فن الرسائل في العهد الأموي
أ-رؤيا في رسائل العصر الأموي :
تعد الرسائل الخاصة , والعامة وثائق على الماضي تكشف عن طريقة تفكير الناس في العصر الذي كيبت فيه ,فقد كان الخلفاء يديرون دولهم من خلال قضايا كثيرة وأدوات مختلفة منها الرسائل . وعاشت الدولة الأموية حالة من الاستقرار إلى حدٍ ما شهد خلاله النثر الأدبي تنظيما رائعاً . نثراً قطف فن الرسائل ثماره , فازدهرت الكتابة الترسلية بسبب ازدهار حركة الخط و الكتابة بحيث غطت اهتمامات الحكام والرعية والكتاب . وقد كان للخلفاء والولاة كتاب للرسائل يكتبون الرسائل ويردون على الرسائل القادمة إليهم . وللترسل في العصر الأموي موضوعات متعددة في االعهد، والحرب والدين والاقتصاد والمجتمع والموضوعات الشخصية الخاصة . ففي السياسة كتب الخلفاء الرسائل إلى أولياء العهد ، وأهل بيتهم ، وإلى الولاة والعمال .( كالأمر بأخذ البيعة وتزويد العمال بالأوامر والتوجيهات السياسية واللوم والتوبيخ ) وكتب الخلفاء إلى معارضيهم في الحكم في ( الاحتجاج والجدل وطلب البيعة ، والترغيب والترهيب والأمان ) وكتبوا إلى الرعية في ( التهديد والوعيد وتبيين أسس السيرة في الرعية وطلب البيعة وبيان الوضع السياسي ) ، وكذلك كتب أولياء العهد والعمال والولاة إلى الخلفاء في ( بيان الوضع السياسي ، والتنظير السياسي ، وتحديد أسس السيرة في الرعية والتهنئة والتعزية والاستئذان وطلب الرأي واللوم والخلع والتهديد ) ، وكتبت المعارضة إلى الخلفاء والولاة والعمال في الاحتجاج والطعن في بني أمية وبيان سوء سيرتهم في الرعية ، والتقريع والتوبيخ والتهديد والوعيد ، وطلب البيعة والطاعة والموادعة والاعتذار عن المتابعة ) ، وتكاتبت المعارضة فيما بينهم في تحليل نفسية الناس حول الصراع السياسي والدعوة إلى التأييد والموادعة والشكر والثناء وكتبوا إلى الرعية في ( الوفاء بالبيعة والدعوة إلى التأييد وإجابة الدعوة للإمامة ) وكذلك كتبت الرعية إلى الخلفاء في ( التهنئة والتعزية وطلب النجدة ) وإلى المعارضة ( بإعلان التأييد والمتابعة وطلب الإمامة ) وفي حالة الحرب كتب الخلفاء إلى أولياء العهد وإلى الولاة والعمال برسائل تزودهم بالأوامر والتوجيهات الحربية والتولية والعزل والتقريع والتوبيخ وتسيير المدد وطلب المعلومات وكتبوا للرعية ( بالثناء والطمأنينة والتبشير بالنصر والظفر ) ، وكتب الولاة والعمال والقادة إلى الخلفاء ( ببيان الوضع الحربي وطلب المدد والتنظير الحربي والتبشير بالنصر والظفر ) وكتبوا للرعية ( بالتذكير بالجهاد وطاعة ولي الأمر وإصدار الأوامر ) وكتبت المعارضة للولاة والعمال بمعارضتهم وتحديهم وإلى الرعية بالدعوة والخروج على الخليفة والتحريض على الجهاد ) ، وكتب الخلفاء في الإحسان والفظاظة وإلى أولياء العهد والرعية ( ببيان وجوه الأحكام والزهد والوعظ والوصايا )إلى الرعية ؛ وكتبت المعارضة إلى الرعية ( بالوعظ والتذكير والخروج للجهاد ضد الخليفة ) بينما كتبت الرعية إلى الخلفاء ( بالوعظ والتذكير بالوصايا وبيان وجوه الأحكام ) وكذلك كتب الخلفاء والولاة في الإدارة والاقتصاد والمجتمع والحديث في ذلك ذو شجون؛ كثيرة وأكثر ما كتبت الرسائل في الموضوعات الشخصية الخاصة ( كالتهاني والتعازي – والوعظ والتذكير – واللوم والعتاب – والتقريع والتوبيخ – والاعتذار والاسترضاء – والشفاعة والاستعطاف – والشكر والثناء – والتشوق و الاستزارة – والتودد والملاطفة – والشكوى والمطارحات – والتنبيه والتحذير – والمواساة – والإخبار عن الأحوال – وطلب الحاجات – والتهادي من خلال الإهداء والاستهداء – والألغاز – وبيان طبيعة الإخاء – ووصف المطر والأرض والمعارك والسلاح والصيد )
ب-الرسائل الشخصية والخاصة:
احتلت الرسائل في العصر الأموي مكانة الصدارة ، وأصبحت الفن الأهم في حياة الخلفاء والولاة والرعية ، ولكنها في حياة الأشخاص والخاصة من الأدباء كانت بمكانة الروح من الجسد، وأصبح لها الأولوية في أشكال الخطاب الأدبي
