أسبا ب النزول لآيات القرآن الكريم
نزول القرآن على قسمين:
1-قسم نزل ابتداء.
2-وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال. وفى هذا النوع مسائل:
المسألة الأولى: أن له فوائد.منها: معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
ومنها، تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب. ومنها: أن اللفظ قد يكون عاما ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، فإن دخول صورة السبب قطعىّ وإخراجها بالاجتهاد ممنوع. ومنها: الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال، فإنه لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. فبيان سبب النزول طريق قوىّ فى فهم معانى القرآن. كما أنه يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. وقد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا } [ الآية ] ، وقال: لئن كان كل امرىء فرح بما أوتى، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا، لنعذبن أجمعون، حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت فى أهل الكتاب، حين سألهم النبى صلّى اللَّه عليه وسلم عن شىء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه. وحكى عن عثمان بن مظعون، وعمرو بن معدى كرب. أنهما كانا يقولان: الخمر مباحة، ويحتجان بقوله تعالى: { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا } [الآية ] ، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا لما حرمت الخمر: كيف يمن قتلوا فى سبيل اللَّه وماتوا وكانوا يشربون الخمر، وهى رجس؟ فنزلت. ومن ذلك قوله تعالى: { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ } [ ] ، فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة حتى قال الظاهرية بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب، وقد بين ذلك سبب النزول، وهو أنه لما نزلت الآية التى فى سورة البقرة فى عده النساء، قالوا: قد بقى عدد من النساء لم يذكرن الصغار والكبار، فنزلت فعلم بذلك أن الآية خطاب لمن لم يعلم ما حكمهن فى العدّة، وارتاب، هل عليهن عدّة أو لا؟ وهل عدتهن كاللاتى فى سورة البقرة أو لا؟ فمعنى: { إِنِ ارْتَبْتُمْ } إن أشكل عليكم حكمهن، وجهلتم كيف يعتدون، فهذا حكمهن. ومن ذلك قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلّى لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا، وهو خلاف الإجماع، فلما عرف سبب نزولها علم أنها فى نافلة السفر، أو فمن صلّى بالاجتهاد وبان له الخطأ، على اختلاف الروايات فى ذلك. ومن ذلك قوله: { إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ } [ الآية ] ، فإن ظاهر لفظها لا يقتضى أن السعى فرض، وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيته تمسكا بذلك، وقد ردت عائشة على عروة فى فهمه ذلك بسبب نزولها، وهو أن الصحابة تأثموا من السعى بينهما، لأنه من عمل الجاهلية، فنزلت. ومنها: دفع توهم الحصر. قال الشافعى ما معناه فى قوله تعالى: { قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً } [ الآية ] ، إن الكفار لما حرّموا ما أحل اللَّه، وأحلوا ما حرّم اللَّه، وكانوا على المضادة والمحادة، فجاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرّمتموه، ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول لا آكل اليوم إلا حلاوة، والغرض المضادة لا النفى والإثبات على الحقيقة، فكأنه تعالى قال: لا حرام إلا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللَّه به، ولم يقص حلّ ما وراءه، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحلّ ومنها: معرفة اسم النازل فيه الآية، وتعيين المبهم فيها، ولقد قال مروان فى عبد الرحمن بن أبى بكر: إنه الذى أنزل فيه: { وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما } [ ] حتّى ردّت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها.
المسألة الثانية: اختلف أهل الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ والأصح الأول، وقد نزلت آيات فى: أسباب، واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار فى سلمة بن صخر، وآية اللعان فى شأن هلال بن أمية، وحدّ القذف فى رماة عائشة، ثم تعدى إلى غيرهم. ومن لم يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآية ونحوها لدليل آخر، كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقا لدليل قام على ذلك. قال الزمخشرى فى سورة الهمزة: يجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاماّ، ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون ذلك جاريا مجرى التعريض.
المسألة الثالثة: تقدّم أن صورة السبب قطعية الدخول فى العام، وقد تنزل الآيات على الأسباب الخاصة وتوضع مع ما يناسبها من الآى العامة، رعاية لنظم القرآن وحسن السياق، فيكون ذلك الخاص قريبا من صورة السبب فى كونه قطعى الدخول فى العام، مثاله: قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } [ ] إلى آخره، فإنها إشارة إلى كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود، لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر، حرّضوا المشركين على الأخذ بثأرهم ومحاربة النبى، صلّى اللَّه عليه وسلم، فسألوهم، من أهدى سبيلا، محمّد وأصحابه أم نحن؟ فقالوا: أنتم، مع علمهم بما فى كتابهم من نعت النبى، صلّى اللَّه عليه وسلم، المنطبق عليه، وأخذ المواثيق عليهم لا يكتموه. فكان ذلك أمانة لازمة لهم، ولم يؤدوها حيث قالوا للكفار: { أنتم أهدى سبيلا} [ ] حسدا للنبى صلّى اللَّه عليه وسلم، فقد تضمنت هذه الآية مع هذا القول المتوعد عليه المفيد الأمر بمقابلة المشتمل على أداء الأمانة، التى هى ببيان صفة النبى صلّى اللَّه عليه وسلم بإفادة أنه الموصوف فى كتابهم، وذلك مناسب لقوله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها } [ ] ، فهذا عام فى كل أمانة، وذلك خاص بأمانة، هى صفة النبى، صلّى اللَّه عليه وسلم، بالطريق السابق، والعام تال للخاص فى الرسم، متراخ عنه فى النزول، والمناسبة تقتضى دخول ما دل عليه الخاص والعام.
المسألة الرابعة: قال الواحدى: لا يحلّ القول فى أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها. وقد قال محمّد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال: اتق اللَّه وقل سدادا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل اللَّه من القرآن. وقيل: معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم فقال: أحسب هذه الآية نزلت فى كذا. فعن عبد اللَّه بن الزبير قال: خاصم الزبير رجلا من الأنصار فى شراج الحرة، فقال النبى، صلّى اللَّه عليه وسلم: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال الأنصارى: يا رسول اللَّه، إن كان ابن عمتك، فتلوّن وجهه. قال الزبير: فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت فى ذلك: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ } [ ] . وقيل: إذا أخبر الصحابى، الذى يشهد الوحى والتنزيل، عن آية من القرآن أنها نزلت فى كذا، فإنه حديث مسند. وقال ابن تيمية: قولهم نزلت هذه الآية فى كذا، يراد به تارة سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل فى الآية، وإن لم يكن السبب، كما تقول عنى بهذه الآية كذا. وقد تنازع العلماء فى قول الصحابى: نزلت هذه الآية فى كذا، هل يجرى مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذى نزلت لأجله، أو يجرى مجرى التفسير منه الذى ليس بمسند؟ فالبخارى يدخله فى المسند، وغيره لا يدخله فيه، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا فى المسند. وقيل: قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية فى كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب فى نزولها، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع.
المسألة الخامسة: كثيرا ما يذكر المفسرون لنزول الآية أسبابا متعددة، وطريق الاعتماد فى ذلك أن ينظر إلى العبارة الواقعة، فإن عبر أحدهم بقوله: نزلت فى كذا. والآخر نزلت فى كذا، وذكر أمرا آخر، فقد تقديم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما، إذا كان اللفظ يتناولهما، وإن عبر واحد.
بقوله: نزلت فى كذا، وصرّح الآخر بذكر سبب خلافه، فهو المعتمد، وذلك استنباط.



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)