المناظرات في العهد الراشدي
أ-المناظرات :
هي حوار بين اثنين ، أو جماعتين يقوم على الجدل العقلي القائم على مبادئ عقلية يسلم بها الخصم نفسه ، ثم يوظفها في إقناعه برأيه ، أو وجهة نظره ، أو عقيدته التي يؤمن بها ؛ ومن أهم الحوارات في هذا المجال:
1-الحوار مع المشركين
2-الحوار أتباع الديانات الأخرى
3-الحوار مع الفاسقين
4-الحوار مع أهل الكلام
5-الحوار مع رسل الملوك
6-الحوار حول الخلافة وأحقيتها لمن ؟
ومن ميزاته :
1-البلاغة في القول
2-التلطف في عرض الحجج
3-عرض الحجج بشكل مؤثر
4-قد يطول الكلام ، ويقصر في المناظرة بحسب الحال


ب-نماذج من المناظرات في العهد الراشدي
1-مناظرة الأحنف بين يدي عمر بن الخطاب :
قدم الأحنف بن قيس التميمي على عمر بن الخطاب في أهل البصرة ، وأهل الكوفة ، فتكلموا عنده في أنفسهم ، وما ينوب كل واحد منهم ، وتكلم الأحنف فقال : يا أمير المؤمنين ! إن مفاتيح الخير بيد الله ، وقد أتتك وفود أهل العراق ، وأن إخواننا من أهل الكوفة، والشام ، ومصر . نزلوا منازل الأمم الخالية ، والملوك الجبابرة ، ومنازل كسرى ، وقيصر ، وبني الأصفر ؛ فهم من المياه العذبة ، والجنان المختلفة في مثل حولاء السلى ، وحدقة البعير تأتيهم ثماره غضة لم نحضر ؛ وأنا أنزلنا أرضاً طرف في فلاة ، وطرف في ملح أجاج جانب منها منابت القصب ، وجانب سبخة نشاشة لا يجف ثراها ، ولا ينبت مرعاها يخرج الرجل الضعيف منا يستعذب الماء من فرسخين ، وتخرج المرأة بمثل ذلك ترنق لولدها ترنيق العنز تخاف عليه العدو ، والسبع ، فلا ترفع خسيستنا وتنعش ركيستنا .
2- مناظرة عمر بن الخطاب والهرمزان :
لما أتى الهرمزان أسيراً إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، قيل له : يا أمير المؤمنين ! هذا زعيم العجم ، وصاحب رئيسهم ، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه : أعرض عليك الإسلام نصحاً لك في عاجلك ، وآجلك . قال : يا أمير المؤمنين إنما أعتقد ما أنا عليه ، ولا أرغب بالإسلام ؛ فدعا له عمر بالسيف ، فلما هم بقتله ؛ قال يا أمير المؤمنين ! شربة من ماء أفضل من قتلي على ظمأ ، فأمر له بشربة من ماء ، فلما أخذها قال أأنا آمن حتى أشربها ؟ قال نعم . فرمى بها وقال : يا أمير المؤمنين ! نور أبلج . قال : صدقت لك التوقف عنك ، والنظر في أمرك . ارفعوا عنه السيف ، فلما رفع عنه قال : الآن يا أمير المؤمنين ! أشهد : (أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ، ورسوله) ، وما جاء به حق من عنده ، فقال عمر : أسلمت خير إسلام ، فما أخرك ؟ قال : كرهت أن تظن أني أسلمت جزعا من السيف . فقال عمر : إن لأهل فارس عقولاً بها استحقوا ما كانوا فيه من الملك ، ثم أمر به أن يبر ، ويكرم؛ وكان يشاوره في توجيه الجيوش لأهل فارس .
