خصائص أسلوب الخطابة الدينية:
تتميز الخطابة الدينية عن غيرها من الخطابة الاجتماعية والسياسية إذ لا بد فيها من خصائص تجعلها قريبة من نفوس المتلقين حتى ترقق قلوبهم وتستميلها من أجل تمثل أحكام الشرع ومحبة الله تعالى ومحبة الناس وهدايتهم للخير ، ولمّا كان الأسلوب الخطابي يتميز عن بقية أساليب الكلام بكثرة الجمل الإنشائية والألفاظ المؤثرة والكلمات الموحية المؤججة للمشاعر والمرققة للقلوب والهازة للنفوس فلا بد للخطيب من العناية بانتقاء كلماته المعبرة وسبكها في تراكيب وجمل تؤدي الغرض المنشود الذي يشد السامع إليه ويوصل الفكرة المبتغاة إلى قلبه وعقله وهذا الاختيار للكلمات يرفع قيمة الخطبة ويزيدها جمالاً ويكسوها حسناً وبهاءً من خلال كونها مأنوسة واضحة ذات جرس موسيقي مناسب للأفكار ومعبر عنها بعيدة عن الغرابة والتعقيد والتقعير . فإذا كان الموضوع يتحدث عن الإيمان اختار الخطيب ألفاظاً معبرة بموسيقاها عن طمأنينة القلب وسمو الروح واستقامة الجوارح ، وإذا كان الموضوع يتحدث عن الجهاد اختار الخطيب ألفاظاً معبرة عن الحماسة والشجاعة والعزيمة ،وإذا اختار الخطيب موضوعاً يتحدث عن الحزن اختار ألفاظاً موحية بجرسها الموسيقي بمعاني الحزن والتحسر والألم والفراق والأسى والمصيبة والفاجعة ، والخطبة البارعة يبتعد فيها الخطيب عن الألفاظ الركيكة والعامية والمبتذلة حتى لا يفقد الأسلوب رونقه وجماله وتأثيره في النفوس ، وإن من أخطر العيوب في الخطبة(اللحن) و(التكرار) في الألفاظ والأفكار والجمل ، وعلى الخطبة أن تكون تراكيبها قوية متماسكة محققة للمعنى المقصود وسليمة من الضعف والتفكك خالية من التكلف والسجع تلون أسلوب عرض الخطبة حيث تتغير ضروب التعبير من استفهام وأمر ونهي وتعجب لتنبيه الأذهان ولاستقطاب الأسماع ولتأخذ بمجامع القلوب وتأثر في النفوس.
12 - ميزات أسلوب الخطبة:
يفترض أن يتميز أسلوب الخطبة(أي خطبة) بما يلي :
1-الوضوح في الأفكار والمعاني
2-الجمال في العرض والمناقشة
3-القوة في الأداء
4-ترك بالغ الأثر في نفوس المتلقين فكراً
5-القدرة على الاستيلاء على مشاعر المتلقين
13 - الخطبة بين الارتجال والتدوين :
تنوعت الخطب من حيث إعدادها إلى ( خطب مدونة وخطب مرتجلة )
الخطب المرتجلة : وهي التي يلقيها صاحبها مباشرة دون تحضير
ولهذه الخطبة المرتجلة محاسن ومساوئ :
أ -محاسنها:
من محاسن الخطب المرتجلة
1 - تحقيق الاتصال بين الخطيب والحضور
2 - منح الخطيب حرية أوسع في معالجة القضايا التي يتناولها
ويشترط لنجاح الخطبة أن يقوم الخطيب بتحضيرها مسبقاً فيحدد الأفكار التي سيتناولها مع الشواهد اللازمة والمناسبة
ب ـ-مساؤها :
ومن مساوىء الخطب المرتجلة
1 - حالات الإرتاج التي قد يتعرض لها الخطيب فيضرب كلامه ولا يتمكن من متابعة خطبته
2 - وقوع الخطيب في شرك التكرار أو الإطناب الممل أو الإيجاز أو عدم السيطرة على الوقت أو إطالة الخطبة مما يؤدي إلى ملل المستمعين وحرصهم على وصول الخطيب إلى ختام خطبته وفي هذه الحالة تفقد الخطبة أهم أغراضها وهي تفاعل الجمهور وفهمه للموضوع
3 - ركاكة التعبير وعدم ترتيب الأفكار وترابطها
4 - الخروج على الموضوع أو الاستطراد الذي يضيع معه المستمع
غير أن معظم هذه السلبيات المذكورة تنجم عن عدم التحضير الجيد المسبق للخطبة .
