انتشار الكتابة في عصر صدر الإسلام
/13ق .ه/ من البعثة النبوية وحتى موت الرسول صلى الله عليه وسلم -11-ه
1-الخط والكتابة من البعثة النبوية الى الهجرة :
ظلت أحوال الخط العربي تجري على ما كانت عليه في الجاهلية المتأخرة ، وكان انتشار الكتابة بين العرب ضيقا محدوداً لا يعدو مجموعات قليلة من الأفراد المنتشرين هنا وهناك في جزيرة العرب من ؛ غير أن يكون لمعرفتهم الكتابة محرك مركزي واحد يحثهم على النشاط المنظم الهادف لخدمة غرض موحد بل كانت دوافعهم إلى تعلم الخط و الكتابة دوافع فردية محضة ربما تتعلق بمصالح اقتصادية كالتجارة ، أو دينية كقراءة بعض الكتب الاديان السماوية أو الأرضية المعروفة آنذاك و من المعروف عندنا أن الإلمام بالخط عند الجاهليين على درجات إذ كان منهم من يقرأ و يكتب و منهم من يقرأ ولا يكتب و منهم من لا يقيم في القراءة و الكتابة سوى بضع كلمات أو بضعة حروف و منهم من لا يقيم في القراءة وحدها إلا مثل ذلك ؛ و هكذا لم يكونوا على درجة واحدة في الإلمام بالخط أو المعرفة بالقراءة ؛ والقاعدة العامة تقول : إن كل كاتب يكون بطبيعة الحال قارئا ولا يكون كل قارىء كاتبا ، ولم يستطع الإسلام قبل الهجرة أن يكون صاحب المبادرة في تنظيم المعرفة بالخط و الكتابة لأن نظام التعليم جزء من الإدارة الشاملة المنظمة للمجتمع و لم يكن الإسلام مسيطراً على ذلك المجتمع فظلت حال الجاهليين تنطبق أيضا على المسلمين بلا فارق كبير و نوجه الأضواء هنا إلى منبع النشاط الجديد في المجتمع لما سيكون له من أثر عميق بعد الهجرة في الرأي العام و في توجيه المجتمع العربي بإدارته إدارة مركزية قوية وفق معايير وأسس ترجع إلى مصدر واحد ونعني بهذا المنبع الدعوة الإسلامية في مكة ولا سيما فيما يتعلق بالخط و الكتابة في هذه المدينة منذ البعثة النبوية للهجرة . يروي البلاذري( أن الإسلام دخل و في قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب و لم يكن حظ المرأة أقل من حظ الرجل في معرفة الخط و الكتابة في تلك الفترة ) إذ وردت عند البلاذري أيضا إشارة إلى أن الشفاء بنت عبد الله العدوية من رهط عمر بن الخطاب كانت كاتبة في الجاهلية على أننا نستطيع الحكم على هذا الإحصاء بأنه غير دقيق وأنه يقبل الجدل إذ لم يحدد البلاذري فترته بوضوح وأن كان الظاهر المفهوم منها أول ظهور الإسلام و هذا يتيح لنا أن نضيف إلى هذه القائمة في تلك الفترة بالذات عدداً آخر من الأسماء قد أغفل كحنظلة بن أبي سفيان الذي بعث إلى أبيه و هو في تجارة باليمن رسالة و نستنبط من إحصاء البلاذري أيضا أن هؤلاء الكاتبين كانوا ينتمون إلى الطبقة المتنعمة الثرية ذات السيادة و الرأي و القيادة في قريش و هم من أصحاب التجارة الذين يجوبون الآفاق في رحلتي الشتاء و الصيف و هذا الإحصاء لم يحصر أبناء هذه الطبقة حصراً كاملاً مما أبقى فيه ثغراً يمكن ترميمها و سدها بعدد آخر ربما كان مماثلا ؛ ثم إن هذا الإحصاء شمل أبناء قريش أو من دخل في حلفهم من الأفراد و لم يذكر العارفون الكتاب من غير قريش من عبيدها أو من سائر العرب أو من الجماعات الأعجمية التي كانت تعمل في مكة بالتجارة و الصناعة و هؤلاء يحتاجون إلى الكتابة بخط أهل مكة و لغتهم ؛ فإذا اضفنا هذه الاسماء المغفلة من هذه الجماعات فإن عدد العارفين الكتابة في مكة عند ظهور الإسلام سوف يرتفع إلا قرابة خمسين رجلا و امرأة و يمكننا أن نتصور كيف يتزايد مثل هذا العدد باطراد منذ تلك الفترة إلى يوم الهجرة النبوية أي خلال ما يقارب ثلاثة عشر عاما إذ كان المرء يعلم أخاه أو صاحبه أو بعض أبناءه و هذه سنة طبيعية في الناس حتى يستفيدوا من الكتابة و القراءة في حياتهم العملية و هذا كفيل بمضاعفة العدد المذكور آنفا ضعفين أو ثلاثة أضعاف و هذا بدوره يفسر لنا انتقال معرفة الكتابة إلى عدد ممن فقراء قريش الذين لم يجدوا بعد وقعة بدر ما يفدون به انفسهم من الأسر إلا أن يلبوا طلب النبي (صلى الله عليه وسلم) إليهم أن يفدوا أنفسهم بتعليم كل منهم عشرة من أولاد المسلمين القراءة و الكتابة و ذلك من السنة الثانية من الهجرة ،و من أبرز المدونات التي ظهرت في مكة آنذاك ( صحيفة قريش ) التي كتبوها في مقاطعة بني هاشم و المطلب و حصارهم في الشعب و كان ذلك في السنة السادسة من البعثة و ( الصحيفة ) التي دونت فيها سورة طه أو بعضها و كانت سبب إسلام عمر بن الخطاب و (مجلة لقمان ) التي عرضها سويد بن الصامت على النبي (صلى الله عليه وسلم) حين دعاه الى الإسلام ، و كانت وسائل الكتابة وأدواتها و موادها لا تختلف في شيء آنذاك عن وسائل الجاهليين وأدواتهم وموادهم فيها و نحن نرجح أن تكون المدونات الثلاث المذكورة آنفا مكتوبة على الرق الذي كان متوفرا بكثرة عند العرب في تلك الفترة بحكم البيئة