أولاً-فقد انتشرت الرسائل الشخصية: في العصر الأموي بمختلف موضوعاتها التي ذكرت قبل ذلك والتي تمثل مختلف فئات المجتمع ( حكاماً ورعية ) وميزاتها أنها :
1-تتوجه من فرد إلى فرد
2-مضمونها قضايا شخصية خاصة
3-لا تتصل بموضوعات الرسائل الديوانية
4-تتناول موضوعاتها الصلات الاجتماعية والنفسية
5- أنها ذات طابع ودي أحياناً وطابع فظاظة أحياناً أخرى
ثانياً-موضوعات الرسائل:
1-رسائل التهاني والتعازي : عندما تحصل نعم معينة أو مصائب معينة
أ-ومن ذلك رسالة بعث فيها الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية تعزية بموت أبيه معاوية وتهنئة بتوليه الخلافة : (( الحمد لله الذي لبس رداء البقاء ، وكتب على عباده الفناء فقال عز وجل : (كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )الرحمن /26-27 / أما بعد فهذا كتابي إلى أمير المؤمنين تهنئة وكتاب مصيبةٍ ، فأما التهنئة فالخلافة التي جاءت عفواً ، وأما المصيبة فموت أمير المؤمنين معاوية فإنا لله وإنا إليه راجعون ))
ب-وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن عبد الله بن عتبة يعزيه عن موت أبيه ويقول: (( إنا قوم من أهل الآخرة سكنّا الدنيا، أموات أبناء أموات، فالعجب كل العجب لميت يكتب إلى ميت يعزيه عن ميت ))
2-رسائل الوعظ والتذكير: بالحق والرجوع إليه ومخافة الله وتقواه من ذلك ما كتبه الحسن البصري إلى مكحول بن عبد الله أحد فقهاء الشام وقد اتصل بالحسن خبر موته ثم جاءه خبر ينفي ذلك عنه : (( أتانا عنك ما راعنا ، ثم أتى بعده ما أكذبه فلعمر الله لقد سررنا وإن كان السرور بما سررنا به وشيك الانقطاع ذاهباً عما قليل إلى الخبر الأول فهل أنت – عافاك الله ووفقنا وإياك لصالح الأعمال – إلا كرجل ذاق الموت وعاين ما بعده ، وسأل الرجعة ، فأجيب إليها ، وأعطي ما سأل بعدما عاين ما فاته فتأهب في نقل جهازه إلى دار قراره ، لا يرى أن له من ماله إلا ما قدّم أمامه ، ومن عمله إلا ما كتب له ثوابه ))
3-رسائل اللوم والعتاب : في ما يقع بين الناس خلاف وخاصة الأعزاء والأصدقاء من خلال مكاشفة تدعو إلى الإصلاح من ذلك ما كتبه يزيد بن عبد الملك إلى أخيه وولي عهده هشام بن عبد الملك:(( قد بلغني استثقالك حياتي، واستبطاؤك موتي، ولعمري إنك بعدي لواهي الجناح،أجذم الكف ))
4-رسائل التقريع رسالته: التي تقوم على ذكر المساوئ والفحش بالكلام والسب والشتم من ذلك المكاتبة التي جرت بين سليمان بن عبد الملك وهو ولي للعهد والحجاج حين كتب سليمان للحجاج عدة كتب لم يجب عنها رسالة سليمان : (( لا تسكت عن قبيح ، ولا ترعوي عن إساءة ولا ترجو لله وقارا، حتى دعيت فاحشاً سبابا ))
رد الحجاج على رسالته : (( لعمري إنك لصبي حديث السن ، تعذر بقلة عقلك وحداثة سنك ))
5-رسائل الشفاعة والاستعطاف: في طلب إطلاق سراح من سجن أو مرسال له قد حجزه الوالي أو غير ذلك ومن هذه الرسائل رسالة عروة بن الزبير إلى الوليد ابن عبد الملك يتشفع بها لرجل يدعى كعب العبسي قد أذنب مع الوليد بن عبد الملك
أ-رسالة عروة بن الزبير (( لو لم يكن لكعب من قديم حرمته ما يغفر له عظيم جريرته لوجب ألا تحرمه التفيؤ بظل عفوك الذي تأمله القلوب ، ولا تعلق به الذنوب ، واستشفع بي إليك ، فوثقت له منك بعفوٍ لا يخالطه سخط ، فحقق أمله فيَّ ، وصدّق ثقتي فيك تجد الشكر وافياً بالنعمة ))
ب-رسالة الوليد بن عبد الملك بعد أن قبل الشفاعة : (( قد شكرت رغبته إليك ، وعفوت عنه لمعّوله عليك وله عندي ما يحب ، فلا تقطع كتبك عني في أمثاله وسائر أمورك ))
6-رسائل الشكر والثناء : كرد فعل على كل نعمة يقدمها شخص لآخر أو يد بيضاء له عليه معروف له من ذلك ما كتبه سالم مولى هشام إلى بعض إخوانه معبراً عن عميق شكره له : (( قد أصبحت عظيم الشكر لما سلف إليّ منك عوناً على مؤتنف الرجاء فيك ))
7-رسائل التودد والملاطفة : وذلك لتحبيب المكتوب إليه بكتاب الرسالة لجعل المودة حاصلة في القلوب