الخطبة المدونة:
وهي الخطبة التي يكتبها صاحبها قبل إلقائها
أ - محاسنها:
1 - الدقة التعبيرية
2 - ضبط الأفكار والزمن
ب - مساوئها :
1 - ضعف الصلة بين جمهور المستمعين والخطيب
2 - تقييد حرية الخطيب في الكلام
والخطب المكتوبة غير محببة ولا مرغوبة لدى المستمعين ويستدل بعضهم بها على ضعف الخطيب وضحالة ثقافته لذلك نجد معظم الخطباء يتجنبون الخطب المكتوبة حفاظاً على مكانتهم في الخطابة . والحق يقال إن الخطبة المرتجلة إذا تهيأ لها الإعداد الجيد المسبق من تحديد الأفكار وضبط الزمن وتخير الألفاظ المؤثرة هي بالتأكيد أفضل من الخطبة المكتوبة وأعظم منها أثراً في النفوس وأكثر فائدة .
14 - خصائص الخطبة الناجحة
يجب على الخطيب الناجح أن يوفر لخطبته كل عوامل النجاح والتأثير على المتلقى
أبرز خصائص نجاح الخطبة:
1 - اختيار الموضوع المناسب لواقع الحضور ومستواه الثقافي
2 - تحديد الأفكار الأساسية للخطبة وما يتفرع عنها .
3- إغناء الموضوع بالشواهد المناسبة مع ربط الشاهد بفكرته
4- التحضير الجيد المسبق وهذا يساعد على استيعاب الموضوع الذي يتناوله والإحاطة به
5- يجب أن تكون لغة الخطيب واضحة فصيحة بعيدة عن الابتذال والتقعر والتكلف في الكلام و غريب الألفاظ
6 - إيصال الفكرة إلى المتلقي بيسر وسهولة .
7- استخدام وسطية الصوت بين الجهوري والخافت فتكون طبقات الصوت وإيقاعه مناسبة لفواصل الكلام ومواقف الأفكار
8- وسطية الانفعال فلا يشتد به الحماس فيخرجه عن طوره واتزانه في الخطبة فيعلو صراخه من غير ضرورة فلا يفقه الحاضرون ما يقول ولا يسيطر عليه البرود فتتحول الخطبة إلى درس وعظ وإرشاد فتفقد الجاذبية وعنصر التأثير في نفوس المستمعين
9- اتصال الخطيب بجمهوره بجعل الأنظار مشدودة إليه وكأن الناس على رؤوسهم الطير.
10- تجنب الإطالة المملة والقصر المخل
11- تجنب الاستطراد في الأفكار والتحكم في استطراده في حدود ما يتطلبه الموضوع.
15 - شخصية الخطيب:
الخطيب هو الذي يقف أمام جمهور من الناس يتحدث إليهم في موضوع محدد بنبرة خطابية وبهيئة مخصوصة متقيداً بعناصر الخطبة وأسلوبها ، وليس كل من تحدث أمام جمع من الناس قل أو كثر يعتبر خطيباً فهناك المحاضر وهناك المعلم والمدرس والمحامي الذي يرافع أمام القضاء في قضية ما وهؤلاء جميعاً ليسوا خطباء ؛ أما الخطيب فله خصوصية مميزة عن الآخرين
- مزايا الخطيب الناجح :
آ- مزايا الطبع والفطرة :
1- الموهبة الفطرية للخطيب الموفق: هو الذي حباه الله من فضله قدرة على أداء الخطبة دون تكلف فينساب الكلام على لسانه عفو الخاطر دون عناء ولكنه يحتاج إلى تدريب وممارسة الخطابة ليشحذ مقدرته الخطابية ويقويها ويهذبها ؛ وأما إذا فقد المرء استعداده الفطري للخطابة ، فإن أداءه الخطابي سيكون دون المستوى المطلوب لأنه في هذه الحالة لا يبلغ مستوى من كانت الخطابة لديه موهبة فطرية مغروسة في طبعه حتى لو تدرب ومارس الخطابة فنجاح الخطبة وقوة تأثيرها تتوقف على الاستعداد الفطري عند الخطيب وهذا لا يعني أن نقلل من شأن الدربة ونغفل عن مكانتها ودورها في نجاح الخطيب فهي تساعده على القيام بمهمة الخطبة في المستوى المتوسط على أكثر تقدير لكنها لا ترقى به إلى مقام الخطباء المبدعين الذين يقصدهم الناس من أماكن بعيدة ليستمعوا لها ويشار إليهم بالبنان .
