النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
النبي محمد ليس بشاعر
1-تنزه النبي عن قول الشعر :
تنزه النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الشعر والاهتمام به ، فهو لا ينبغي له ،والخبر في ذلك مكشوف متظاهر والروايات صحيحة متواترة ، وقد قال الله تعالى : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين } [ ] فكان عليه الصلاة والسلام لا يتهدى إلى إقامة وزن الشعر إذا هو تمثل بيتا منه بل يكسره ويتمثل البيت مكسورا . مع أن ذلك لا يعرض البتة لأحد من الناس في كل حالاته عربيا كان أو أعجميا ، فقد يتمتع المرء في بيت من الشعر ينساه أو ينسى الكلمة منه ، فلا يقيم وزنه لهذه العلة ، ولكنه يمر في أبيات كثيرة مما يحفظه أو مما يحسن قراءته ، فما وزن الشعر إلا نسق ألفاظه ، فمن أداها على وجهها فقد أقامه على وجهه ، ومن قرأ صحيحا فقد أنشد صحيحا ً . وهذا خلاف المأثور عنه صلى الله عليه وسلم ، فإنه على كونه أفصح العرب إجماعا ، لم يكن ينشد بيتا تاما على وزنه ، إنما كان ينشد الصدر أو العجز فحسب ، إن ألقى البيت كاملا لم يصحح وزنه بحال من الأحوال ، وأخرجه عن الشعر فلا يلتئم على لسانه . أنشد مرة صدر البيت المشهور للبيد، وهو قوله : ( إلا كل شيء ما خلا الله باطل ) ، فصححه ، ولكنه سكت عن عجزه ( وكل نعيم لا محالة زائل ) ، وأنشد البيت السائر لطرفة على هذه الصورة :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك ( من لم تزود ) بالأخبار
وإنما هو : (( ويأتيك بالأخبار من لم تزود )) .
وأنشد بيت العباس بن مرادس فقال :
أتجعل نهبي نهب العبيد بين ( الأقرع ) وعيينة...
وعبيد اسم فرس العباس ، فقال الناس : بين عيينة والأقرع . فأعادها عليه الصلاة والسلام : (( بين الأقرع وعيينة )) ولم يستقم له الوزن .
2- مما ارتجزه صلى الله عليه وسلم :
ولم تجر على لسانه صلى الله عليه وسلم مما صح وزنه إلا ضربان من الرجز المنهوك (مما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه )، ،( لا يمتنع منهما شيء على أحد) . والمشطور( جعل البيت ثلاثة أجزاء ، فيتحد العروض والضرب) ،ـ وهما أخف أوزان الرجزـ والمشطور أكثر رجز العرب و(الجزء الأخير من الشطر الأول يسمى عروضا ، ومثله من الشطر الثاني يسمى ضربا ) أما الأول المنهوك كقوله في رواية البراء : إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء يوم أحد ويقول :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
والثاني المشطور كقوله في رواية جندب أنه صلى الله عليه وسلم دميت أصبعه فقال :
هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
3- الرجز في أصله ليس بشعر :
وإنما اتفق له ذلك ، لأن الرجز في أصله ليس بشعر إنما هو وزن وقد اختلف العلماء في ذلك ، وآراؤهم في تعليله مضطربة ، فمنهم من يجعل الرجز شعرا ، وهو جمهورهم ، ومنهم من ينفي أن يكون من الشعر ، والصواب أنه ضرب من الوزن ، لم يجعل من الشعر إلا أنه كان الأصل في اهتدائهم إليه ، ثم أخذ فيه الشعراء بعد ذلك وأجروه مجرى القصيد ، فجعلته العادة شعرا ، أما هو في أصله و حقيقته فليس من الشعر ، وهذا الوزن ( الرجز) كأوزان السجع ، وهو يتفق للصبيان والضعفاء من العرب ، يتراجزون به في عملهم وفي لعبهم وفي سوقهم ، ومثل هؤلاء لا يقال لهم شعراء ، فقد يتسق لهم الرجز الكثير عفواً غير مجهود ، حتى إذا صاروا إلى الشعر انقطعوا . وإنما جعل الرجز من الشعر تتابع أبياته ، وجمع النفس عليه ، واستعماله في المفاخرات ونحوها ، وأنه الأصل في اهتدائهم إلى أوزان الشعر ، فأما البيت الواحد من الشعر فلا يعد قائله شاعرا.