-ومن ذلك ما كتب به هشام بن عبد الملك إلى ابن عمر بن سعيد بشأن تعرّض خالد القسري له ، إذ كتب إليه يقول : ( فكاتب أمير المؤمنين فيما لك مبتدئاً ومجيباً ومحادثاً وطالباً ما عسى أن يُنزل بك أهلك من أهل البيت أمير المؤمنين من حوائجهم التي تقعد بهم الحشمة عن تناولها من قبله ، غير محتشم من أمير المؤمنين ولا مستوحش من تكرارها عليه مستمنحاً ومسترمداً و طالباً ومستزيراً تجدْ أمير المؤمنين إليك سريعاً بالبر لما يحاول من صلة قرابتهم وقضاء حقوقهم )
8-رسائل الشكوى والمطارحات : لما يحل بالإنسان من هموم ومشاكل وعوارض سيئة ومن ذلك ما كتبه أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان يشكو إليه تطاول الحجاج عليه ويستنصره ويقول : (( إنّ الحجاج قال لي نكراً ، وأسمعني هُجرا ، ولم أكن لذلك أهلا ، فخذلني على يديه وأعدني عليه ))
9-رسائل في التنبيه والتحذير : من غضب الخليفة أو غيره من الولاة فقد غضب عبد الملك على موسى بن نصير وطلب من الحجاج أن يأخذ على يديه فعلم بذلك موسى بن أبان فكتب من الشام إلى موسى يحذره : (( إنك معزول ، وقد وجه إليك الحجاج بن يوسف ، وقد أمر فيك بأغلظ الأمر فالنجاةَ النجاةَ ..... ولا تمكن ملعون ثقيف من نفسك فيحكم فيك ))
10-رسائل المواساة : فيما يشق على الإنسان من هموم أو أمراض أو غير ذلك ومن هذا النوع من الرسائل ما كتبه الحجاج إلى عبد الملك حتى بنى كلاهما بابين من أبواب المسجد الأقصى فضربت صاعقة باب عبد الملك فأحرقته ولم تصب بباب الحجاج أيّ أذى فتطير عبد الملك (( ليهْنِ أمير المؤمنين أن الله تقَّبل منه ، وما مثلي ومثله إلا كابني آدم إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر )) ملمحاً إلى قصة هابيل وقابيل .
11-رسائل الإخبار عن الأحوال : كالتعبير عن البهجة والسرور أو الحزن والأسى ومن ذلك ما كتبه عبد الحميد الكاتب إلى أحد إخوانه معبراً عن سروره بمولوده الأول : (( وأملت ببقائه بعد حياة ذكرى وحسن خلافتي في حرمتي وإشراكه إياي في دعائه شافعاً لي إلى ربه عند خلواته في صلاته ، فإذا نظرت إلى شخصه تحرك بي وجدي وظهر به سروري ....))
12-رسائل في طلب الحاجات: فقد طلب سليمان بن هشام إلى أبيه يقول: (( إن بغلتي قد عجزت عني، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي بداية لي، فعل ))
13-رسائل التهادي : تعبيراً عن المودة والمحبة بين الأصدقاء والإخوان والأهل فقد كتب الحجاج إلى عامل له بفارس يستهديه عسلاً : (( ابعث لي عسلاً من عسل خلّار من النحل الأبكار من الدستعيثار الذي لم تمسه النار ))
14-رسائل الألغاز : التي تدور موضوعاتها على التورية والتعمية والتعريض بالغرض ومن ذلك ما كتبه عبد الملك إلى الحجاج حين دحر ابن الأشعث وهزمه : (( مالك عندي مثل, إلا قِدْح ابن مقبل ))وهذا القدح قد فاز تسعين مرةً لم يخب فيها واحدة .
15-رسائل في الوصف للطبيعة والحيوان: والرماح، والسلاح والصيد وكل ما تقع عليه عين الواصف كتب الحجاج إلى عبد الملك كتاباً يذكر فيه هيئة الأرض المتربة المغبرة المقشعرّة ومن ذلك رسالة المهلب إلى الحارث ابن عبد الله المخزومي عامل ابن الزبير على البصرة يصف موقعة ( سِلّى و سِلّبْرى ) مع الخوارج (( ... فاقتتلنا ساعة رمياً بالنبل وطعناً بالرماح ، ثم خلص الفريقان إلى السيوف ... ثم إن الله تعالى أنزل نصره على المؤمنين وضرب وجه الكافرين )) .
ج-الخصائص الفنية للرسائل:
اتبع الأمويون في كتابة رسائلهم منهجاً معتمداً في كتابة الرسائل على وجه العموم تمثل في (( البسملة – العنوان – التحية واللام – التحميد – التخلّص – الختام – التذييل – الملاحق (نص بيعة أو شهادة أو شعر ) ))
فالرسالة تبدأ بالبسملة ( بسم الله الرحمن الرحيم )
ثم العنوان ( من فلان إلى فلان )
ثم التحية ( السلام عليكم ورحمة الله )
ثم التحميد ( الحمد لله رب العالمين )
ثم التخلص ( الفصل ) ( أما بعد )
ثم الختام ( آخر الرسالة )
الملاحق ( بيت شعر – شهادة – بيعة )
(( بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين من فلان إلى فلان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد : فإني أطلب كذا أو لا أرغب بكذا ...))