2- الفصاحة وقوة البيان: فلغة الخطيب الفصيحة وقوة بيانه تعدان من أبرز صفات الخطيب الناجح لأن الكلمات ستكون طوع لسانه والعبارات وفق إرادته ينزلها الموقع الذي يريد في خطابه إن مثل هذا الخطيب قادر على التأثير في النفوس وإلهاب المشاعر وشد الانتباه إليه ولقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال له : ( يعجبني جمالك) قال: وما جمال الرجل يا رسول الله ؟قال : ( لسانه)
3- الشجاعة الأدبية: تعتبر الشجاعة الأدبية عنواناً لقوة الشخصية لدى الخطيب ولها أثر كبير في سيطرة الخطيب على قلوب السامعين والتأثير في نفوسهم ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في ميدان قوة الشخصية لمن أراد أن يتبوأ أعلى مراتب الخطابة قال سيدنا علي رضي الله عنه في وصف الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام : ( من رآه بديهة هابه ومن عاشره خلطة أحبه) وكان صلى الله عليه وسلم إذا خطب خشعت له القلوب وذرفت من كلامه العيون ورحم الله أحمد شوقي حيث قال
وإذا خطبت فللمنابر هزة تعرو الندي وللقلوب بكاء
ومن مظاهر قوة الشخصية عند الخطيب تجنب رذيل القول وسوء الفعل والحذر من كثرة المزاح لأنها مسقطة للهيبة فيرى الناس في الخطيب شخصية هزلية فلا يتأثرون بكلامه ولا ينتفعون من خطابه
ب- مزايا التحلي بمكارم الأخلاق:
الخطيب في نظر الناس من أعظم المربين ومن كان هذا شأنه لا بد أن يتحلى بأدب الحديث ويتمسك بمكارم الأخلاق لأن حسن الخلق من أهم الصفات النبيلة التي يجب على الخطيب أن يتحلى بها ليكون قريباً من قلوب الناس ونفوسهم فيستجيبون لحديثه ويتأثرون بكلامه وبخلقه المحمود ويتمكن من زرع الثقة في نفوس سامعيه فيحبونه لأنه في نظر أبناء مجتمعه نموذج للقدوة الصالحة ، فإذا أمرهم بمعروف ائتمروا به وإذا نهاهم عن منكر كان منتهياً عنه أصلاً وبذلك تتجسد أخلاقه الحميدة في أفعاله وأقواله وسائر أحواله فيفرض بذلك على الناس احترامه ؛ أما إذا كان الخطيب سيء الأخلاق فاسد السلوك ملطخاً برذائل الأقوال والأفعال قبيح الصفات فمهما أوتي من البيان والفهم والفصاحة فسوف يفشل في التأثير في قلوب مستمعيه حتى لو أصغوا إليه فهم لا يثقون به لأن أقواله في واد وأفعاله في واد آخر وينقض فعله قوله لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد من فقدان الثقة بالخطيب بل يتعداه إلى الإساءة إلى الإسلام نفسه فيشوه صورته النقية بسوء فعله عند حديثي العهد بالإسلام من الأحداث أو عامة الناس الذين لم يصل عندهم الوعي الإسلامي إلى مستوى يميزون فيه بين الخطيب وما يقوله، لذلك أنكرت الآيات البينات أشد النكير على هذه الفئة من الخطباء والدعاة الذين لم يجعلوا من أنفسهم قدوة حسنة يقدمونها للناس قال تعالى : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) وقال تعالى : (يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون* كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ، وقد بينت الأحاديث سوء المصير في الآخرة لأمثال هؤلاء الخطباء فقد جاء في حديث الإسراء والمعراج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في رحلته على أناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقال : (يا أخي يا جبريل من هؤلاء قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون) ، وجاء في الصحيحين عن أسامة بن زيد قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون يا فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)ولا شك أن هذا التصرف السيء من الخطيب مخل بالإخلاص وقد حرم نفسه من ثناء الله على المخلص لأنه خرج من زمرتهم قال تعالى : (إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجراً عظيماً)، وللإخلاص أثر فعال في توجيه النفس البشرية نحو الخير والخطيب الذي يتحلى بالإخلاص يؤتيه الله قوة تأثيرية مميزة يستطيع بها أن يترك بالغ الأثر في نفوس الجمهور لأن كلامه من القلب وما خرج من القلب يصل إلى القلب ويمكن للخطيب أو الداعية أن يؤثر في أشد القلوب قسوة فيضيء في جنباتها نور الإيمان والخير فيخرجها من الظلمات إلى النور ولقد تمكن سلفنا الصالح بقدوتهم الحسنة وإخلاصهم أن يفتحوا القلوب قبل البلدان
