الحكم والأمثال
في العصر الجاهلي
أولاً-المثل في العصر الجاهلي :
أ-رؤيا المثل العربي الجاهلي :
يعد المثل العربي في العصر الجاهلي من أهم فنون النثر العربية على الإطلاق، لما يمتلكه من قدرة على رسم القضايا الاجتماعية والإنسانية وتصويرها بشكلها الواقعي الصحيح ، فقد كانت الأمثال الجاهلية صورة مطابقة للواقع الجاهلي ، وقد ذاعت الأمثال في العصر الجاهلي وانتشرت بشكل واسع ، فهي تتفق وعقلية العربي ونظرته فيما يدور حوله والمثل جزء من قولٍ أو قولٌ بذاته نُقل متواتراً من جيل إلى جيل دون تغيير ولا يخلو من الغموض أحياناً وقد أقبل كثير من العلماء على جمع الأمثال وشرحها وتبويبها وأشهرهم الميداني المتوفي سنة/518/ه ، فقد جمع كتابه((مجمع الأمثال)) من نحو خمسين كتاباً ورتبه على حروف المعجم ومن خلال دراستنا لهذه الأمثال نرى أنها تعبر عن كثير من مظاهر الحياة في ذلك العهد وتصدر من طبقات الناس المختلفة كان أكثرها قوي العبارة صائب المعنى دقيق التشيبه يعتمد على البلاغة والإيجاز.. من هذه الأمثال أقوال قيلت في مناسبة من مناسبات الحياة فأصبحت مثلاً ومنها ما يرتبط بحادثة واقعية وإنما ارتبط بقصة خيالية أو حكاية رمزية على ألسنة الحيوان والطير صدرت في أكثر حالاتها عن ذكاء ودقة ملاحظة ونفاذ بصيرة .. وذهب الباحثون إلى أن الأمثال تعكس عقلية الشعب وتعبر عن القيم التي يؤمن بها عبر التاريخ على ما فيها من تناقض في هذه القيم والمثل مرده إلى اختلاف البيئات وتفاوت المواقف والتجارب في الحياة.. وكان عرب الجاهلية قد خلفوا تراثا كبيرًا من الأمثال، وهي عبارات تضرب في حوادث مشبهة للحوادث الأصلية التي جاءت فيها، وقد عني علماء العصر العباسي بدراستها، وممن سبق إلى ذلك المفضل الضبي وأبو عبيدة، ثم خلف من بعدهما خلف أشهرهم أبو هلال العسكري في كتابه "جمهرة الأمثال"، والميداني في كتابة "مجمع الأمثال"، وهو يقول في مقدمته: إنه رجع في تأليفه إلى ما يربو على خمسين كتابا. وقد درج من ألفوا في الأمثال على أن يرتبوها حسب حروفها الأولى على نحو ما ترتب المعاجم ألفاظها، ولذلك نراهم يوزعونها عادة على تسعة وعشرين بابا بعدد أبواب الحروف الهجائية. ثم بعد هذا التوزيع يفسرونها، ويقصون أحيانا حوادثها التي جاءت فيها معتمدين -غالبا- على الظن والتخمين، مما جعل نيكسون يذهب إلى أن قيمة الأمثال محدودة بالنسبة إلى العصر الجاهلي . وحقا ما يذهب إليه، فقد طال العهد بين العصر الجاهلي، وعصر هؤلاء المفسرين، وإنه لينبغي أن نثني على صنيعهم، ولكن مع شيء من الحذر في الأخذ بتفسيرهم وقصصهم، وما يحكونه من أخبار، ما دمنا نتهم القصص الجاهلي، وما نسب إلى عرب الجاهلية من أخبار وأحداث. ومعروف أن المثل لا يتغير، بل يجري كما جاء على الألسنة، وإن خالف النحو وقواعد التصريف ، و( إذا نظرنا إلى الأمثال العربية القديمة، وتدرجنا معها من المثل الطويل المسهب كمثل الخرافة، إلى الإشارة المثلية الموجزة، وجدنا أن أسلوبها المسهب أميل إلى التسوية والتلاصق، تكثر فيه الفواصل، والقفزات السريعة, والحروف العاطفة الخفيفة، كالواو والفاء ونحوهما, ولا يلجأ المثل إلى التركيب إلا في القليل، ولا يلجأ إلى أدوات الشرط والوصل وما شاكلها من الروابط "الثقال" إلا عند الضرورة القصوى. ففي خرافة الحية والفأس نجد مثل هذه العبارة: "فعمد إلى الفأس, فأحدها، ثم قعد لها، فمرت به فتبعها، فضربها فأخطأها، ودخلت الجحر، ووقع الفأس بالجبل فوق جحرها فأثر فيه" ومعظم عبارات هذه الخرافة متلاصقة متكافئة سريعة القفزات. وفي الأمثال المركبة المؤلفة من جملتين أو أكثر نجد التسوية العطفية تسود كقولهم: "رب عجلة تهب ريثا، ورب فروقة يدعى ليثا، ورب غيث لم يكن عيثا" وقد لا يصطنع العطف، وربما استعملوا الجمل الحالية كقولهم: "أضرطا وأنت الأعلى" أو الجمل الشرطية كقولهم: "من عز بز) (الأمثال لعابدين صـ99, 100.) ، فتركيب الأمثال العربية الجاهلية إذًا لا يخرجها عن سمة الإيجاز والتركيز، وإذا أنعمنا النظر في هذه الأمثال ألفينا ظاهرة لا مثيل لها في الأمثال السامية الأخرى؛ هذا الإيجاز البالغ الذي يصل أحيانا إلى أن يكون المثل لفظا واحدا أو صفة وموصوفا أو مضافا ومضافا إليه أو جارا ومجرورا. فمن أمثالهم: "أيها" ومعناه نعم, وأصلها: "أي ها الله" ثم كثر في كلامهم حتى وصلوا. ومن ذلك قولهم "اللهم" كان أصله -والله أعلم- يا الله أمنا بخير، ثم كثر حتى وصلوا الله بحرف من أمنا. ومن المضاف عدد من الأمثال أوردها الثعالبي في كتابه "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب" كقولهم: غراب نوح، وذئب يوسف، وعصا موسى، وخاتم سليمان، وبرد محارب، وعطر منشم، ومواعيد عرقوب، وجزاء سنمار ... إلخ. وذكروا ما سموه "المكنى والمبني والمثنى" وهي أمثال أحصاها حمزة الأصفهاني فبلغت ثلاثمائة وسبعين، والمكنى والمبني من هذه الأمثال هما عبارة عن أسماء للأشخاص والأشياء والمعاني، أطلقها العرب عليها مبدوءة بأب أو أم أو بنت. ومن أمثال المثنى قولهم: الجديدان لليل والنهار, والأسودان للتمر والماء, والقمران للشمس والقمر. ومن أمثال المكنى قولهم: أبو الحارث كنية الأسد، وأبو حباحب كنية النار التي لا ينتفع بها، وأم فروة كنية النعجة. ومن أمثال المبني قولهم: ابن جلا، وهو لأول النهار، وطامر بن طامر للبرغوث, وابن الأيام للرجل الجلد المجرب, وجابر بن حبة للخبز، وبنت الجبل للصدى, وبنت الشفة للكلمة. ولعل أمثال المكنى والمبني والمثنى هي من جملة الأمثال التي تدفقت على المثل العربي القديم بعد أن اشتدت حركة أئمة اللغة في جمع شواهد