نماذج من النقد الأدبي
في العصر الجاهلي
قالت الخنساء في أخيها صخر من قصيدة ترثيه بها:
وإنَّ صخراً لتأتمَّ المهداة به كأنّه علم في رأسه نار
غريب الألفاظ:
(صخر) اسم أخي الشاعرة الخنساء مات فرثته بعدة قصائد (لتأتم) لتقتدى بسلوكه، (الهداة) : جمع مفردها (هاد) وهو حكيم القبيلة الذي تهتدي بفكره وحكمته، و(العلم): الجبل وقد ورد في القرآن قوله تعالى يصف السفن في البحر تجري على سطحه: (وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام،) أي (كالجبال.)
معنى البيت:
إن الخنساء تمدح أخاها صخراً الذي يقتدى به العقلاء والحكماء والهواة ويقصدونه كما يقصد السائر في الظلام جبلا شامخاً في رأسه ناره مشعلة تجذب إليها السائرين في الظلام.
قال النابغة الذبياني يعتذر من النعمان بن المنذر، والبيتان من قصيدة طويلة:
فإنك كالليل الذي هو مدركـي وإن خلتُ أنَّ المنتأى عنك أوسع
خطاطيف حجن في حبال متينة تشـدُّ بهـا أيـد إليـك نوازع
غريب الألفاظ:
(المدرك): اللاحق. (المنتأى) المكان البعيد، وهو من فعل نأى: ابتعد (الخطاطيف) جمع مفردها (خطاف) وهو حديدة أو خشبة معقوفة و(حجن) معقوفة لتشب في الحبال.
معنى البيت الأول:
يخاطب النابغة النعمان فيقول له إنك بقدرتك وعظمتك كالليل الذي يلف كل شيء ويستوعبه، وعلى الرغم من أنني أظن أنَّ شقة البعاد بيني وبينك واسعة إلا أن قدرتك تستطيع أن تصلني وإن تنشب فيّ كما تنشب خشبات معقوفة تشدها حبال متينة بجسم معلق بها.
قال حسان بن ثابت يفتخر:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابني محـرق فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما
غريب الألفاظ:
(الجفنات) جمع مفردها جفنة وهي الوعاء الذي يقدم فيه الطعام.
(الغر) جمع مفرده غراء أي بيضاء ، (الضحى الوقت الذي ترتفع فيه الشمس في الصباح، (يقطرن) يسيل منها الدم متتابعاً على شكل قطرات، (نجدة) معركة ينجد فيها قوم حلفاءهم ، و(بني العنقاء) قبيلة صغيرة تنتسب إلى الأنصار قبيلة حسان بن ثابت ومثلها (ابني محرق) وأكرم ، فعل ماض جاء على صيغة الأمر للتعجب، وكأنه أراد أن يقول ما أكرمنا خالا وابناً.
ومعنى البيت الأول:
يفتخر حسان في الشطر الأول من البيت الأول بكرم قومه فينسب إليهم الجفنات التي يقدم فيها الطعام للضيوف، فإذا القيت نظرة على بيوتهم وجدت هذه الجفان تلمع مع إشراقة الضحى، هذا في السلم ، وأما في الحرب فإنه يفتخر بشجاعة قومه في الشطر الثاني من البيت الأول بأن قومه رجال شجعان ينجدون من استنجد بهم فينتصرون على أعدائهم فيعودون من المعركة وسيوفهم تقطر بالدم.
لامرئ القيس قصيدة مطلعها:
خليلي مرّا بي على أمّ جندب لأقضي لبانات الفؤاد المعذب
يصف فرسه في هذه القصيدة بعد المطلع التقليدي في وصف الأطلال فيقول:
فللسوط الهوب، وللسان درة وللزجر منه وقع أهوج متعب
غريب الألفاظ:
(الخليل) الصاحب والصديق وتعود العرب أن يخاطبوا صديقين في مطلع القصيدة (أم جندب) اسم زوج امرئ القيس (البانات) جمع مفردها البانة أي حاجة في النفس .
وفي البيت الثاني (ألهوب) التهاب الفرس لسرعة تحركه وانطلاقة،(الساق) رجل الراكب على ظهر الفرس يحركها على جنبيه للاستحثاثه على الجري، و(الدّرة) سرعة المشي و(الزجر) أن يصيح الفارس بفرسه بصوت عال فيحرضه على تجديد السرعة و(الأهوج) المتعب، ولد النعام الذي إذا سمع صوتاً يزجره انطلق بسرعة طالباً النجاة.