16 - واجب الخطيب أثناء إلقائه خطبته
1- أن يكون جيد الإلقاء
2- أن يكون صوته جهورياً
3 - عدم الخجل والخوف من مواجهة الجمهور
4 - أن يتحلى بالشجاعة والجرأة الأدبية
5- أن يتمكن من توزيع طبقات الصوت أثناء إلقائه ، فالنبرة الحماسية لها موقفها وأسلوبها ومعانيها والنبرة المتوسطة لها دورها في الكلام ومواقفها الملائمة لها
6 - أن يبدأ خطبته هادئاً واضح الكلام ثم يرفع من وتيرة صوته شيئاً فشيئاً ويعود إلى هدوئه خلال الخطبة
7 -سلامة النطق وفصاحة الكلام بمراعاة لفظ الحروف وإخراجها من مخارجها بشكل دقيق
8 - تجنب الأخطاء النحوية والأغلاط اللغوية وأن يتقن قواعد النحو مع ضبط عين الكلمة وفائها حتى لا يقع في عيوب الألفاظ
9- مراعاة الخطيب للمعاني والوقوف في المواطن المناسبة فلا يقف وقوفاً مفاجئاً ولا يستمر في الحديث لأن التوقف المفاجئ يبتر الكلام فتفقد الخطبة فائدتها وتأثيرها في السامعين
10 - سرعة البديهة في أجوبة الخطيب إذا سئل وهو على المنبر فإنه يزيد من مكانته في نفوس الجمهور.
11- تأجج حماس الخطيب ، فإذا بردت عاطفة الخطيب وفترت مشاعره خبت شعلة تأثيره وذلك لتجديد نشاط السامعين وتنبيه أذهانهم
12 - يجب أن تتناسب حماسة الخطيب مع أفكار خطبته وتنسجم مع معانيها وأفكارها ؛ وكان صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: ( صبحكم ومساكم بعثت أنا والساعة كهاتين ) ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول : (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) ثم يقول : ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإليّ وعليّ) رواه مسلم ،
17 - مظهر الخطيب في هيئته وملابسه وسمته:
حث الإسلام على الاهتمام بالمظهر بشكل عام لأن الإسلام هو دين الحضارة والأناقة فلا عجب أن يطلب من أتباعه أن يكونوا كالشامة بين الناس نظافة وترتيباً وحسن مظهر خاصة في مجتمع الناس ، قال تعالى : (خذوا زينتكم عند كل مسجد) وكان صلى الله عليه وسلم يوجه أصحابه خاصة والمسلمين عامة على مدار الزمن إلى التأنق باللباس وكل ما من شأنه أن يرفع من شخصية المسلم فلما رأى رجلاً ثائر الرأس قال : ( أما وجد هذا ما يسكن به شعره )وكان صلى الله به وسلم يتعطر، فإذا مر بمكان يعرف أنه مر صلى الله عليه وسلم من هذا المكان من رائحة العطر الفواحة وإذا جاء وفد زائر ينظر في المرآة ويسوي شعره ولحيته ، فعن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان ينظر بالمرآة وهو محرم فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين عامة فيحسن بالخطيب أن يكون حسن المظهر وباعتبار أن الخطيب يقف موقف الوعظ والإرشاد والتعليم أو على منبر الخطابة فهو محط أنظار جمع من الناس ينظرون إليه ويسمعون حديثه فعليه أن يظهر بمظهر لائق لمثله مرتدياً ثوباً يدل على الوقار مسرحاً لحيته كي يزداد وقاراً ورفعة في نفوس الناس ورد في سيره الإمام مالك أنه خرج إلى مجلس العلم يغتسل ويتطيب ويلبس ثوباً جديداً نظيفاً ومعه عود الطيب يبخر به مجلسه وقد ورد في كتاب زاد المعاد لابن قيم الجوزية عن ملابس الرسول صلى الله علية وسلم كانت له عمامة تسمى : السحاب كساها علياً وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة ويلبس العمامة بغير قلنسوة وكان إذا اعتمَ أرخى عمامته بين كتفيه كما رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن حريث قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه) وفي صحيح مسلم أيضاً عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء ويستحب لبس البياض من الثياب لما رواه أبو داود والترمذي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم )
