بدائع القرآن الكريم
ولها أنواع: منها:
1-الإبهام، ويدعى التورية: أن يذكر لفظ لها معنيان، إما بالاشتراك أو التواطؤ، أو الحقيقة والمجاز، أحدهما قريب والآخر بعيد، ويقصد البعيد ويورى عنه بالقريب، فيتوهمه السامع من أول وهلة. ومن أمثلتها: { الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى } [ ] ، فإن الاستواء على معنيين: الاستقرار في المكان وهو المعنى القريب الموري به، الذى هو غير مقصود لتنزيهه تعالى عنه. والثاني الاستيلاء والملك، وهو المعنى البعيد المقصود الذى ورى به عنه بالقريب المذكور. وهذه التورية تسمى مجردة، لأنها لم يذكر فيها شيء من لوازم المورىي به ولا المورى عنه. ومنها: ما يسمى مرشحة، وهى التي ذكر فيها شيء من لوازم هذا أو هذا كقوله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ فإنه يحتمل الجارحة وهو المورى به. ويحتمل القوة والقدرة، وهو البعيد المقصود. الاستخدام هو والتورية أشرف أنواع البديع، وهما سيان بل فضله بعضهم عليها، ولهم فيه عبارتان: إحداهما: أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادا به أحد معانيه، ثم يؤتى بضميره مرادا به المعنى الآخر. والأخرى: أن يؤتى بلفظ مشترك ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين، ومن الآخر الآخر. ومن أمثلته قوله تعالى: { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ } [ الآية ]، فلفظ كِتابٌ يحتمل الأمد المحتوم والكتاب المكتوب. فلفظ أَجَلٍ يخدم المعنى الأول، و (يمحو) يخدم الثانى.
2-الالتفات: نقل الكلام من أسلوب إلى آخر: أي من المتكلم أو الخطاب، أو الغيبة إلى آخر منها بعد التعبير بالأول، وله فوائد: منها: تطرية الكلام وصيانة السمع عن الضجر والملال لما جبلت عليه النفوس من حبّ التنقلات والسلامة من الاستمرار على منوال واحد. مثاله من المتكلم إلى الخطاب، ووجهه حثّ السامع وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه وأعطاه فضل عناية تختص بالمواجهة، قوله تعالى: { وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ ] الأصل، وإليه أرجع، فالتفت من المتكلم إلى الخطاب، ونكتته أنه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه، وهو يريد نصح قومه تلطفا وإعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه، ثم التفت إليهم لكونه في مقام تخويفهم ودعوتهم إلى اللَّه تعالى، ومن أمثلته أيضا قوله تعالى: { وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ } [ ] { وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ } [ ]. ومثاله من التكلم إلى الغيبة، ووجهه أن يفهم السامع أن هذا نمط المتكلم وقصده من السامع حضر أو غاب، وأنه ليس فى كلامه ممن يتلون ويتوجه ويبدى في الغيبة خلاف ما نبديه فى الحضور قوله تعالى: { إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ والأصل} : لنغفر لك. ومثالة من المخاطب إلى المتكم لم يقع في القرآن، ومثل له بعضهم: { فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ } [ ] ، ثم قال: { إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا } [ ] ، وقيل: إن المثال لا يصح لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا. ومثاله من الخطاب إلى الغيبة: { حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ } [ ] ، والأصل بكم، ونكتة العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم التعجب من كفرهم وفعلهم، إذ لو استمرّ على خطابهم لفاتت تلك الفائدة، وقيل: لأن الخطاب أولا من الناس مؤمنهم وكافرهم بدليل: { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } [ ] ، فلو كان «وجرين بكم» للزم الذى للجميع، فالتفت عن الأول للإرشاد إلى اختصاصه بهؤلاء الذين شأنهم ما ذكروه عنهم في آخر الآية عدولا من الخطاب العام إلى الخاص. ومثاله من الغيبة إلى المتكلم: { اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ } [ ] . ومثاله من الغيبة إلى الخطاب: { وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا } [ ] . وشرط الالتفات أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه، ولا يلزم عليه أن يكون فى (أنت صديقى) التفات. وشرطه أيضا أن يكون في جملتين، وإلا يلزم عليه أن يكون نوعا غريبا. ومن الالتفات: بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلمه كقوله: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } [ ] بعد { أَنْعَمْتَ } ، فإن المعنى: غير الذين غضبت عليهم. ومنه: أن يقدم المتكلم في كلامه مذكورين مرتبين، ثم يخبر عن الأول منهما، وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني، ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله: { إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ. وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ } [ ] انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى، ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان: { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } [ ]. ويقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر. مثاله من الواحد إلى الاثنين: { قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ } [ ]. وإلى الجمع: { يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ } [ ]. ومن الاثنين إلى الواحد: { فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى } [ ] . وإلى الجمع: { وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } [ ] . ومن الجمع إلى الواحد: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ] [ ] . وإلى الاثنين: { يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ } [ ] إلى قوله: { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ } [ ] . ويقرب منه أيضا الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر وإلى آخر. مثاله من الماضي إلى المضارع: { أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ} [ ] . وإلى الأمر: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ }[ ] . ومن المضارع إلى الماضي: { وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ } [ ] . وإلى الأمر قال: { إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ } [ ] . ومن الآمر إلى الماضي: { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا } [ ] . وإلى المضارع: { وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ ].
