الخصائص الفنية للشعر في عصر صدر الإسلام
يرى بعض الباحثين أن الإسلام لم يشجع الشعر لأسباب عديدة منها:
آ-انبهار العرب ببلاغة القرآن وانصرافهم عن الشعر
ب- انشغالهم بالفتوحات
ج-وسقوط منزلة الشعراء لتكسبهم بالشعر
د-محاربة الإسلام للعصبيات والهجاء المقذع والغزل الفاحش
وكل هذه الأمور كانت وقوداً جزلاً لشعلة الشعر إلا أننا لوعدنا إلى حقيقة الموضوع وحاولنا الوقوف على ما بين أيدينا من نصوص إسلامية تحدثت عن الشعر العربي وعلى رأسها القرآن الكريم والحديث الشريف لرأينا أن الشعر قد كان له دور رئيس في الأحداث السياسية والحربية مما دفع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الثناء على شعرائه والدعوة لهم.. أما الآية الكريمة في سورة الشعراء:( والشعراء يتبّعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) فواضح أن القرآن الكريم قد ميز فيها بين نوعين من الشعراء الشاعر غير الملتزم بأقواله والشاعر الصالح الذي يجعل شعره مادة مفيدة لنشر الدين والدعوة ، وبذلك يستطيع أن يكون شاعراً إنسانياً معبراً عن آلام بيئته ..وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحراً ) وفي هذا القول دلالة واضحة على موقف النبي صلى الله عليه وسلم الصريح من الشعر الذي يرى فيه مظهراً من مظاهر الحكمة والتعقل وهو مظهر مستمد من القرآن الكريم .. ويبدو أن أغراض الشعر في العصر الذي سبق الإسلام بقيت سائدة في القصيدة العربية من أمثال المدح والهجاء والفخر والرثاء إلا أن معاني الأغراض بدأت تتغير فبعد أن كان المدح أو الهجاء تكسباً أصبح في الإسلام ضرورة تقتضيها الحاجة والمناسبة وأصبح أقرب إلى الشعر الاجتماعي والسياسي وبدأت الألفاظ القرآنية أو الإسلامية تغذي هذه الأغراض إذ أن الشعراء كانوا قد تأثروا بأسلوب القرآن الكريم تأثراً بعيد المدى فقلَّ الإفحاش في ذلك الهجاء ومثل ذلك جرى في الغزل والمديح وكثر في الشعر الإسلامي الأول رثاء الشهداء والتمدح بالإسلام وشاع فيه ضرب الأمثال وإيراد الحكم والقصد إلى المواعظ مما يحث على مكارم الأخلاق والتمسك بالآداب التي كانت مثلاً عليا حتى في أيام العصر الذي سبق الإسلام وقد تطور الهجاء القبلي من هجاءٍ يوري الأحقاد ويثير النفوس إلى نقاشٍ سياسي بين الشعراء المؤيدين للإسلام والمعارضين له من المشركين .. أما الفن الشعري الجديد الذي وجد في عصر صدر الإسلام نتيجة لظهور الدعوة الإسلامية وظهور شخصية النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدح للرسول والدفاع عنه وعن الدعوة . وظهر شعر الفتوح الإسلامية الذي خلد المعارك الكثيرة التي خاضها العرب سواء بين الإسلام وخصومه في معاركهم الداخلية أم بين العرب وأعدائهم الخارجيين من مثل معركة بدر مع الخصوم والقادسية مع الامبراطورية الساسانية شرقاً واليرموك مع البيزنطيين شمالاً.. وقد اشتمل هذا الشعر على موضوعات شتى اختلف باختلاف الشعراء والمناسبات فمن فخر بالبطولات الفردية إلى فخر بالقبائل وبلائها الحسن إلى ازدهاء العرب والمسلمين عامتهم إلى تصوير دقيق للمعارك والمبارزات إلى رثاء للشهداء الذين فقدوهم في القتال إلى حنين لاعج إلى الأهل والوطن البعيد ..
وكان أثر القرآن والبيئة الجديدة في معاني الشعر ضئيلاً وذلك لقرب عهد العرب بالجاهلية واعتمادهم على معاني الجاهليين في كثير من الأغراض ففي المديح ظلت الصفتان الأساسيتان للمدح هما الجود والشجاعة ولم يكن الممدوح يوصف بالتقى والورع والعفة إلا إذا كان واحداً من الصحابة أما الهجاء فقد بقي هجاءً بالبخل والجبن ولعل الغزل هو الغرض الوحيد الذي تأثرت أفكاره تأثراً كبيراً بالبيئة الجديدة وازدادت المعاني عمقاً كما ازدادت فيها الحكم والأمثال بفضل القرآن الكريم إلا أنها بقيت ضعيفة التسلسل المنطقي تجري مجرى الجاهلية في تركيب القصيدة ..كما ازدادت الأخيلة اتساعاً بفضل المدنيات التي احتك بها العرب والبيئة الدينية الجديدة ولكن تلك الأخيلة بقيت وثيقة الصلة بالأخيلة الجاهلية قريبة من الواقع الحسي والبيئة الصحراوية .. وكان للفتوحات الإسلامية الأثر في نفخ روح العزة والسيادة في نفوس العرب .. ، وإذا انتقلنا إلى بناء القصيدة في هذا العصر وجدناها تجري على سنن الجاهليين في بنائها وترتيب موضوعاتها إذ تبدأ بالوقوف على الأطلال والبكاء على الديار ثم تنتقل إلى وصف الرواحل ووحوش الفلاة ثم تدخل في المديح لتنتهي بالحكمة غير أن بعض الشعراء خرجوا على هذا التقليد أو عدلوا فيه بعض التعديل فتصرفوا بالمقدمة بما يناسب أغراضهم ..وقد حافظت الأساليب التعبيرية على قوتها ومتانتها إلا أن القرآن الكريم والمدنية الجديدة قد جعلا تلك الأساليب أسهل وألين وأعذب .. وهكذا نرى أن الشعر العربي في هذا العصر لم يرتق إلى مستوى الانقلاب السياسي الاجتماعي الذي حققه الإسلام بل ظل مترسماً خطا الشعر الجاهلي ينظر إليه على أنه المثل الأعلى الذي ينبغي أن يحتذى..






المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)