تناسبه ألفاظ الرقة في الوصف وألفاظ الحزن في العتاب والفخر تناسبه الجزالة وألفاظ البطولة ويؤثر في أسلوب الأديب ذوقه ومزاجه وطبيعته وثقافته وبيئته فالأديب الحضري يستعمل الألفاظ السهلة المأنوسة الناعمة المألوفة الرقيقة وقد كان للبيئة الصحراوية العربية أثر كبير في استعمال الشعراء العرب لألفاظ تدل على الخشونة بينما ساهمت الثقافة الفلسفية في التأثير على الشاعر أبي العلاء المعري في صبغ شعره بلون الفلسفة . إن حقيقة وصفنا للأسلوب بالجودة وحسن التناول يتطلب الوضوح لقصد الإفهام والقوة لقصد التأثير والجمال لقصد الإمتاع وبذلك يحقق الأسلوب الشروط اللازمة له وهذا ما يدعونا إلى الحديث عن ضرورة ارتكاز الأسلوب على البلاغة ، لأن الأساليب تتباين وتتنوع بتنوع الموضوعات والفنون الأدبية وأذواق الأدباء



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)