هل هناك تناقض
بين القرآن الكريم والشعر؟
ما موقف الإسلام من الشعر؟ هل أقره على ما كان عليه أم حاربه؟ كيف نوفق بين الأخبار الشعرية التي تنسب إلى الرسول والتي تتراوح بين الحب والكراهية بين الإقبال والإدبار؟ لو عدنا إلى القرآن الكريم نستوضح هذه الصورة لوجدنا أن معارضة القرآن للشعر ترجع إلى أسباب منها:
1-الصلة بين الشاعر والكاهن: فالكاهن كان يتحدث عن أشياء غيبية يشاركه الشاعر في هذه الظاهرة واعتماد الكاهن على هذه المغيبات جعلت القرآن الذي يحترم العقل الإنساني المفكر لهذا رفض القرآن الكهانة واعتبرها ضرباً من التلاعب بالعقول التي خلقت للتفكير السليم ، ولما كان القرآن قد هبط على الرسول من عالم الغيب فقد اختلط على العرب الكاهن بالرسول بالشاعر فعمد القرآن عندئذ إلى الفصل بين كلام الله ووجل الكهان أو تخيلات الشعراء فلذلك وصف القرآن : { إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون ولا بقبول كاهن قليلاً ما تذكرون ، تنزيل من رب العالمين} [ الحاقة 40فما بعد ] ولهذا جاءت سورة الأنبياء لتنقل عن ألسنتهم ما ينعتون الرسول بهذه النعوت إذ قالوا: { أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر} [ الأنبياء ] ، وتجاوز الكفار نعت الرسول بالكاهن المقترن بالشاعر إلى نعته بالشاعر المقترن بالمجنون لذلك قالوا في سورة الصافات : {أإنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون } [ الصافات ] ، ثم وصفوه بالساحر المجنون في مواطن متعددة من القرآن وإزاء هذه التهم التي ألصقت بالرسول بأنه كاهن تارة وساحر تارة أخرى وشاعر تارة ثالثة عمد القرآن إلى رفع صفة الشاعرية عنه فجاء قول القرآن في سورة يس { وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين } [ يس ] واستمر المشركون في نعت الرسول بالشاعر فقالوا في مواطن كثيرة: { بل هو شاعر} [ أم يقولون شاعر}[ ] { وما هو بقول شاعر} [ ] بسبب كل هذه القرائن التي اقترنت بها صورة الشاعر في ذهن الرسول والملابسات التي رافقتها كره الرسول الشعر وازداد كراهيته له أكثر من ذي قبل عندما هبطت عليه سورة الشعراء التي جاءت خاتمتها مصرحة بالآيات التي تنعى على الشعراء صنيعهم فقالت : { والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وإنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} [ الشعراء]
2- إن الإسلام لم يول الشعر أهمية في أول الدعوة الإسلامية ، لأن الإسلام دين توحيد وقد عمل كل ما في وسعه لتوحيد العرب وضم قبائلهم المتناحرة وسل الضغائن من صدورهم وجند كل قواهم ووظفها في سبيل خدمة الدين الجديد وتحقيق أهدافه ولما كان الشعر وخاصة الهجائي والغزلي منه عنصراً من عناصر التفرقة بين الأفراد والقبائل لما يشيعه هذان الفنان من كراهية وحقد ، فإن القرآن نادى بازدرائه ولهذا نقل عن الرسول قوله: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه أفضل من أن يمتلئ شعراً)(العمدة 2/32) ، وكراهية الإسلام للشعر يصدق على الفترة الإسلامية الأولى . وإذا كان القرآن حارب غرض الهجاء بالشعر لأنه داعية فرقة ومثير ضغائن وأحقاد ولهذا قال الرسول : (من روى هجاء فهو أحد الشاتمين)، فإنه حارب غرض المدح وإن كان ذلك بشكل خفي وفلسفة الإسلام في ذلك أنه لا تقام في المجتمع الإسلامي الجديد لمتهاون أو طفيلي مرتزق بلسانه يمدح هذا ارتزاقاً وفي ذلك مذلة وتواكل والإسلام يطمح لبناء المسلم ذي النفس العزيزة ذي الهمة غير المتواكلة ولهذا المعنى قال : (احثوا التراب في وجوه المداحين) ولكن ما إن يهاجر الرسول من مكة إلى المدينة وتلحقه قريش بأذاها حتى يجد الرسول نفسه مضطراً للدفاع عن ذاته وعقيدته باللسان ، فعندما جابهته قريش بالحرب جابهها بحرب مثلها وتغلب عليها ولكن عندما تصدت له في أيام السلم بالشعر لم يستطع وما هو بالشاعر أن يرد عليها لذلك وجد الضرورة قائمة لاصطناع الشعر أداة من أدوات النضال لا غنى عنها فكان أول خبر معتدل له قوله: (لا تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين) (العمدة) وأخذنا نسمع في الفترة المدنية شيئاً من نقد الشعر تفوهت به زوج الرسول عائشة أم المؤمنين شبيهاً بالذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم، بل فيه تساهل ، فها هي ذي السيدة عائشة تقول:"(الشعر كلام جزل تتكلم به العرب في بواديها وتسل به الضغائن من بينها") (العمدة) ، ويستقبل الرسول صلى الله عليه وسلم شعراء القبائل وخطبائهم فيعبر عن إعجابه بالكلمة الطيبة :"(إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكما") وهذا كعب بن زهير الذي كان الرسول قد أهدر دمه لشدة غضبه عليه يستل غضب الرسول عليه بأبيات من الشعر ينشدها بين يديه وأعني بهذه الأبيات لا ميتة مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول
حتى وصل كعب إلى قوله في هذه القصيدة :
إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول
فتهلل وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وانفرجت أساريره ، فصفح عن كعب واتخذه بعدها خليلاً واصطفاه شاعراً من شعراء الدعوة ، وكذلك وقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الشعر المخضرم وتمثل هذا الموقف في نقده لبضعة أبيات لأمية بن أبي الصلت إذ وقف الرسول موقفاً حسنا ، فعندما أنشد قصيدة أمية التي مطلعها:
الحمد لله مسانا ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا
أحبها الرسول وأثنى عليها وقال "(كاد أمية ليسلم") غير أن عجلة الزمان تدور وتكون معركة بدر فيقف أمية في صف المشركين ويرثي قتلاهم فيتغير موقف الرسول منه حتى أنه نهى أصحابه عن رواية حائية أمية في رثاء قتلى المشركين .



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)