الصعلكة الشعرية في عصر صدر الإسلام
1 - الصعاليك في عصر صدر الإسلام
لا شك أن الصعلكة كحركة اجتماعية ظهرت في الجاهلية بسبب اختلال ميزان الحياة الاقتصادية بين الناس كرد فعل على حيازة الأغنياء للمال على حساب لقمة الفقراء ، ولأن المجتمع الجاهلي لم يستطع أن يُؤَطر علاقاته ضمن قوانين تحمي أفراده من الظلم جعل الصعاليك يثورون على مجتمعاتهم ويتمردون على قوانينها الظالمة ، ولكن الإسلام جاء ليبني مجتمعاً جديداً ينبذ التفاخر القبلي والتعصب العشائري وينشر ثقافة الأمة الواحدة وليحل الرابطة الدينية محلها وينشر العدل والمساواة بين أفرادها لا فرق بين غنيهم و فقيرهم إلا بميزات التقوى وتعاليم الإسلام الداعية إلى التوحيد والعدل والمساواة التي لم تغفل أن تضمن للفرد حياة كريمة تضبط الأمن وتمنع الفوضى وتحارب الفساد وتنظم الميراث وتفرض الزكاة وترغب في الإحسان والبذل والإنفاق ثم إنها أقامت الحدود فاختفت حياة الصعلكة وانتهى نظام الخلعاء وسوت بين أبناء العبيد وغيرهم من أبناء الحرائر وعمل العرب المسلمون في نشر الدعوة وفتح البلدان مما أتاح لمحبي الجهاد والمعارك والخطر ليثبتوا وجودهم شجاعة وبطولة فيفوزوا بالغنائم والأجر من الله وقد ندرت أخبار الصعاليك في عصر صدر الإسلام قياساً بالصعاليك الجاهليين مع أن الإسلام أدرك من صعاليك الجاهلية (أبو خراش الهذلي) و(خريبة بن الأشيم) و(فرعان بن الأعرف) و ( قضالة بن شريك) و(أبو الطمحان القيني) وقد توقف معظم الصعاليك عن قطع الطرق وشن الغارات والثورة والتمرد ومثل الصعاليك أبو خراش الهذلي ، فقد كان يأبى حياة الذل والظلم والمهانة قائلا: مخافة أن أحيا برغم مذلة وللموت خير من حياة على رغم ، فحياته وشعره انعكاس لصعلكته في الجاهلية من حيث الغارات ، وأما ( جريبة بن الأشيم) فقد أعلن أنه استبدل صعلكته بقيم جديدة وقد أعلن( يزيد بن الصقيل العقيلي ) توبته بعد أن سار مع جيش الغزو واستشهد:
ألا قل لأرباب المخائض أهملوا فقد تاب مما تعلمون يزيد
وقد بقي بعض الصعاليك على سيرته الجاهلية يعيش للشر والهجاء وقطع الطرق وسرقة الإبل والإغارة على القوافل ، ولم تقتصر تعاليم الإسلام على الدعوة إلى التوحيد بالله ، والتسوية بين الناس ، فقد أرسى مجموعة من القواعد الاجتماعية التي تضمن للفرد الحياة الفاضلة، وبين الحدود التي تضبط الأمن، وتمنع الفوضى ، وتقضى على الفساد والانحراف ، ونظم الميراث والمعاملات أدق تنظيم . يقول تبارك وتعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} [ ] ن وجعل لهم أيضا حقا معلوما في الغنائم ، وفي الفيء، والجزية ، والخراج . ورغَّب سبحانه وتعالى الأغنياء في الإحسان والبذل وإنفاق الأموال في وجوه الخير ، ووعدهم بأحسن الجزاء وأعظم الثواب فقال : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم } [ ] ؛ وأصبح الحاكم وأولو الأمر مسؤولين عن تأديب المنحرفين والفاسدين وإنزال العقاب بهم ، جزاء وفاقا : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون } [ ] ، { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد و الأنثى بالأنثى } [ ]، و { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم} [ ] و { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } [ ] . و { الزانية والزاني فاجلدوا كل منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } [ ] ، وسن القوانين الاجتماعية التي تيسر للفقراء الحياة الكريمة، إذ جعل الزكاة حقاّ واجبا على الأغنياء فإذا الأغنياء والفقراء متراحمون متعاطفون كأنهم نفس واحدة وأقام الحدود على المذنبين والآثمين ورد عقابهم للدولة .وبذلك قضى الإسلام على العوامل التي كانت تنشئ الصعاليك .
