الحياة السياسية في العصر الأندلسي
الدولة الأموية في الأندلس
-1-
الفتح العربي للأندلس
إسبانيا في العصور القديمة
أ-رؤيا جغرافية :
تشكل شبه جزيرة إيبريا الزاوية الجنوبية الغربية من أوربا ويفصلها عن الشمال الإفريقي مضيق جبل طارق . وهي تضم دولتين هما إسبانيا والبرتغال . سكنت شبه الجزيرة هذه قديما القبائل الإيبيرية والكلتية . وقد أنشأ الفينيقيون فيها مستعمرات ومحطات تجارية من أشهرها قرطاجة ( قرطاجة الجديدة ) وفي أواخر القرن الثالث قبل الميلاد فرض الرومان سيطرتهم عليها بعد انتصارهم على هانيبال . ثم هاجمتها قبائل الفاندال في القرن الخامس الميلادي واستقرت في القسم الجنوبي منها وأطلقوا عليه اسم ( فاند لوسيا ) أي بلاد الفاندال , وأسماها العرب فيما بعد الأندلس . وفي القرن السادس الميلادي تعرضت فاندلوسيا لغزو القوط الغربيين الذين انحدروا من جنوب غالية ( فرنسا ) ودفعوا بالفاندال إلى شمال إفريقيا وسيطروا على البلاد
ب-إسبانيا قبيل الفتح العربي :
قسم القوط البلاد إلى إقطاعات كبيرة جعلوها تحت سلطة أمرائهم الذين استغلوا جهود الفلاحين وصادوا أملاكهم , وفرضوا على السكان ضرائب باهظة , مما أثار النقمة عليهم والرغبة في الخلاص منهم , وبخاصة بعد أن طرد ملك البلاد وأصبح لذريق أمير قرطبة بدلا عنه . أخذ لذريق يضطهد أنصار الملك الأول مما اضطرهم للهروب إلى سبتة الواقعة على الشاطئ الشمالي لبلاد المغرب في مواجهة الشاطئ الإسباني حيث يحكم يوليان الإسباني الذي كان من أنصار الملك المطرود .
ج-مقدمات الفتح :
كانت ولاية إفريقيا تابعة لوالي مصر وعندما تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة عين عليها موسى بن نصير واليا , وجعل مركزه مدينة القيروان استطاع موسى توطيد أمور ولايته وعين طارق بن زياد حاكما على طنجة بعد تحريرها . وأخذ يتوق للوصول إلى البر الإسباني لتأديب سكانه الذين كانوا يغيرون على السواحل العربية في إفريقيا . وقد لقي موسى كل تشجيع على غزو إسبانيا من يوليان حاكم سبتة الذي وعده بتقديم السفن المطلوبة لنقل الجنود هادفا من ذلك إسقاط حكم لذريق استشار موسى الخليفة في دمشق في أمر الغزو , فوافق مشترطا إرسال حملة استطلاعية لمعرفة صدق يوليان حاكم سبتة , وفعلا نزلت حملة بقيادة طريف بن مالك في جزيرة مقابل البر الإسباني ولم تجد أية صعوبة وعادت محملة بالغنائم , وقد شجع ذلك موسى في المضي على خطته
د-الفتح العربي للأندلس :
عهد موسى إلى طارق بن زياد حاكم طنجة بمهمة الفتح ورافق يوليان الحملة ونقل جنود طارق على سفنه عبر المضيق الذي عرف فيما بعد باسمه ومعه سبعة آلاف مقاتل , ثم أنجده موسى بخمسة آلاف . وقد لقي كل ترحيب وتشجيع من السكان الذين كانوا مستائين من حكامهم مما شجعه على متابعة الفتح . وعندما علم لذريق ملك الإسبان بنزول العرب تخلى عن عملياته ضد خصومه في الشمال واتجه لمحاربة العرب , والتقى بجيش طارق في وادي لكة الجزيرة الخضراء وحدثت المعركة سنة 92 هـ 711 م , ولم يكد يبدأ القتال حتى هربت فئة من جيش لذريق وتراجع الباقي فلاحقهم العرب ملحقين بهم خسارة كبيرة , ومات لذريق منتحرا وقد تابع طارق الفتح واحتل قرطبة وطليطلة .
ه-وصول موسى بن نصير وابنه إلى الأندلس :
سارع موسى بن نصير إلى الأندلس للإسهام بشرف الفتح مع طارق واحتل بعض المدن , ومنها إشبيلية , والتقى بطارق . وفي تلك الأثناء قدم عبد العزيز بن موسى بناء على أوامر والده وتوغل في أراضي البرتغال , وتابع القادة الثلاثة الفتح ووصلوا إلى جبال البرانس التي تفصل فرنسا عن إسبانيا . وأصبحت إسبانيا بيد العرب عدا بعض المناطق الشمالية التي تأسست فيها إمارات إسبانية مستقلة . وفي أواخر 95 هـ 714 م توجه موسى وطارق إلى المشرق بناء على أوامر الخليفة الأموي وعهد إلى عبد العزيز بولاية الأندلس .
و-دور الحكم العربي في الأندلس :
قسم المؤرخون الحكم العربي في الأندلس إلى أربعة عصور هي :
1 – عصر الولادة 97 – 138 هـ 716 – 756 م
2- عصر الإمارة 138 – 316 هـ 756 – 928 م
3 – عصر الخلافة 316 – 422 هـ 928 – 1031 م
4 – عصر ملوك الطوائف 422 – 897 هـ 1031 – 1492 م
1-عصر الولادة 97 – 138 هـ :
امتدت هذه الفترة نحو أربعين عاما انتهت بوصول الأمير الأموي عبد الرحمن بن معاوية إلى الإمارة . ساد الأندلس خلالها الاضطراب وعدم الاستقرار وتولى حكم الأندلس عدد من الولاة كانوا تابعين لوالي إفريقيا ومن أبرزهم السمح بن مالك الخولاني الذي استشهد في إحدى حملاته ضد الفرنجة قرب تولوز في فرنسا , وعبد الرحمن الغافقي الذي وصل إلى بوردو والتقى بجيش شارل مارتل في معركة بلاط الشهداء قرب بواتييه 114هـ 730 م واستشهد فيها . وكان آخر الولاة يوسف الفهري الذي استمر في حكم الأندلس حتى استخلصها منه عبد الرحمن الداخل .