العرب وأساليبهم التقليدية من أهل البوادي العربية، وقد عد كثير من هذه الأساليب أمثالا، فاقتحمت باب المثل باعتبارها كلاما مأثورا يعبر عن طرائق مألوفة في لغتهم( الأمثال لعابدين 105-107.) وهذه الخصائص التي أسلفنا ذكرها تشمل الأمثال العربية جميعها ، ويعتبر كتاب "أمثال العرب" للمفضل الضبي أقدم ما وصل إلينا من كتب الأمثال, وهو يعالج إلى حد ما أمثالا جاهلية، أو بعبارة أدق: أمثالا تصور في صياغتها وموضوعها نزعة جاهلية، وقلما يعثر الباحث فيه على قصص وأمثال تشير إلى واقعة إسلامية. وهو يشتمل على حوالي مائة وخمسين مثلا موجزا, تندرج الكثرة الغالبة منها في قصص، ويبلغ عدد هذه القصص قرابة المائة, وتتضمن القصة مثلا أو أكثر. ويستغرق نصف صفحات كتاب الضبي تقريبا الحديث عن وقائع قصص وأمثال مستمدة من منطقة "تميم" بقبائلها المختلفة. وهناك عدد من القصص يروي ما كان بين اليمامة والمناذرة، وقصص عن امرئ القيس، وعدد من القصص يشير إلى أهل هجر "البحرين"، ومنه ما روى عن طرفة والمتلمس. وإذا تجاوزنا عددا من الأخبار ليس فيه إشارة واضحة إلى أسماء ووقائع معينة, وهذه لا تزيد على بضعة عشر خبرا، وجدنا عددا آخر يتحدث عن الغساسنة والحجازيين من سكان الجانب الغربي، وفي أخبار الغساسنة -وهي حوالي سبعة- إشارة إلى الخصومة التي نشبت بينهم وبين المناذرة، أو بين بعض عشائر قضاعة. وظاهر أن هذه الأخبار مستمدة من مصادر شرقية أيضا؛ لأنها تسجيل لحوادث تهم المناذرة بنوع خاص, والأخبار الحجازية لا تتجاوز الخمسة وأكثرها فكاهات, ولبعضها صلة بأهل الحيرة والنزعات الدينية التي يهمهم أن يعرفوها عن الحجاز. ومصدر هذه القصص إذًا هو الشرق، أو إذا أردنا التحديد فهو منطقة المناذرة وجهات القبائل التي تقع تحت سلطانهم. وطبيعي أن تكون عناية الضبي بأمثال نجد والمناذرة أكثر من عنايته بأمثال الحجازيين، فهو ينتمي إلى قبيلة "ضبة" إحدى قبائل المنطقة الشرقية, ويعتبر رأي المدرسة الكوفية الضبية. وليس بمستبعد أن يكون المناذرة أنفسهم قد أمروا بتدوين هذه الأمثال والأخبار وجمعها، ثم تداولها الرواة في الجاهلية حتى وصلت إلى الضبي في القرن الثاني للهجرة، فهي في مجموعها سجل لمفاخرهم وأحوالهم الأدبية والاجتماعية, ملوكا ورعية.
ب-أقسام المثل العربي الجاهلي : قسم الباحثون المثل العربي إلى قسمين:
1- المثل الشرقي : وموطنه العراق والبحرين وعمان وحضرموت ونجد.
2- المثل الغربي : وبيئته الحجاز واليمن.
ومهما يكن من شيء فمما لا شك فيه أن الحجازيين في العصر الجاهلي قد كانت لهم أمثال مثل ما كان لليمنيين والغساسنة، والنجديين والمناذرة. ولكن يلاحظ أن أمثال الحجازيين واليمنيين والغساسنة أقل من أمثال النجديين والمناذرة, فما السر في هذا؟ وهل يمكن أن نتصور شعبا كشعب الحجاز -قد أعد لكي يؤثر في الحياة الإنسانية عامة, وكانت ميزته الكبرى التفوق في الفصاحة والبلاغة ولزعمائه الفصل في الخصومات بين العرب- لم يكن له حظ وافر من هذا التراث الضخم من الأمثال؟ إننا نعتقد أن بيئة الحجاز قد كانت عامرة بالأمثال، بيد أن الزمن قد عفى على كثير منها؛ لأنها لم تظفر من العناية والتسجيل والتدوين بما ظفرت به أمثال المناذرة والبقاع التي كانت تقع تحت نفوذهم, ولم تجد من السلطان القائم في تلك الأزمنة من يرعاها ويحميها ويحفظها من الضياع . وثم تراث ضخم من الأمثال العربية انبت عن أصله، ولم تعين بيئته، حجازية أم نجدية أم غيرهما، بأية وسيلة من الوسائل الكاشفة المميزة كاللهجة أو الحادثة أو القائل . ويجدر بنا أن نشير هنا إلى عدد من حكماء الحجاز في الجاهلية , ومن هؤلاء: أمية بن عوف الكناني وكان من أتباع الحنيفية، يدعو إلى ترك الآلهة والتمسك بإله واحد، وكان يعظ العرب في فناء البيت، ومرعا بن الظرب العدواني، وهو حكيم قيس، وكان متصلا بملوك غسان، وهاشم بن عبد مناف، وعبد المطلب، وأبو طالب من حكماء قريش. وكان بعض الحكماء يورثون أبناءهم الحكمة، كما صنع حكماء الشرق القديم, حين كانوا يلقنون أولادهم تعاليم الحكمة, فورثت ابنة عامر بن الظرب الحكمة من أبيها, وكانت ذرية هاشم بن عبد مناف حكماء قريش في الجاهلية، ونعني هشاما وعبد المطلب وأبا طالب, أما في الإسلام فقد اشتهر بها علي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص كما عرف بها أبوه العاص بن وائل في الجاهلية. وأمثال الحجاز في الجاهلية كانت -بوجه عام- تستقي من طابع الحجاز المحلي، وارتسمت عليها صورة بيئتهم وعبرت عن طرائقهم في التفكير والتعبير، أو اقترنت بحادثة كاشفة أو لهجة مميزة أو تفوه بها زعيم من زعمائهم أو فصيح من فصحائهم. ومن التي قيلت في بيئة المناذرة والمناطق التي كانت تدور في فلكها كنجد وهجر والبحرين، ثم انتقلت إلى الحجاز وشاعت في بيئتهم الاجتماعية ودارت على ألسنتهم واختلطت بأمثالهم الصميمة، وتناولوها بالتغيير والتحوير حتى تنسق مع ميولهم ونزعاتهم ولهجاتهم, وقد أصبحت هذه الأمثال جزءا من تراثهم الفني. كذلك من الكتب التي لها الرواج في منطقة الحجاز وكان مصدرها كتابيا تعليميا، ودلت الدلائل على أنها مستقاة من تعاليم قديمة، أو كتب مقدمة، ثم أخذت صيغة الأمثال الشعبية, فقد كانت هناك جاليات آرامية وغير آرامية استقر بعضها في مناطق عدة من الحجاز في أخصب البقاع حول المدينة المنورة ، وأمرع الواحات بين الحجاز والشام وذاعت في تلك المناطق قصص من التوراة وغير التوراة. وكان من أثر التيارات والدعوات الكتابية أن ضعف إلى حد ما نفوذ الوثنية، وذاعت بعض الأفكار السماوية والتعاليم الدينية ... وكان بعضها في صورة حكم وأمثال .