2 -تأثر الصعاليك المخضرمين بالإسلام :
لم تصل إلينا أخبار وأشعار إسلامية كثيرة للصعاليك المخضرمين ، وإنما نقلت إلينا أخبار وأشعار وفيرة للصعاليك الجاهليين . وهي ظاهرة ترجع إلى سببين أساسين :
الأول: أن الصعاليك المخضرمين قلة قليلة بالقياس إلى الصعاليك الجاهليين ، فإن خمسة منهم هم الذين امتد بهم العمر ، حتى أدركوا الإسلام وهم :(أبو خراش الهذلي، و جريبة بن الأشيم، وفرعان بن الأعرف، وفضالة بن شريك، وأبو الطمحان القيني). وأخبار هؤلاء الصعاليك المخضرمين وأشعارهم الجاهلية والإسلامية غير متعادلة ، فبعضهم نظفر له بأخبار نستطيع معها أن نتبين حياته في كلتا الفترتين ، مثل أبي خراش الهذلي ، وبعضهم تطغى أخباره وأشعاره الجاهلية طغيانا شديدا ، بحيث لا يمكن أن نعرف حياته في الإسلام مثل أبي الطمحان القيني ، أما سائرهم فيكاد يكون كل ما نقل إلينا من أخبارهم وأشعارهم متصلا بحياتهم بعد إسلامهم .
والسبب الثاني: أن حركة الصعلكة ضعفت في صدر الإسلام ، لتلاشي العوامل التي كانت تساعد على نشأتهم وكثرتهم ، ولفقدان الدوافع التي كانت تؤلف بين عصاباتهم ، وتوجههم نحو الغزو والإغارة ، لتوفير أسباب الحياة لأنفسهم في مجتمع نبذهم وتنكر لهم . وتأثر بعضهم بالإسلام و استجابوا لتعاليمه ، بحيث توقفوا عن قطع الطرق وشن الغازات، وكفوا عن التمرد والثورة ، إيمانا منهم بأن مجتمع الغزو والنهب قد انتهى ، وأن عهد الظلم و الفوضى قد أديل منه لحياة قوامها العدل و الإنصاف ، والاعتصام بالقانون والخضوع للسلطان. وخير من يمثل هذا الجانب عندهم أبو خراش الهذلي، فقد كان في الشطر الأول من حياته بالجاهلية صعلوكا نشيطا عاملا ، معدودا من فرسان العرب وفتاكهم ، لصلابة نفسه ، وقوة قلبه ، وسرعة عدوه ، وكثرة غزواته ، وتعدد جناياته وتراته، وكان الدافع الأول لتصعلكه استشعاره لما كان يعيش فيه من فقر وشقاء وخصاصة وعناء ، كما كان شعره سجلا دقيقا لحياته سواء من حيث تصويره لنفسيته واستعلائها على الحرمان والهون ، وصبرها على المسغبة مع العزة و إباء الضيم ، ونفورها من الغنى مع الذل والظلم ، ومن ذلك قوله:
وإني لأثوي الجوع حتى يملني فيذهب لم يدنس ثيابي ولا جرمي
وأغتبق الماء القراح فأكتفي إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم
مخافة أن أحيا برغم وذلة وللموت خير من حياة على رغم
أومن حيث تصويره لغازات وما كان يأخذ نفسه به في أثناء تنفيذه لها من استعداد وعدو وحذر وترقب وانتظار وكر وفر ، وكان معدما مظلوما متصعلكا سلسلة من الغارات و الغزوات لفرض ذاته و تحصيل قوته ، وكانت موضوعات شعره متصلة بها أوثق الاتصال ، وممثلة لها أدق تمثيل أما في الشطر الثاني من حياته في الإسلام ، فدخل في دين الله ، وآمن وحسن إسلامه ، وانقاد لتعاليم الدعوة الجديدة انقيادا ظهرت آثاره على سلوكه ، فإذا هو لا يغزو ولا يغير ، ولا يثور للأخذ بالثأر، كما ظهرت آثاره أيضا على موضوعات شعره فإذا هو يعزف عن أحاديث الفقر والتصعلك ورفاق الماضي، وحزن حزنا شديدا على ساقه التي نهشتها حية آخر عمره في قصة مشهورة ، والتي طالما أسعفته في الخلاص من أعدائه المتربصين به على طول الجزيرة العربية للأخذ بتراثهم منه:
لقد أهلكت حية بطن أنف على الأصحاب ساقا ذات فضل
فما تركت عدوا بين بصرى إلى صنعاء يطلب بدخل
وكأنما قد صفّى الإسلام نفسه وهذبها، وأحلاها من كل داخلها من بطش وسطوة وفتك وتصعلك ، وأشاع فيها الهدوء والصبر والتمسك بالحق العدل ، والامتناع عن التعدي والحمق والجهل ، وآية ذلك أن جميل بن معمر قتل أخاه أو ابن عمه زهير بن العجوة يوم حنين ، فلم يفعل شيئا سوى رثائه له وتفجعه عليه، وتنويهه بشمائله من الكرم الفياض والشجاعة النادرة :
فليس كعهد الدار يا أم مالك ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
وعاد الفتى كالكهل ليس بقاتل سوى العدل شيئا فاستراح العواذل
ويردد أيضا في مقطوعة ثانية رثى بها زهير بن العجوة أنه لم يكن ليخاف قريشا في الجاهلية، ولم يكن ليتخاذل عن أخذ ثأره منها إذا اعتدى أبناؤها بشيء من ذلك، مع إحساسه بالغيظ والحقد على جميل بن معمر، لأنه قتل قريبه ظلما وعدوانا، إذ كان بين الأسرى يوم حنين ، فضرب عنقه لإحنة كانت بينهما في الجاهلية. ويبدو أن هذا هو السبب الحقيقي لسخطه لا كفره بقريش وتنكره الدين الجديد ، يقول في ذلك :
فما كنت أخشى أن تنال دماءنا قريش ولما يقتلوا بقتيل
وأبرح ما أمرتهم وملكتهم يد الدهر ما لم تقتلوا بغليل
ومثله جريبة بن الأشيم ، إذ كان في الجاهلية أحد شياطين بني أسد وفتاكهم. وكان يغير على القوافل. فلما أسلم حسنت سيرته واستقام وعدل عن الإغارة والنهب . ومضى يعلن أنه آمن وابتعد عن كل شر يقول في ذلك:
بدلت دنيا بعد دين قدم كنت من الدين كأني حلم
يا قيم الدين أقمنا نستقم فإن أصادف مأثما فلم ألم
ونظيرهما يزيد بن الصقيل ، فإنه كان لصا مشهورا ببادية الحجاز ، يسرق الشاة والبعير ، ولم يزل على هذه الحال يتلصص وينهب ، ويطلب فيهرب ، حتى مر به جيش وجهه عثمان بن عفان إلى الشام فلما أبصر الجيش متوجها للغزو أخلص التوبة ، وسار معهم ، واستشهد في سبيل الله . ومن شعره قبل وفاته قوله الذي يعلن فيه أنه تاب ، والذي يستغفر فيه أيضا لنفسه:
ألا قل لأرباب المخائض أهملوا فقد تاب مما تعلمون يزيد
وإن امرءا ينجو من النار بعدما تزوّدَ من أعمالها لسعيد
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت حميمك فاعلم أنها ستعود
وأما أبو خراش الهذلي فقد تحول في الإسلام عن الصعلكة، وآمن بالدين ، واستضاء بتعاليمه ، واقتصر في شعره على رثاء أقاربه أو رفاقه رثاء عدّد فيه خصالهم وألم لفقدهم، في ذلك شأن غيرهم من الشعراء الجاهلين ممن رثوا أقاربهم . ولكنه يختلف عنهم في أنه لم يغضب لهم غضبة جاهلية يحرض معها على الأخذ بثأرهم ، وإنما تجمل بالصبر ، وآثر الحق ، ، أما جريبة بن الأشيم فراح يهجر بأنه أسلم وجانب الإثم . وأما يزيد بن الصقيل العقيلي فأناب وكفر عن ذنوبه بالجهاد