2-عصر الإمارة الأموية في الأندلس
138 – 316 هـ 756 – 928 م
أ-عبد الرحمن الداخل :
بعد انتصار العباسيين على الأمويين في معركة الزاب 132 هـ , وأخذوا يتعقبون أفراد البيت الأموي وقد استطاع أحدهم وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام أن يفلت من أيديهم ويسرع بالفرار إلى شمال إفريقيا لبعدها عن مركز الخلافة العباسية وكان يرافقه أحد أتباعه ويدعى ( بدر ) , واستقر بهما المطاف في سبتة
وهناك أخذ عبد الرحمن يدرس أوضاع الأندلس , ويتصل بمختلف الزعماء والقادة العسكريين فيه , ثم أرسل بدرا إلى داخل البلاد ليدعو له بين أنصار بني أمية وحلفائهم الذين ما لبثوا أن طلبوا إليه المجيء إلى الأندلس وتعهدوا بمساعدته .
ب-تأسيس الإمارة :
سارع عبد الرحمن إلى دخول الأندلس عام 138 هـ , فاستقبله أتباعه استقبالا حافلا واجتمع حوله أنصار الأمويين من كل جهات الأندلس . وقد استولى بمساعدتهم على المناطق الجنوبية من البلاد ثم اشتبك مع والي الأندلس يوسف الفهري وحلفائه الذين احتجوا على وصوله إلى الأندلس , وجرت المعركة الفاصلة بينهما , في المصارة قرب نهر الوادي الكبير , والتي انتهت بانتصار عبد الرحمن الذي أخذ يتابع زحفه إلى قرطبة , فدخلها ظافرا بعد أن قضى على أعدائه . ولقب بالداخل لدخوله الأندلس ونجاحه في الوصول إلى الإمارة . كما لقبه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بصقر قريش اعترافا بشجاعته وإعجابا بقدرته على تأسيس دولة للأمويين في الأندلس
ج-أعمال عبد الرحمن :
أعلن عبد الرحمن انفصاله عن الدولة العباسية : وقطع الخطبة للخليفة العباسي ، وأخذ يعمل على توطيد حكمة ، وإخماد الفتن وملاحقة الثائرين وكان من أبرز أعماله العسكرية في هذه المرحلة :
-القضاء على محاولة عسكرية لبسط النفوذ العباسي على البلاد وقتل قائدها مع عدد كبير من جنوده .
-القضاء على ثورة والي سرقسطة الذي شعر بخطر عبد الرحمن على ولايته واستنجد بشارلمان ملك الفرنجة الذي أرسل حملة عبر البرانس باءت بالإخفاق ذلك لأن سكان سرقسطة أغلقوا أبواب مدينتهم في وجهها ، فاضطر للانسحاب مما أعطى العرب فرصة ثمينة لمهاجمتها وضم سرقسطة إلى الإمارة .
-اتخذ عبد الرحمن قرطبة مركزا لإمارته ، واهتم بالحركة العمرانية ، وتنظيم أمور الدولة وإدارتها . وقد كسب محبة رعاياه وتقديرهم لتحقيقه العدالة وإنصافه المظلومين
د-الإمارة بعد عبد الرحمن :
يمكن أن نقسم تاريخ الإمارة الأموية في الأندلس إلى ثلاث فترات وهي :
1-فترة توطيد الإمارة 172 – 206 هـ : وفيها تم توطيد الإمارة ، وبدأت معالم الثقافة الأندلسية بالظهور وأبرز أمراء هذه الفترة هشام الأول الذي عرف بثقافته وعلمه وتقواه ، فقد قرب إليه العلماء و الفقهاء ، وأقاموا العدل بين أفراد رعيته وقاد الجيوش للجهاد ضد الفرنجة .
2-فترة الاستقرار والازدهار 206 – 273 هـ : امتدت هذه الفترة حتى أواسط القرن الثالث الهجري وتمثلت بأمارة عبد الرحمن بن الحكم بن هاشم الملقب بالأوسط أو الثاني . والذي عمل على إصلاح البلاد ، وتحميل مركز إمارته قرطبة فبنى فيها القصور والمساجد والحدائق وقد استطاع التخلص من المشكلات الداخلية ، واكتسب شهرة كبيرة حتى أصبح له أتباع بين أمراء شمال إفريقيا . كما تمت . اتصالات مع بيزنطة التي تريد الاستعانة بالأندلس ضد العباسيين فجاء إلى قرطبة وفد من بيزنطة محملا بالهدايا عارضا على أمير عقد معاهدة صداقة بينهما
3-الحروب الأهلية : وقد استمرت حتى آخر القرن الثالث الهجري . وأبرز أمراء هذه الفترة محمد بن عبد الرحمن . تميزت بانتشار الفوضى والاضطراب والقتال بسبب حركات المولدين والمستعربين ، والتي جرت أشهرها في مدينة طليطلة .




-3-
العصر الذهبي للدولة الأموية في الأندلس
أ - عصر الخلافة:
316 – 422 هـ 928 – 1031 م
عبد الرحمن الثالث وتوطيد الإمارة:
ظفر عبد الرحمن بن محمد ( الثالث ) بأمارة الأندلس سنة 300هـ والبلاد غارقة في الفوضى والحروب الأهلية . وقد تعلقت آمال الناس بهذا الشاب الذي سعى لإعادة الاستقرار إلى البلاد .
وجد الأمير البلاد تعج بالثائرين ، فركز السلطة في يده ، وأرسل إلى الولاة يطلب الطاعة وأخذ البيعة ، وأعد الحملات للقضاء على المتمردين ، فضم إليه جميع المدن وقضى على جميع العصاة وخصوصا ثورة عمر بن حفصون ، واستطاع أن يجمع شمل عرب الأندلس تحت لوائه .
ب-أعمال عبد الرحمن الخارجية :
وما كاد الأمير يوطد سلطته في الداخل حتى وجه أنظاره إلى أعدائه في الخارج ، فأعد أسطولا قويا لتأديب النورمانديين القادمين من شمال غربي فرنسا والذين تكررت غاراتهم على البلاد ، واستطاع الاستيلاء على سبتة ومليلة ثم اتجه لتأديب الممالك الإسبانية في الشمال . وقد أذعن له أعداؤه بالطاعة وهادنوه وبعثوا إليه الهدايا طالبين الصلح . ولم يبق سوى خطر الفاطميين المقيمين في بلاد المغرب فبنى أسطولا قويا لينازعهم السيادة على غربي المتوسط .