معنى البيت الأول:
يخاطب امرؤ القيس صديقي رحلته ويطلب منهما أن يمرا في طريقهما على بيت أم جندب، لعله في نظرة إليها يشفي شوقه إليها، ويريح قلبه المعذب إلى لقياها وفي البيت الثاني يصف فرسه بأنه إذا ضربه بالسوط أهاجه فانطلق يلتهب في أقصى سرعته وإذا فتر عن الجري حرك ساقيه على جنبي فرسه فأخذ الفرس يسرع في عدوه، وإذا تراخى زجره بصوت عال فكأنما زجر ولد النعامة الذي ينطلق بأقصى سرعته في الصحراء لخوفه من الإنسان.
وقال علقمة الفحل قصيدة بائية يرد بها على بائية امرئ القيس السابقة ويبدؤها بالغزل فيقول:
ذهبت من الهجران في كل مذهب ولم يلها حقاً كل هذا التجنب
وينتقل إلى وصف فرسه الذي انطلقت قبله الخيول باستطاع أن يحلق بها، قال:
فأدركهنّ ثانياً من عنانه يمرّ كمرّ الرائح المتحلب
غريب الألفاظ:
(الهجران): انقطاع الصلة بين الحبيبين ولو لمدة، (المذهب) الاتجاه (التجنب) الاعراض، (أدركهن) لحق بهن أي لحق الفرس ببقية الخيول (ثانياً) اسم فاعل من ثنى يثنى إذا ترك العنان وهو الزمام أو الرسن – على عنق الفرس، و(الرائح) السحاب السريع (المتحلب) السحاب الذي تحلّب ماؤه أي سقط مطراً على الأرض فبقي السحاب خفيفاً فلذلك جار سريعاً.
معنى البيت الأول:
يخاطب علقمة حبيبته معاتباً إياها على سبب هجرانها، فيقول لها لماذا تفننت في هجراني ومقاطعتي كل تفنن؟ وليس لكل هذا التجنب والهجران من مسوّغ ثم يترك الغزل بعد أن يتناوله في عدة أبيات ويتسرع في وصف فرسه فيقول : إن هذا الفرس قد أدرك الخيول ولحق بها على الرغم من أنها انطلقت قبله وعلى الرغم من أن زميله كان مثنياً عنقه، وكأنه في سرعة جربيه واتّزانه كالغيم الذي يمر سريعاً وهادئاً، يزيد في سرعة هذا السحاب أنه تخلف مما كان يثقله من ماء.
قال الشاعر المتلمس :
وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره بناجٍ عليه الصيعرية مكدم
غريب الألفاظ:
(أتناسى) أحاول النسيان، (احتضاره): حضوره (ناج) الجمل (الصيعرية) علامة كانت توضع على عنق إناث الجمال (المكدم) القوي.
المعنى:
يقول الشاعر إذا حضرني الهم فانني أحاول نسيانه بأن أركب جملي القوي وانطلق طمعاً في تغيير جو الهموم الذي أعيشه.
قال النابغة الذبياني:
أمن آلِ ميّةَ رائحٌ أو مغتدي عجلان ذا زادٍ وغيرِ مزودِ
زعم البوارحُ أنّ رحلتنا غــداً وبذاك خبّرنا الغرابُ الأسودُ
سقط النصيف ولم ترد أسقاطه فتتناولتهُ واتقتنـا باليـد
بمخضب رخص كأنّ بنانــهُ عنمٌ يكاد من اللطافة يعقد
غريب الألفاظ:
في البيت الأول: الهمزة للاستفهام وقعت قبل حرف الجر من (من) ، (آل مية): محبوبته (رائح) اسم فاعل من (راح) أي رجع في المساء ، و(مفتدى) اسم فاعل من (اغتدى) أي ذهب في الغداة أي في الصباح ، (عجلان) مسيرة مستعجل (الزاد) الشيء الذي يتزود به المرء من طعام وغيره.