وقد كانت الرسائل في هذا العصر قصيرة إلا أنها اعتمدت بعد في: ( التطويل وتكرار التحميدات والتعمق بها بذكر صفات الله تعالى ) ، وقد تميز أسلوب الرسائل في العصر الأموي بسمات عدة تمثلت في :
1- السجع : كقولهم (من لم يؤمن بالله وقدره فقد كفر, ومن حمل ذنبه ُعلى ربه فقد فجر) (قد كفرت النعمة واستدعيت النقمة)(إن الرفق رشد والخرق نكد)(إن بايعت تشكر وإن تأب َتجبر) (بلغي أنك توجهت إلى العراق وإني أعيذك من الشقاق) (لذتها نافذة ونعمتها بائدة) (رزق عبيد الله بن عمر الشهادة ووهب له السعادة)
2- الازدواج: وهو مجيء فاصلتي قرينتين نثريتين متواليتين أو أكثر في الوزن الصرفي من غير اشتراط مجيء السجع مثل) (إنك دسست إلى الرجال كأنك تحبّ اللقاء )(أنا أحب لك القول السديد والذكر الحجيل ) (إنكم لم تنفقوا نفقة, ولم تقطعوا عقبة, إلا رفع الله لكم بها درجة وكتب لكم بها حسنة ) (ويحكمون بعدله, ويوقدن بعدله) وخيل تدع (الديار خرابا والسوار بياضا) ( الدنيا أيقظت النائم ونبهت الغافل)
3- الطباق: لجلاء المعنى بإبراز ضده ومثاله : (أطع الله ما استطعت فيما أعلنت وأسررت)(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه وصغيره وكبيره) (وتكون أنت للشدة والغلظة وأكون أنا للرأفة والرحمة) (إن رضيتم دفعه إليكم وإن كرهتم أدنتكم بحرب) (حَسُنَ عندك قبحه واحلولى مرّه)(نقدم ويحجم , نحلّ ويرتحلون)
4- الموازنة: وتعني الاتفاق التام بين قرينتين متوليتين أو أكثر (أظهرت حبرة وأضمرت عبرة) (عاش حميداً ومات سعيداً) (ولا تشكر في السراء ولا تصبر في الضراء)
5- المقابلة: باستعمال كلمتين في قرينه بمعنى ما ثم يأتي بقرينة تالية على استعمال كلمتين كل منهما طبعا أو عكس ومثاله:(لو أجبر الله الخلق على الطاعة لأسقط عنهم الثواب ولو أجبرهم على المعاصي لأسقط عنهم العقاب) (يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر) (قتل خيارها واستبقى شرارها)(إن السنَّة قد أميتت وإن البدعة قد أحييت) (سيان عنده منع حق إعطاء باطل )
6- الترادف: وهو وقوع قرينتين كما المعنى وبسطه ومن أمثلته: (حسن عندك قبحه , واحلولى عندك مرّه) وأمير المؤمنين :(أحق من قال عثرتي, وعفا عن ذنبي) وأن الليل والنهار (سريعان في طي الأجل, ونقص العمر) (لا تسلع المتكبرين على المستضعفين فتبوء بأوزارك وأوزارٍ مع أوزارك وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك) (أبت القلوب لها إلا حباً, وأبت النفوس لها إلا عشقاً)
7- التشبيه: القائم على التصوير والتجسيد لإبراز المعنى في وضوح وقوة ليترسخ في الذهن ومن ذلك ما قاله (زياد) (المعاوية) ((وجدتك كالفريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب ويتعلق بأرجل الضفادع طمعاً في الحياة)) و((ولاتكن كالموصول يطير بريش غيره)) (كالمتحير بمهمة ضلّ بهن الدليل) (تطلب ابن عقيل كطلب الخرزة) (أنت لليتيم كالأب الرحيم وللضعيف كالأخ البَرّ)(لاق عصابة خلعتْك من حبالها خلعها نعالها ) (إن أهل العراق أقبلوا إليك مثل السيل المنحدر من علُ, ليس يرده شيء حتى ينتهي إلى قراره) ، والإمام العادل (كالراعي الشفيق على إبله) (وكالأب الحاني على ولده) ، و(كالأم الشفيقة البَرَّة الرفيقة بولدها) ، و (كالقلب بين الجوانح تصلح بصلاحه وتفسد بفساده ) ، والدنيا(كالسم يأكله من لا يعرفه, وفيه حتفه) ، و(كالعروس المجلّوه : فالعيون إليها ناظرة, والقلوب إليها والهة) و(كمثل الحية لين ملمسها تقتل بسمّها) و(إني وإياك كالزجاجة والحجر)
8- التكرار: وهو إعادة لفظ بعينه أو مشتقاته أو جملة بحالها عدة مرات وقد ورد ذلك في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف في سورة الرحمن والقمر ومن أمثلته في الرسائل (العجل...العجل)(نحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق)(يا غوثاه...يا غوثاه)(النجاة...النجاة)(الوح ...الوحي)(الزم الحق ينزلك الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى بين الناس إلا بالحق)