4- الأوزان فطرية في العرب:
لقد كانت الأوزان فطرية في العرب ، فهي في الرجز ، وهي في السجع ، وهي في الشعر ، جميعا ، ولم يعلم أنه صلى الله عليه وسلم اتفق له في الرجز أكثر من بيت واحد ، أو تمثل منه بأكثر من البيت الواحد كبيت أمية بن أبي الصلت :
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
5- الله تعالى يأبى لنبيه الشعر:
ولذا قال تعالى : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) ، ثم يأتي بعد ذلك جلة أصحابه وخلفائه ، يأخذون فيما أخذ فيه ، فيمضون على ما كان من أمرهم في الجاهلية ، ويثبتون على أخلاقهم وعلى أصول طباعهم ويستطير ذلك في الناس ، وهو أمر متى تهيأ نما فيهم ، ومتى نما غلب عليهم ، ومتى غلب استبد بهم ، ومتى استبد لم تقم معه للإسلام قائمة ( ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى )على أن منع الشعر إنما أخذ به صلى الله عليه وسلم منذ نشأته ، ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم ( لما نشأت بغضت إلى الأوثان وبغض إلي الشعر ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين ، فعصمني الله منهما ، ثم لم أعد ).
ولا جرم أن ذلك تأديب من الله أراد به تحويل فطرته صلى الله عليه وسلم عن الشعر وقوله ، حتى لا تنزع به العادة منزعا ، ولا تذهب في أسبابه مذهبا لقوله عليه والسلام : ( أدبني ربي فأحسن تأديبي )
6- النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحب الشعر :
على أنه فيما كان وراء عمل الشعر وتعاطيه وإقامة وزنه ، يحب هذا الشعر ويستنشده ، ويثيب عليه ، ويمدحه متى كان في حقه ولم يعدل به إلى ضلالة أو معصية ، ، ولولا أن ذلك قد كان منه صلى الله عليه وسلم لماتت الرواية بعد الإسلام ، ولما وجد في الرواة من يجعل وكده حمل الشعر و روايته وتفسيره واستخراج الشاهد والمثل منه ، وكأنه عليه الصلاة والسلام حين سمع الشعر وأثاب عليه ورخص فيه لم يرد إلا هذا المعنى ، والشاهد القاطع قوله في أمر الجاهلية ( إن الله قد وضع عنا آثامها في شعرها وروايته ) وبمثل هذا القول استأنس العلماء وتجردوا للرواية وتمللوا منها . رحمهم الله وأثابهم بما صنعوا ولقد كانت السابقة في ذلك لحسان رضي الله عنه ، وكان ذا لسان ما يسره به معقول من معد ، وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم ، ( قل وروح القدس معك ) فكان إذا أرسل لسانه لم يجدوا دفعا وإذا مسهم بالضر لم يجد شعراؤهم نفعا ، وإذا وضع منهم لم يستطيعوا لما وضعه رفعا إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبـــع لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم عند الدفاع ، ولا يوهون ما رقعوا
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم إذا تفرقت الأهواء والشيــــع
7- زعم المشركين أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شاعر:
وقد قيل في تعليل عدم حب النبي لقول الشعر أنه( النبي) أراد أن ينفي ما استطاع أنه شاعر ينظم القصيد ، وأن سور القرآن قصائد مرتلات كما زعم المشركون وإن تهمة الشعر التي ألحقها بعضهم بالقرآن الكريم لم تكن أكثر من تعبير عن العجز والسقوط أمام هذا التحدي السافر بالقرآن .. وإلا فقد أقروا – وبخاصة المتقدمين فيهم بالعلم بالشعر ورجزه كالوليد وغيره – بأن القرآن ليس بشعر .. ثم إذا نظرنا إلى الموضوع من الطرف المقابل : ما عسى إن يدل كسر البيت من الشعر ، والخروج به إلى ما يشبه جمله مرسلة من الكلام . .. على أن المتمثل به شاعر أو ليس شاعر ؟ إن دلالة هذا الأمر واضحة على أن صاحبه لا يريد أن ينشد الشعر – أي يقرأ قراءة صحيحة – ولا أن يجري "" وزنه "" على لسانه فهو يبتعد عن "" لحنه "" و "" إيقاعه "" على النفس .. يخاف منه أن يحرك فيه تلك الفطرة القوية اللاقطة التي تطاوعه إلى الشعر إن شاء ويخشى هو أن يطاوعها إن أجرى على لسانه شعر ذا إيقاع رتيب موزون والرسول يومئذ أفصح العرب كما مر بك : لقد قال الله تعالى في شأن هذا الرسول الكريم : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له }[ ] . إن خروج النبي إلى ساحة الشعر خروج إلى مذاهب العرب في الشعر وأغراضهم فيه .. على نحو ما كانت عليه في ذلك الحين { وما ينبغي له } [ ] ، إن شانه غير هذا الشأن ، وهدفه غير هذا الهدف .. ورسالته التي أعد لها أبعد من حدود الزمان والمكان .. فهو ليس لقبيلة من قبائل العرب .. شاعرا .. ولكنه للإنسانية جمعاء .. رسولا نبيا




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)