3 -رواسب الصعلكة عند بعض المخضرمين:
بقي بعض الصعاليك المخضرمين أقرب إلى حياتهم في الجاهلية ، يعيشون للهجاء والشر ،ولقطع الطرق وسرقة الإبل والإغارة على القوافل ، وإن تأثروا بالإسلام وأعرضوا عن الغزو والنهب مثل أبي خراش وجريبة بن الصقيل . وبعد ذلك فنحن نظفر ببعض الصعاليك المخضرمين أو الصعاليك الذين عاشوا في صدر الإسلام ولم يتعمق الإسلام نفوسهم ، ولا تغلغل في قلوبهم ، ولا استقام معه سلوكهم ، وهم فريقان :
أ-فريق جنح عن النهب والإغارة، ولكن ظل فيه شر كثير ، وخير من يمثلهم أبو الطمحان القيني وفضالة بن شريك. أما أبو الطمحان فمن المعروف أنه كان في الجاهلية صعلوكا يسرق الإبل ، فقد كف عن الإغارة بعد إسلامه ، كان خبيث الدين في الجاهلية والإسلام وأما خبثه في الجاهلية ، فاحترافه للسرقة ، وأما خبثه في الإسلام ، فيتصل بضعف عقيدته وفساده ، فقد أنشد له القدماء بيتين قالهما بآخر من عمره يتفجع فيهما على شبابه ، دون أن يؤمل الخير وحسن العاقبة في الآخرة ، فكأنهم رأوا في ذلك مظهراً من مظاهر ضعف عقيدته ، يقول:
حناني حاني الدهر حتى كأني خاتل أدنو لصيد
قصير الخطو يحسب من رآني ولست مقيدا أنّى بقيد
كذلك رووا بيتين آخرين يبدو أنه هتف بهما في آخر أيامه معلنا فيها حرصه على التهالك على الملاهي قبل أن يقضي نحبه ، يقول:
ألا عللاني قبل نوح النوائح وقبل نشور النفس بين الجوانح
وقيل غد يا لهف نفسي على غد إذا راح أصحابي ولست برائح
ورووا له أيضا بيتين آخرين يجتر فيها ذكرياته الماضية ، وكيف كان يحترس من المعاطب ، حتى إذا أمن خطرها انقض على ما يريد انقضاضا ، يقول :
يا رب مظلمة لطيت لها تمضي إذا ما كان غاب نصاري
حتى إذا ما انجلت عني غايتها وثبت فيها وثوب المخدر الضاري
فكأن تلك الأشعار القليلة هي التي تدل على مظاهر خبثه بعد إسلامه ، وهو خبث يتضح في عدم تأثيره بالإسلام وتعاليمه ، وأما أخبار أبي الطمحان القيني وأشعاره الإسلامية نادرة بالقياس إلى أخباره وأشعاره الجاهلية ، والقدماء يصفون بأنه ( كان شاعرا فاتكا صعلوكا مخضرما أدرك الجاهلية والإسلام ). وهى ظاهرة غريبة، ترجع إلى المركز الاجتماعي لابنه فاتك ،فقد كان سيدا جواداً ممدحا كما حظي بمركز ممتاز عند بني أمية لأنه ظاهرهم على مصعب ابن الزبير بالعراق ، مما جعل الرواة يحجمون عن تناقل أخبار تصعلكه في الجاهلية . لقد استفرغ شعره في ( الهجاء المقذع ) لأبناء الخلفاء والأمراء ، فقد مر بعاصم بن الخطاب ، وهو مقيم بإحدى بوادي المدينة فنزل به هو وأصحاب له ، وعرفوه مكانهم ، فلم يقرهم شيئا ، ولا بعث إليه ولا إلى أصحابه بشيء من الهبات . فارتحل عنه مغيظا محنقا ، والتفت إلى مولى لعاصم ، فقال له : قل له : ( أما والله لأطوقنك طوقا لا يبلى ) ، وأخذ يهجوه هجاء فاحشا منه قوله:
