6-هل صحيح أن أعذب الشعر أكذبه ؟!!
لا شك أن القرآن الكريم عندما قال في محكم آياته في أواخر سورة الشـــعراء ( و الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون و أنهم يقولـون مالا يفعلون إلا الذين أمنوا و عملوا الصالحات)) يشير إلى نقطة حسـاسة في ذاكرة الشعر تتمثل في فهم معنى ((أنهم في كل واد يهيمون )) بأن وديان الشعراء التي يهيمون بها إنما هي خيالاتهم التي ينقلوننا إليها بفعل آلة التصوير لديهم فكم من شاعر نقلنا إلى عبقره الخيالي فأرانا ما لا نرى و أسمعنا ما لم نسمع و أذاقنا ما لم نذق طعمه و جعلنا نفارق أحبة و نعانق آخرين فإذا ما تركنا وادي خــيال الشاعر عدنا إلى واقعنا و لا يعتقد بعضهم أن الخيال مذموم فلولاه لما فتحنا آفاقـاً لتصور الجنة أو النار أو الميزان أو الحســاب و إنما المذموم من الخيــال هو المريض الذي يسترخي صاحبه فيه و يعتقد أنه واقعٌ موجودٌ من حوله و هذا مع الأسف ما وقع به شعراء قبيلة عذرة فأصبحوا كغيرهم من المجانين الذين تلبسهم الخيال و هجرهم الواقع لكن الخيال الشعري الممدوح و المحبوب لدينا هو الخيال الذي ينقلنا إلى ساحة جديدة نســتمتع بمعطياتها و نتصور من خلالهـا الماضي أو الحاضر أو المستقبل و لا يكون الشعر عذباً إلا إذا حملنا على أجنحة المبالغـة فحول الصور غير الممكنة إلى واقع متخيل يستحبه الإنسان و يسر إذا ما سـرح بين أشجاره 0 يقول المتنبي واصفاً سيف الدولة الحمداني في معركة الحدث الحمراء التي هاجم فيها المسلمون الروم على مشارف الشام :
وقفتَ وما في الموتِ شكٌّ لواقفٍ كأنّكَ في جَفْنِ الرّدى وهْوَ نائمُ
تمرُّ بك الأبطـــالُ كلمى هزيمةً ووجهُك وضّاحٌ و ثغرُكَ باسـمُ
ما أكذب هذه الصورة و ما أجملها لأنها تصور الردى ( الموت ) ساحة قتال يقف فيها سيف الدولة بوجه ضاحك و ثغر بسّام بينما تمر من تحت أقدامه الأبطــال هزيمة مجروحة 0000 صورة تمس الخيال فما من إنســان إلا و يخاف الموت ولكن شاعرنا المتنبي صور سيف الدولة بشــخصية لا تهاب الموت بل تقف في عين الموت 0000 و هذا يعني المبالغة الزائدة في وصف صورة ســيف الدولة وهذا ليس كذباً إنما هو عذوبة في الكلام 0
و لو نظرنا إلى قول الشاعر المجهول الهوية
هامت بك العين , لم تتبع سواك هوى من علَّمَ البيْنَ أن القلب يهواك
أليس خيال الشاعر في الشطر الثاني من هذا البيت يدلل على أن أعذب الشــعر أكذبه 000 ترى من الذي علم البين ( الموت ) و أرشده أنني قد مت في هـواك و هل الموت يراقب هوى المحبين 00 إنها خيالات كاذبة و لكنها مسـتطرفة عند بني الإنسان 0
كما أننا لو قرأنا قول عمر بن أبي ربيعة :
ليت هنداً أنجزتنا ما تعدْ و شفت أنفسنا مما تجدْ
و اسـتبدت مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبدْ
------------- -------------
كلما قلت: متى ميعادنا؟ ضحكت هندٌ وقالت: بعد غَدْ
أليس الوعد في هذه الأبيات وعداً كاذبا ً و لكنه وعد عذب و ما أجمل الشعر الذي يعتمد على المبالغات غير الممجوجة و في تقديرنا أن الشعر إذا خلا من المبالغات افتقر إلى الخيال و إذا افتقر إلى الخيال ضعفت القوى الشاعرية لدى صاحبه
7-الوحدة في الشعر:
تكتنف الشعر كفن من الفنون الأدبية مجموعة وحدات تتقاسم جماليته، وتسهم في جعله قلباً نايضاً وروحاً سامقة ، ومن أهم هذه الوحدات :

أ-الوحدة العضوية: وهي أن تكون القصيدة متماسكة الأجزاء كالجسم الواحد الذي يحمل روحاً مستقلاً فاعلاً في الآخرين
ب- الوحدة الموضوعية: وهي أن تتحدث القصيدة عن موضوع واحد كالغزل فقط أو المدح فقط ، وهذه تغيب في القصيدة العربية الجاهلية
ج-الوحدة النفسية : وهي قدرة الشاعر على جذب انتباه السامع أولاً ليضعه في جو نفسي قابل لتلقي ما يجيء بعد ذلك
د- الوحدة داخلية: تتمثل في التكافؤ بين الألفاظ والمعاني،
ه-الوحدة الفنية: وهي كون الطابع أو الجو العام للقصيدة واحد اًغير مختلف،
وبالنظر إلى أي قصيدة شعرية عربية جاهلية نجد أن الشاعر يفتتحها بالغزل أو بالوقوف على الأطلال ويتحدث عن مناحي فتوته من حب للصيد وركوب للخيل ، ثم يمدح أو يعاتب أو يتحدث عن قضية صلح وبعبارة أخرى كانت القصيدة تسمح بتعدد الموضوعات في داخلها. وقد ذهب ابن قتيبة إلى الأخذ بالوحدة النفسية عند المتلقي، أي قدرة الشاعر على جذب انتباه السامع أولاً ليضعه في جو نفسي قابل لتلقي ما يجيء بعد ذلك ؛ وإن وجود وحدة داخلية تتمثل في التكافؤ بين الألفاظ والمعاني، ثم في الترابط بين كل بيت وما يليه، ووجود مبدأ التناسب يحقق للقصيدة المستوى المطلوب من الجمال ، والتدرج المنطقي ، فالقصيدة كيان نثري ينسج شعراً في تدرج صناعي خالص، مع الحذق في الربط عند الانتقال في داخل القصيدة من موضوع إلى موضوع؛ وتستغرق هذه الوحدة من الشاعر جهداً مضنياً في التصور و تأمل الأجزاء ، فالوحدة العضوية في القصيدة الشعرية نتاج عمل ذهني منطقي، والعلاقة بين اللفظ والمعنى هي علاقة الجسد بالروح لأن القصيدة خلق جديد في اتصال بعض أعضائه ببعض فمتى انفصل واحد عن الآخر أو باينه في صحة التركيب غادر بالجسم عاهة تتحيف محاسنه وتعفى معالم جلاله





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)