ب-( القيم ) القيم الإيجابية والسلبية للعرب الجاهليين:
لا ينفك الإنسان منذ أن سكن الأرض وهو يبحث عن استقراره المتعلق بوجود قيم خيرة سامية يحقق من خلالها وجوده الحق ، ولكن مسيرة الإنسان المتعثرة جعلته بفضل مصالحه يتخذ القيم السلبية مطية له ، وبذلك نشأ الصراع بين قيم الخير والشر وما يزال هذ االصراع قائما إلى يومنا هذا ، والعرب كغيرهم من الأقوام عايشوا صراع القيم وتناوبت حياتهم بين بحث عن قيم الخير وجنوح إلى قيم الشر، فتقاسمتهم قيم الخير وقيم الشر تبعا للحالة البيئية التي عاشوها وبالرغم مما ظهر في شعر الجاهليين من قيم سلبية فرضتها ظروف الحياة والبيئة، فإن صورة الإنسان العربي تبقى متجلية فيها مشرقة تنزع إلى المثل السامية وتتعلق بالحق والخير والحفاظ على العهود ، والتضحية في سبيل الآخرين؛ ذلك أن القيمة مفهوم اجتماعي لما يعد مرغوبا فيه من الناس، من الأهداف ومعايير الحكم، ولا شك في أن مجموعة القيم التي يؤمن بها فرد من الأفراد وجماعة من الجماعات تكوّن نظرة هذا الفرد أو تلك الجماعة في الحياة، والقيم قد تكون صريحة حين ينص عليها أو يشار إليها بوضوح، وقد تكون ضمنية يستدل عليها من سلوك الأفراد أو الجماعات؛ فالقيم السلبية هي كل مفهوم غير مرغوب فيه من الناس أو سلوك مرفوض من الشرائع السماوية أو من الناحية الاجتماعية؛ ويتجلى في الشعر الجاهلي الصراع بين القيم الايجابية والسلبية....بين صوت العاطفة المندفعة ونداء العقل المتزن في الحرب والسلم، والثأر والتسامح، والثورة على الظلم والاستسلام للأقوياء، ومقاومة النفوذ الأجنبي وغير ذلك . وقد تمتّع هؤلاء العرب بمجموعة من القيم الإيجابية ، كالمروءة ، والوفاء ، والعزة ، والنبل ، والكرم والشجاعة ، والبطولة ، كما سيطرت عليهم قيم سلبية تتمثل في التعصب القبلي ، والاعتماد في الرزق على الإغارة ، وحيازة ميراث المرأة مالا ونفسا، والوأد والثأر والخلف في العهود وشرب الخمرة ولعب الميسر والقمار والذبح على النصب وعبادة الأوثان ، وجميعها تنطلق من البيئة الصحراوية التي تفرض ما يتناسب مع واقعها . فقد كان عنترة مثلاً يجمع بين القيم الإيجابية والقيم السلبية في حياته ومعاملته، فهو يحترم جاراته ولا يتلصص عليهنّ، ولا يختلس النظر إليهنّ ، وهذه قيمة إيجابية بينما تجده في الجهة الأخرى لا يخجل من شرب الخمرة إذ يعتبرها من مقتضيات الرجولة والشهامة
سَمْحٌ مُخَالَقَتي إِذا لَمْ أُظْلَمِ أَثْنِي عَلَيَّ بما عَلِمْتِ فَإِنَّني
مُرٌّ مَذَاقَتُهُ كَطَعْمِ الْعَلْقَمِ وَإِذَ اظُلِمْتُ فَإِنَّ ظُلْمِي بَاسِلٌ
رَكَدَ الَهواجِرُ بالَمشُوفِ الُمْعَلمِ ولَقَدْ شَرِبْتُ مِنَ الُمدَامةِ بِعدمَا
قُرِنَتْ بأَزْهَرَ في الشَّمالِ مُفَدَّمِ بِزُجَاجَة صَفْرَاءَ ذَاتِ أَسِرَّةٍ
مَالي وعِرْضِي وافِرٌ لَمْ يُكْلَمِ فَإِذا شَرِبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِكٌ
وكما عَلِمْتِ شَمَائِلي وتَكَرُّمي وإِذا صَحوْتُ فَما أَقَصِّر عن نَدًى
وهذا طرفة بن العبد يعد الخمرة والتمتع بالمرأة من صفات الرجولة والفتوة مع أن ذلك من القيم السلبية التي تحاربها القيم الإسلامية والحضارات المتمدنة ، ويقرن مع هذه القيم السلبية قيمة إغاثة الصريخ وهي قيمة إيجابية تدل على مدى ما بلغ العرب من التعاون الإنساني .
