التوقيعات الأدبية
أ-تعريف : هي قطع نثرية تكون على شكل رسالة قصيرة أو كلمة وجيزة ترسل لشخص أو لجماعة من أصحاب المكانة السياسية أو الأدبية يوجز فيها مرسلها ما يريد توصيله من فكرة أو حكمة أو قضية بحيث يستوعب المرسل إليه ما يريد المرسل. والتوقيعات أشبه بقرارات موجزة غالبا ما يتخذها الخليفة سابقا للتوجيه وتصريف الأمور وهي ذات هدف وظيفي يتصل بالحكم وحياة الناس ولو تأملنا في هذه التوقيعات ليتبين لنا أنها تقوم على ( الترادف – التوازن – السجع – التصوير ) . ومن هذه التوقيعات :
1-شكوت فأشكيناك وعتبت فأعتبناك ثم خرجت عن العامة فتأهب لفراق السلامة
2- قد كثر شاكوك وقل شاكروك , فإما عدلت وإما اعتزلت .
3- أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت .
4- لو عدلت لم يشغبوا ولو وفيت لم ينهبوا .
5-الحق أولى بنا والعدل بغيتنا.
ب-ومن شروطها :
1 - الإيجاز.
2 - البلوغ(بلاغة ما يرسل).
3 - الحكمة المستخلصة من ذلك.
ج-نشأة فن التوقيعات:
نشأ هذا الفن في حضن الكتابة، وارتبط بها، و لم يعرف عرب الجاهلية التوقيعات الأدبية كذلك لم تُعرف التوقيعات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الكتابة أيضاً لم تكن شائعة ، وبلغ من أهمية التوقيعات الأدبية داخل ما يسمى بديوان الإنشاء أن خصه المؤرخ المصري – فضل الله العمري بكتاب كامل سماه – المصطلح الشريف – وفيه يشرح رتب المكاتبات السلطانية وإجراءاتها وكيفية التوقيع على الرسائل الواردة إلى السلطان. حيث كان للعمرى أكبر الفضل في تجديد هذه النظم أيام توليه ديوان الإنشاء وعلى يده بلغت ذروتها من الافتنان والتناسق والدقة. كما خص هذا الفن البديع – أبو العباس القلقشندي في موسوعته «صبح الاعشى» برسالة موجزة بين فيها ما يحتاج إليه موقع الإنشاء من المواد وما تقتضيه من أصول ورسوم وأساليب. وقد كان الخلفاء والأمراء يوقعون على الرسائل والمعاملات بأنفسهم أو يستعينون بعدد من الكتاب القادرين على الكتابة الفنية الرائعة. يقول ابن خلدون في ذلك «ومن خطط الكتابة التوقيع : وهو أن يجلس الكاتب بين يد السلطان في مجالس حكمة وفصله ويوقع على القصص المرفوعة إليه أحكامها والفصل بما تلقاه من السلطان بأوجز لفظ وأبلغه ، فإما أن تصدر كذلك وإما أن يحذو الكاتب على مثالها في سجل يكون بيد صاحب القصة ويحتاج الموقع إلى عارضة قويه من البلاغة يستقم بها توقيعه». ومن أقدم ما عرف من هذا الفن ما جاء عن الخليفة الراشد – أبو بكر الصديق - في توقيعه على رسالة خالد بن الوليد . فقد كتب خالد رضى الله عنه إلى أبى بكر الصديق يستشيره في أمر الحرب وكيف تكون فكتب له أبو بكر «احرص على الموت توهب لك الحياة» ، ويبدو أن مثل هذا التوقيع لقي استحسانا من خالد بن الوليد ورجالة فأمر بإذاعته بين الجند وانتشر خبر هذا التوقيع حتى حاول الكثيرون من بعدة السير على منواله فكان ذلك بداية لهذا الفن الجميل.؟ ثم شاعت التوقيعات في عهد عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، لشيوع الكتابة، وامتد هذا الشيوع بصورة أوسع في عصر بني أمية، أما في العصر العباسي ومع ازدهار الكتابة الفنية وتعدد أغراضها، وحلولها محل الخطابة في كثير من شؤون الدولة وقضاياها، فأصبح الكاتب البليغ مطلباً من مطالب الدولة تحرص عليه وتبحث عنه لتسند إليه عمل تحرير المكاتبات، وتحبير الرسائل في دواوينها التي تعددت نتيجة لاستبحارها واتساع نطاقها، وكثرة ما يجبي من الخراج من الولايات الإسلامية الكثيرة المتباعدة، وأصبح لا يحظى بالوزارة إلا ذوو الأقلام السيالة من الكُتاب والبلغاء المترسلين، كالبرامكة- الذين نبغوا في كتابة التوقيعات ، وقد أنشأ العباسيون للتوقيعات ديوانا خاصا سمّي بديوان التوقيعات، وأسند العمل فيه إلى بلغاء الأدباء والكتاب ممن استطارت شهرتهم في الآفاق وعرفوا ببلاغة القول، وشدة العارضة، وحسن التأني للأمور والمعرفة بمقاصد الأحكام وتوجيه القضايا. يقول ابن خلدون في ذلك: «واعلم أن صاحب هذه الخطة لابد أن يتخير من أرفع طبقات الناس، وأهل المروءة والحشمة منهم، وزيادة العلم وعارضة البلاغة» . وكان للتوقيعات البليغة الموجزة رواج عند ناشئة الكُتاب وطلاب الأدب، فأقبلوا عليها ينقلونها ويتبادلونها ويحفظونها، وينسجون علي منوالها حتى قيل: أنها كانت تباع كل قصة منها بدينار
د-أنواعها :
1-التوقيعات الأدبية:
فن أدبي نثري مُشتق في اللغة من التوقيع الذي هو بمعني التأثير، وإلحاق شيء فيه بعد الفراغ منه، وقيل: أن يجمل الكاتب بين تضاعيف سطور الكتاب مقاصد الحاجة ويحذف الفضول. فهو كلام بليغ موجز يكتبه الخليفة أو ولي الأمر في أسفل الكتب الواردة إليه المتضمنة لشكوى أو رجاء أو طلب إبداء الرأي في أمر من أمور العامة أو الخاصة.