9- الكنابة : ظاهرة أسلوبية تقوم على بناء معنوي خفي يلمح من الجملة ولا يصرح به وهو كتابة عن صفة أو موصوف أو نسبة ومثاله ( وإلا اختطفتك بأضعف ريش ) ( لو فعلت لقلبت لك ظهر المجن ) ( وإلا أشرعت إليك صدر الرمح ) ( تركت من حضر لا أهل ورد ولا صدر )
10- الاستعارة : وهي ظاهرة أسلوبية تصور بالكلام قضية من القضايا بالتحسين المعنى وتجسيده في صورة مادية محسوسة ومن أمثلته : قال عمر بن عبد العزيز : ( إذا قرأت كتابي هذا فحصنها بالعدل ونقِّ طرقها من الظلم ) (إني أيقظت رأيي و أنمت هواي ) ( إن الله قد أطفأ النائرة )
11- التمثيل : وهو أسلوب يدل على معنى غير مصرح به فهي مركبة والتشبيه بسيط ومن أمثلته كتاب يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد في طلب البيعة بعد تردده بها : (( إني أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى ، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت )) . و(( إن حضور المعازف واستماع الأغاني و اللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشبَ الماءُ )) و (( قوة طباع السوء كامنة في بني أدم كمون النار في الحجر الصلد ))
12- صحة التقسيم : وذلك بتغطية جميع أقسام الموضوع أو الفكرة المطروحة مثال : في مال أهل حرب إنهم صاروا : (( بين قتيل وأسير وطريد وشريد )) و (( نحن القوم على حاله ، وهم يرقون منا حالات : إن طعموا حاربوا ، وإن ملّوا وقفوا ، وإن يئسوا انصرفوا وعلينا أن نقاتلهم إذا قاتلوا ونتحرّز إذا وقفوا ونطلب إذا هربوا ))
13- التناظر ( المساواة ) : بحيث يتقابل بها عنصران يشترك كل منهما في حكم واحد في إحدى حالتي السلب أو الإيجاب ومن أمثلته : (( ساء ني والله ما ساء ك )) (( متى تكدني أكدك )) (( له ماله وعليه ما عليهم ))
14- الجناس: ظاهرة موسيقية إيقاعية ذات وظيفة على: مثالها: (( لا توافق وفقا ولا ترافق رفقا )) (( من من صائح بها وناصر وهاتف بها وناعق ))
د-أسس أساليب الرسائل:
أولاً-تقوم الأساليب للرسائل في العصر الأموي على :
1- الإيجاز والإطناب طولاً وقصراً في الرسائل
2- الوضوح في المعاني ووضوح في معاني الكلمات
3- العفوية والتروي من غير تكلف ولا تعّمل ولا بحث مقصود
4- الفصاحة في الكلمات والكلام
5- التماسك وقوة التأليف
التكثيف بحشد جملة من الظواهر الأسلوبية في قرينة واحدة أو قرينتين متواليتين كالجناس والطباق معاً
6- ضعف التصوير بسبب تراجع الملكات الفطرية وضعف السلائق خلال: انتشار اللحن بين الناس
ثانياً-أما المعاني فقد كانت مستمدة من مصادرها الخارجية من خلال :
1- الاقتباس
2- التضمين
3- حل النصوص الأخرى
4- التلميح لقصة معينة أو حادثة مشهورة فقد أخذ كتاب رسائلهم من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ومن حل نصوص الآخرين والتلميح إلى قصص أخرى ومن الأمثال والحكم المعروفة الرسائل. والأقوال المأثورة ومن أجزاء الرسائل .وكذلك السجع مستمدة من مصادرها الذاتية من خلال ( قوة النفس أو الشخصية وسعة الثقافة وغزارة التجارب وكثرة الاطلاع
ه-المذاهب الفنية في رسائل: اعتمد كتاب الرسائل في العصر الأموي مذاهب ومدارس وتيارات عدة منها
1-مذاهب السجع :فهو الحلية الأولى الفنية بحيث تحولت إلى مذهب فني شمل معظم رسائل العصر الأموي
2-مذهب الإرسال: والتلميح: إهمال السجع إهمالاً تاماً من الرسائل
3-مذهب الإشارة والتلميح : إلى بعض الشخصيات أو الأحداث أو الأشعار أو القصص أو الأخبار والأقوال المأثورة والوصايا من غير تصريح ملامساً حدود الإلغاز والغموض والإيجاز والتعمية .
4-مذهبا الإغراب والتقعير حيث عزف فيه أصحاب الرسائل على وتر الألفاظ الغريبة والحوشية أو الوحشية من خلال تكلف التعبير عن المعاني القريبة بطرق متوعرة ومتلوية وبعيدة لإظهار القدرات اللغوية أحياناً .
1- مذهب الرمز: والتعمق المعنوي من خلال معالجة المعاني بشيء غير قليل من التجريد والارتقاء إلى عالم معنوي خالص لا أثر فيه لتجسيد الماري
2- مذهب الرمز : من خلال استعمال إشارة أو لفظة أو صورة معينة للتعبير عن معنى معين أو حالة أو حدث ما بدلاً من التعبير المباشر .