18 - وقفة الخطيب على المنبر :
ينبغي للخطيب أن يقف على المنبر وقفة وقار ، فيسلم على الحضور عند صعوده بتحية الإسلام ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ولا يكثر من الالتفات يميناً وشمالاً أو يكثر من الحركة والإشارة بيده لأن كثرة الحركة يغير لزوم تخل بوقار الخطيب ولا يعني أن يقف دون حراك كالتمثيل بل يتحرك بهدوء ويشير بيده حسب ما يقتضي حال الموقف وأن يكون مرتاحاً في وقفته ولا يبدأ الكلام حتى تهدأ نفسه وتسكن جوارحه وتتهيأ أسماع الحضور لاستقبال ما يلقى عليهم من مواعظ
19 -ثقافة الخطيب :
يتمتع الخطيب بمكانة علمية مرموقة في نظر المجتمع الذي يعيش فيه وفي مجال الإشارد والتوجيه يتبوأ موقفاً رفيعاً يعد في نظر الناس من حوله موسوعة علمية لا يعجزه جواب عن أي سؤال يخطر على بال خاصة على نطاق العلوم الشرعية والفكر الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة والتاريخ والأدب ، ولاشك أن هذه الثقة التي يمنحها المجتمع للخطيب أمر إيجابي يساعده على أداء مهمته التوجيهية بنجاح وعلى الخطيب والحالة هذه ألا يخيب ظن أبناء المجتمع فيه فيعمل جاهداً على تحصيل العلوم والمعارف المتنوعة ليحافظ على مكانته المرموقة عندهم وإن أهم ما يجب على الخطيب أن يفعله هو بناء شخصيته العلمية فيسعى جاهداً لتنويع ثقافته وتوسيع دائرة معارفه وذلك بالاطلاع الدائم على شتى أنواع العلوم والمعارف ما سلف منها وما هو موجود فيطلع على كل جديد وهذا يساعده على إغناء أي موضوع يتناوله فإذا تناول في إحدى خطبه بدعة الإلحاد وإنكار وجود الله والطعن في الدين يستطيع أن يرد على المفترين بموضوعية ويثبت لهم وجود الله بالأدلة العقلية المنطقية والأدلة العلمية التي يعتبرونها أوثق الأدلة مما يجعلها إذا كانوا غير معاندين يندمون ويتراجعون عن غيهم وضلالهم فيفيئون إلى ظلال الإيمان وينعمون برحمة الله الواسعة فيسعدون في الدنيا والآخرة وهذا لا يتأتى للخطيب إلا إذا كان مطلعاً ومتفهماً لأدلة الإعجاز العلمي في القراّن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومن المحتم على الخطيب أن يضع في أولويات تحصيله العلمي فهم القراّن الكريم وتدبر آياته وإتقان تلاوته وليكن على يد أحد العلماء المتخصصين وبإشرافه وأن يحفظ أقصى ما يستطيع من سور القرآن الكريم وآياته مع الأحاديث النبوية الشريفة ويلم بعلم المنطق ويستوعب ما في علم النفس والاجتماع من معلومات ونظريات تساعده على نجاح خطبته وكلما كان الخطيب واسع العلم كثير المعرفة كان نفعه أكبر وعطاؤه أعظم وغزارة العلم والمعرفة تمد الخطيب بقوة الثقة بنفسه والاستمرار في حديث دون تردد أو حرج والخطيب الناجح يحافظ على المستوى العالي لخطبته وهذا يتطلب منه عدم الانقطاع عن طلب العلم لأن عجلة العلم لا تتوقف مادامت الحياة باقية فالخطيب إذن : يحتاج إلى العلوم واكتساب المعارف الجديدة ولا يتحقق ذلك إلا بالمطالعة المستمرة وحضور مجالس العلماء والأخذ عنهم ومتابعة المطالعة في المراجع والمصنفات الكبرى التي أودع فيها كبار العلماء خلاصة علمهم وعصارة تفكيرهم في الماضي والحاضر ولا بأس أن يكون معه دفتر وقلم يدون كل فكرة تعجبه أو رأي يرتاح إليه أو حكمة قيمة أو حادثة فيها عبرة وعظة .