ج-إعلان الخلافة :
وفي سنة 316 هـ تلقب عبد الرحمن بألقاب الخلافة وأصبح يدعى الخليفة الناصر لدين الله وأمر أن يخاطب باسم أمير المؤمنين وبذلك صار في العالم الإسلامي ثلاث خلفاء : عباسي في بغداد ، وفاطمي في المغرب ، وأموي في الأندلس
د-أعمال الخليفة الناصر : لم تحل مهام السياسة والحرب دون قيام الناصر بأعمال العمران العظيمة ، فقد ساهم في زيادة إعمار قرطبة ، والتي شهدت في زمنه ازدهارا لم تشهده من قبل ، فقد تسابق ملوك أوربا وحكامها لكسب وده وصداقته ، وفي مقدمتهم وفود فرنسا والإمبراطورية البيزنطية والممالك التي كانت بالأمس تناصبه العداء وتغير على أراضيه
ه-الحكم الثاني :
1-توفي الخليفة الناصر بعد حكم دام خمسين عاما ، فخلفه ابنه الحكم الثاني ( المستنصر بالله ) الذي وجد البلاد مستقرة ، وحدودها أمنة . ولم يكن حدثا في مزاولة الحكم بل مارسه في حياة أبيه ..........................................
2-صفاته : عرف الحكم بصفات كثير أبرزها حبه للعلم والعلماء ، فازدهرت العلوم في عهده ، وزهت الأندلس بمجالس العلم والمكتبات و كان هو نفسه عالما كبيرا جلب الكتب من البلاد الإسلامية كافة وبذل فيها الأموال الكثيرة ، وأسس مكتبة ضخمة .
3-أعماله : قاد الحكم جيشا لتأديب الحكام الأسبان الذين أغاروا على الأندلس وأمن حدود بلاده ، وأجبر أعداءه على هدم حصونهم القريبة من حدود المسلمين ولما توفي الحكم كان ابنه الوحيد هشام ( المؤيد بالله ) صغير السن ، غير قادر على النهوض بأمور البلاد ، ورعاية شؤون الدولة ، فتولى الحكم نيابة عنه الحاجب محمد ابن أبي عامر الملقب بالمنصور والذي استأثر بالحكم ، وخطب له على المنابر وضرب اسمه على النقود إلى جانب اسم الخليفة
و-الحاجب المنصور :
كان منصب الحاجب في الأندلس بمثابة رئيس الوزراء في عصرنا هذا ، وقد وصل محمد بن أبي عامر إلى الحجابة بما عرف عنه من ذكاء وطموح . استمر في حكمه نحو سبعة وعشرين عاما استطاع خلالها نشر الأمن وتحقيق الرفاه للبلاد .
-أعماله :
1-غزواته المستمرة على الممالك الأسبانية والتي قدرت بخمسين غزوة أحرز فيها انتصارات رائعة ، واحتل العديد من المدن ووصل إلى أقصى معاقل أعدائه في الزاوية الجنوبية الغربية من أسبانيا
2-اهتمامه بالعمران والذي تجلى في بنائه لمدينة الزاهرة على نهر الوادي الكبير قرب قرطبة ، واتخذها عاصمة له . كما زاد في جامع قرطبة .
3-توفي المنصور في أحدى غزواته ضد الممالك الأسبانية ، فخلفه ابنه عبد الملك الملقب بالمظفر . وكان قد ورث كثيرا من صفات أبيه وعرف بعدله ونصرته للمظلومين وجهاده في سبيل الدين ، وواصل سياسة أبيه في الغزو و الإغارة على الممالك الاسبانية . ولم يدم حكمه أكثر من ست سنوات غرقت الأندلس بعدها في الفوضى والاضطراب والنزاعات حول العرش .
4-أخذ الطامعون في الحكم يستعينون بخصومهم الأسبان للتخلص من منافسيهم وأخذت المدن تعلن استقلالها وانفصالها عن قرطبة وبذلك بدأت مرحلة ملوك الطوائف .



-4-
العصر الذهبي للدولة الأموية في الأندلس
- قرطبة حاضرة الخلافة-
أ-ازدهار قرطبة : شهدت قرطبة في عصر الخلافة ازدهار عظيما ، واكتسبت شهرة عالمية كبيرة ، فقد بلغ عدد سكانها حوالي نصف مليون نسمة ، وذاع اسمها في العصور الوسطى وأصبح مقرونا بالقسطنطينية ، كما نافست مدن بغداد والقاهرة وغيرها . وقد بلغت حاضرة الخلافة تطورا عمرانيا لا مثيل له في دول الغرب المعاصرة ، حتى إن شوارعها كانت تضاء ليلا بالأسرجة في وقت كانت فيه جميع مدن أوربا تعيش ليلها ظلاماً دامساً .كما ازداد عدد البيوت فيها ، وحوت عدداً كبيراً من الحمامات والمساجد ، و اشتهرت بقصورها التي كان أبرزها قصر الإمارة الذي أصبح فيما بعد قصرا للخلافة .
ب-الرخاء والثروة :
نتج عن الاستقرار السياسي في عصر الخلافة نمو الثروة ، وارتفاع مستوى الحياة لدى السكان . ومال الناس إلى حياة الترف والرخاء، وانتشرت مجالس الطرب والغناء وسارع الفنانون والعلماء إلى قرطبة لإظهار مواهبهم وإمكاناتهم من مختلف أنحاء الدولة العربية .
ج-التقدم العلمي في قرطبة :
أصبحت قرطبة مركزا حضاريا هاما يقصده الطلاب والمثقفون . من أوربا وأخذت تشع تأثيراتها داخل الأندلس وخارجها . ولبيان ذلك يكفي أن نشير إلى أن تقدم أهل الأندلس في العلوم المختلفة تجاوز كل تقدير. وكانت قرطبة أكثر بلاد الأندلس كتبا . وأهلها أشد الناس ولعا واعتناء بجمع الكتب وغدت عادة جمع الكتب في عصر الخلافة ظاهرة عامة عند جميع السكان حتى قيل إذا مات عالم في اشبيلية و أريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة . وإذا مات موسيقى في قرطبة وأريد بيع آلاته الموسيقية حملت إلى إشبيلية .
ومن أشهر المكتبات العامة :
1-مكتبة الخليفة الحكم المستنصر
2- ومكتبة المنصور .
