الكتابة والكتاب والأدب في العصر الأموي
أولاً – الكتابة :
تعد الكتابة ضرورة إدارية واجتماعية وإعلامية لإدارة شؤون الدولة والمجتمع ومن أجل ازدهاره وقد عرف المجتمع جماعة احترفت التعليم مهنة وصناعة طمعا بالثواب من الله والأجر من الناس وشهد العصر الأموي إقبالا على العلم وتعلم الخط والكتابة في المدن والأنصار والقرى والبادية من خلال المعلمين والكتاب والمؤدبين وأصبح الناس يعرفون قيمة الكتابة في حفظ المعارف من خلال النسخ للمصاحف الشريفة وغيرها من الشعر وكان الخط والكتابة من أبرز الموضوعات في هذا العصر يليه تعليم القران الكريم والحديث النبوي الشريف والسير والمغازي والاخبار والأيام والأنساب والأشعار وقد كان تدوين القران الكريم وجمعه وترتيبه ، وتوحيد نسخته في زمن الخلفاء الراشدين حجر الأساس للحركة العلمية عند العرب وقد كانت أبرز ميادين المعرفة عند العرب المسلمين في العصر الأموي المعارف الاسلامية متمثلة بعلوم القران الكريم وعلوم الحديث النبوي الشريف يتداولها الصحابة وقد مرت الحركة العلمية بمراحل عدة
1-الرواية الشفوية والحفظ
2-الجمع والاستقصاء والتدوين
3-الفهم والتفسير والاستيعاب
4-التحليل والدرس والاستنباط
أ-ففي مجال القران الكريم نهض علم التفسير أم العلوم القرآنية معتمدا على النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام وعلى لسان العرب القائم على معرفة اللغة والبلاغة والإعراب وعلم أسباب النزول للآيات القرآنية وعلم المكي والمدني وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم غريب القران وعلم الرسم القرآني وعلم القراءات وفي مجال الحديث النبوي الشريف أفتى عمر بن عبد العزيز في زمن خلافته بتدوينه بعد خلاف دام تسعين عاما على تدوينه وبرزت علوم جديدة تابعة له من قبل علم رجال الحديث وعلم الجرح والتعديل وعلم غريب الحديث وعلم مختلف الحديث وعلم علل الحديث وعلم ناسخ الحديث ومنسوخة ودون الفقه بأصوله الأربعة (القرآن الكريم – الحديث الشريف – الإجماع – القياس )
ب-وفي مجال المعارف العربية متمثلة بنشأة علم النحو وتطوره والتدوين الأدبي للشعر والرسائل والخطب والأمثال وغيرها من فنون النثر
ج-علوم اللغة متمثلة بجمع ألفاظ عربية من مصادرها وتفسير هذه الألفاظ دون ترتيب
د-علم التاريخ متمثلا بأيام العرب والأنساب والفضائل والمثالب والسير والمغازي والبحوث والفتوح وتواريخ الأمم القديمة وتعد السيرة النبوية المشرفة من أقدم أشكال التدوين التاريخي عند العرب المسلمين ، ولقد عرف العرب الكتابة منذ العصر الجاهلي لتوافر الحاجة إليها، إذ كانوا يحتاجون إليها في كتابة العهود ومواثيق الأحلاف وصكوك التعامل والتبادل التجاري، وفي كتابة الرسائل، وغير ذلك. وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى القلم والكتابة نحو قوله تعالى: ( ن، والقلم وما يسطرون ، سورة القلم، ) الآية 1/ القلم. وكذلك نجد في الشعر الجاهلي ما يدل على معرفة الجاهليين بالكتابة . إلا أن الكتابة لم تكن شائعة عصرئذ، إذ كان جل العرب على الأمية، وكانت الكتابة منتشرة في البيئات الحضرية أكثر من انتشارها في البيئات البدوية. وبقيام الدولة الإسلامية ازدادت الحاجة إلى الكتابة لتلبية متطلبات الدين الجديد، وانصرفت طائفة من كتاب الرسول إلى كتابة الوحي، في حين عني آخرون بكتابة الرسائل. وقد ذكرنا أن الكتابة في تلك الحقبة كانت بسيطة موجزة بعيدة عن التعقيد والزخرف.