و-قضايا كتاب الرسائل : لم يكن من الميسور أن يكون أي واحد من الناس كاتباً للرسائل التي تتطلب مستوى مقبولاً من الفن وروعة الحسابية . ذلك أن المعاني والرد على الرسائل الأخرى خاصة مهمة صعبة ؛ومن هنا فإن كتّاب الرسائل أصبحوا ذوي صناعة ومهنة خاصة بهم وقد اشترط في كتاب الرسائل في العصر الأموي :
1- الثقافة التخصصية والعامة لكاتب الرسائل وذلك بالتعمق بالمعارف والعلوم الإسلامية ومعارف وآداب اللغة العربية والمعارف التاريخية والمعارف الحسابية .
2- اختيار الكتّاب وتخريجهم : من خلال مزايا خاصة تؤكد على الكفاءة وإتقان الخط من خلال ملازمة الدواوين والتدرب على أعمالها .
3- الصفات الأخلاقية والسلوكية كالفضل والأمانة والعقل والوداعة والكتمان والإسلام والحلم والفهم والإقدام والإحجام والعفاف والإنصاف والوفاء والعطف والمواساة .
ز-الرسائل الأدبية :
ا-مقدمة : ظهرت الرسالة الأدبية في أواسط العصر الاموي وتمثلت في رسائل عبد الحميد بن يحيى الكاتب ( رسالته إلى الكتاب – رسالة في الصيد – رسالة في الإخاء – رسالة في الشطرنج – رسالته إلى ولي العهد ) ؛ و في رسائل ابن المقفع الأدبية و السياسية و الاخلاقية و قد جاءت هذه الرسائل لتعبر عن طاقات الأدباء الفكرية و العاطفية فاحتلت مكانة بارزة في أدبنا و ذلك لقدرتها على استيعاب المعلومات الوافرة و الموضوعات الجديدة و منهجها يعتمد على ( البسملة - التحميد -و الصلاة على النبي -ثم ذكر الموضوع ضمن أسلوب مشرق ممتع حسن التقسيم و التقريع ) وظهر في العصر الأموي نوع جديد من الرسائل صبغ بالصبغة الأدبية وتسمى بها وذلك بعد ميل كتاب الرسائل إلى تطويل الرسائل كي يساعد في استيعاب قدر واسع من المعلومات في موضوع من المواضيع وأصبحت الرسالة الأدبية تتحدث عن موضوعات شتى كوصف الصيد والوصايا وأول من كتب رسائل في الوصف ( أبو غالب عبد الحميد بن يحيى ابن سعيد الأصفر ) وقد تناول الأدباء في هذه الرسائل موضوعات متعددة .وتتميز الرسائل الأدبية في العصر الأموي بشكلين :
-شكل مستقل: تمثل شكل الرسالة الترسلية المعروفة من خلال : ( البسملة – التحميد لله تعالى – الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم – الموضوع – سبب الوضع – الخاتمة – التذييل )
وشكل مستقل : يراعي الخصائص الأساسية السابقة في الشكل المستقل مضيفاً لذلك ( الطول – العمق – التشعيب )
فجمعوا رسائل في اللغة والمذاهب والفرق والجدل والاحتجاج والتفسير بحيث أخذت طابعاً موسوعياً ؛ فاستعمل الأدباء واللغويون والمؤرخون والنقاد والفقهاء والبلاغيون الرسالة لتوصيل أفكارهم .
ب-رسالة عبد الحميد الكاتب للكتاب .
إليكم معشر الكتاب :
أما بعد – حفظكم الله يا أهل صناعة الكتابة وحاطكم ووفقكم وأرشدكم ، فإن الله عز وجل جعل الناس بعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , ومن بعد الملوك المكرمين أصنافا وإن كانوا في الحقيقة سواء , وصرفهم في صنوف الصناعات وضروب المحاولات إلى أسباب معاشهم وأبواب أرزاقهم .
فجعلكم معشر الكتاب في أشرف جهات أهل الأدب والمروءة والرواية . بكم تنتظم للخلافة محاسنها , وتستقيم أمورها , وبنصائحكم يصلح الله للخلق سلطانهم , ويعمر بلدانهم , لا يستغني الملك عنكم , ولا يوجد كاف إلا منكم فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون وأبصارهم التي بها يبصرون , وألسنتهم التي بها ينطقون , وأيديهم التي بها يبطشون , فأمتعكم الله بما خصكم من فضل صناعتكم ولا نزع عنكم ما أضفاه من النعمة عليكم , وليس أحد من أهل الصناعات كلها أحوج إلى اجتماع خِلال الخير المحمودة وخصال الفضل المذكورة المعدودة منكم .