ويعود الفضل في تقدم قرطبة العلمي إلى تشجيع الخلفاء ، إذ كان منهم من يهتم بالعلم بنفسه كالحكم ومنهم من يشجع العلماء . وقد وصفت قرطبة بأنها سوق رائجة للعلم ، جذبت مساجدها الأوربيين الذين كانوا يفدون لأخذ العلم عن علمائها
د-السفارات السياسية :
أصبحت قرطبة مركزا سياسيا متألقا ، إذ أخذ ملوك أوربا وعلى الأخص إمبراطور بيزنطة وأمراء الممالك الإسبانية يتوددون إلى أمراء بني أمية وخلفائها في الأندلس محاولين إنشاء علاقات سياسية ودية معهم . فكثيرا ما استعان أمراء إسبانيا بحكام قرطبة لإعادتهم إلى عروشهم بعد أن أقصوا عنها أو لتجديد معاهدات صلح وعقدها معهم .وأما سفارات بيزنطة فكان هدفها عقد تحالف مع خلفاء قرطبة ضد العباسيين في بغداد وكانت هذه السفارات تحمل معها هدايا من الكتب الثمينة إلى خليفة قرطبة لمعرفتهم بولعة بالعلم . كما نقلت بعض هذه السفارات كهدية آثارا فنية قيمة استخدمت في بناء مدينة الزهراء .
-5-
عصر ملوك الطوائف
422 – 897 هـ 1031 – 1492 هـ
أ-إلغاء الخلافة :
توالى عرش الأندلس بعد سقوط بني عامر عدد من الخلفاء الضعفاء كانوا ألعوبة بيد الجند الذين كانت بيدهم السلطة الحقيقة ولم يقو أي خليفة على امتلاك ناصية الأمور ، فعم الاضطراب ، وسئم أهل قرطبة الفتن ، وأجمعوا على خلع الخليفة هشام الثالث ، ودعوا إلى إلغاء الخلافة .
ب-ظهور ملوك الطوائف :
منذ القرن الخامس الهجري لم تعد القوى المتصارعة على السيادة في قرطبة تعتمد على قواها الموجودة داخل المدينة ، وإنما تمركزت كل قوة في منطقة معينة من مناطق الأندلس . وأسست لنفسها فيها دولة مستقلة . دعيت هذه الدول بدول الطوائف وأطلق المؤرخون على هذه الفترة من تاريخ الأندلس اسم عصر ملوك الطوائف .
ومن أبرز هذه الدول :................................................. ........
1-بنو جهور في قرطبة
2-وبنو عباد في إشبيلية :
أولاً -بنو جمهور في قرطبة
422 – 463 هـ 1031 – 1070 م
أ-نسبتهم :
ينتمي بنو جهور إلى عائلة عربية عريقة ، إذ أن جدهم دخل الأندلس في فترة عصر الولاة . وفي ظل الدولة العامرية أصبح أحد أفرادها وهو أبو الوليد محمد بن جهور وزيرا للمنصور . وأما ابنه أبو الحزم جهور ( 422هـ - 435هـ ) فقد تولى الكتابة وبقي فيها حتى انهيار الدولة وقد شهد كل الحوادث والانقلابات العاصفة التي شهدتها عاصمة الدولة وعمل مع أتباعه على إسقاط بني أمية وإلغاء الخلافة .
ب-تأسيس الدولة :
أجمع سكان قرطبة بعد القضاء على الخلافة على اختيار أبي الحزم جهور رئيسا للحكومة ، فقبل مشترطا إن لا ينتقل إلى أحد القصور الملكية أو أن يخاطب بلقب ملك أو خليفة ، وأن يكون تسلمه للأمر مؤقتا ريثما يجمع الناس على شخص آخر . عمل أبو الحزم جهور على إبعاد مثيري الفتن من قرطبة مما أكسبه محبة أهلها . وطرد الأطباء المزيفين الجهلة ، واهتم بالأمن والسهر على راحة الناس الذين أخذوا يمارسون أعمالهم التجارية بحرية تامة ، فامتلأت الأسواق بالبضائع وعم الرخاء المدينة .امتد سلطان بني جهور على منطقة تقع وسط الأندلس تضم مجموعة من المدن أهمها قرطبة .
ج-نهاية دولة بني جهور :
توفي أبو الحزم جهور 435 هـ فخلفه ابنه أبو الوليد محمد بن جهور ( 435 – 456 هـ ) وقد سار على سياسة والده . إلا أنه مرض وعجز عن الإشراف على شؤون الدولة فتنافس ولداه عبد الملك وعبد الرحمن . وقد استطاع عبد الملك ( 456 هـ - 492 هـ ) الذي انتصر على أخيه الانفراد بالسلطة ، وأمر بأن يدعي له على المنابر ، وأقصى كبار موظفيه عن مناصبهم فانقطعت الصلة بينه وبين رعيته . ولم يتمكن من مواجهة الطامعين في دولته . فسقطت بيد بني عباد حكام أشبيليا بعد أن دامت حوالي أربعين عاما .
ثانياً-بنو عباد في إشبيلية
414 – 484 هـ 1023 – 1091 م
أ-نسبتهم : ينتسب بنو عباد إلى قبيلة لخم اليمانية التي ينتمي إليها المناذرة أصحاب الحيرة . وقد دخل جدهم الأندلس مع جند حمص الذين قطعوا أراضي في منطقة إشبيلية في فترة عصر الولاة .
ب-تأسيس مملكتهم :
ظهر نجم هذه الأسرة عقب سقوط الخلافة . وكان مؤسس دولتهم القاضي محمد بن إسماعيل بن عباد الذي قضى على نفوذ حكام إشبيلية فأجمعت كلمة أهلها على تنصيبه زعيما ، فقبل بشرط أن يختاروا له من بينهم رجالا يكونون له أعوانا ومستشارين . كون القاضي محمد بن إسماعيل جيشا وشجع الناس على الانخراط فيه ، واشترى عددا من المماليك ودربهم على القتال ، وقضى على الدويلات الصغيرة المجاورة لإشبيلية .
ج-فترة التوسع والمعتضد بالله :
بعد وفاة محمد بن إسماعيل خلفه ابنه أبو عمر بن عباد الذي لقب نفسه بفخر الدولة المعتضد بالله وفي عهده تعاظمت قوة الدولة و اتسعت رقعتها وازدادت مواردها ، وبسطت سلطانها على الدويلات الواقعة غربي إشبيلية فوصلت حدودها إلى شواطئ الأطلسي . وتوسع المعتضد بالله نحو الشرق حتى أصبح على أبواب قرطبة واحتل الجزيرة الخضراء . واهتم بالعمران فبنى عددا من القصور اشتهر منها القصر المبارك ( قصر إشبيلية اليوم ).