ج-أثر البيئة الجاهلية في الأمثال العربية:
تعتبر الأمثال أصدق شيء يتحدث عن أخلاق الأمة وتفكيرها وعقليتها وتقاليدها وعاداتها، ويصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير، فهي مرآة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية، وهي أقوى دلالة من الشعر في ذلك؛ لأنه لغة طائفة ممتازة، وأما هي فلغة جميع الطبقات. فالمثل -إذًا- هو صوت الناس وصورته ، ينبع من قلوبهم ، ويصب فيها ولذا كان من الطبيعي أن تكون الأمثال العربية في العصر الجاهلي صورة صادقة لنفسية العرب وحياتهم , وأن تنعكس على مرآتها بيئتهم الطبيعية والاجتماعية, وتصور عاداتهم وتقاليدهم ونزعاتهم وميولهم وهزلهم وجدهم، وطرائقهم في التفكير والتعبير. وماذا عسى أن ينتج من بيئات اشتغل أهلها بالرعي والزراعة والتجارة، وكانت لهم المصارف، وضربوا في جنبات الصحراء يحدون القوافل الموقرة بالسلع المختلفة لحسابهم، أو لحساب غيرهم، حتى أصبح لهم حظ من الثراء والترف والحضارة، وكانت بديارهم المواسم والمجتمعات والأسواق التجارية والأدبية, كما امتازوا بجوارهم للبيت الحرام الذي يقصده العرب جميعا لأداء الشعائر الدينية؟ كل ذلك كان له أثره العميق في نفوسهم, وفيما ينتجون من أدب بصفة عامة, وما يرسلون من حكم وأمثال بصفة خاصة. وهكذا كانت الأمثال الجاهلية التي وصلت إلينا ترجمانا صادقا عن حياتهم الاجتماعية، وشمائلهم الخلقية؛ نرى فيها شجاعتهم وبأسهم، وجرأتهم وفتكهم،
د-من أمثال العرب الجاهليين :
فقد ضرب المثل بالبراض الكناني، فقيل: أفتك من البراض، وفي قصة المثل المشهور: "عند جهينة الخبر اليقين" بعد أن فتك الأخنس بن كعب الجهني بالحصين بن عمرو، وقفل راجعا إلى قومه رأى امرأة تنشد الحصين، فقال لها: من أنت؟ فقالت: أنا امرأة الحصين. قال: أنا قتلته، فكذبته وقالت: أما لو لم يكن الحي خلوا ما تكلمت بهذا. فانصرف وفي ذلك يقول:
كصخرة إذ تسائل في مراح ... وأنمار، وعلمهما ظنون
تسائل عن حصين كل ركب ... وعند جهينة الخبر اليقين
وفي بيئات الحجاز الزراعية كخيبر والمدينة حيث تنتشر النخيل نجد أن الحجازيين قد اتخذوا من "التمر" مادة للأمثال يعالجون بها أطرافا من شئونهم المعاشية وحياتهم الاجتماعية، فقالوا: "كمستبضع التمر إلى خيبر" ويقال للدلالة على خطأ هذا الفعل، فخيبر مصدر التمر، والذي يجلب إليها التمر مخطئ أعظم الخطأ مقضي على تجارته بالبوار والكساد وهذا من بديهيات التجارة، والشيء يجب أن يوضع في موضعه، ويوجه لمن هو في حاجة إليه، قال النابغة الجعدي:
وإن امرأ أهدى إليك قصيدة ... كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا
وقالوا: "كل خاطب على لسانه تمرة"( الميداني 2/ 98.) وفي التمرة حلاوة, والخاطب عادة يحلو لسانه حتى يحوز الرضا ويفوز بحبة قلبه, وهو يضرب للذي يلين كلامه إذا طلب حاجة. وقالوا: "التمرة إلى التمرة تمر" وينسب هذا المثل إلى أحيحة بن الجلاح الأوسي, وذلك أنه دخل حائطا له فرأى تمرة ساقطة فتناولها، فعُوتب في ذلك، فقال ذلك القول يريد أن ضم الآحاد يؤدي إلى الجمع, ويضرب في استصلاح المال. وكان من عادتهم في الجاهلية أن يقوم منادٍ على أطم من آطام المدينة حين يدرك البسر، فينادي: "التمر في البئر ... التمر في البئر" يحثهم على أن يكثروا من سقي نخلهم, فإن من سقى وجد عاقبة سقيه في تمره، وهذا قريب من قولهم: "عند الصباح يحمد القوم السرى", ويراد بالمثلين: أن من عمل عملا كان له ثمرته( الميداني 1/ 144, وجمهرة الأمثال 1/ 185.) وفي بيئات الحجاز التجارية كمكة مثلا, يجد الباحث أمثالا تصور حياتهم الاقتصادية كقولهم: أقْرَش من المجبرين: والقرش: الجمع والتجارة, والتقرش: التجمع، ومن هذا سميت قريش قريشا. زعم أبو عبيدة أنهم أربعة رجال من قريش وهم أولاد عبد مناف بن قصي؛ أولهم هاشم ثم عبد شمس ثم نوفل ثم المطلب بنو عبد مناف، سادوا بعد أبيهم. لم يسقط لهم نجم، جبر الله تعالى بهم قريشا فسموا المجبرين؛ وذلك أنهم وفدوا على الملوك بتجاراتهم فأخذوا منهم لقريش العصم، أخذ لهم هاشم حبلا من ملوك الشام حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الشام وأطراف الروم، وأخذ لهم عبد شمس حبلا من النجاشي الأكبر حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الحبشة, وأخذ لهم نوفل حبلا من ملوك الفرس حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض فارس والعراق, وأخذ لهم المطلب حبلا من حمير حتى اختلفوا بذلك السبب إلى بلاد اليمن( الميداني 2/ 72, ) وانعكست على أمثالهم كذلك صور من عاداتهم الدينية وبيئتهم المقدسة, فقالوا: "آمن من حمام مكة" و"آمن من الظبي بالحرم" وهما من الآمن, وقالوا: "آلف من حمام مكة" لأنه لا يثار ولا يصاد، وقالوا: "أصح من عير أبي سيارة" وهو رجل من بني عدوان اسمه: عميلة بن خالد بن الأعزل, وكان