أيها الكتاب : إذا كنتم على ما يأتي في هذا الكتاب من صفتكم , فإن الكاتب يحتاج من نفسه ويحتاج منه صاحبه الذي يثق به في مهمات أموره أن يكون حليما في موضع الحلم فهيما في موضع الحكم , مقداما ً في موضع الإقدام , محجاما في موضع الإحجام , مؤثرا ً للعفاف والعدل والإنصاف كتوما ً للأسرار وفيا عند الشدائد عالما بما يأتي من النوازل , يضع الأمور مواضعها والطوارق أماكنها , قد نظر في كل فن من فنون العلم فأَحكمه ، فإن لم يحكمه أخذ منه بمقدار ما يكتفي به , يعرف بغريزة عقله وحسن أدبه وفضل تجربته ما يرد عليه قبل وروده , وعاقبة ما يصدر عنه قبل صدروه , فيعدّ لكلّ أمر عدته وعتاده ويهيئ لكل وجه هيئته وعادته , فتنافسوا يا معشر الكتاب صنوف الآداب وتفقهوا في الدين وابدؤوا بعلم كتاب الله عز وجل والفرائض ثم العربية , فإنها ثقاف ألسنتكم , ثم أجيدوا الخط فانه حلية كتبكم , وارووا الأشعار واعرفوا غريبها ومعانيها وأيام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها , فإن ذلك معين لما تسمو إليه هممكم , ولا تضيعوا النظر في الحساب فإنه قوام كتاب الخراج , وارغبوا بأنفسكم عن المطامع سنيها ودنيها وسفساف الأمور ومحاقرها فإنها مذلة للرقاب مفسدة للكتاب ونزهوا صناعتكم عن الدناءة واربؤوا بأنفسكم عن السعاية والنميمة وما فيه أهل الجهالات . وإياكم والكبر والصلف والعظمة فإنها عداوة مجتلبة من غير أحنة وتحابوا في الله عز وجل في صناعتكم وتواصوا عليها بالذي هو أليق بأهل الفضل والعدل والنبل من سلفكم وإن نبا الزمان برجل منكم ، فاعطفوا عليه وواسوه حتى يرجع إليه حاله ويثوب إليه أمره , وإن أقعد أحدا ً منكم الكبر عن مكسبه ولقاء إخوانه فزوروه وعظموه وشاوروه واستظهروا بفضل تجربته وقديم معرفته , وليكن الرجل منكم على من اصطنعه واستظهر به ليوم حاجته إليه أحفظ منه على ولده وأخيه . فإن عرضت في الشغل محمدة فلا يعرفها إلا إلى صاحبه , وإن عرضت مذمة فيحملها هو من دونه , وليحذر السقطة والزلة والملل عند تغير الحال فإن الغيب إليكم معشر الكتاب أسرع منه إلى الفراء وهو لكم أفسد منه لها , فقد علمتم أن الرجل منكم إذا صحبه الرجل يبذل له من نفسه ما يجب له عليه من حقه فواجب عليه أن يعتقد له من وفائه وشكره واحتماله وخيره ونصيحته وكتمان سره وتدبير أمره ما هو جزاء حقه , ويصدق ذلك فعله له عند الحاجة إليه والاضطرار إلى ما لديه , فاستشعروا ذلك وفقكم الله من أنفسكم في حالتي الرخاء والشدة والحرمان والمواساة والإحسان والسراء والضراء , فنعمت الشيمة هذه لمن وسم بها من أهل هذه الصناعة الشريفة , وإذا ولي الرجل منكم أو صيّر إليه من أمر خلق الله أمر، فليرقب الله عز وجل وليؤثر طاعته وليكن على الضعيف رفيقا ً , وللمظلوم منصفا ً فإن الخلق عيال الله , وأحبهم إليه أرفقهم بعياله , ثم ليكن بالعدل حاكما وللأشراف مكرما وللفيء موفرا ً وللبلاد عامرا ً , وللرعية متآلفا ً , وعن أذاهم متخلفا ً وليكن في مجلسه متواضعا حليما وفي سجلات خراجه واستقصاء حقوقه دقيقا ً وإذا صحب أحدكم رجلا فليختبر خلائقه , فإذا عرف حسنها وقبيحها أعانه على ما يوافقه من الحسن , واحتال على صرفه عما يهواه من القبيح بألطف حيلة وأجمل وسيلة , وقد علمتم أن سائس البهيمة إذا كان بصيرا ً بسياستها التمس معرفة أخلاقها , فإن كانت رموحا ً لم يهجها إذا ركبها وأن كانت شبوبا ً اتقاها من بين يديها وإن خاف منها شرودا ً توقاها من ناحية رأسها وإن كانت حرونا قمع هواها برفق في طريقها , فإن استمرت عطفها يسيرا فيساس له قيادها , وفي هذا الوصف من السياسة دلائل لمن ساس الناس وعاملهم وجربهم وداخلهم . والكاتب بفضل أدبه وشريف صنعته ولطيف حيلته ومعاملته لمن يحاول من الناس ويناظره ويفهم عنه أو يخاف سطوته أولى بالرفق بصاحبه , ومداراته وتقويم أوده من سائس البهيمة التي لا تفقه جوابا ولا تعرف صوابا ولا تفهم خطابا ً إلا بقدر ما يصيرها إليه صاحبها الراكب عليها . ألا فأمعنوا رحمكم الله في النظر , واعملوا