د-المعتمد بن عباد :
خلف المعتضد بعد وفاته ولده محمد الملقب بالمعتمد على الله الذي سار على سياسة والده التوسعية . وقد تمكن من ضم قرطبة وانتزع قسما من أملاك طليطلة . وكان شاعرا محبا للأدب يدعو إلى عقد ندوات أدبية في قصره .
ه-ضعف الدولة وسقوطها :
تعرضت دولة بني عباد لغارات الإسبان الذين وحدوا قواهم وأخذوا يقتطعون بعض أراضيها . وقد أرسل ابن عباد إلى يوسف بن تاشفين زعيم المرابطين في مراكش طالبا منه النجدة للوقوف في وجه الإسبان ، فأتى وخلص إشبيلية من الخطر الإسباني وقضى على دولة بني عباد . وجعل مملكتهم ولاية تابعة للمرابطين .



-6-
المرابطون
نشأتهم – توسعهم
430 – 542 هـ 1046 – 1158 م
أ-نشأة المرابطين :
نشأت حركة المرابطين في المنطقة التي نطلق عليها اليوم اسم موريتانيا ، حيث تستقر قبائل الملثمين ( بسبب اتخاذ رجالهم اللثام في أزيائهم ) وكان يتزعمهم يحيى ابن إبراهيم اللمتوني الذي استعان بالفقيه عبد الله بن ياسين لجزولي لتعليم قومه أمور دينهم والنهوض بهم . لم يتردد عبد الله عن القيام بهذه المهمة ، واستقر بين قبائل الملثمين ، وأخذ في تعليم الناس وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتجمع طلبه العلم حوله
ب-تسمية الحركة :
لاقت دعوة عبد الله قبولا لدى قبائل الصحراء ، واتخذه الملثمون زعيما لهم ، وقد أنشأ مركزا قرب نهر السنغال دعي باسم (( رباط )) وأطلق على أتباعه بعد ذلك اسم المرابطين . ما لبث الرباط الذي أنشاه عبد الله أن أصبح مركز إشعاع سياسي ، إذ إن عبد الله بعد أن كثر أتباعه وأنس فيهم الاستعداد للجهات شكل منهم جيشا قام بتسليحه وعقد قيادته ليحيى بن إبراهيم الذي خرج به من مركزهم الرباط واتجه نحو الشمال فأخذت تتجمع حوله القبائل معلنة تأييدها له مما زاد في عدد جيشه وقوته .
ج-توسيع المرابطين:
1-في المغرب : استطاع جيش المرابطين بقيادة يحيى من إخضاع عدد من الإمارات القبلية في الصحراء . كما غزا بعض الإمارات في المغرب الأقصى . وقد استشهد يحيى في أثناء حروبه في جنوبي المغرب فتسلم قيادة الجيش أبو بكر بن عمر الذي غدا زعيما للمرابطين بعد وفاة الفقيه عبد الله . وبقي كذلك حتى وقعت حرب بين بعض القبائل في الصحراء فاضطر إلى مغادرة المغرب الأقصى بعد إن استحلف عليه ابن عمه يوسف بن تاشفين ، وعاد إلى الصحراء لإصلاح شان القبائل المتحاربة . واصل يوسف بن تاشفين زحفه إلى الشمال المغربي ، ولما أثبت جدارته بقيادة الجيش تنازل له ابن عمه عن إمارة المغرب ، فأخذ البيعة من أهلها وأصبح أميرهم ولقب بأمير المسلمين . أسس ابن تاشفين مدينة مراكش 454هـ و يجعلها عاصمة ومعسكرا لجيشه ، ثم فتح مدينة فاس وواصل الزحف إلى طنجة وبذلك أصبح سيد المغرب .
2-في الجزائر :
كان يوسف بن تاشفين يسعى لتوحيد المغرب تحت سلطة المرابطين فأرسل جيوشا تمكنت من فتح جميع مدن الجزائر وعلى رأسها مدينة الجزائر العاصمة . ثم نظم إدارة المناطق المفتوحة وجعل مدينة تلمسان عاصمة لولاية الجزائر ومركزا لجيوش المرابطين تخرج منها لفتح المناطق الباقية
-7-
المرابطون في الأندلس
أسباب دخول المرابطين الأندلس :
أ-مقدمة : بعد أن أتم المرابطون احتلال المغرب ، ووطدوا الأمن في الجنوب أصبحوا على تماس مع الأندلس ، لا يفصلهم عنها سوى المضيق كانت الأندلس في تلك الفترة تعاني من التمزق والصراع بين ملوك الطوائف . بينما كان أعداؤهم الأسبان يتقدمون لاحتلال مدنهم والقضاء على إماراتهم ، وقد وجد المرابطون أن ما يجري في الأندلس يهمهم من ناحيتين
الأولى : دفاعية إذ أنهم كانوا يخشون وقوع الأندلس تحت سيطرة أعدائهم الأسبان الذين يسعون لإخراج العرب منها .
والثانية: دينية لأن في دخولهم لشبه الجزيرة ودفاعهم عن عرب الأندلس تحقيقا لمبادئهم في الجهاد المرابطون وملوك الطوائف :
كان الفقهاء في الأندلس أكثر الناس شعورا بالخطر المدق ببلادهم وإدراكا لمداه ، فقامت عدة دعوات لتوحيد دول الطوائف ونبذ الخلاف لصد العدو المشترك . إلا أن هذه الدعوات لم تفلح فتداعى ملوك الطوائف لعقد اجتماع في قرطبة وقرروا دعوة المرابطين لنجدتهم وتخليص بلادهم من الأخطار التي تحيق بهم . فلاقت الدعوة استجابة من يوسف بن تاشفين زعيم المرابطين .........................
ب-معركة الزلاقة 12 رجب 479هـ - 23 تشرين الأول 1086م : دخل جيش المرابطين الأندلس ، وأخذ ملوك الطوائف يخرجون بجندهم للانضمام إليه ومن هؤلاء المعتمد بن عباد وأمير غرناطة وغيرهم . ولما اكتمل تجمع الجيوش قرب إشبيلية قسمها ابن تاشفين إلى قسمين بغية عدم دفعها جميعها في المعركة .