فلما جاء العصر الأموي تعقدت الحياة وتطور المجتمع الإسلامي واتسعت رقعة الدولة فوجدت الحاجة إلى إنشاء الدواوين. وكان إنشاؤها قد بدأ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أنشأ ديوان العطاء، فلما جاء الأمويون أوجدوا دواوين أخرى كديوان الرسائل وديوان الجيش وديوان الخاتم. ورافق إنشاء الدواوين بدء حركة التدوين، فجمعت طائفة من الأخبار والسير والأشعار، وكتبت رسائل من موضوعات شتى . وقد ظهر في عصر بني أمية كتاب احترفوا صنعة الكتابة، وكان لكل خليفة ولكل وال كتابه. وكان ديوان الخراج يكتب أول الأمر بلغة الدولة التي كانت قائمة قبل الفتح، فكان يكتب بالعراق بالفارسية، وبالشام بالرومية، وكان يتولاه الموالي من الفرس والروم وغيرهم، وفي عهد عبد الملك بن مروان عرب هذا الديوان. أما ديوان الرسائل فكانت لغته العربية منذ إنشائه، وكان يقوم عليه كتاب من العرب أو من الموالي الذين أجادوا العربية. ومن الكتاب المبرزين في ذلك العصر (عمرو بن نافع )كاتب عبيد الله بن زياد، ( وجناح ) كاتب الوليد بن عبد الملك، و(عبد الحميد الأصغر) كاتب سليمان بن عبد الملك، و( الليث بن رقية) كاتب عمر بن عبد العزيز، و(سالم ) مولى هشام بن عبد الملك، و(عبد الحميد الكاتب ) كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وهو أشهرهم. وكانت الكتابة تجري أول الأمر على السنن الذي كانت عليه في صدر الإسلام من حيث توخي البساطة والإيجاز ومجانبة التنميق والزخرف، ولكن تطور الحياة الاجتماعية والعقلية من جانب، وتولي الموالي - من الفرس خاصة – مقاليد الكتابة من جانب آخر، كل ذلك أدى إلى تطور فن الترسل وتعقد أدواته . وقد تأثر الكتاب الموالي بمناهج الكتابة وأساليب التعبير في لغاتهم الأصلية، فظهرت في طرائقهم الكتابية سمات لم تعرفها الكتابة العربية من قبل، ومن ذلك إطالة الرسائل والتكرار والترادف والإسراف في التنميق والصنعة. وأول من عرف بإطالة الرسائل عمر وبن نافع كاتب عبيد الله بن زياد، ولم يكن ابن زياد راضياً عن طريقته الكتابية التي تغاير ما ألفه العرب. ثم جاء سالم كاتب هشام بن عبد الملك فنهض بفن الكتابة الديوانية، ويقال : إنه كان ملماً باللغة اليونانية وإن ما أوجده من سمات جديدة في الكتابة العربية مرده إلى تأثره بتلك اللغة، وهو قول يفتقر إلى ما يؤيده، ولم يصلنا من رسائل سالم إلا رسالة كتبها على لسان هشام إلى خالد القسري عامله على العراق. وعلى يد سالم هذا تخرج عبد الحميد الكاتب، وهو يمت إليه بصلة القربى. وكان عبد الحميد مولى العلاء بن وهب القرشي، وهو فارسي الأصل، وكان في أول أمره ينتقل في البلدان ويعلم الصبيان في الكتاتيب، ثم التحق بديوان الرسائل بدمشق في عهد هشام بن عبد الملك وتخرج على يد زوج أخته سالم في فن الترسل. وقد اتصل بمروان بن محمد منذ عهد هشام وكتب له، فلما صارت الخلافة إليه اتخذه كاتبا لرسائله، ولازمه عبد الحميد حتى آخر أيامه وأبى أن يتخلى عنه يوم أحيط به فقتل معه، وتذهب رواية أخرى إلى أنه توارى عند صديقه ابن المقفع ثم عثر عليه فقتل . وعلى يد عبد الحميد تطور فن الترسل وبلغ غاية بعيدة من النضج، وجمهور الباحثين على أن الكتابة الفنية إنما وجدت على يده، ولهذا قيل: «فتحت الرسائل بعبدالحميد وختمت بابن العميد» وقد انتهت إلينا طائفة من رسائله القصيرة والمطولة وتوقيعاته.
