الاستعارات في القرآن الكريم
أ-تعريف الاستعارة : وهى أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها، وذلك:
1- لإظهار الخفي، كقوله تعالى: { وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ } [ الزخرف: 4] ، فإن حقيقته أنه في أصل الكتاب، فاستعير لفظ الأم للأصل، لأن الأولاد تنشأ من الأم، كما تنشأ الفروع من الأصول، والحكمة في ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيّا، فينتقل السامع من حد السماع إلى حد العيان، وذلك أبلغ في البيان.
2- إيضاح ما ليس بجلي ليصير جليّا، كقوله تعالى: { وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ } [ الإسراء: 24 ] لأن المراد أمر الولد بالذل لوالديه رحمة. فاستعير للولد أولا جانب، ثم للجانب جناح والحكمة فى ذلك جعل ما ليس بمرئي مرئيّا لأجل حسن البيان. ولا بد فيها من ثلاثة أشياء أصول: مستعار، ومستعار منه، وهو اللفظ، ومستعار له، وهو المعنى، ففي قوله تعالى: { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً } [ مريم: 4 ]، المستعار: الاشتعال، والمستعار منه: النار، والمستعار له: الشيب. والجامع بين المستعار منه والمستعار له مشابهة ضوء النار لبياض الشيب.
ب- أقسام الاستعارة : وهى تنقسم إلى:
1- مرشحة، وهى أن تنظر إلى جانب المستعار منه وتراعيه كقوله تعالى: { أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ } [ البقرة: 16] ، فإن المستعار منه، الذى هو الشراء، هو المراعي هنا، وهو الذى رشح لفظي الربح والتجارة للاستعارة لما بينهما من الملامعة.
2- تجريدية، وهى أن تنظر إلى جانب المستعار له، ثم تأتى بما يناسبه ويلائمه، كقوله تعالى: { فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ } [ النحل: 116 ] . وقيل: حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها.
وحكمة ذلك إظهار الخفي وإيضاح الظاهر الذى ليس يجلى، أو حصول المبالغة أو المجموع. ومثال إظهار الخفي : { وإنه في الكتاب} [ ] ، فإنه حقيقته: وإنه في أصل الكتاب، فاستعير لفظ الأم للأصل لأم الأولاد تنشأ من الأم كإنشاء الفروع من الأصول، وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيّا، فينتقل السامع من حدّ السماع إلى حد العيان، وذلك أبلغ في البيان. ومثال إيضاح ما ليس بجلي ليصير جليا قال تعالى : { وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ } [ ] ، فإن المراد أمر الولد بالذل لوالديه رحمة، فاستعير للذل أولا جانب ثم للجانب جناحان، وتقديره الاستعارة القريبة: واخفض لهما جانب الذل، أي اخفض جانبك ذلا. وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيّا لأجل حسن البيان، ولما كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقى الولد من الذل لهما والاستكانة ممكنا، احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى، فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب، لأن من يميل جانبه إلى جهة السفل أدنى ميل صدق عليه أنه خفض جانبه، والمراد خفض بلصق الجنب بالأرض، ولا يحصل ذلك إلا بذكر الجناح كالطائر. ومثال المبالغة: قال تعالى : { وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً } [ ] ، وحقيقته: وفجرنا عيون الأرض، ولو عبر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيوبا.
ج-أركان الاستعارة ثلاثة:
1-مستعارة، وهو لفظ المشبه به.
2-ومستعار منه، وهو معنى لفظ المشبه.
3-ومستعار له، وهو المعنى الجامع.
د- أقسام الاستعارة : وأقسامها كثيرة باعتبارات،
أولاً-فتنقسم باعتبار الأركان الثلاثة إلى خمسة أقسام:
أحدها: استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس، نحو: { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً } [ ] ، فالمستعار منه هو النار، والمستعار له الشيب، والوجه هو الانبساط، ومشابهة ضوء النار لبياض الشيب، وكل ذلك محسوس، وهو أبلغ مما لو قيل: اشتعل شيب الرأس، لإفادته عموم الشيب لجميع الرأس.
الثانى: استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي، نحو: { وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ } [ ] ، فالمستعار منه السلخ الذى هو كشط الجلد عن الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل، وهما حسيان، والجامع ما يعقل من ترتب أمر على آخر وحصوله عقب حصوله كترتب ظهور اللحم على الكشط، وظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل، والترتيب أمر عقلي.
الثالث: استعارة معقول لمعقول يوجه عقلي، نحو: { مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا } [ ] المستعار منه الرقاد: أي النوم، والمستعار له الموت، والجامع عدم ظهور الفعل، والكل عقلي.