تقدم الملك الإسباني الفونسو إلى حيث يعسكر المرابطون ، وانضمت إليه قوات من معظم الممالك الإسبانية ومتطوعون من الفرنجة . أما ابن تاشفين فقد نظم جنده وسعي لمراقبة العدو واستطلاع حركاته وأخذ يعد للمعركة فبقي ليلتها متيقظا ، وأعاد ترتيب جنده ليخدع أعداءه . وفي صباح يوم المعركة ركز الإسبان هجومهم على الأندلسيين فتراجعوا فقام ابن تاشفين الذي كان يراقب العملية بهدوء بإرسال جيش على دفعات إلى سهل الزلاقة
ج-هزيمة الإسبان :
شعر الإسبان بالنصر فتركت قواتهم أماكنها ، فسارع إليها يوسف بجيشه واستولى على معسكر الإسبان وأضرم فيه النار . وانقلب المرابطون من الدفاع إلى الهجوم ، وانقضت فرقة من السودان كالصاعقة على صفوف الإسبان وشقت طريقها إلى الفونسو الذي جرح وفر في جنح الظلام بعد أن حاقت الهزيمة بجنده .
جرت هذه المعركة في رجب 479هـ وسميت معركة الزلاقة نسبة إلى المكان الذي نشبت فيه وهو سهل الزلاقة . وتلقى يوسف بن تاشفين عقب فوزه بالزلاقة نبأ وفاة ولده الذي خلفه على حكومة مراكش فعجل بالعودة إلى المغرب .
د-القضاء على ملوك الطوائف :
بعد هزيمة الإسبان في الزلاقة تداعى الأوربيون استجابة لنداء الفونسو وأرسلوا جيوشا لمساعدته . عاد ملوك الطوائف بعد الانتصار وعودة ابن تاشفين للأندلس إلى التخاصم والتنافس ، وتقاعسوا عن تلبية داعي الجهاد ، فأفتى فقهاء الإسلام لابن تاشفين بخلعهم فجاء ابن تاشفين ثانية إلى الأندلس واحتل بعض المدن منها غرناطة واشبيلية وقرطبة وأدخل الأندلس تحت حكم المرابطين .




-8-
الموحدون
نشأتهم – توسعهم
515 – 640 هـ 112 – 1244 م
أ-حركة الموحدين : قامت حركة الموحدين على أسس دينية وسياسية ، وهي تشبه في مبادئها وأهدافها حركة المرابطين . قام بها رجل من قبيلة -مصمودة –يدعي- محمد بن تومرت- اتخذ لنفسه لقب المهدي . تلقي علومه في قرطبة والقاهرة وبغداد ، ثم عاد إلى بلاده ليبث تعاليمه منددا بمثالب الحكام والمتنفذين وخصوصا ما يعيشون فيه من ترف وبذخ . وكان ابن تومرت من أشد الناس حبا للعلم وانصرافا للعبادة ، دعا أبناء قبيلته والقبائل الأخرى من أهالي جبل أطلس في مراكش إلى مذهب التوحيد انتصارا لعقائد السلف فسمي أتباعه بالموحدين
ب-تأسيس الدولة وتوسعها :
خلف ابن تومرت بعد وفاته عام 524 هـ صديقه وقائد جيوشه عبد المؤمن بن علي من قبيلة زناته . ويعد عبد المؤمن مؤسس دولة الموحدين والخليفة الأول لأعظم دولة شهدتها مراكش وإفريقيا . وقد تغلب خليفتهم على المرابطين بالقرب من تلمسان واستولى على تلمسان وفاس وسبتة وغيرها واحتل مدينة مراكش 542هـ واتخذها عاصمة للموحدين وبذلك أنهى ملك المرابطين ليتفرغ للإغارة على الأندلس . ودانت لعبد المؤمن مراكش والأندلس ، وضم إلى دولته الجزائر وتونس وطرابلس وبذلك توحد لأول مرة في تاريخ العرب والإسلام الساحل الإفريقي قاطبة ، من المحيط الأطلسي إلى حدود مصر ومعها الأندلس .وخطب له على المنابر في أرجاء هذه الدولة الواسعة خليفة عوضا عن الخليفة العباسي .
ج-خلفاء عبد المؤمن :
بعد ولاية طويلة حافلة بالأمجاد توفي عبد المؤمن 558 هـ ومن أعظم خلفائه وأشهرهم حفيده أبو يوسف يعقوب المنصور ، وهو الذي استنفره صلاح الدين وأرسل إليه وفدا يحمل له الهدايا ويستنجده على الفرنجة الصليبيين الذين كانوا يحاولون غزو مصر وسواحل بلاد الشام . واهتم المنصور بالناحية العمرانية ، وتعد الأبنية التي أنشاها في مقدمة الآثار القائمة حاليا في مراكش وإسبانيا ، ومنها البرج المعروف باسم ( جرالدا ) الذي بناه عقب انتقاله إلى اشبيلية التي كان الموحدون قد اتخذوها عاصمة لهم سنة 565هـ . وفي المغرب لأقصى بنى المنصور مدينة عظيمة سميت رباط الفتح مقلدا الإسكندرية في الاتساع وحسن التقسيم وإتقان البناء. وقد اختصر اسمها فيما بعد وأصبح الرباط . كما بنى في مدينة مراكش بيمرستانا فريدا من نوعه
د-سقوط دولة الموحدين :خلف المنصور بعد وفاته ابنه محمد الناصر الذي قاد جيوش الموحدين ضد الإسبان ثم خلفه عدد من الخلفاء الضعفاء من ذرية عبد المؤمن استمروا حتى سقوط مراكش بيد بني مرين المتفرعين عن قبيلة زناته .
ه-دولة الموحدين :
كانت دولة الموحدين تحد من الجنوب بالصحراء الكبرى ، ومن الغرب بالمحيط الأطلسي ومن الشرق بالصحراء العربية التي تفصلها عن مصر . وأما من الشمال فكان يحدها البحر المتوسط . وفيما وراء المضيق في شبه الجزيرة الأسبانية كان الموحدون يملكون جميع الأراضي التي يطبق عليها اسم الأندلس . وكانت الحدود الشمالية الغربية نهر الوادي الذي ملك الموحدون ضفته اليسرى وملكوا من ضفته اليمنى عدة مناطق مثل ولاية الغرب ، وتمتد إلى مقربه من نهر التاجة ( تاجو)
-9-
الموحدون في الأندلس
دخول الموحدين الأندلس :
أ-مقدمة :
ورث الموحدون دولة المرابطين في المغرب والأندلس ، إذ إن ضعف المرابطين دفع بوفود أندلسية للطلب من عبد المؤمن إنقاذ الأندلس من أعدائه الأسبان . وكان من بين هذه الوفود التي بايعت عبد المؤمن وفد علماء أشبيلية .