2-التوقيعات السياسية : رأي أو تعليق أو تعقيب يكتبه الحاكم نفسه أو يمليه إملاء علي كاتب الديوان تعليقاً علي ما يعرض عليه من شؤون الدولة ومن شكاوي ومظالم، أو أخبار أو بريد وارد لتوه من الولاة في مختلف أنحاء البلاد. ثم ترد ثانية إلى الولاة حاملة هذا «التوقيع» بمفهومه الأدبي - عبارة مختصرة- هي رأي المسؤول وتعليقه علي ما ورد إليه من بريد مكتوب. وقد نشأ هذا الفن في ظل انتشار الكتابة وتنظيم الدواوين الحكومية في عهد الخلفاء الراشدين عندما على استدعاها اتساع الدولة الإسلامية حيث اضطر الخلفاء والأمراء والولاة إلى الكتابة برأيهم ما يرفع إليهم من مظالم ومطالب. ومما ساعد على ذلك عناية الخلفاء والسلاطين والأمراء بإنشاء ما يسمى في ذلك العهد بديوان الإنشاء وكان هذا الديوان يلقى العناية الكاملة من رجال البلاط .ثم انتشر في العصر الأموي ثم عنى العباسيون بفن التوقيعات وأبدعوا فيه ولهم توقيعات مشهورة ومحفوظة وكذلك أبدع الأندلسيون في هذا الفن ثم ضعف هذا الفن بعد ذلك حتى كاد أن يختفي. والتوقعات أكثر ما كان اقتباسا من آية قرآنية أو حديث شريف أو مثل مشهور أو حكمة معترف بها، إنها ردود وأجوبة مسكته مكتوبة ويشترط فيها أن تكون بليغة موجزة واضحة الدلالة على المراد.
ه-مواصفات التوقيع الأدبي: ليس كل توقيع يصلح أن يكون توقيعاً أدبياً وإنما يشترط في التوقيع لكي يكون كذلك الشروط التالية:
1- الايجاز: أن تكون ألفاظه قليلة معدودة تدل على المعني الغزير.
2 - البلاغة: أن يكون التوقيع مناسباً للحالة التي قيل فيها.
3- الإقناع: أن يتضمن التوقيع من وضوح الحجة وسلامتها ما يحمل الخصم علي التسليم، ومن قوة المنطق وبراعته ما يقطع علي صاحب الطلب عودة المراجعة.
2- التصوير
و-مصادر التوقيعات الأدبية:
1 - قد يكون التوقيع آية قرآنية تناسب الموضوع الذي تضمنه الطلب.
2- وقد يكون التوقيع ببيت من الشعر.
3- وقد يكون مثلاً سائراً.
4 - وقد يكون حكمة .
5 - وقد يكون غير ذلك.
ز-أسرار الجمال الفني في التوقيعات:
لعل أبرز مظاهر الجمال في هذا الفن:
1-قصر الجملة، فقد يأتي التوقيع في كلمة واحدة تفي بالغرض، وقد يكون جملة قصيرة أو جملة كبرى مكونة من جملتين أو أكثر، ومن النادر أن يكون مطولاً في جمل عدة.
2-الإيجاز الشديد الذي يلف المضمون
3- السجع المطبوع وليس المفتعل المصنوع، مثل: - استبدل بكاتبك وإلا استبدل بك – و مثل:- طهر عسكرك من الفساد يعطيك النيل القياد-
4- إذا جاء التوقيع أكثر من جملة فسنجد تقسيماً متوازنا بين الجمل الصغرى بحيث تنتهي كل جملة بسجعة مغايرة للتي بعدها مكونة جملة كبرى هي التوقيع، مثل:- كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت-
5-جمال النظم.
6-عنصر المفاجأة المتمثل في صيغة الطلب والأمر والنهي والتهديد أحياناً أو الوعيد.
ح-أهمية التوقيعات الأدبية وأثرها في السياسة والأدب:
أسهمت التوقيعات الأدبية منذ أبكر عصورها في توجيه السياسة العام للدولة الإسلامية، في عصر صدر الإسلام، ودولة بني أمية، ودولة بني العباس، والدولة العربية بالأندلس، والمغرب العربي. وكان الخلفاء في أكثر الأحايين هم الذين يتولون توجيه ما يرد إليهم من رقاع أو خطابات، والتوقيعات كانت في سياقها التاريخي محطة لتدريب الناشئة علي فنون القول، واكتساب المهارات اللغوية والبلاغية.



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)