فيه ما أمكنكم من الروية والفكر تأمنوا بإذن الله ممن صحبتموه النبوة والاستثقال والجفوة ويصير منكم إلى الموافقة وتصيروا منه إلى المؤاخاة والشفقة إن شاء الله – ولا تجاوزن الرجل منكم في هيئة مجلسه وملبسه ومركبه ومطعمه ومشربه وخدمه وغير ذلك من فنون أمره قدر حقه , فإنكم مع ما فألكم به الله من شرف صنعتكم خدمة لا تحملون في خدمتكم على التقصير وحفظة لا تحتمل منكم أفعال التضييع والتبذير – واستعينوا على أفعالكم بالقصد في كل ما ذكرته لكم وقصصته عليكم واحذروا متآلف السرف وسوء عاقبة الترف فإنهما يعقبان الفقر ويذلان الرقاب ويفضحان أهلهما ولا سيما الكتاب وأرباب الآداب , وللأمور أشباه وبعضها دليل على بعض فاستدلوا على مؤتلف أعمالكم بما سبقت إليه تجربتكم ثم اسلكوا من مسالك التدبير أوضحها محجة وأصدقها حجة وأحمدها واعلموا أن للتدابير آفة متلفة وهو الوصف الشاغل لصاحبه عن إنفاذ علمه ورويته , فليقصد الرجل في مجلسه قصد الكافي من منطقه , وليوجز في ابتدائه وجوابه وليأخذ بمجامع حججه فإن ذلك مصلحة لفعله ومدفعة للشاغل من إكثاره . وليضرع إلى الله في صلة توقيفه وإمداده بتسديده مخافة وقوعه في الغلط المضر ببدنه وعقله وأدبه ، فإنه إن ظن منكم ظان أو قال قائل : إن الذي برز من جميل صنعته وقوة حركته إنما هو بفضل حيلته وحسن تدبيره ، فقد تعرض بظنه أو مقالته إلى أن يكله الله عز وجل إلى نفسه فيصير منها إلى غير كاف وذلك على من تأمله غير خاف ٍ . ولا يقل أحد منكم أنه أبصر بالأمور , وأحمل لعبء التدبير من مرافقه في صناعته ومصاحبه في خدمته , فإن أعقل الرجلين ذوي الألباب من رمى بالعجب وراء ظهره , ورأى أن صاحبه أعقل منه وأجمل في طريقته . وعلى كل واحد من الفريقين أن يعرف فضل نعم الله عليه جل ثناؤه من غير اغترار برأيه ولا تزكية لنفسه ولا تكاثر على أخيه أو نظيره أو صاحبه وعشيره وحمد الله واجب على الجميع , وذلك بالتواضع لعظمته , والتذلل لعزته , والتحدث بنعمته .
, تولانا الله وإياكم معشر الكتبة بما يتولى به من سبق علمه بإسعاده وإرشاده , فإن ذلك إليه وبيده , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عبد الحميد الكاتب
المتوفى سنة 132 هـ .
ح-الموضوعات الشخصية الخاصة:
لم تكن الرسائل الشخصية في العصر الأموي قليلة لأن هذا العصر كان يعج بالحركة والاضطراب فكانت مزدهرة فيه كل الازدهار ومنتشرة على نطاق واسع وقد اهتم القدماء بهذه الرسائل وبينوا لنا أبرز موضوعاتها التي تدور حولها فذكر القلقشندي (م821 ه ) منها على سبيل المثال : ( التهاني والتعازي والتهادي والشفاعات والتشوق والاسترضاء والاعتذار والشكوى واستماحة الحوائج والشكر والعتاب والذم والإخبار والمداعبات ....) وهذه الموضوعات كما نرى موضوعات اجتماعية عاطفية تتصل بحياة الأفراد وعلاقاتهم الخاصة فيما بينهم وكان من الطبيعي نفسيا أن تتسرب هذه الهموم الشخصية الى كتب أهل العصر بها على نطاق واسع غير أن ما وصل إلينا من أثارها كان قليلا جدا . وقد وصلت الرسائل في هذا العصر إلى ستمئة لارتباطها بالشخصيات التاريخية البارزة أو بالأحداث المهمة أو بالأخبار الطريفة آنذاك وهذه الرسائل الشخصية لا ترتبط بفئة معينة من فئات المجتمع حكاما أو رعية وإنما تنتمي إلى أفراد من مختلف المستويات والمواقع الاجتماعية في ذلك العصر بدءا من الخلفاء في القمة وانتهاء بأفراد الرعية العاديين في قاعدة ذلك المجتمع وتتميز هذه الكتب بأنها :
1-موجهة من فرد إلى فرد أخر بعينه
2-يدور مضمونها حول قضايا شخصية خاصة قائمة بينهما
3-لا تتصل بموضوعات الرسائل الديوانية العامة
4-تتناول موضوعات تهم الصلات الاجتماعية والنفسية بين أبناء المجتمع الواحد سواء كانت هذه الموضوعات
أ-ذات طابع ودي بين الأصدقاء والأقارب والمعارف
ب-مشوبة بالخشونة وإغلاظ القول والفظاظة في الخطاب بين المتبوعين وأتباعهم أو بين الخصوم
5--موضوعات هذه الرسائل كثيرة متنوعة .


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)