الرابع: استعارة محسوس لمعقول بوجه عقلي أيضا، نحو: { مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ } [ ] استعير المس، وهو حقيقة في الأجسام، وهو محسوس، لمقاساة الشدة، والجامع اللحوق، وهما عقليان.
الخامس: استعارة معقول لمحسوس والجامع عقلي أيضا، نحو: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ المستعار منه التكثير، وهو عقلي، والمستعار له كثرة الماء، وهو حسى، والجامع الاستعلاء، وهو عقلي أيضا.
ثانياً-وتنقسم باعتبار آخر إلى مرشحة ومجردة ومطلقة:
فالأولى: أن تقترن بما يلائم المستعار منه، نحو: { أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ } [ ] استعير الاشتراء للاستبدال والاختبار، ثم قرن بما يلائمه من الربح والتجارة.
الثانية: أن تقرن بما يلائم المستعار له، نحو: { فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ } [ ] استعير اللباس للجوع ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة، ولو أراد الترشيح لقال: فكساها، لكن التجريد هنا أبلغ لما فى لفظ الإذاقة من المبالغة في الألم باطنا.
والثالثة: لا تقرن بواحد منهما.
ثالثاً-وتنقسم باعتبار آخر
إلى، تحقيقية، وتخييلية، ومكنية، وتصريحية.
فالأولى النحقيقية : ما تحقق معناها حسّا، نحو: { فَأَذاقَهَا اللَّهُ } [ ] الآية، أو عقلا، نحو: { وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [ ] أي بيانا واضحا وحجة لا معة.
والثانية التخييلية : أن يضمر التشبيه في النفس فلا يصرّح بشيء من أركانه سوى المشبه، ويدل على ذلك التشبيه المضمر في النفس بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به، ويسمى ذلك التشبيه المضمر: استعارة بالكناية ومكنيها عنها، لأنه لم يصرح به، بل دل عليه بذكر خواصه ويقابله التصريحية. ويسمى ذلك الأمر المختص بالمشبه به للمشبه استعارة تخييلية، لأنه قد استعير للمشبه ذلك الأمر المختص بالمشبه به، وبه يكون كمال المشبه به وقوامه في وجه الشبه لتخيل أن المشبه من جنس المشبه به. ومن أمثلة ذلك: { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ } [ ] شبه العهد بالحبل، وأضمر في النفس فلم يصرح بشيء من أركان التشبيه سوى العهد المشبه، ودل عليه بإثبات النقض الذى هو من خواصّ المشبه به وهو الحبل.
ومن التصريحية: { مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ.} [ ]
رابعاً-وتنقسم باعتبار آخر إلى:
وفاقية: بأن يكون اجتماعهما في شيء ممكنا، نحو: { أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ } [ ] ، أي ضالا فهديناه، استعير الإحياء من جعل الشيء حيا للهداية التي بمعنى الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب، والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما في شيء.
وعنادية: وهي ما لا يمكن اجتماعهما، كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم نفعه، واجتماع الوجود والعدم في شيء ممتنع.
ومن العنادية: التهكمية، والتمليحية، وهما ما استعمل في ضد أو نقيض، نحو:
{ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ } [ ] أي أنذرهم، استعيرت البشارة، وهى الإخبار بما يسر، للإنذار الذى هو ضده، بإدخال جنسها على سبيل التهكم والاستهزاء، نحو: { إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } [ ] عنوا: الغوي السفيه تهكما.
خامساً-وتنقسم باعتبار آخر إلى:
تمثيلية، وهى أن يكون وجه الشبه فيها منتزعا من متعدد، نحو: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً } [ ] شبه استظهار العبد باللَّه ووثوقه بحمايته والنجاة من المكاره باستمساك الواقع في مهواة بحبل وثيق مدلى من مكان مرتفع يأمن انقطاعه. وقد تكون الاستعارة بلفظين، نحو: { قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ } [ ] يعنى تلك الأوانى ليست من الزجاج ولا من الفضة، بل في صفاء القارورة وبياض الفضة. وإذا كان التشبيه من أعلى أنواع البلاغة وأشرفها، فإن الاستعارة أبلغ منه لأنها مجاز، وهو حقيقة، والمجاز أبلغ، فإذا الاستعارة أعلى مراتب الفصاحة، وكذا الكناية أبلغ من التصريح، والاستعارة أبلغ من الكناية، لأنها كالجامعة بين كناية واستعارة، ولأنها مجاز قطعا. وفى الكناية خلاف. وأبلغ أنواع الاستعارة التمثيلية، ويليها المكنية، ولاشتمالها على المجاز العقلي، والترشيحية أبلغ من المجردة والمطلقة، والتخييلية أبلغ من التحقيقية. والمراد بالأبلغية إفادة زيادة التأكيد والمبالغة في كمال التشبيه، لا زيادة في المعنى لا توجد في غير ذلك.





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)