-أثر ثقافة الخطيب في نجاحه :
إذا اتسعت معارف الخطيب وتنوعت ثقافته كان تأثير كلامه في نفوس سامعيه قوياً من جهة ومن جهة أخرى يشعر الحضور بالفائدة فيزداد حرصهم على سماعه ومتابعة خطبه فيأخذون منه الأحكام الفقهية الدقيقة لثقتهم بعلمه وصحيح الأحاديث النبوية الشريفة لتأكدهم من فهمه لها ويجدونه متقناً لتلاوة القرآن الكريم ضابطاً لحفظه لا يلحن في قراءته ، وإذا تناول موضوعاً يتصل بقضايا الساعة التي لها علاقة بمستقبل الإسلام وشؤون المسلمين تلقاه عميق الفهم يوثق أفكاره بالأخبار والشواهد من التاريخ والأحداث المعاصرة مما يدل على دقة اطلاعه ومواكبته للقضايا الدولية ورصده للمؤامرات الشريرة التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين في أروقة الدول الاستعمارية الكبرى التي تنفذ بدورها مخططات الصهيونية ، لذا تراه يقرأ الصحف والمجلات الأسبوعية والشهرية واليومية ويتابع الندوات وبرامج وحوارات المحطات الفضائية العربية والأجنبية ولا يعدم الخطيب الناجح الأسلوب الأدبي فتشرق خطبته بسحر البيان وجمال التعبير مما يزيد فصاحته بياناً ووضوحاً فتصل إلى أذهان المستمعين بسهولة ويسر مقرونة بالإعجاب والارتياح .
20-زاد الخطيب:
إن الخطيب الناجح لا بد أن يتزود بزاد يتناسب مع مهنته، وأهم ما يتزود به الخطيب ما يلي:-
1- القرآن الكريم: ينبغى على الخطيب أن يكون وثيق الصلة بالقرآن، كثير التلاوة له، متقنًا تجويده، مجتهدًا في حفظه.
2- الحديث الشريف: على الخطيب أن يكون جليس كتب الحديث الشريف وأن يطلع على أكبر قدر من أبواب الحديث، كما عليه أن يحفظ قدرا كبيرا من الحديث يمكنه من الاستشهاد بسنة سيد الخلق في شتى المناسبات، ومختلف المجالات.
3- السيرة والتاريخ: ينبغى على الخطيب أن يهتم بقصص الأنبياء، ويدرس سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- دراسة خاصة من زوايا متعددة، ومراجع متنوعة.
4- الأحكام الفقهية: ينبغى على الخطيب أن يكون ملما بكثير من الأحكام الفقهية؛ ليقدم للناس الحلول العملية من الأحكام الإسلامية.
5- الحكم والأمثال: من أعظم الأساليب المؤثرة الحكم والأمثال، فهي كلمات مختصرة، تجمع خلاصة معانٍ، وحصاد تجارب لها أبعادها في النفس. والخطيب الموفق هو الذي يحرص على حفظ أكبر قدر من الحكم والأمثال ليستشهد بها في مواضعها.
6- السياسة والتيارات الفكرية: يجب على الخطيب أن يطلع على أحداث الناس وقضايا الساعة، ويقدم للناس فهم الإسلام في شتى ميادين الحياة.


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)