المثل والحكمة
معنى المثل والحكمة:
أولاً-المثل
أ-المثل :
1-تعريف المثل :
قول موجز سائر علي الألسنة وارد في حادثة أو مستمد من ملاحظة .
2-نشأة المثل:
كانت الحادثة تقع، ويدور فيها القول، وتأتي من بين الكلمات عبارة قوية مركزة في تلخيص الموقف، أو استخلاص العبرة منه، فيكون وقعها قويا على السامع وتتلقفها الألسنة فتذيع وتنتشر وتصبح مثلا يلقي في كل موقف يشبه الموقف الذي سيقت فيه العبارة وهذا يسمي (مورد المثل) ، ويضرب المثل في موقف يشبه الحالة التي ورد فيها مع المحافظة على لفظ المثل وضبطه وهذا يسمي: (مضرب المثل) ولذلك فكل مثل له مودر ومضرب ؛ وقال المرزوقي: المثل جملة من القول مقتضبة من أصلها أو مرسلها بذاتها، تتسم بالقبول وتشتهر بالتداول، فتنتقل عما وردت فيه إلى كل ما يصح قصده بها من غير تغير يلحقها في لفظها، وعما يوجبه الظاهر إلى أشباهه من المعاني. نحو قولهم: " الصيف ضيعت اللبن " فان هذا القول يشبه قولك: " أهملت وقت الإمكان أمرك. " وكقولهم: " كمجير أم عامر. " وقولهم: " كالحادي وليس له بعير. " أو لم يصرح كقولهم: " تركته ترك الصبي ظله. " وهو كثير. قال تعالى: ( إنَّ الله لا يستحي أن يضربَ مثلاً) (الآية، وقوله: (وتلكَ الأمثالُ نضربها للناس )(الآية)، وفي كتاب العقد الفريد يتحدّث ابن عبد ربه عن الأمثال فيصفها بقوله بأنها «وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلي المعاني، والتي تخيّرتها العرب، وقدّمتها العجم، ونطق بها في كل زمان، وعلى كلّ لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها ولا عمّ عمومها، حتى قيل: أسير من مثل» .. ويتابع ابن عبد ربه رأيه قائلا: «وقد ضرب الله عزّ وجل الأمثال، في كتابه، وضربها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلامه. قال الله عز وجل: ( يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ) ، وقال: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ) ومثل هذا كثير في القرآن الكريم . ولا غرو، فالأمثال لدى جميع الشعوب، مرآة صافية لحياتها، تعكس بكل دقة وجلاء الصورة النقيّة لمعظم عاداتها وتقاليدها وعقائدها، كما تعكس بالتالي سلوك أفرادها ومجتمعاتها، بحيث غدت أو كادت أن تغدو الميزان الرقيق لتلك الشعوب، في رقيها وانحطاطها وبؤسها ونعيمها وآدابها ولغاتها. في هذا المجال، يقول الحسين بن وهب، في كتابه البرهان في وجوه البيان : «وأمّا الأمثال، فإن الحكماء والعلماء والأدباء، لم يزالوا يضربون الأمثال ويبينون للناس تصرّف الأحوال، بالنظائر والأشباه والأمثال، ويرون هذا النوع من القول أنجح مطلبا، وأقرب مذهبا.. ولذلك جعلت القدماء أكثر آدابها وما دوّنته من علومها، بالأمثال والقصص عن الأمم. ونطقت ببعضه على ألسن الطير والوحش. وإنّما أرادوا بذلك أن يجعلوا الأخبار مقرونة بذكر عواقبها، والمقدّمات مضمونة إلى نتائجها.. ولهذا بعينه، قصّ الله علينا أقاصيص من تقدّمنا ممن عصاه وآثر هواه فخسر دينه ودنياه، ومن اتبع رضاه فجعل الخير والحسنى عقباه، وصيّر الجنّة مثواه ومأواه. فالأمثال، لها دلالة واضحة على حياة الأمة، فما