أرسل الموحدون أول جيش إلى الأندلس 541 هـ ، ولما استقر الأمر لهم في المغرب عبر عبد المؤمن البحر ليشارك بنفسه في ترتيب الأمور في شبه الجزيرة ، وأمر ببناء مدينة في جبل طارق فكان له ذلك .
ب-دور الموحدين في إيقاف المد الإسباني :
قام عبد المؤمن باستعدادات دفاعية كبيرة ، وجهز حامية قوية من الموحدين
والأندلسيين ، وجعل غرناطة مركزا دفاعيا قويا ، ونقل العاصمة من اشبيلية إلى
قرطبة 557 هـ و التي عدت مقرا لجيوش الموحدين ، وبدا زعيم الموحدين يتجهز لرد عدوان الممالك الإسبانية الشمالية . وفي 560 هـ عبرت حملة عسكرية إلى الأندلس لتعزيز دفاعات بعض المناطق الأندلسية ضد الممالك الإسبانية الشمالية . وقد حدث صدام مع أمير مرسية الذي كانت له علاقات ودية مع الإسبان . وتم النصر للموحدين الذين أخذوا ينظمون أحوال الأندلس ويهتمون بأمور أهلها .
وسرعان ما تصدت جيوش الموحدين في الأندلس لعدوان ملك البرتغال الذي استولى على بعض المدن . وعقدت معاهدة صلح مع ملك ليون الذي مالبث أن خرقها وهاجم الأراضي الأندلسية ، وأصيب أبو يعقوب في معركة مع العدو كانت سببا في وفاته ، فخلفه ابنه أبو يوسف يعقوب الملقب بالمنصور . لم تتوقف هجمات الإسبان والبرتغاليين على الأندلس . وقد ساعدهم على ذلك انشغال الخليفة الموحدي المنصور بتوطيد الأمور في المغرب ووصول إمدادات صليبية قادمة من المشرق منهزمة بعد أن خسرت مواقعها وسقطت إماراتها بيد المسلمين بقيادة البطل صلاح الدين الأيوبي 583هـ واسترداد المسلمين لبيت المقدس فجاءت هذه الإمدادات تحمل روح الحقد والكراهية على العرب والمسلمين .
ج-نشاط المنصور ضد الإسبان :
وصل جيش موحدي جديد إلى الأندلس بقيادة خليفة الموحدين المنصور لرد المعتدين ، وقام بنشاط عسكري واستعاد بعض المدن ، وبعدها توجه إلى مراكش ، وعقدت معاهدة مع ملك قشتاله نصت على قيام هدنة مدتها خمس سنوات .
وما إن انتهت مدة الهدنة المتفق عليها حتى بدالك قشتاله بمهاجمة الأندلس والعبث فيها فسادا ، فاعد الموحدين حملة توجهت إلى الأندلس بقيادة الخليفة الموحدي المنصور نفسه ووصلت إلى إشبيلية ثم اتجهت للقاء جيش الفونسو الثامن الذي تحصن في مرتفع يشرف على سهل الأراك الذي يعسكر فيه المسلمون قرب حصن يحمل الاسم نفسه .
د-موقعه الأراك 9 شعبان 591 هـ :
التحم الطرفان في قتال عنيف وكثر القتل في جيش القشتاليين ثم التحمت بقية الجيوش فاضطر الجيش القشتالي إلى التقهقر و الفرار ، وفر ملك قشتالة إلى طليطلة . استمرت المعركة يوما واحدا 9 شعبان 591 هـ غنم المسلمون فيها مغانم كثيرة ، وافتتحوا حصن الأرك . ويعد هذا من أعظم انتصارات الموحدين .
ه-موقعة العقاب وهزيمة الموحدين :
توفي المنصور بعد عودته إلى مراكش فخلفه ابنه أبو عبد الله الملقب بالناصر لدين الله ، الذي تجهز بجيش وعبر الأندلس بعد أن سمع بعدوان ملك قشتالة المنهزم في الأركو بعد أن انضمت إليه جيوش صليبية من أوربا . التقى جيش الناصر بجيش الفونسو عند حصن العقاب 609هـ وانتهت المعركة بهزيمة جيش الناصر الذي مات بعد أن عاد إلى مراكش . وبعد هزيمة الموحدين في موقعه العقاب أصبحت الأندلس لقمة سائغة تقاسما الأمراء الإسبان ، وصغار أمراء المسلمين . ومن هؤلاء بنو نصير الذين أقاموا دولتهم في غرناطة وامتدت إلى إشبيلية ، وأعادت إليها أمجادها الغابرة لفترة من الزمن ، وقد عرفت بدولة بني الأحمر .





-10-
سقوط الحكم العربي في الأندلس
الأندلس بعد سقوط الموحدين :
أ-مقدمة :
بعد موقعة العقاب التي انتهت بانتصار الإسبان على الموحدين والأندلسيين خبت شعلة الجهاد ضد الإسبان الطامعين . فسقطت دولة الموحدين ، وبدأ الحكم العربي يتداعى ، والمدن تسقط بيد الإسبان واحدة بعد أخرى . والأمراء الصغار مازالوا يتنافسون ويتصارعون ويستعينون بأعدائهم لنصرتهم .
ب-سقوط مدن الأندلس :
1-قرطبة : حوصرت قرطبة من قبل جيوش ملك قشتالة . وبذلت المدينة المحاصرة جهودا كبيرة للوقوف ضد المعتدين . وعندما اضطرت للتسليم كان غلاة الإسبان يرون رفض التسليم واقتحام المدينة وقتل كل أهلها . لكن ملك قشتالة مع بعض مستشاريه رأوا هذا الإجراء سوف يدفع أهلها لليأس وتخريبها . دخلها الإسبان 633هـ وأخرجوا أهلها العرب المسلمين منها . وحولوا مسجدها الذي كان شعلة وضاءة إلى كنيسة .
2-بلنسية : وكانت تعد من كبرى مراكز العلم والآداب ، وقد جاهدت الطامعين حوصرت من قبل جيش ملك أراغون ، فاستنجد أهلها بالحفصيين في تونس الذين أرسلوا إليها المؤن والسلاح . إلا أن هذه الإمدادات لم تصل إلى السكان لشدة الحصار . وسقطت المدينة الباسلة 636 هـ ، وحولت مساجدها إلى كنائس أيضا
وتبع ذلك سقوط عدد من المدن أهمها إشبيلية 646 هـ ، ولم يبق من ممالك العرب في الأندلس سوى مملكة غرناطة أو الأندلس الصغرى كما كان يطلق عليها .