في البيت الثاني: (البوارح) جمع بارحة وهي الطير التي كان العرب إذا عزموا على السفر رموها بحجر صغير فإذا اتجهت إلى اليمين تفاءلوا بها وإذا اتجهت إلى اليسار تشاءموا منها والغراب. طير أسود اللون.
وفي البيت الثالث: (النصيف) غطاء تضعها المرأة على وجهها فيغطي نصفه وفي البيت الرابع: (المخضب) الأصبع المحنى و(رخص) طرى بض، (بنان) أصبع (عـنم) نبات ثمره كحبات العنب إذا نضج ثمره صار لونه أحمر قبل أن يتحول إلى أسود تشبه به رؤوس الأنامل، (يعقد) يتحول لونه من الخضرة إلى الحمرة والسواد.
المعنى:
يخاطب الشاعر صديقه فيقول له أنت ذاهب أم راجع من ديار أهل الحبيبة مية أراك تارة عجلان وتارة متزود.
لقد زعمت الطيور التي استشرناها بأن رحلتنا عن الحبيبة وديارها ستكون في يوم الغد ولعمري هذا خبر شئوم لا يخبر به إلا الغراب الأسود الذي لا يوحي إلا بالأخبار الكريهة.
مضى الشاعر يصف لحظة من لحظات الوداع لحبيبته عندما اقتربت لتودعه فسقط غطاء وجهها، على الرغم من أنها لم ترد إسقاطه، لذلك انحنت على الغطاء فتناولته بيد بينما وضعت يدها الأخرى على وجهها لكي تغطي محاسنها عن عيون المتطفلين.
غطت وجهها بيدها فظهرت أصابعها المخضوبة بالحناء هذه الأصابع الطرية التي تشبه أناملها ثمر العناب باحمراره ولمعانه.
علقمة بن عبده:
هل ما عملت وما استودعت مكتوم
أي هل حبك الذي تعلمه أو الذي تخفيه مكتوم عن الناس؟ كلا إن الحب إذا وقع في قلب امرئ لابد أن تظهر علاماته.
وقال:
طحا بك قلب بالحسان طروب بعيد الشباب عصر حان مشيب
أي لقد أتعبك هذا القلب المولع بالحسان ومتابعتهن في الوقت الذي ولّى فيه الشباب وحلت محله الشيخوخة.
قال حسان بن ثابت يمدح الغساسنة:
لله در عصابة نادمتهم يوماً بحلّق في الزّمانِ الأوّلِ
غريب الألفاظ:
(لله در) عبارة يراد بها التعجب والمدح ، (عصابة) مجموعة أو قبيلة (نادمتهم) جالستهم على الشراب، (جلّق) دمشق.
قال سويد بن أبي كامل:
بسطت رابعة الحبلَ لنا فوصلنا الحبل منها ما اتسع
أي فتحت هذه الفتاة المسماة برابعة طريق الحبّ لنا، فما كان منا إلا أن ولجنا هذا الطريق وسرنا فيه إلى أبعد حد.
روى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني قال:
"اجتمع الزبرقان بن بدر والمخبّل السعدي وعبده بن الطبيب وعمرو بن الاهتم قبل أن يسلموا، وبعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم فنحروا جزوراً واشتروا حمرا ببعير وجلسوا يشوون ويأكلون، فقال بعضهم: لو أن قوماً طاروا من جودة أشعارهم لطرنا، فتحاكموا لأول من يطلع، فطلع عليهم ربيعة بن حذار الأسدي وقال اليزيدي: فجاءهم رجل من بني يربوع يسأل عنهم فدل عليهم وقد نزلوا بطن واد، وهم جلوس ، فلما رأوه سرّهم وقالوا له أخبرنا أينا أشعر؟ قال: أخاف أن تغضبوا، فأمنوه من ذلك فقال: أما عمرو بن الاهتم فشعره برود يمنيه تنشير وتطوى، وأما أنت يا زبرقان فشعرك كلحم لم ينضج فيؤكل ولم يترك نيئاً فينتفع به، وأما أنت يا مخبل فشعرك شهب من نار الله يلقيها على من يشاء ، وأما أنت يا عبده فشعرك كمزادة أحكم خرزها، فليس يقطر منها شيء" الأغاني.
غريب الألفاظ:
(الجزور) الناقة التي تذبح ، (برود) يمنيه: ثياب مجلوبة من بلاد اليمن.





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)