القرآن الكريم ليس سجعاً ولا شعراً
أ-تعريف السجع :
السجع في اللغة : هو صوت الحمام المتناغم الذي يوقع القبول والاستجابة في النفس فرحا وحزناً ، وهو في الأدب توافق آخر الكلمات من الجمل النثرية
ب- فنية السجع :
ولقد كان السجع الفني سمة جميلة بارزة لبعض النصوص المتفردة في أدبنا الحافل على مر العصور والذي لم يكن يحفل بهذا السجع تكلفا . إذ كانت العصور المتأخرة قد أساءت إليه لمجيئه على نحو متكلف ، فإن ذلك لم يطفئ بريق الأصيل من إنتاجه في سالف العهود ولم يذهب متعة المتذوقين لفنه التنغيمي . وقد بقي الكلام المسجوع على هذا النحو أعني بالحافظة من أساليب الترسل لذلك ضمن من البقاء خطا لم يتح للكلام المطلق إذ كان أدنى إلى الشعر بإحكام مقاطعه ووزنه وموسيقاه . ولم يكن السجع المطبوع مجرد حلية لفظية تقف عند الشكل وحده ، وهو في حقيقة أمره عمل وجداني أدبي صدى لأحاسيس حية يزيد في تجليتها , ويترجم عنها ترجمة ذات إيحاء وتأثير . ولهذا كان السجع المطبوع عملا ضروريا يزيد في الإفصاح عن المشاعر ولا يستريح القارئ للفاصلة الجيدة والقطع القوى لأن في ذلك إمتاعا لأذنه فحسب بل لأنه صادف من نفسه هزة .
ج- القرآن الكريم والسجع :
والقرآن الكريم ميدانه ميدان النقاش المفحم والحجاج الملجم .والذي يثبته بعض الباحثين بحق أن السجع المطبوع يقنع ويستميل: يقنع بالمنطق الجاد والرأي النافذ والحجاج الناصع : ويستميل بالتصوير الجهد والملاءمة المنسقة والإيقاع المؤثر , والقرآن الكريم وإن ظهر لنا أنه يشابه السجع في فواصله القرآنية إلا أنه يبقى ذا أسلوب خاص به واستمع معي إلى قول الله عز وجل في سورة الواقعة { نحن خلقناكم فلولا تصدقون , أفرأيتم ما تمنون ,أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون . نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين , على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في مالا تعملون ,ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون , أفرأيتم ما تحرثون , أأنتم تزرعوه أم نحن الزارعون , لو نشأ لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون , إنا لمغرمون ، بل نحن محرومون , أفرأيتم الماء الذي تشربون , أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون , لو نشأ جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ,أرأيتم النار التي تورون , أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ,نحن جعلناها تذكرة ومتعا للمقوين , فسبح باسم ربك العظيم فلا اقسم بمواقع النجوم ,وأنه لقسم لو تعملون عظيم ,إنه لقرآن كريم , في كتاب مكنون , لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين } [ ] .أو إلى قوله تعالى في سورة البلد : { لا أقسم بهذا البلد , وأنت حل بهذا البلد , ووالد وما ولد , لقد خلقنا الإنسان في كبد , أيحسب أن لن يقدر عليه أحد , يقول أهلكت مالا لبدا , أيحسب أن لم يره أحد ألم نجعل له عينين , ولساناً و شفتين , وهديناه النجدين , فلا اقتحم العقبة ، وما أدراك ما العقبة ، فك رقبة ، أو إطعام في يوم ذي مسغبة ، يتيما ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة ، ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ,أولئك أصحاب الميمنة , والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ,عليهم نار مؤصدة } [ ] لتتأكد من أن القرآن الكريم غير مسجوع ، وإذا ثبت أن السجع المطبوع فن ضروري لا زينة شكلية, وأنه يقدم من ألوان الحجاج والإقناع قدر ما يتيح من فنون البهجة والإمتاع إلا أنه أسلوب بشري لا يداني أسلوب القرآن الكريم ولا يمكن له أن يشابهه ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج من أساليب كلامهم ، ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز .
د- الفواصل التنغيمية في القرآن الكريم :
والفواصل التنغيمية التي يختلف جرسها وتتنوع نبراتها .. شدة ولينا . وعنفا وهدوءاً وتماوجاً وطولاً وقصراً تأتي بحسب الموضوع الذي تعالجه الآيات والصور التي ترسمها هذه الفواصل تأتي دون أن تحيف الفاصلة على المعنى ، أو الشكل على المضمون ، بل على العكس من ذلك تماما . والتناغم الذي ورد في القرآن الكريم يختلف عن السجع. وهذه السور القرآنية بين أيدينا ، توضح هذا الذي نقول قال تعالى في سورة الشمس : { والشمس وضحاها . والقمر إذا تلاها . والنهار إذا جلاها . والليل إذا يغشاها . والسماء وما بناها . والأرض وما طحاها . ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكّاها . وقد خاب من دسّاها كذبت ثمود بطغواها . إذ انبعثت أشقاها . فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها . فكذبوه فعقروها . فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها . ولا يخاف عقباها } [ ] نغمية تبعث الطمأنينة في النفس دون أن تخلَّ بالمعنى
ه- الخصائص الفنية للنص القرآني:
والخصائص الفنية للنص القرآني تقتضي أن لكل موضوع حلية لفظية تناسبه قد لا تناسب موضوعا آخر و إن الفاصلة القرآنية ليست زينة يؤتي بها بحيث يكون المعنى تابعا للفظ ذلك أن الطويل من الكلام قد لا تناسبه الفاصلة القرآنية لأداء الأحكام التشريعية الدقيقة على نحو ما جاءت الآيات المدنية ، حيث تبقى الفاصلة الحلية المناسبة ، والبيان الملائم ، بمقدار ما يؤدي هذا الدور في الترغيب والترهيب ، والوعد والوعيد ، وذكر الجنة والنار ، والزراية بالأصنام والأوثان ، وسرد القصص التاريخية المتعلقة بالأنبياء السابقين .......ومن هنا كثر هذا الأسلوب في الآيات المكية دون المدنية ، كما لاحظنا ذلك في هذه الآيات المكية فلكل منحى إيقاعه ولكل حديث نبرة ونغم ، لأن النغمية لا تأتي على وتيرة واحدة إلا إذا اتحد الغرض فوافق الثوب الجسم موافقة تنطق بالتلاؤم والتجانس ، وتقرن المثيل بالمثيل .




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)