وأبرز ما تتسم به كتابة عبد الحميد :
1-إطالة التحميدات في صدور الرسائل،
2-والإكثار من الترادف،
3-والعناية بالتصوير الفني
4- العناية بالجانب الموسيقي،
5- اختيار الألفاظ والتوازن بين الجمل،
6-والإتيان بالسجع أحياناً.
7-الإسراف في استعمال صيغة الحال.
8- البعيد عن البساطة والعفوية اللتين عهدتا في الكتابة العربية من قبل 9-الجهد والتكلف،
10-الإسراف في تنميق رسائله وزخرفتها بألوان الصنعة.
وازداد الاهتمام بالكتابة ، في هذا العصر بعد تعقد الحياة وتكاثر المشكلات وتحضر العـرب واقتباسهم من النظم الموجودة عند الأمم الأخرى ،
وقد انقسمت الثقافة فـي هذا العصر إلــى ثلاثة تيارات :
1-التيار العربي الجاهلي : وكان يتمثل في أشعار العرب وأيامهم .
2-التيار الإسلامي : يتمثل بتسجيل تاريخ الإسلام وسيرة الرسول وغزواته وسير الخلفاء والفتوح والأحزاب السياسية التي سجلت نظرياتها في الحكم .
3-تيار أجنبي : يتمثل ثقافة الأمم المفتوحة ونظمها السياسية والاجتماعية فقد اتخذ عمر بن الخطاب ديوان العطاء والجيش وطلب خالد بن يزيد بن معاوية ترجمة كتب الطب وألف العرب كتبا في مختلف الموضوعات ، واعتمدوا صيغ الجمال الفني في سكب العبارات واختلطت في نهاية هذا العصر الثقافة العربية بالثقافـة الدينية والثقافة الأجنبية المترجمة والتي سيقطف ثمارها خلفاء العصر العباسي .
ثانياً – الكتاب:
1-دور عبد الحميد الكاتب في تطور فن الكتابة:
يروى أن عبد الحميد من أصل فارسي من الأنبار ، انتقل إلى ديوان الرسائل في دمشق بعــد أن كان معلما في الكتاتيب ، عمل لدى هشام واتصل بمروان بن محمد الذي ولاه على ديوانه عندما أصبح خليفة وقد قتل عبد الحميد مع نهاية الخلافة الأموية بعد أن ألقى القبض عليه أبو العباس السفاح ، يعـد عبد الحميد أبلــغ كتاب الدواوين فقـد فتحت الرسائل بـــه وختمت بابن العميد ، سهل طرق البلاغة واستخدم التحميدات فصيح اللسان قـوي التعبير والبيان فخــم العبارة واسع الثقافة تأثر بالأدب الفارسي واليوناني وتمثل الثقافة العربية ، تتميز فنية نثره بجودة التقسيم ودقة المنطق والطباق والمقابلات والصور والاستعارات والترادف الموسيقي والإيقاع الصوتي .
2-دور ابن المقفع : .................................................. ....... يعـد عبد الله بن المقفع من الكتاب البارزين الذين ما تزال ثقافتهم يقتبس منـــها فـي أدبنا وفـي الآداب الأجنبية ، فقـد كــان والــده فارسيا مجوسيا (ما نويا) تبعـه ابنـه وقــد كـان هـذا الولــــد فصيحا بليغا كتب لعمـر بـن هبيرة ولابنه يزيد ثم لعيسى بن علــي عم المنصور وأسلـم علـى يديه وتسمى بـ: عبد الله وبقي فـي خدمته حتى قتله سفيان بـن معاوية والـي البصرة مـن قبـــل المنصور. لقب والده بالمقفع لاختلاسه مالا فضربه الحجاج حتى تقفعت يده ، وترجع أهمية ابن المقفــع لترجته لكتب (مزدك ) ، وسير الملــوك ، أنظمة الملك ، سيرة أنوشروان ، مقولات أرسطو ، كليلة ودمنة ، الأدب الكبير ، الأدب الصغير . تميز بالفصاحة والبلاغة وقوة الحجة ووضوح الأسلوب والبعد عن التعقيد والنفور من الإغراب والتوعر في الألفاظ .





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)