بالنا بالأمثال العربيّة التي نمت بين أفياء أمتنا، وتناهت إلى أسماع الناس جيلا بعد جيل. إنها بلا شك تكشف عن طبيعة حياة العرب والمسلمين، وتجلي كثيرا من مظاهر هذه الحياة البسيطة أو المعقّدة، والتي لم يهتمّ بها الشعر كثيرا، عنيت بذلك صور الحياة اليوميّة المعاشة، التي يحياها الغني والفقير، والرجل والمرأة، وما ينهل بها من أسباب وأعمال وما يتداول فيها من حرف وما ينشأ عن ذلك من آلات وأدوات تطلبها ظروف العمل والكدح بصورة متعاقبة في البيئة الواحدة والبيئات المتجاورة. حقّا إن العرب، بلغت شأوا لا يدرك في ضرب الأمثال، فسلكوا فيها كلّ مسلك، حتى أنه لم يخل كلام لهم من مثل في تضاعيفه. وكذلك زينوا بالأمثال فنون القول وتصاريفه. وهذا ما حدا باللغويين العرب، أن يجمعوا لنا منها قدرا كبيرا، منذ فجر التأليف في العربيّة. وقد تناولوها بالشرح والتفسير، كما جمعوا لنا قصصها التي حدثت بالفعل، أو حيكت حولها. فبينوا لنا موردها ،ولذلك نجد مجموعة الأمثال عند العرب، هي حصيلة تجاربهم في الحياة، التي كانوا يخوّضون فيها بكل قوة . ومن هذه الأمثال أقوال قيلت في مناسبة من مناسبات الحياة فأصبحت مثلاً ومنها ما يرتبط بحادثة واقعية ومنها ما ارتبط بقصة خيالية أو حكاية رمزية على ألسنة الحيوان والطير صدرت في أكثر حالاتها عن ذكاء ودقة ملاحظة ونفاذ بصيرة .. وذهب الباحثون إلى أن الأمثال تعكس عقلية الشعب وتعبر عن القيم التي يؤمن بها عبر التاريخ على ما فيها من تناقض في هذه القيم والمثل مرده إلى اختلاف البيئات وتفاوت المواقف والتجارب في الحياة.. ويستمر شيوع الأمثال في حياتنا العربية وقد جمع الأبشيهي في كتابه(( المستطرف في كل فن مستظرف)) بعض الأمثال العربية في عصره مثلما جمع بعض الدارسين المعاصرين الأمثال العربية الحديثة باللغة العامية لأغراض ثقافية
3- أنواع المثل:
أ- ( الأمثال الواقعية ) وهي الامثال التي يرتبط بحادثة واقعية.
ب-( الأمثال الخيالية) وهي الأمثال التي ترتبط بقصة خيالية.
ﺠ -( الأمثال المنهجية ) وهي التي تمثل منهجا معينا في الحية كقولهم:
إن الحديد بالحديد يفلح
د- ( الأمثال ذات التوجيه الخاص) وهي التي تحمل توجيها خاصا كقولهم: قبل الرماء تملأ الكنائن.
ﻫ -( أمثال الملاحظة الظاهرية) وهي التي تبنى علي ملاحظة مظاهر الطبيعة أو ترتبط بأشخاص اشتهروا بصفات خاصة. و تصاغ الأمثال غالبا في عبارة حسنة، يظهر فيها دقة التشبيه بين المورد والمضرب، وذلك ما يرضي ذوق العربي، فالمثل صوت الناس ومرآة تنعكس عليها صورة الحياة الاجتماعية والسياسية والطبيعية، وهي تعبير عن عامة الناس لصدوره دون تكلف، ولذلك يتجه الباحثون عن طبائع الشعوب إلى دراسة أمثالها، وإذا رجعنا إلى الأمثال وجدناها صوتا للناس لما يأتي-
1-لأنها مرتبطة بالبيئة وما فيها منحرب وصلح ومفاوضات.
2-تعبر عن صفات العرب وأخلاقهم وعاداتهم.
3- ترتبط بحياتهم وأحداثها وتعبر عن طرق تفكيرهم ولذلك تتنوع الأمثال من أمة الي أخري تبعا لاختلاف البيئة والثقافة واختلاف العصور.
4–الخصائص الفنية للأمثال :
1-إيجاز اللفظ.
2-قوةالعبارة.
3-دقة التشبيه.
4-سلامة الفكرة.