3-مناظرة الأحنف بن قيس – وقيس بن عاصم
قيل للأحنف بن قيس : ممن تعلمت الحلم ؟ قال : من قيس بن عاصم المنقري رأيته قاعدا بفناء داره ، محتبياً بحمائل سيفه ، يحدث قومه حتى أتى برجل مكتوف ، ورجل مقتول ؛ فقيل له : هذا ابن أخيك قتل ابنك فو الله ما حلَّ حبوته ، ولا قطع كلامه ؛ ثم التفت إلى ابن أخيه ، وقال له : يا بن أخي ! أسأت إلى رحمك ، ورميت نفسك بسهمك ، وقتلت ابن عمك ؛ ثم قال : لابن له آخر : قم يا بني، فحل كتاف ابن عمك ، ووار أخاك، وسق إلى أمه مائة ناقة دية ابنها ، فإنها غريبة ثم أنشأ يقول :
إني امرؤ لا يطَّبي حسبي دنس يهجنه ولا أفن
من منقر في بيت مكرمة والغصن ينبت حوله الغصن
خطباء حين يقول قائلهم بيض الوجوه مصاقع لسن
لا يفطنون لعيب جارهم وهم لفظِّ جواره فطن
4-محاورة أبي الأسود الدؤلي مع زوجته :
أبو صالح زكريا بن أبي صالح البلدي قال : قال أبو محمد القشيري كان أبو الأسود الدؤلي من أكبر الناس عند معاوية بن أبي سفيان وأقربهم مجلساً وكان لا ينطق إلا بعقل ولا يتكلم إلا بعد فهم فبينا هو ذات يوم جالساً وعنده وجوه قريش وأشراف العرب إذ أقبلت امرأة أبي الأسود الدؤلي حتى حاذت معاوية وقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته إن الله جعلك خليفة في البلاد ورقيباً على العباد يستسقي بك المطر ويستثبت بك الشجر وتؤلف بك الأهواء ويأمن بك الخائف ويردع بك الجانف فأنت الخليفة المصطفى والإمام المرتضى فاسأل الله لك النعمة في غير تغيير والعافية من غير تعذير لقد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أمرٌ ضاق علي فيه المنهج وتفاقم عليّ فيه المخرج لأمرٍ كرهت عاره لما خشيت إظهاره فلينصفني أمير المؤمنين من الخصم فإني أعوذ بعقوته من العار الوبيل والأمر الجليل الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول الأجائر فقال لها معاوية ومن بعلك هذا الذي تصفين من أمره المنكر ومن فعله المشهر قال فقالت هو أبو الأسود الدؤلي قال فالتفت إليه فقال يا أبا الأسود ما تقول هذه المرأة قال : فقال أبو الأسود هي تقول من الحق بعضاً ولن يستطيع أحد عليها نقضاً أما ذكرت من طلاقها فهو حق وأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بالصدق والله يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت ولا لأي هفوة ولكني كرهت شمائلها فقطعت عني حبائلها فقال معاوية وأي شمائلها يا أبا الأسود كرهت قال يا أمير المؤمنين إنك مهيجها عليّ بجواب عتيد ولسان شديد فقال له معاوية لا بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها عند مراجعتها فقال أبو الأسود يا أمير المؤمنين إنها كثيرة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل موذية للبعل مسيئة إلى الجار مظهرة للعار إن رأت خيراً كتمته وإن رأت شراً أذاعته قال : فقالت والله لولا مكان أمير المؤمنين وحضور من حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر كلامك بنوافذ أقرع كل سهامك وإن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشتم بعلاً ولا أن تظهر لأحد جهلاً فقال معاوية عزمت عليك لما أجبته قال : فقالت يا أمير المؤمنين ما علمته إلا سؤلاً جهولاً ملحاً بخيلاً إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دغائل ليث حين يأمن وثعلب حين يخاف شحيح حين يضاف إن ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر شأنه ولؤم آبائه ضيفه جائع وجاره ضائع لا يحفظ جاراً ولا يحمي ذماراً ولا يدرك ثأراً أكرم الناس عليه من أهانه وأهونهم عليه من أكرمه قال : فقال معاوية سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من السجع قال فقال أبو الأسود أصلح الله أمير المؤمنين إنها مطلقة ومن أكثر كلاماً من مطلقة فقال لها معاوية إذا كان رواحاً فتعالي أفصل بينك وبينه بالقضاء قال فلما كان الرواح جاءت ومعها ابنها قد احتضنته فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنه منها فقال له معاوية يا أبو الأسود لا تعجل المرأة أن تنطق بحجتها قال يا أمير المؤمنين أنا أحق بحمل ابني منها فقال له معاوية يا أبا الأسود دعها تقل فقال يا أمير المؤمنين حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل أن تضعه قال فقالت صدق والله يا أمير المؤمنين حمله خفاً وحملته ثقلاً ووضعه بشهوة ووضعته كرهاً إن بطني لوعاؤه وإن ثديي لسقاؤه وإن حجري لفناؤه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتين به فقال أبو الأسود إنها تقول الأبيات من الشعر فتجيدها قال فقال معاوية إنها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتاً لعلك تغلبها قال فأنشأ أبو الأسود يقول:
مرحباً بالتي تجور علينا ... ثم سهلاً بالحامل المحمول
أغلقت بابها عليّ وقالت ... إن خير النساء ذات البعول
شغلت نفسها عليّ فراغاً ... هل سمعتم بالفارغ المشغول
قال فأجابته وهي تقول:
ليس من قال بالصواب وبالحمق ... كمن جار عن منار السبيل
كان ثديي سقاءه حين يضحي ... ثم حجري فناؤه بالأصيل
لست أبغي بواحدي يا بن حرب ... بدلاً ما علمته والخليل
قال فأجابها معاوية:
ليس من غذاه حيناً صغيراً ... وسقاه من ثديه بخذول
هي أولى به وأقرب رحماً ... من أبيه بالوحي والتنزيل
أم ما حنت عليه وقامت ... هي أولى بحمل هذا الضئيل
قال فقضي لها معاوية عليه واحتملت ابنها وانصرفت.




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)