التوق إلى الوحدة والتحرير
في الشعر الجاهلي
إذا كان الإنسان بطبعه تواقا للحرية متشوفاً للعيش في ظلالها باذلا الغالي والنفيس من أجلها منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، فإن الإنسان العربي لم يأل جهدا في العيش في هذه الحرية ، ولقد ضحى من أجلها تضحيات لا مثيل لها، والمستقرىء لحياة العرب الجاهليين يكتشف صحة هذه الحقيقة وقد عبر الشعراء الجاهليون عن ذلك تعبيرا صريحا ، ولقد كانت شبهُ الجزيرة العربية قوةً من القوى الكبرى في العالم القديم شاركت في بناء الحضارة الإنسانية، يقول فليبي: ((إن مشاركة عرب الجنوب في بناء الحضارة الإنسانية أمرٌ لا يمكن وصفه بالمغالاة، ولا مجال لإنكاره أيضاً، ويحسن بنا أن نذكر أنّ بلاد العربِ لبثت على أقل تقدير طوال ألفي عام سبقت ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قوةً من القوى العظمى على الأرض، لها أعمالها التجارية والفكرية الهائلة، ثم غدت بعد ذلك من جديد قطب الرَّحى من إمبراطورية عالمية عُظمى، تم لها ذلك بوحي الإسلام وبباعثه، فحملت شعلة المعرفة حيّة، متوقدة، في عهود كان يغمر فيها الظلام أوروبا)). ولفتة فيلبي إلى عرب الجنوب يجب ألا تجعلنا نغفل عما قام به عربُ الشّمال من أعمال، إذ كان لهم ملكٌ عظيمٌ وحضارة عريقةٌ منذ فجر التاريخ، فحضارة العرب في الشّمال، في تدمر وثمود وبطرة ((البتراء)) ، ونزول إبراهيمَ عليه السلام في مكّة المكرمة واتخاذها دار هجرة له، ودار مقام لابنه، كلّ هذه كانت مظاهر من هذه الحضارة العربية وفي غمار العصور التاريخية القديمة، ظلت شبهُ الجزيرة العربية تعاصر آشور وبابل ومصر القديمة ثم استمرت قوة عظمى بعد انحلال هذه الممالك، وكانت تتحطّم عليها موجات الأمم المجاورة، ثم ترتدّ عنها كليلةُ عاجزةً. ولذلك اشتهر العربُ بين الأممِ القديمة بأنّهم الأمةُ التي لم تُدنّس أرضها قدم غاز من الغزاة، ، حتى ليقول ديودور الصقلّي: (ولما كان العربُ القاطنون في هذه البلاد لا ينالون في حرب، فقد ظلّوا أحراراً أبداً، لا يستبعدهم مستبدٌ، وأكثر من ذلك أنهم لا يقبلون قطّ رجلاً أجنبياً عنهم سيّداً، فلم يقدر على استعبادهم آشورُ الزمان القديم ولا ملوك ميديا وفارس، ومقدونيا، ومع أنّ هذه الأمم قد جرّدت عليهم جيوشاً جرّارة فإنها جميعاً عجزت عن إخضاعهم)). وهكذا فقد كانت الجزيرة العربية تقف سدا منيعا أمام كل الغزاة ، وكان أول صَدام بين العرب وخلفاء الاسكندر شمال البتراء، فأخفق بطليموس في حملته عليها، ولم يكن حظُّ ابنه أفضل من حظّه فلما يئس الروم من التغلّب على الأنباط فكّروا في حربهم اقتصادياً فعملوا على فتح طريق البحر الأحمر لسفنهم لإضعاف تجارة الأنباط وطريقها الصّحراوي، لكنّ سفن التجار الرومان كانت تتعرّض لتهديد متواصلٍ يكفي لبقاء الطريق التجاري البّري ويسمح باستمرار الحياة في شبه الجزيرة العربية. ومع بدء ضعف البتراء ظهرت مدينة تدمر النبطية، وتصدت لمواجهة الفرس والروم وانتصرت عليهما أكثر من مرة، بقيادة أُذينةَ وزوجته زنوبيا، غير أنّ روما نجحت أخيراً في القضاء عليها، وتحوّلت الزعامة العربية إلى بني نصر في أرض الفراتين وعلى تخوم الصحراء ينافسون ملوك اليمن الجنوبيين فيضعف الطرفان بهذا التنافس، ويتيح للأحباش احتلال اليمن أول مرة . ولقد سمح الفتحُ الحبشيُّ الأوّل لليمن بقيام حُكمٍ أجنبي، ووجدَ أبناءُ الأمة أنفسهم أمام ظاهرة جديدة في تاريخهم ، فكانت الثوراتُ على الحكم الأجنبيّ، والمتعاونين معه من العربِ، وأسفر هذا الصراع عن سقوط مملكة كنده ومقتل مليكها: حُجْر بن الحارث الكِندي والد الشاعر امرئ القيس المعروف ... وتزعمت هذه الثورة ربيعةُ بقيادة كليب، فكانت انتصاراً لعرب الشمال، وتوحيداً للقبائل، إلا أن حُكم كُليب تحوّل إلى استبداد بمن يحكمهم كثيرا فكرههُ العربُ كُرهاً عنيفاً، ورأت بكرٌ أن تغلب تذهب بالمجد كله، فحالفت ملوك الحيرةَ. وكانت ثورة جسّاس البكري ومصرعُ كُليب وسقوطُ المملكة التغلبية الشابّة.. ومنذ ذلك اليوم غرقت جزيرة العرب في سيول من دماء أبنائها، واتجه ملوك الحيرة إلى تأريث الخلاف بين عرب الجزيرة لكي لا تنهض مرة ثانية تلك الوحدة التي هدّدتهم... في خلال هذه المصيبة العظيمة ندب شعراءُ الجاهلية الوحدة ، وحاربوا الخلاف والانقسام وتفرّق الكلمة، ولم توجّه عداوة هؤلاء الشعراء إلى حُكمٍ بقدرِ ما واجهت إلى دولة الحيرة العربيّة، فاليقظة في جزيرة العرب كانت على صوتِ طبول الأحباش، وقد ذهب كثير من هؤلاء الشعراء ضحايا لهذه ، فقُتلَ طُرفةُ بن العبد، وعبيد بن الأبرص، والمنخّل اليشكُري وعاش المتلمَّسُ طريداً في سبيل هذه الوحدة ..وشُغل العربُ بأنفسهم في داخل شبه الجزيرة وقد مزّقتهم الخلافاتُ القبلية والمذهبية وانحلّت دولهم فيها، ،ولكنا نجد النعمانُ الأخير ملك الحيرة يعطفُ على الوحدة التي عمل آباؤه على تفكيكها، ويمضي شاعرُ كالنابغة يطوف في الأرض يبغي جمع الكلمة ولم الشّعث، ويحاول أن يوفق بين الخصمين التقليديين وهم الغساسنة والمناذرة. ويشعر الفرس بخطر مطامح النّعمان، فيعملون على قتله، وهنا يشعر العرب جميعاً بما لم يشعروا به من قبل، وتجتمع كلمتهم في معركة ذي قار انتقاماً للنعمان والتي انتصف فيها العرب من الفرس،




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)