5-مصادر الأمثال :
أ-القرآن الكريم
ب- الحديث النبوي الشريف
ج-الشعر
د-النثر
ثانياً-الحكمة :
1-تعريف الحكمة:
جمل قصيرة بليغة، خالية من الحشو، أوحت بها تجارب الحكماء والمعمرين في الحياة والعلاقات بين الناس، وهي ثمار ناضجة من ثمرات الاختبار الطويل، والرأي المحكم تتفق الحكمة مع المثل في: الإيجاز، والصدق، وقوة التعبير، وسلامة الفكرة والحكمة هي العمل، وقيل: الإتقان، وقيل: العدل، والحلم، والنبوءة، والقرآن الكريم، والإنجيل. وقيل: كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح. قال عياض في قوله صلى الله عليه وسلم: الحكمة يمانية، الحكمة عند العرب كل ما يمنع من الجهل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنّ من الشعر لحكمة.. وقد شاعت الحكمة على ألسنة العرب لاعتمادها علي التجارب واستخلاص العظة من الحوادث ونفاذ البصيرة والتمكن من ناحية البلاغة. وقد اشتهر عند العرب طائفة من أولئك الحكماء، مثل: لقمان عاد وهو غير لقمان الحكيم، المذكور في القرآن الكريم، وأكثم بن صيفي، وعامر بن الظرب، وأكثم بن عامر.
2- الخصائص الفنية لأسلوب الحكمة:
أ-روعة التعبير
ب- قوة اللفظ
جـ -دقة التشبيه
ح-سلامة الفكرة مع الإيجاز
3-ومن أقوال الحكمة :
1- ويل للشجي من الخلي . ب- لم يذهب مالك ما وعظك . ج- ادّرعوا الليل فإنه أخفي للويل. د- إذا فزع الفؤاد ذهب الرقاد . ه- ليس من العدل سرعة العذل .
4 -الفرق بين المثل والحكمة :
يفترق المثل عن الحكمة في:
أحدها - أن الحكمة عامة في الأقوال والأفعال، والمثل خاص بالأقوال.
ثانيها - أن المثل وقع فيه التشبيه كما مر، دون الحكمة.
ثالثها - أن المقصود من المثل الاحتجاج، ومن الحكمة التنبيه والإعلام والوعظ .
رابعاً - لا ترتبط الأمثال في أساسها بحادثة أو قصة بعكس الحكم.
خامساً-أن الأمثال تصدر غالبا عن طائفة خاصة من الناس لها خبرتها وتجاربها وثقافتها بينما الحكمة تأتي من تجارب الحياة
سادساً-قد يكون المثل في الأصل حكمة درجت على ألسنة الناس كثيراً ، والعكس غير صحيح .
سابعاً-والفرق بين الحكمة والمثل، أن الحكمة قول موجز جميل، يتضمن حكماً صحيحاً مسلماً به. لأنه نابع من الواقع ومعاناة التجارب في الحياة، مثل: «آخر الدواء الكي، وأول الشجرة النواة، وإنك لا تجني من الشوك العنب،...». وأما المثل فهو - في أصله - قول يقترن بقصة أدت إليه، ،
5-فائدة المثل والحكمة وفضلهما :
لا يخفى على ذي ميز ولا يشتبه على ذي لب ما جعل الله تعالى في المثل من الحكمة، وأودع فيه من الفائدة، وناط به من الحاجة؛ فإن ضرب المثل يوضح المبهم، ويفتح المغلق، وبه يصور المعنى في الذهن ويكشف المعمي عند اللبس، وبه يقع الأمر في النفس حسن موقع، وتقبله فضل قبول، وتطمئن به اطمئنانا، وبه يقع إقناع الخصم وقطع تشوف المعترض. وهذا كله معروف بالضرورة، شائع في الخاص والعام، ومتداول في العلوم كلها منقولها ومعقولها، وفي المحاورات والمخاطبات، حتى شاع من كلام عامة المتعلمين والمعلمين قولهم: " بأمثالها تعرف أو تتبين الأشياء " وسر ذلك أنّ المثل يصور المعقول بصورة المحسوس، وقد يصور المعدوم بصورة الموجود والغائب بصورة المشاهد الحاضر ولا يخفى أيضاً فائدة الحكمة وفضلها. وقد أثني عليها في الكتاب والسنة. قال الله تعالى: ( يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا). وقال: (وآتيناه الحكمة وفصل الحطاب.) وقال: (وآتيناه الحكم صبيا). ونحو ذلك من الآي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن). ويروى : (الكلمة الحكمة ضالة كل حكيم). فإذا وجدها فهو أحق بها. وقال صلى الله عليه وسلم: (كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير له من الدنيا وما فيها).







المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)