ألا أيها الباغي القرى لست واجدا قراك إذا ما بت في دار عاصم
إذا جئته تبغي القرى بات نائما بطينا وأمسى ضيفه غير نائم
فتى من قريش لا يجود بنائل ويحسب أن البخل ضربة لازم
وهو هجاء ينبئ بما استقره في نفسه الشريرة من تهور واستهتار ، وما ظل يؤمن به من القيم والعادات الجاهلية فهو يتعرض للناس تعرضا ويتدخل في أمورهم تدخلا ، مبتغيا أن يسّيرهم كما يحب ، وأن يخضعهم لما يؤمن به من المثل التي يخضع نفسه لها وفقا لمذهب الصعلكة، فهو يريدهم أن يختاروا لابنهم رجلا تتمثل به صفات الصعلوك من الكرم والبطولة والفتك والابتعاد عن سؤال الناس ، وكسب الرزق بالقوة .وهجا مرة رجلا من سليم أودع عنده ناقة ، وخرج في سفر ، فلما عاد طلبها منه فذكر له أنها سرقت، فقال يهجوه ويهجو قبيلته مبينا كيف أنه أخطأ حين أودعها عنده ، وهو يعلم أن قبيلته مشهورة بالخيانة حتى لقد سرقت إبل النبي:
ولو أنني يوم بطن العقيق ذكرت وذو اللب ينسى كثيرا
مصاب سليم لقاح النبي لم أودع الدهر فيهم بعيرا
وواضح أن أبا الطمحان القيني وفضالة بن شريك يمثلان الصعاليك الذين أقصروا بعد إسلامهم عن التصعلك القائم على الإغارة ، ولكنهما لم يستقيما كل الاستقامة ، فقد ظل أبو الطمحان رقيق الدين ، جازعا من الموت ، عاكفا على الملذات ، مرددا لذكريات الشباب ، يوم أن كان طمحان صعلوكا عاملا فتيا يتربص ويغزو ويسلب . أما فضالة بن شريك فظل في نفسه شر كثير ، وظلت آثار الصعلكة مسيطرة عليه موجهة له ، وظل متقلبا يهجو ويمدح و إن كان الهجاء قد غلب عليه ، وهو هجاء أفحش فيه ، وصبه على من أساء أو أحسن إليه .
ب-أما الفريق الثاني من الصعاليك المخضرمين : الذين لم يتأثروا بالإسلام أي تأثر فلم يعزفوا عن اصطناع الغزو والإغارة ، بل ظلوا يزاولون نشاطهم وأعمالهم للسلب و النهب . ومن الطريف أن بعضهم يصرح بأن الفقر والحاجة والعجز عن إعالة الأنباء هي التي دفعته إلى احتراف اللصوصية . وعلى رأسهم فرعان بن الأعراف التميمي ، الذي كان شاعرا لصا يغير على إبل الناس في صدر حياته بالجاهلية ، وفي خاتمتها بعد أن أسلم وكبر ، يقول:
يقول رجال إن فرعان فاجر ولله أعطاني بنيّ وماليا
فأربعة مثل الصقور وأربعا مراضيع قد وفين شعثا ثمانيا
إذا اصطنعوا لايخبئون لغائب طعاما ولا يرعون من كان نائيا
ومن هؤلاء الصعاليك الذين كانوا يترصدون للناس لينقضوا عليهم ويسلبوا أموالهم شبيب بن كريب الطائي ، ولكن أخبار هذا الفريق من الصعاليك قليلة ، ويلاحظ أيضا أن جماعة من الصعاليك لهذه الفترة أخذوا يشاركون في السياسة وينحازون إلى فريق دون فريق ، كما أخذوا يسلبون بعض المدن التي ثار أهلها وامتنعوا على السلطان ،





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)