الاطراد: هو أن يذكر المتكلم أسماء آباء الممدوح مرتبة على حكم ترتيبها فى الولادة. ومنه في القرآن قوله تعالى حكاية عن يوسف: { وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ } [ ] ، وإنما لم يأت به على الترتيب المألوف، فإن العادة الابتداء بالأب، ثم الجد، ثم الجد الأعلى، لأنه لم يرد هنا مجرد ذكر الآباء، وإنما ذكرهم ليذكر ملتهم التي اتبعها، فبدأ بصاحب الملة، ثم بمن أخذها عنه أولا فأولا، على الترتيب.
الانسجام: هو أن يكون الكلام لخلوه من العقادة منحدرا كتحدر الماء المنسجم، ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسهل رقة، والقرآن الكريم كله كذلك. وقيل: وإذا قوى الانسجام في النثر جاءت قراءته موزونة بلا قصد لقوّة انسجامه، ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا
فنمه من بحر الطويل: { فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ } [ ]
ومن المديد: { وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا.}[ ] .
ومن البسيط: { فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ } . [ ] .
ومن الوافر: { وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ.} [ ] .
ومن الكامل: { وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ }[ ] ..
ومن الهزج: { فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً.} [ ] .
ومن الرجز: { وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها.} [ ] .
ومن الرمل: { وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ.} [ ] .
ومن السريع: { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ.} [ ] .
ومن المنسرح: { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ}.[ ] .
ومن الخفيف: { لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً}.[ ] .
ومن المضارع:{ يَوْمَ التَّنادِ}.[ ] .
ومن المقتضب: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.} [ ] .
ومن المجتث:{ نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.} [ ] .
ومن المتقارب: { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ.} [ ] .
الإدماج: وهو أن يدمج المتكلم غرضا في غرض، أو بديعا فى بديع، بحيث لا يظهر فى الكلام إلا أحد الغرضين أو أحد البديعين كقوله تعالى: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ أدمجت المبالغة فى المطابقة، لأن انفراده تعالى بالحمد فى الآخرة، وهى الوقت الذى لا يحمد فيه سواه، مبالغة فى الوقت بالانفراد بالحمد، وهو إن خرج مخرج المبالغة فى الظاهر فالأمر فيه حقيقة فى الباطن، فإنه ربّ الحمد والمنفرد به في الدارين. وقيل في هذه الآية: إنها من إدماج غرض فى غرض، فإن الغرض منها تفرّده تعالى بوصف الحمد، وأدمج فيه الإشارة إلى البعث والجزاء.
الافتنان: هو الإتيان فى كلام بفنين مختلفين، كالجمع بين الفخر والتعزية فى قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ فإنه تعالى عزّى جميع المخلوقات من الإنس والجن والملائكة وسائر أصناف ما هو قابل للحياة، وتمدح بالبقاء بعد فناء الموجودات في عشر لفظات، مع وصفه ذاته بعد انفراده بالبقاء بالجلال والإكرام سبحانه وتعالى.
الاقتدار: هو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارا منه على نظم الكلام وتركيبه على صياغة قوالب المعاني والأغراض، فتارة يأتي به في لفظ الاستعارة، وتارة في صورة الإرداف، وحينا في مخرج الإيجاز، ومرة في قالب الحقيقة وعلى هذا أتت جميع قصص القرآن، فإنك ترى في الصفة الواحدة، التي لا تختلف معانيها، تأتى في صورة مختلفة وقوالب من الألفاظ متعددة، حتى لا تكاد تشتبه فى موضعين منه، ولا بد أن تجد الفرق بين صورها ظاهرا.






المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)