فنون الخطابة الإسلامية:
1-خطب الوعظ الديني
أ-تمهيد: الوعظ الديني هو الأمر بالمعروف في الدين والنهي عن المنكر فيه، وقد أجمعت عليه الشرائع، وهو القطب الأعظم في الدين، والأدلة على لزوم الأمر بالمعروف، والنهي عن المذكر كثيرة في الشريعة الإسلامية؛ حتى لقد عُدَّتْ -بحق- شريعة التواصي بالحق، والتناهي عن المنكر؛ فقد قال تعالى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر] ، وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران] . وقال جل شأنه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} .
ب-أقسام الوعظ:
تتشعب الخطابة الوعظية إلى أربع شعب وهي:
أ- خطب الدعوة إلى الإسلام أو الدفاع عنه: يجب على من يتصدى لهذا النوع من الوعظ أن يكون مرنا على الجدل، قوى الحجة، ناهض الدليل، خبيرا بشئون الجماعات ملما بالملل والنحل والعقائد القديمة والحديثة؛ ليستطيع الموازنة بين صحيح العقائد وسقيمها، وحقها وأكلمها، فإذا دعا أو جادل كان على بينة من أمره، وعند دعاية قوم إلى الإسلام يبين لهم من مبادئه ما يكون أحب لقلوبهم، والإسلام غني بالمبادئ التى تألفها الجماعات وتحبها؛ إذ هو دين الفطرة التي فطر الناس عليها، ففيه مبادئ الحرية، وفيه مبادئ الشورى، وفيه مبادئ المساواة، وفيه مبادئ التعاون، وفيه مبادئ السلام، وفيه مبادئ الرحمة والعطف الإنساني، وكل جماعة ترضى ذلك وتألفه، فليقتبس الداعي إلى الإسلام قبسة من ذلك النور يتخذ منها مصباح دعوته؛ ليستضيء به في دياجير الضلال. وإذا آنس الداعي ممن يدعوهم إلفا ورغبة في التعرف بعد ذلك، بين لهم حقائق الإسلام كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفهم أسرارها وحكمها وصلاحها، وتاريخ الذين أقاموها. وإذا اعترض معترض على الإسلام فهاجمه في إحدى شرائعه أو مبادئه، وأراد الواعظ أن يرد عليه اعتصم بالمنطق في أشكاله وأقيسته فإنها هي التي تبين ما في الكلام من باطل. وعليه أن يوازن بين الإسلام وبين غيره من العقائد وخصوصا عقيدة الشخص الذي يدعوه أو يناقشه، وليكن ذكر الواعظ لما يعتقد غيره من غير سب، ولا لعن، حتى لا يحنق خصمه، فيندفع في الطعن في الإسلام، وتنتقل المجادلة من مناقشة عقلية إلى سب للعقائد ومعتنقيها، وليعتبر بقوله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} ، وبقوله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .وفي هذه الخطب الجدلية التي تشتمل على دعوى إلى الهداية المحمدية يتحرى الخطيب أن يتكلم بلغة من يدعمهم؛ ليستطيع أن يضع أفكاره في الألفاظ التى تدل عليها دلالة محكمة من غير احتمال لغيرها؛ ولتكن عباراته واضحة القصد بينة المقصد؛ لا التباس ولا غموض ولا إبهام، ولتكن بأسلوب رائق جذاب، وألفاظ تثير الخيال وتجتذب النفس.