له حمار أسود أجاز الناس عليه من المزدلفة إلى منى أربعين سنة, وكان يقول: أشرق ثبير كيما نغير, وهو أول من سن الدية مائة من الإبل( الميداني 1/ 422, وجمهرة الأمثال للعسكري 2/ 128.) وفي مكة تبرز أمثال تصور مبلغ ما وصل إليه بعض القرشيين من الثراء والترف كقولهم: أقرى من حاسي الذهب: وحاسي الذهب هو عبد الله بن جدعان التيمي سيد مكة في الجاهلية. وسمي بذلك؛ لأنه كان يشرب في إناء من الذهب, وهو الذي أطعم العرب الفالوذ، وفيه قال أبو الصلت الثقفي:
له داع بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردح من الشيزى ملاء ... لباب البر يلبك بالشهاد
ونجد أمثالا أخرى تصور جودهم وسخاءهم كقولهم:
أفرى من زاد الركب: وهذا المثل من أمثال قريش, ضربوه لثلاثة من أجوادهم: مسافر بن أبي عمرو بن أمية، وأبي أمية بن المغيرة، وأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى. سموا زاد الركب؛ لأنهم كانوا إذا سافروا مع قوم لم يتزودوا معهم, وقد ذكرنا نبأهم فيما سبق. ومن أمثال المكيين التي تحكي اعتزازهم وتفاخرهم قولهم: أنا ابن كديها وكدائها: وكدى وكداء جبلان بمكة والهاء راجعة إلى مكة, وهذا مثل يضربه من أراد الافتخار على غيره. ومن أمثالهم التي تصور جمالهم ووسامتهم قولهم: أجمل من ذي العمامة: وهو مثل من أمثال مكة, وذو العمامة سعيد بن العاص بن أمية, وكان في الجاهلية إذا لبس عمامة، لا يلبس قرشي عمامة على لونها، وإذا خرج لم تبق امرأة إلا برزت للنظر إليه من جماله( الميداني 2/ 198. ) ومن الأمثال العربية قولهم: كُسَيْر وعُوَيْر, وكل غير خير( الأغاني 1/ 293, دار الكتب. ) ولا يزال الحجازيون حتى اليوم يذكرون معنى هذا المثل بعد أن حولوه إلى اللهجة العامية، فيقولون: "صوير وعوير, وإلا ما فيه خير". ومن الأمثال الحجازية الشعبية قولهم: "شاهد الثعلب ذنبه" وقد جاء هذا المثل في خبر لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه( جمهرة الأمثال للعسكري 2/ 18.) ، وسار عبر القرون حتى العهد الحاضر, فإذا هو يدور على ألسنة الحجازيين على النحو الآتي: "قاللوا: مين يشهد لك يا أبو الحصين؟ قاللوا: ذنبي" وأبو الحصين -كما هو معروف- كنية الثعلب. أما حكمهم وأمثالهم التي تجلت فيها قدرتهم الفائقة على فن التعبير، وبرزت فيها سمات الوجازة والبلاغة الممتازة حتى دارت على الألسنة وتأثرت بها القلوب, فحسبنا أن نشير إلى قولهم: "الحرب سجال"، و" لا في العير ولا في النفير"، و" كل الصيد في جوف الفراء"، و"السليم لا ينام ولا ينيم"، و" رب زارع لنفسه حاصد سواه". وقد يصور المثل الحجازي حادثة أو شخصية جاهلية كقولهم: "أندم من أبي غبشان" وهو من خزاعة. يروى أنه أسلم قصي بن كلاب مفاتيح البيت الحرام وهو سكران، فطار بها من الطائف "وهو موضع اجتماعهم" إلى مكة، وقال: معاشر قريش! هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل, ردها الله عليكم من غير غدر ولا ظلم, وأفاق أبو غبشان فندم، فقيل: أندم من أبي غبشان. هذا وقد سجل الأستاذ أحمد السباعي في كتابه "تاريخ مكة" قد سجل جملة من الحكم والأمثال عزاها إلى قريش في العصر الجاهلي. كالمثل: "عند الصباح يحمد القوم السرى ( الميداني 1/ 464.), فقد تفوه به خالد بن الوليد حين نجا هو وجيشه من الهلاك عطشا، بعد أن سلك المفازة بين اليمامة والعراق وفي الكامل لابن الأثير: بين الشام والعراق. بناء على أمر الخليفة أبي بكر -رضي الله عنه- له بأن يتجه إلى العراق. وبعضها مولد كقولهم: "يبني قصرا ويهدم مصرا"( الميداني 2/ 393.) ، ويضرب لمن شره أكثر من خيره, وقد ذكره الميداني في أمثال المولدين، وقولهم: "إذا أراد الله هلاك نملة أنبت لها جناحين". وبعضها ليس قرشيا كالمثل: "حسبك من شر سماعه", فقد نسبه الميداني لأم الربيع بن زياد العبسي، ونسبه المفضل لفاطمة بنت الخرشب من بني أنمار بن بغيض. وكقولهم: "مكره أخوك لا بطل". روى الضبي: "أخوك" على الإعراب بالحروف، ثم نجدها في لهجات بعض المناطق الغربية: "مكره أخاك لا بطل" بالبناء على الألف. وورد في الضبي المثل: "إذا عز أخوك فهن" فإذا به يروى: "إذا عز أخاك فهن" ولكن الجاحظ يعده لحنا. ثم نلمح السمة الحجازية أحيانا في الأمثال، حين يختلف الرواة في شرح قصصها ومواردها، فيردونها إلى مصادر مختلفة، ففي شرح المثل القائل: "حدا حدا وراءك بندقة" يرى شرق بن القطامي الكوفي أن "حدا" علم على قبيلة، هي حدا بن نمرة بن سعد العشيرة، وهم بالكوفة، وبندقة من مظة, وهو سفيان بن سلهم بن الحكم بن سعد العشيرة وهو باليمن. أغارت حدا على بندقة فقتلت منهم، أما أبو عبيدة البصري، فيرى أن المراد هو هذا الحدأ الذي يطير، والبندقة