ولَولا ثَلاثٌ هُنَّ من عيشةِ الْفَتى وَجدِّكَ لم أَحفِلْ مَتى قامَ عُوّدي
فَمِنْهُنّ سَبْقِي الْعاذِلاتِ بِشَربَةٍ كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ باَلماءِ تُزْبِدِ
وَكَرِّي إِذَا نادَى اُلمضافُ مُحَنَّباً كَسِيدِ الْغَضا نَبّهْتَهُ الُمتَوَرِّدِ
وَتقصيرُ يوم الدَّجنِ والدجنُ مُعجِبٌ بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِباءِ الُمعَمَّدِ
ولو رحنا نستعرض ما للجاهليين من قيم متنافرة لاحتجنا إلى بحث مستقل ، ولكننا ستحط بنا طائرة القيم الإيجابية في مطار زهير بن أبي سلمى الشعري الذي جعل من القيم الإيجابية ديدنه الحياتي ومنهج دعوته للخير والصلح والتآلف بين القبائل وذلك لعلاقته الجذرية بالحنيفية السمحاء التي كان عليها أبونا ابرهيم الخليل عليه السلام:
46 ثَمانِينَ حَولاً لا أَبا لَكِ يَسأمِ سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ
47 وَلكِنَّني عن عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ وَأَعْلَمُ مَافِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ
48 تُمِتْهُ وَمِنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ رَأَيْتُ الَمنايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَن تُصِبْ
49 يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوطَأْ بِمَنْسِمِ وَمَنْ لا يُصانِعْ في أْمُورٍ كَثِيرَةٍ
50 يَفِرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ وَمَنْ يَجْعلِ المعْروفَ مِن دُونِ عِرْضِهِ
51 على قَوْمِهِ يُسْتَعْنَ عنْهُ وَيُذْمَمِ وَمَنْ يكُ ذ افَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضلِهِ
52 إِلى مُطْمَئِنِّ الْبِرِّ لا يَتَجَمْجمِ وَمَنْ يُوفِ لا يُذْمَمْ وَمن يُهدَ قلبُهُ
53 وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الَمنَايَا يَنَلْنَهُ
54 يَكُنْ حَمْدُهُ ذَمّاً عَلَيْهِ وَيَنْدَمِ وَمَنْ يَجْعَلِ الَمعْرُوفَ في غَيْرِ أَهْلِهِ
55 يُطيعُ الْعَواِلي رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ وَمَن يَعْضِ أَطْرَافَ الزِّجاج فإِنَّهُ
56 يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظلمِ الْنّاسَ يُظَلمِ وَ *مَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاِحهِ
57 وَمَنْ لَمْ يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لم يكَرَّمِ وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسِبْ عدُوَّا صَدِيقَهُ
58 وَإِنْ خَالَها تَخْفَى على النّاسِ تُعْلَمِ وَمَهْمَاتَكُنْ عِنْدَ امْرِىءِ مِنْ خْلِيقَةٍ
59 زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلّمِ وكائنْ تَرَى من صامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ
60 فلَمْ يَبْقَ إِلا صورَةُ اللَّحْمِ والدَّمِ لسانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فؤَادُهُ
61 وَإِنَّ الْفَتَى بَعْدَ الْسَّفَاهَةِ يَحْلُمِ وَإِنَّ سَفَاهَ الْشَّيْخِ لا حِلْمَ بَعْدَهُ
62 وَمَنْ أَكْثَرَ التّسآلَ يَوماً سَيُحْرَمِ سأَلْنا فَأَعْطَيْتُمْ وَعُدْنَا فَعُدْتُمْ



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)