ب- خطب التعليم الديني للعامة: هذا النوع من الخطب دروس دينية يلقيها الواعظ على العامة، يعرفهم فيها أصول دينهم والأحكام الشرعية العملية التي يدعو إليها، والفضائل الخلقية التي يحث عليها، ويجعلها أساسا لقيام الجماعة الإسلامية الفاضلة، وهذه الدروس إما بيان العقائد، وإما بيان الأحكام والفضائل، وعليه في بيان العقائد وإثباتها أن يبتعد كل الابتعاد عن الشروح الفلسفية، وأن يبتعد عن مواضع الخلاف ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وليعول كل التعويل على الكتاب؛ فليبين لهم أوصاف الله كما ذكرها القرآن الكريم لا يتعداه، ولا يتجاوزه، وليذكر أوصاف النبيين كما وصفهم الله الأنبياء. وإذا كان الواعظ يعلِّم الناس أحكام دينهم وفضائله، فعليه أن يعمد إلى توضيح ذلك كل التوضيح. وفي هذه الخطب التعليمية يتحرى الخطيب أن تكون عباراته واضحة الصور في أذهان الناس من غير أي تنميق أو تحسين، فمقصده الأول أن تنتقل معانيه إلى أخيلتهم، فيتصوروها كما تصورها هو، وإن اضطر في سبيل ذلك إلى أن يكون درسه كله بالعامية فليفعل؛ لأن الغرض من هذا النوع من الخطب التفهيم لا التأثير، وتوضيح الفكرة لا تزيينها وإن كان أولى أن يعود نفسه على النطق باللغة العربية.
جـ- خطب تثبيت الإيمان وتقويته:
يتجه الخطيب إلى هذا النوع من الخطب؛ ليقوِّي اليقين في قلوب المؤمنين، ويثب دعائم الإيمان في قلوب المهتدين، ويلقي في نفوسهم الحماسة لدينهم. وليجعل الخطيب قوام خطبته الأمور الآتية:
1- فضائل الإسلام: فيبين لهم فضائله. وكيف كان طريق المجد والعلو في الدنيا والآخرة، ويبين لهم أنه عصمة للجماعات، وحفاظ لوحدتها، وأنه مربي الوجدان، وموقظ الضمائر، وأنه العاطف على المسكين وابن السبيل، والداعي إلى الإخاء والحرية والمساواة، وأنه المشتمل على الشرائع التي تكون ممن يأخذون بها جماعة فاضلة، أسست على تقوى من الله ورضوان.
2- الكتاب: فيشرح بعض آيات الكتاب الحكيم المبينة حقيقة الإيمان الذاكرة أوصاف المؤمنين، وما يكون لهم يوم القيامة من منزلة، وما لهم في الدنيا من مكانة. فالقرآن بما حفَّ من جلال، وبما اشتمل عليه من إعجاز وبلاغة، وبما له من حلاوة، وما عليه من طلاوة يهز الإحساس، ويقوي الإيمان وفيه هدى للمتقين. وفي هذه الخطب تُختار الألفاظ القوية الرنانة التى تثير في النفس المعاني القدسية الروحية، وتذهب بها في مجال المعنويات، وتحلق بها في سماء الحقيقة.
د- خطب الإصلاح ومحاربة المنكرات: يتجه الواعظ في هذه الخطب إلى إصلاح العيوب الشائعة الضارة بالمجتمع، الهادمة لبناء الأخلاق فيه، فقوام هذه الخطب محاربة المنكرات، ومنع الفواحش من أن تشيع في الذين آمنوا، ولكي يصل الخطيب إلى هدفه لا بد أن يجعل الخطبة متصدية لعيب واحد، وليبدأ الواعظ في خطبته بأكثر المعاصي خطرا، وأشدها هدما للدين، وفي وعظ الناس بالنهي عن المنكر يبين لهم الخطيب مضار المنكر التي تنزل بمرتكبه، الحائقة به، ثم يبين لهم مضاره بالمجتمع، ويستشهد بآيات القرآن الكريم وما فيه من دلالة على قبح ذلك المنكر، والآيات الواردة في الترهيب منه، والترغيب في نقيضه، وبمثل ذلك يستعين بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالمأثور رغبة، ويبين هديه عليه الصلاة والسلام وفي هذه الخطب ينوع الخطيب عباراته، فتارة يختار الألفاظ القوية التي تهز الحس حسًا عنيفًا إن أراد تحذيرهم بالترهيب من سوء العاقبة، وتارة يختار الألفاظ السهلة اللينة الرقيقة إن أراد اجتذابهم إلى اليسير فيما فيه حسن المآل.


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)