2-أثر الإسلام في ازدهار الكتابة :
كانت الكلمات الأولى التي تنزل بها الوحي على النبي (صلى الله عليه وسلم) في مطلع بعثته هي: القراءة و التعليم و القلم و ذلك في قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) و كان من المسلم به حقيقة أن الدعوة الجديدة كانت دعوة علم و عقل بقدر ما كانت دعوة مثل عليا و قيم إنسانية خالدة و أخلاق نبيلة و إيمان طيب سمح و هذه جميعا هي ركائز الحضارة القويمة التي لا غنى عنها لنقل البشرية من الظلمات إلى النور و بها يكتمل الإكرام الذي خص الله تعالى به الإنسان إذ جعله في الأرض خليفة وإذ خلقه خلقا جميلا فريدا كما قال تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ولا يتم هذا الخلق الحسن و هو مجرد صورة وشكل إلا بجوهر أو مضمون متمم هو العلم تعلما و تعليما و قيم الحق و الخير و العدل ليكون الإنسان جديرا فعلا بخلافة الله تعالى على أرضه كما شاء و هذا هو المفهوم الحضاري الحقيقي للإسلام و السبيل للوصول إليه إنما يكون بالقراءة و التعليم و القلم . نعم لقد جاء الإسلام والكتابة والخط عند العرب مازال ضيقاً ومحدوداً ، ودوافع تعلمه (الخط والكتابة ) فردية تتعلق بمصالح دينية واقتصادية وقد حلّ الإسلام في الجزيرة العربية والعرب منهم من يعرف الكتابة على نطاق ضيق ومنهم من لا يعرف الكتابة سوى سبعة عشر رجلاً منهم ( عمر بن الخطاب – علي بن أبي طالب – عثمان بن عفان – أبو عبيدة بن الجراح – طلحة بن عبيد الله – يزيد بن أبي سفيان – أبو حذيفة عتبة بن ربيعة – حاطب بن عمرو أخو سهيل بن عمرو والعامري – أبو سفيان بن حرب بن أمية-عبد الأسد المخزومي- أبان بن سعيد بن العاصِ بن أمية – خالد بن سعيد – أخوه عبدالله بن سعيد بن أبي سرح العامري- حويطب بن عبد العزى العامري – معاوية بن أبي سفيان – جهيم بن الصلت بن محزمة بن عبد المطلب بن مناف والعلاء الحضرمي من حلفاء قريش ) ومن النساء ( الشفاء بنت عبدالله العدوية ) من رهط عمر بن الخطاب وكانت كاتبة في الجاهلية ويضاف لذلك ( حنظلة بن أبي سفيان ) ويصل عدد من يعرف الكتابة ( خمسين رجلاً وامرأة ) وقد ظهر في مكة المكرمة من المدونات ( صحيفة قريش ) التي كتبوا فيها مقاطعة بني هاشم والمطلب وحصارهم في الشعب عام /6 ق ب / قبل البعثة وصحيفة خباب بن الأرث التي دونت فيها سورة (طه) وهي سبب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه و(مجلة لقمان) التي عرضها سويد بن الصامت على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسهم نزول القرآن الكريم في تعلم القراءة والكتابة { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم *}[ ] ، وتظهر مكانة القلم الرفيعة في الإسلام بقوله تعالى : { ن . والقلم وما يسطرون }[ ] وفي قوله : { الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان *علمه البيان * } [ ] ، و { وقل ربِّ زدني علماً } [ ] و{ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ ] ، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تحفيظ المسلمين الأوائل ما نزل من الوحي ودونوه وأكد النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه على العلم وطلب تقييد العلم بالكتابة (( قيدوا العلم بالكتاب)) (( العلم صيد والكتابة قيد )) كما وأمر الصحابة بتعلم اللغات الأخرى حيث طلب من زيد بن حارثة تعلم ( العبرية – السريانية ) وقد كان هناك دواعي كثيرة لازدهار الكتابة والتدوين في المجتمع المسلم الجديد :
أ*- حفظ مصادر التشريع
ب*- تنظيم الدولة وإدارة المجتمع
ت*- حفظ الحقوق
ث*- التعليم وحفظ المعارف
ج*- اتساع رقعة الدولة وتحقيق التواصل
ح*- كثرة الأحداث والفتن
وقد كان من مظاهر ازدهار الكتابة وانتشارها :
أ-تعليم القراءة والكتابة
ب-تدوين ألواح وجمع القرآن الكريم
ج-كتابة الحديث النبوي الشريف
د-كتابة المواثيق ( الحقوق والمعاملات )
ه- وجود بعض المدونات المختلفة
و- كثرة أدوات الكتابة وانتشارها
وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب متقنون للكتابة مخلصون للرسالة ومقربون من النبي وكان عددهم يزيد عن نيف وثلاثين كاتباً منهم الخلفاء الأربعة وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وهو ألزمهم الكتابة وروي أن سجلات الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل نجران وغيرهم بخط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكان أبي بن كعب من كتاب الوحي في المدينة وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب))




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)