-ما يقرأ نظمًا ونثرًا:
ليس يخلو طبع أحد من أوزان القريض، ولا ينفك متكلم من أن يعرض له ما قد يتزن بها في الكلمة الطويلة أو الفقرة القصيرة على غير اجتلاب ولا استكراه؛ قال الجاحظ في نحو هذا ردا على من زعم أن قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} شعر لأنه في تقدير مستفعلين مفاعلين: إنك لو اعترضت أحاديث الناس وخطبهم ورسائلهم لوجدت فيها مثل مستفعلن مفاعلن كثيرًا، وليس أحد من الأرض يجعل ذلك المقدار شعرًا، ولو أن رجلًا من الباعة صاح: من يشتري باذنجان! لقد كان تكلم بكلام في وزن مستفعلن مفعولان، فكيف يكون هذا شعرًا وصاحبه لم يقصد إلى الشعر؟ ومثل هذا المقدار من الوزن قد يتهيأ في جميع الكلام؛ وإذا جاء المقدار الذي يعلم أنه من نتاج الشعر والمعرفة بالأوزان والقصد إليها كان ذلك شعرًا. وسمعت غلامًا لصديق لي وكان قد سقى بطنه يقول لغلمان مولاه:
"اذهبوا بي إلى الطبيب وقولوا قد اكتوى! ".
وهذا الكلام يخرج وزنه فاعلاتن مفاعلن مرتين، وقد علمت أن هذا الكلام لم يخطر بباله قط أن يقول بيت شعر أبدًا. فإذا تعمل الكاتب لمثل ذلك في بعض كلامه فأخرجه على الصناعتين، كان قد حذا على ما تقدم وقصد غير مقصود، وليس يعسر ذلك فيما يخرج منه البيت والبيتان، أما ما يكتب على أن يكون قصيدة في رسالة ورسالة في قصيدة، فهو ما لم يتفق لأحد أن يجيده على حقيقته ولا يتفق؛ لأن شرط هذا النوع أن لا يحذف من الرسالة حرف واحد، بل تقرأ كما هي على الإرسال والتقييد. وشرط آخر: أن لا تتبين فيها ما يظهر على القصيد من إيقاع الوزن ونغم القافية وما يكون من شأنه أن يخصصها بالشعر؛ لأن هنا مقصود من حيث تنويع الصناعة لا من حيث استقلالها فهو وجه آخر للكلام، وأنت لو تناولت إحدى القصائد وجهدت أن تقلبها منثورًا على أن لا تحذف منها حرفًا ولا تقدم ولا تؤخر؛ وكانت هي في سردها ومعانيها مواتية مطاوعة؛ وهو مما يندر في الشعر، لكنت مع ذلك مغلوبًا لطبعك، ولظهر في منطقك الوزن والتقطيع، فكيفما قلبت القصيدة جاءت شعرًا خالصًا لا مظهر للنثر في جملته، ولا موضع فيها لاحتمال أن تكون من الصناعتين، ولهذا السبب كان ما ورد مما يقرأ منظومًا ومنثورًا على ما ستعرف الوجه فيه. وأقدم ما عرف من هذا النوع ما أورده ابن خلكان في ترجمة الشاعر المصري مظفر -الملقب بموفق الدين المتوفى سنة 544هـ- قال: أخبرني أحد أصحابه أن شخصًا قال له رأيت في بعض تآليف أبي العلاء المعري ما صورته "أصلحك الله وأبقاك". وليس بعجيب أن تصح نسبة تلك الجملة إلى المعري، فإن له من هذه الغرائب أشياء، ولم نعثر على غير جملته حتى تناول هذا النوع شيخ الإسلام إسماعيل المقري فكتب رسالة إلى الملك الأفضل. قال عبد القادر بن محمد الحسيني الطبري من علماء القرن العاشر وممن استقبلوا القرن الحادي عشر أيضًا: اتفق لنا في بعض المجالس أن الوزير جمال الدين الحريري قرأها علينا "أي: رسالة المقري" مستعظمًا صنع الشيخ وصنيعه، مادحًا معانيه وبديعه، متحديًا الفقير وصاحبه الشيخ وجيه الدين عبد الرحمن بن عيسى بن مرشد بالإنشاء على منوالها والإتيان بمثالها. وقد عارض الشيخان رسالة المقري مترادفين في الإنشاء [مترادفين] في العمل، والتزما في معارضتهما "السجع في النثر والكثرة في النظم؛ ولندرة هذا النوع من الكلام رأينا إثبات الرسالتين على هيئتي النثر والنظم فيهما. وقد ذكر الثعالبي في ترجمة بديع الزمان من "اليتيمة" أنه "يوشح القصيدة الفريدة من قوله بالرسالة الشريفة من إنشائه؛ فيقرأ من النظم النثر ومن النثر النظم" وهو يذهب إلى أن البديع كان شعره في سهولة نثره، ونثره في جزالة شعره ومعانيه؛ فلعل المقري أو سواه ممن يكون اخترع هذا النوع قد تنبه له من هنا؛ لأن ذلك ممكن التحقيق.
ولم نعثر على شيء من بعد [هاتين الرسالتين] إلى اليوم.


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)