ما يرمى به، وهي كرة تطلق من السهم يلعب بها الصبيان، وهو مثل يضرب في التحذير. فعلى قول أبي عبيدة يكون اللفظ جمع حدأة أسقطوا همزته. وفي اللسان: "العامة تقول: حدا حدا بالفتح غير مهموز" فالأقرب أن يكون المثل متأثرا بلهجة غريبة أو هو غربي المورد، فإن حذف الهمزة في نحو "حدا" هو ظاهرة مميزة للهجات الحجازية على أنه قد يصعب الاهتداء إلى مصدر المثل في كثير من الأحيان، كما في شرح: "أنا النذير العريان"، فقد أورد ابن الكلبي قصة وقعت حوادثها في الحيرة في أيام المنذر بن ماء السماء. أما ابن سلمة فيشرح المثل بما يدل على أن مصدره حجازي، إذ ينسبه إلى رجل من خثعم, حمل عليه يوم ذي الخلصة. ومن الأمثال التي يبدو الأثر الأجنبي في صيغتها قولهم: "إلا دِهِ فلا ده" وهو كلمة قالها الكاهن عزى سلمة حين أتاه جماعة من ثقيف، ومعهم عبد المطلب بن هاشم فخبئوا له، وقالوا: "لاده" أي: بيّن هذا الشيء، فأجابهم الكاهن بكلام مبهم، فقالوا له: "لاده" قال لهم: "إن لاده فلاده" هو رأس جرادة في خرز مزادة ... إلخ. قال الخليل بن أحمد: "لاده" فارسية الأرض, ورده أبو عبيدة إلى أصل عربي قال: "أريد كذا وكذا، فإن قيل له: ليس يمكن ذا، قال: فكذا وكذا". وقال الأصمعي: إن معناه: إن لم يكن هذا الآن، فلا يكون بعد الآن. وقال المنذري: "قالوا: معناه: إلا هذه، فلا هذه، يعني أن الأصل إلا ذه فلا ذه، بالذال المعجمة". وبالرغم من أن حوادث القصة حجازية، فإن المثل فيما نظن عبارة مأثورة من تلك المصطلحات العتيقة التي تتسرب عادة إلى أهل الحرفة من عصور بعيدة الآماد. ويرجح بعض الباحثين أن العبارة متأثرة بلهجة آرامية أو فارسية، وأنها جاءت من جهة العراق. ولا ننسى طائفة أخرى من الأمثال هي خرافات شعبية، نشأت وترعرعت في أوساط كتابية غالبا في الفترة التي ظهر فيها الإسلام أو بعده بقليل. وهنالك نوع من قصص الخلق نجدها منتشرة في الأوساط الكتابية، يذيعها المعلمون والوعاظ لبيان حكمة الخالق في خلقه، وهنالك عدد من قصص الخلق ذاعت في الكتب المقدسة القديمة، وقد نجح صانعو هذا القصص في صياغتها بعبارات شعبية. قالوا: زعمت الأعراب أن النعامة ذهبت تطلب قرنين، فرجعت بلا أذنين؛ فلذلك يسمون ذكر النعام الظليم، ومن أمثالهم: "كطالب القرن جدعت أذنه" ويروى أن بشارًا تمثل فقال: "ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد بلا أذنين". وورد المثل في شعر بعض الهذليين المخضرمين، وهو أبو العيال الهذلي، والهذليون مساكنهم في الحجاز، وهو يشير إلى النعامة لا إلى الحمار. وهناك مثل آرامي يهودي يقول: "ذهب الجمل يطلب قرنين فرجع بلا أذنين" وبذلك يتبادل الدور ثلاثة من الحيوان، ويبدو أن الجمل أقدمها ورودا في المثل ، وقد اختلطت الأمثال اليمنية بالأمثال الحجازية، فقد لبست جميعها ثوبا من العربية الفصحى وفي أمثالهم: "من دخل ظفار حمر, أو تحمر" وظفار بلد باليمن, وحمر: تكلم بالحميرية. وقالوا: "روغي جعار وانظري أين المفر" جعار الضبع، وهو مثل يضرب للذي يهرب ولا يقدر أن يغلب صاحبه. وقالوا: "تيسي جعار" يضرب للاستكذاب ولم يعرف أصل هذه الكلمة, والتيس جبل باليمن. ويقال: فلان يتكلم بالتيسية أي: بكلام أهل ذلك الجبل( والمزهر: 1/ 49، والأمثال لعابدين 65, 66.) ، وفي الحجاز يصادف الباحث عددا من الأمثال يتسم بسمة الإغراب، ويستغلق معناه في الفهم . وروي أن عمر بن الخطاب جاءه رجل يحمل لقيطا، فقال عمر: "عسى الغوير أبؤسا" والغوير: تصغير غار, والأبؤس: الشدائد جمع بؤس، أي: لعلك. صاحب هذا اللقيط, تعريضا بالرجل، وقال اللغويون في معناه: "لعل الغوير يصير أبؤسا" وقالوا: عسى بمعنى كان ومن الأمثال العربية :أفتك من البراض : هو البراض بن قيس الكناني. ومن خبر فتكه: أنه كان وهو في حيه عيارا فاتكا يجني الجنايات على أهله، فخلعه قومه، وتبرؤوا من صنيعه، ففرقهم وقدم مكة، فحالف حرب بن أمية ثم نبا به المقام بمكة أيضا ففارق أرض الحجاز إلى أرض العراق، وقدم على النعمان بن المنذر الملك فأقام ببابه. وكان النعمان يبعث إلى عكاظ بلطيمة كل عام تباع له هناك, فقال وعنده البراض والرحال -وهو عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب, وسمي رحالا لأنه كان وفادا على الملوك: من يجيز لي لطيمتي هذه حتى يقدمها عكاظ؟ فقال البراض: أبيت اللعن أنا أجيزها على كنانة, فقال النعمان: ما أريد إلا رجلا يجيزها على الحيين قيس وكنانة. فقال عروة الرحال: أبيت اللعن، أهذا العيار الخليع يكمل لأن يجيز لطيمة الملك، أنا المجيزها على أهل الشيح والقيصوم من نجد وتهامة. فقال: خذها، فرحل عروة بها، وتبع البراض أثره، حتى إذا صار عروة بين ظهراني قومه بجانب فدك, نزلت العير فأخرج البراض قدحا يستقسم بها في قتل عروة، فمر عروة به، وقال: ما الذي تصنع يا براض؟ قال: أستخبر القداح في قتلي إياك، فقال: "استك أضيق من ذاك"، فوثب البراض بسيفه إليه فضربه ضربة خمد منها، واستاق العير، فبسببه هاجت حرب الفجار بين حيي خندف وقيس، فهذه فتكة البراض التي بها المثل قد سار، وقال فيها بعض شعراء الإسلام:
والفتى من تعرقته الليالي ... والفيافي كالحية النضناض
كل يوم له بصرف الليالي ... فتكة مثل فتكة البراض
ومن الأمثال : إن العصا قرعت لذي الحلم: وقيل: إن أول من قرعت له العصا عمرو بن مالك بن ضبيعة، أخو سعد بن مالك الكناني، وذلك أن سعدا أتى النعمان بن المنذر ومعه خيل له قادها وأخرى عراها, فقيل له: لم عريت هذه وقدت هذه؟ قال: لم أقد هذه لأمنعها، ولم أعر هذه لأهبها، ثم دخل على النعمان فسأله عن أرضه, فقال: أما مطرها فغزير وأما نبتها فكثير. فقال النعمان: إنك لقوال, وإن شئت أتيتك بما تعيا عن جوابه. قال: نعم. فأمر وصيفا له أن يلطمه، فلطمه لطمة. فقال: ما جواب هذه؟ قال: رب يؤدب عبده. قال: الطمه أخرى, فلطمه. قال: ما جواب هذه؟ قال: ملكت فأسجح، فأرسلها مثلا. قال النعمان: أصبت فامكث عندي, وأعجبه ما رأى منه فمكث عنده ما مكث. ثم إنه بدا للنعمان أن يبعث رائدا فبعث عمرا أخا سعد, فأبطأ عليه فأغضبه ذلك, فأقسم: لئن جاء ذاما للكلأ أو حامدا له ليقتلنه, فقدم عمرو وكان سعد عند الملك, فقال سعد: أتأذن أن أكلمه؟ قال: إذن يقطع لسانك. قال: فأشير إليه؟ قال: إذن تقطع يدك، قال: فأقرع له العصا؟ قال: فأقرعها، فتناول سعد عصا جليسه وقرع بعصاه قرعة واحدة فعرف أنه يقول له: مكانك, ثم قرع بالعصا ثلاث قرعات, ثم رفعها إلى السماء ومسح عصاه بالأرض، فعرف أنه يقول له: لم أجد جدبا, ثم قرع العصا مرارا ثم رفعها شيئا وأومأ إلى الأرض فعرف أنه يقول: ولا نباتا, ثم قرع العصا قرعة وأقبل نحو الملك فعرف أنه يقول كلمة, فأقبل عمرو حتى قام بين يدي الملك، فقال له: أخبرني هل حمدت خصبا أو ذممت جدبا؟ فقال عمرو: لم أذمم هزلا ولم أحمد بقلا، الأرض مشكلة، لا خصبها يعرف، ولا جدبها يوصف، رائدها واقف ومنكرها عارف وآمنها خائف. قال الملك: أولى لك, فقال سعد بن مالك يذكر قرع العصا:
قرعت العصا حتى تبين صاحبي ... ولم تك لولا ذاك في القوم تقرع
فقال رأيت الأرض ليس بممحل ... ولا سارح فيها على الرعي يشبع
سواء فلا جدب فيعرف جدبها ... ولا صابها غيث غزير فتمرع
فنجي بها حوباء نفس كريمة ... وقد عاد لولا ذاك فيهم تقطع
وقال آخرون في قولهم "إن العصا قرعت لذي الحلم": إن ذا الحلم هذا هو عامر بن الظرب العدواني, وكان من حكماء العرب لا تعدل بفهمه فهما ولا بحكمه حكما، فلما طعن في السن أنكرت من عقله شيئا، فقال لبنيه: إنه قد كبرت سني وعرض لي سهو, فإذا رأيتموني خرجت من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا لي المجن بالعصا. وقيل: كانت له جارية يقال لها: خصيلة, فقال لها: إذا أنا خُولِطت فاقرعي لي العصا، وأتى عامر بخنثى ليحكم فيه فلم يدر ما الحكم, فجعل ينحر لهم ويطعمهم ويدافعهم بالقضاء، فقالت خصيلة: ما شأنك قد أتلفت مالك؟ فخبرها أنه لا يدري ما حكم الخنثى, فقالت: اتبعه مباله، قال الشعبي: فحدثني ابن عباس بها، قال: فلما جاء الإسلام صارت سنة فيه، وعامر هو الذي يقول:
أرى شعرات على حاجبي ... بيضا نبتن جميعا تؤاما
ظللت أهاهي بهن الكلا ... ب أحسبهن صوارا قياما
وأحسب أنني إذا ما مشيـ ... ـت شخصا أمامي رآني فقاما
ومن الأمثال الجاهلية (عند جهينة الخبر اليقين) وخبره أنه : خرج حصين بن عمرو بن معاوية بن كلاب ومعه رجل من جهينة يقال له: الأخنس بن كعب، وكان الأخنس قد أحدث في قومه حدثا فخرج هاربا فلقيه الحصين، فقال له: من أنت, ثكلتك أمك؟ فقال له الأخنس: بل من أنت, ثكلتك أمك؟ فردد هذا القول, حتى قال الأخنس: أنا الأخنس بن كعب فأخبرني من أنت وإلا أنفذت قلبك بهذا السنان، فقال له الحصين: أنا الحصين بن عمرو الكلابي. ويقال: بل هو الحصين بن سبيع الغطفاني، فقال له الأخنس: فما الذي تريد؟ قال: خرجت لما يخرج له الفتيان. قال الأخنس: وأنا خرجت لمثل ذلك، فقال له الحصين: هل لك أن نتعاقد ألا نلقى أحدا من عشيرتك أو عشيرتي إلا سلبناه؟ قال: نعم, فتعاقدا على ذلك وكلاهما فاتك يحذر صاحبه، فلقيا رجلا فسلباه فقال لهما: هل لكما أن تردا علي بعض ما أخذتما مني وأدلكما على مغنم؟ قالا: نعم، فقال: هذا رجل من لخم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير وهو خلفي في موضع كذا وكذا، فردا عليه بعض ماله وطلبا اللخمي فوجداه نازلا في ظل شجرة وقدامه طعام وشراب, فحيَّاه وحياهما وعرض عليهما الطعام فكره كل واحد أن ينزل قبل صاحبه فيفتك به, فنزلا جميعا فأكلا وشربا مع اللخمي، ثم إن الأخنس ذهب لبعض شأنه فرجع واللخمي يتشحط في دمه، فقام الجهني وهو الأخنس وسل سيفه؛ لأن سيف صاحبه كان مسلولا وقال: ويحك, فتكت برجل قد تحرمنا بطعامه وشرابه. فقال: يا أخا جهينة، أتدري ما صعلة وما صعل؟ قال الجهني: هذا يوم شرب وأكل، فسكت الحصين حتى إذا ظن أن الجهني قد نسي ما يراد به قال: يا أخا جهينة هل أنت للطير زاجر؟ قال: وما ذاك؟ قال: ما تقول هذه العقاب الكاسر؟ قال الجهني: وأين تراها؟ قال: هي ذه، وتطاول ورفع رأسه إلى السماء فوضع الجهني بادرة السيف في نحره فقال: أنا الزاجر والناصر, واحتوى على متاعه ومتاع اللخمي وانصرف راجعا إلى قومه، فمر ببطنين من قيس يقال لهما: مراح وأنمار، فإذا هو بامرأة تنشد الحصين بن سبيع, فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا صخرة امرأة الحصين، قال: أنا قتلته. فقالت: كذبت ما مثلك يقتل مثله؟ أما لو لم يكن الحي خلوا ما تكلمت بهذا, فانصرف إلى قومه فأصلح أمرهم, ثم جاءهم فوقف حيث يسمعهم وقال:
وكم من ضيغم ورد هموس ... أبي شبلين مسكنه العرين
علوت بياض مفرقه بعضب ... فأضحى في الفلاة له سكون
وأضحت عرسه ولها عليه ... بعيد هدوء ليلتها رنين
وكم من فارس لا تزدريه ... إذا شخصت لموقعه العيون
كصخرة إذ تسائل في مراح ... وأنمار وعلمهما ظنون
تسائل عن حصين كل ركب ... وعند جهينة الخبر اليقين
فمن يك سائلا عنه فعندي ... لصاحبه البيان المستبين
جهينة معشري وهم ملوك ... إذا طلبوا المعالي لم يهونوا
ويضرب هذا المثل في الرجل يعرف حقيقة الأمر.
ومن الأمثال ( رب زارع لنفسه حاصد سواه ) : قاله عامر بن الظرب وذلك أنه خطب إليه صعصعة بن معاوية ابنته, فقال: يا صعصعة, إنك جئت تشتري مني كبدي وأرحم ولدي عندي, منعتك أو بعتك، النكاح خير من الأيمة والحسيب كفء الحسيب والزوج الصالح يعد أبا، وقد أنكحتك خشية ألا أجد مثلك، ثم أقبل على قومه فقال: يا معشر عدوان، أخرجت من بين أظهركم كريمتكم على غير رغبة عنكم, ولكن من خط له شيء جاءه، رب زارع لنفسه حاصد سواه. ولولا قسم الحظوظ على غير الحدود ما أدرك الآخر من الأول شيئا يعيش به، ولكن الذي أرسل الحيا أنبت المرعى، ثم قسمه أكلا لكل فم بقلة ومن الماء جرعة, إنكم ترون ولا تعلمون، لن يرى ما أصف لكم إلا كل ذي قلب واعٍ ولكل شيء راعٍ ولكل رزق ساعٍ, إما أكيس وإما أحمق وما رأيت شيئا قط إلا سمعت حسه ووجدت مسه, وما رأيت موضوعا إلا مصنوعا، وما رأيت جائيا إلا داعيا ولا غانما إلا خائبا ولا نعمة إلا ومعها بؤس, ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء، فهل لكم في العلم العليم؟ قيل: ما هو؟ قد قلت فأصبت وأخبرت فصدقت. فقال: أمورا شتى وشيئا شيا حتى يرجع الميت حيا ويعود لا شيء شيا؛ ولذلك خلقت الأرض والسماء، فولوا عنه راجعين، فقال: ويلها نصيحة لو كان من يقبلها. ؛ ومن الأمثال ( كل شاة برجلها معلقة ) : قاله وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد وكان ولي أمر البيت بعد جرهم, فبنى صرحا بأسفل مكة , وجعل فيه أمة يقال لها: حزورة, وبها سميت حزورة مكة, وجعل في الصرح سلما فكان يرقاه ويزعم أنه يناجي الله تعالى, وكان ينطق بكثير من الخبر, وكان علماء العرب يزعمون أنه صديق من الصديقين, وكان من قوله: مرضعة أو فاطمة ووادعة وقاصمة والقطيعة والفجيعة وصلة الرحم وحسن الكلم. ومن كلامه: ( زعم ربكم ليجزين بالخير ثوابا وبالشر عقابا، إن من في الأرض عبيد لمن في السماء, هلكت جرهم وربلت إياد، وكذلك الصلاح والفساد) . فلما حضرته الوفاة جمع إيادا فقال لهم: اسمعوا وصيتي: الكلم كلمتان والأمر بعد البيان، من رشد فاتبعوه ومن غوى فارفضوه, وكل شاة برجلها معلقة, فأرسلها مثلا. ومن ذلك ( صكة عمي ) : يقال: لقيته صكة عمي وصكة أعمى وهو أشد الهاجرة حرا، وعمي تصغير أعمى مرخما، قال اللحياني: هي أشد ما يكون من الحر أي: حين كان الحر يعمي من شدته، وقال الفراء: حين يقوم قائم الظهيرة. وعمي رجل من عدوان كان يفتي في الحج, فأقبل معتمرا ومعه ركب حتى نزلوا بعض المنازل في يوم شديد الحر، فقال عمي: من جاءت عليه هذه الساعة من غد وهو حرام بقي حراما إلى قابل، فوثب الناس إلى الظهيرة يضربون أي: يسيرون حتى وافوا البيت, وبينهم وبينه من ذلك الموضع ليلتان ، فضرب مثلا فقيل: أتانا صكة عمي, إذا جاء في الهاجرة الحارة، وفي ذلك يقول كرب بن جبلة العدواني:
وصك بها نحر الظهيرة غائرا ... عمي ولم ينعلن إلا ظلالها
وجئن على ذات الصفاح كأنها ... نعام تبغي بالشظى رئالها
فطوفن بالبيت الحرام وقضيت ... مناسكها ولم يحل عقالها
ومن الأمثال ( قد كان ذلك مرة, فاليوم لا ) : قالته فاطمة بنت مر الخثعمية وكانت قد قرأت الكتب, فأقبل عبد المطلب ومعه ابنه عبد الله يريد أن يزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب, فمر على فاطمة وهي بمكة المكرمة ، فرأت النبوة في وجه عبد الله, فقالت له: من أنت يا فتى؟ فقال: أنا عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، فقالت: هل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإبل؟ فقال:
أما الحرام فالممات دونه ... والحل لا حل فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تنوينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه
ومضى مع أبيه فزوجه آمنة وظل عندها يومه وليلته, فاشتملت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ثم انصرف وقد دعته نفسه إلى الإبل فأتاهم فلم ير منها حرصا, فقال لها: هل لك فيما قلت لي؟ فقالت: قد كان ذلك مرة, فاليوم لا. فأرسلت مثلا يضرب في الندم والإبانة بعد الاجترام, ثم قالت له: أي شيء صنعت بعدي؟ قال: زوجني أبي آمنة بنت وهب فكنت عندها، فقالت: رأيت في وجهك نور النبوة فأردت أن يكون ذلك في، فأبى الله تعالى إلا أن يضعه حيث أحب، وقالت:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم ... أمينة إذ للباه يعتلجان
وما كل ما نال الفتى من نصيبه ... بحزم ولا ما فاته بتواني
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه ... سيكفيكه جدان يصطرعان
وقالت في ذلك أيضا:
إني رأيت مخيلة نشأت ... فتلألأت بحناتم القطر
لله ما زهرية سلبت ... ثوبيك ما استلبت وما تدري
ومن الأمثال الجاهلية ( أي الرجال المهذب؟ ) أول من قاله النابغة, حيث قال:
ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعت أي الرجال المهذب
وكذلك ( لقد استبطنتم بأشهب بازل) قاله العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- لأهل مكة, أي: بُلِيتم بأمر صعب مشهور كالبعير الأشهب البازل، وهو الأبيض القوي، والباء في "بأشهب" زائدة، يقال: استبطنت الشيء, إذا أخفيته.
ومن الأمثال : ( لا قرار على زأر من الأسد ) : من قول النابغة:
نبئت أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد
تمثل به الحجاج حين سخط عليه عبد الملك. وكذلك : ( لا يجمع سيفان في غمد) : قال أبو ذؤيب:
تريدين كيما تجمعيني وخالدا ... وهل يجمع السيفان ويحك في غمد
و ( ألذ من الغنيمة الباردة ): قال الجاحظ: إن أهل تهامة والحجاز لما عدموا البرد في مشاربهم وملابسهم إلا إذا هبت الشمال سموا الماء النعمة الباردة، ثم كثر ذلك منهم حتى سموا ما غنموه "البارد" تلذذا منهم كتلذذهم بالماء البارد. و ( الحرب سجال ) : المساجلة: أن تصنع مثل صنيع صاحبك من جري أو سقي. وأصله من السجل وهو الدلو فيها ماء قل أو كثر, ولا يقال لها وهي فارغة: سجل. قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
من يساجلني يساجل ماجدا ... يملأ الدلو إلى عقد الكرب ،
و: ( قد صرحت بجلدان ) : هو حمى قريب من الطائف لين مستوٍ، كالراحة، لا خمر فيه يتوارى به. يضرب للأمر الواضح البين الذي لا يخفى على أحد. وجلدان بكسر أوله وإسكان ثانيه وبالدال المهملة على وزن فِعْلَان، وهي أرض سهلة؛ ولذلك قالوا: أسهل من جلدان. قال الشاعر:
ستشمظكم عن بطن وج سيوفنا ... ويصبح منكم بطن جلدان مقفرا
تشمظكم: تمنعكم. وكذلك جاء في أمثالهم: أعط القوس باريها بتسكين الياء في باريها، والأصل فتحها، وجاء أيضا في أمثالهم: "أجناؤها أبناؤها" جمع جان وبان، والقياس الصرفي: جناتها بناتها؛ لأن فاعلا لا يجمع على أفعال. وتقول: الصيف ضيعت اللبن بكسر التاء إذا خوطب بها المذكر والمؤنث والاثنان والجمع، ومعنى ذلك أن المثل لا يغير، وأنهم يستجيزون فيه ما لا يستجيزون في سائر الكلام. وينبغي أن نلاحظ أن بعض الأمثال مبهم غامض، لا يفهمه سامعه، أو قارئه إلا إذا رجع إلى كتب الأمثال يستعين بها في شرح المراد منه، من ذلك قول العرب: "بعين ما أرينك"، فإن معناه أسرع، وهو معنى لا يفهم من اللفظ بتاتا، وقد علق عليه أبو هلال العسكري بقوله: "هو من الكلام الذي قد عرف معناه سماعا من غير أن يدل عليه لفظه" . ومن هذه الأمثال الغامضة ما اضطرب الشراح في تفسيره على نحو ما نجد في هذا المثل: "لا يعرف الهر من البر". فقد ذكر بعضهم أن الهر: السنور، والبر: الفأرة في لغة، وقال بعض علماء الكوفة معنى المثل: لا يعرف من بهر عليه "يكرهه" ممن يبره، وقال آخرون: الهر: دعاء الغنم، والبر: سوقها . على أن هذه الأمثال الغامضة قلية، أما الكثرة فواضحة بينة. وقد أكثر العرب من صنع الأمثال، وضربها في جميع أحداثهم وشئون حياتهم، وكثيرا ما كانوا يسوقونها في خطابتهم، يقول الجاحظ: "كان الرجل من العرب يقف الموقف، فيرسل عدة أمثال سائرة، ولم يكن الناس جميعا ليتمثلوا بها إلا لما فيها من المرفق والانتفاع"، فقد أودعها تجاربهم، فاتسمت بالقبول وشاعت بالتداول،


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)