دولة غرناطة
635 – 897 هـ 1238 – 1492 هـ
أ-تأسيسها :
كان مؤسسها أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر المعروف بابن الأحمر .
وقد استمرت رغم ظروف الأندلس ما يزيد على قرنين ونصف ، وتوالى على حكمها ما يزيد على عشرين حاكما . تمتع كثير من هؤلاء الحكام بصفات ممتازة . وظهر في غرناطة شخصيات ذات كفاءات عالية وقدرات كبيرة أدت واجبها نحو البناء والعلم ، وضمنت غرناطة الطرف الجنوبي من الجزيرة الأندلسية ، وشملت ثلاث ولايات كبيرة هي غرناطة والمرية ومالقة . وقد ثبت في مواجهة أعدائها الإسبان بسبب موقعها ، واحتوائها للعرب المسلمين المهاجرين من ديارهم ، واستعداد أهلها للجهاد والبذل ، وكذلك وقوف بني مرين في لمغرب معهم .
وكان آخر ملوك غرناطة أبو عبد الله الذي يعرف بالصغير 887هـ الذي خاض معركة ضد جيش قشتالة انتصر فيها ثم اتجه نحو قرطبة ، لكنه أسر في جنوب شرقي قرطبة وتولى حكم غرناطة بعده عمه محمد بن سعد المسمى بابي عبد الله الزغل .
ب-سقوط غرناطة : حدث صدام بين العم الذي يتمسك بالسلطة وابن أخيه انتهى بتقسيم غرناطة . والعدو القشتالي المتربص بهم ما برح يهاجم الحصون ويهرب ما حول المدينة . فعقد الزغل معاهدة مع ملك قشتالة واضطر إلى ترك الأندلس إلى تلمسان بالجزائر . وتوحدت مملكتا اراغون وقشتالة بسبب زواج ملكيها فرناند وايزابيلا ، وعادا للتحرش بأراضي غرناطة وإيقاع الفتنة بين المسلمين ثم حاصراها
وبعد حصار شديد لهذه المدينة اضطرت إلى عقد معاهدة استسلام عام 897هـ تضمنت هذه المعاهدة تامين المسلمين على النفس والأهل والمال والسماح بإقامة شريعتهم على ما كانت . وغادرها آخر ملوكها أبو عبد الله الصغير ومعه والدته وزوجته وأولاده 897 هـ - 1492 م بكى أبو عبد الله الصغير عندما ألقى آخر نظرة على قصره أسى وحزنا ، فقالت له أمه : ( ابك كالنساء ملكا لم تستطع إن تدافع عنه كالرجال ) وانتقل إلى المغرب ونزل بمليلة ثم ارتحل إلى فاس . وبذلك سقطت آخر دولة عربية في الأندلس بيد الإسبان .
-11-
عوامل ضعف الحكم العربي
في الأندلس وسقوطه
عوامل الضعف
تعرضت الأندلس منذ الأيام الأولى للفتح العربي لمجموعة من المشكلات والعوامل أسهمت في إضعاف الحكم وتجزئة الدولة وسقوطها . ولم تتمتع البلاد بالاستقرار والازدهار إلا إبان حكم أمراء وخلفاء أقوياء أمثال الأمير عبد الرحمن الداخل والخليفة عبد الرحمن الناصر .
ومن هذه العوامل :
1-العصبية القبلية :إن القبائل عند دخولها الأندلس انفصلت عن بعضها في السكنى والاستقرار و في الجيش أيضا وعاد الصراع بين القيسية واليمانية ، وحصلت حروب بينها ، انتصرت فيها القيسية التي حكمت الأندلس حتى دخول صقر قريش إليها .وكانت تخبو جذوة العصبية القبلية في عهد الحكام الأقوياء الذين يعدون أنفسهم أسيادا للقبائل ويتبعون سياسة التوازن بينها .
2-الصراع المستمر مع الممالك الإسبانية والفرنجة في الشمال: وقد ظهر ذلك جليا مع إمارة استورية ( جليقية ) في عهد عبد الرحمن الداخل ، وفي الحملة التي قادها شارلمان على سرقسطة والتي استمرت حتى زمن الخليفة الناصر والمنصور بن أبي عامر ، وقد اتخذ هذا الصراع فيما بعد شكلا جديدا ، إذا إن الإسبان وحدوا قواهم لإخراج العرب من الأندلس ، وعدوا قتال المسلمين جهادا بالنسبة إليهم .
3-وصول أمراء وخلفاء إلى الحكم لا أهلية لهم: لم يستطيعوا المحافظة على تماسك الأوضاع الداخلية في الأندلس . وكانت عهودهم تسودها الفوضى و الاضطراب أمثال محمد بن عبد الرحمن الأوسط والخلفاء الذين حكموا في أواخر عصر الخلافة .
4-الثورات الداخلية التي قامت بها مختلف الفئات : وخصوصا حركات المولدين والمستعربين ، والتي قامت في الثغور وهي المراكز العسكرية القريبة من خط الحدود مع إسبانيي الشمال . ومعظم هذه الحركات كانت نتيجة نحو التحالف مع دويلات الشمال الإسبانية مثل ثورة الضراب في طليلطة وثورة ابن حفصون في جنوبي الأندلس .
5-ازدياد نفوذ الصقالبة والبربر في الدولة في أواخر عصر الخلافة: فالصقالبة هم العبيد الذين تم شراؤهم في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر وسلمهم الوظائف العليا في الدولة . وأما البربر فأولئك الذين استقدمهم المنصور بن أبي عامر للتقليل من نفوذ الصقالبة . وقد أدى ذلك إلى إضعاف السيادة العربية . وفي سنوات الفتنة كان لكل فريق منهم دوره بالانفراد بالسلطة ، فأحيانا يسود الصقالبة في قرطبة ، وأحيانا أخرى تعود إليها السيادة البربرية .
6-انقسام الأندلس إلى عدة ممالك : مما مزق شمل وحدة البلاد ، وسهل على الإسبان تحقيق أغراضهم بتحريض مملكة على أخرى وتزويدها بالمال والسلاح .
7-عدم توافر وحدة الهدف والمصير بين عناصر المجتمع العربي في الأندلس : فهناك العرب وهناك اليهود والمولدون والمستعربون والصقالبة .. الخ وانصرافهم إلى الرفاهية ومتع الحياة . كل ذلك أفقد المجتمع التماسك والمقدرة على مجابهة المشكلات ورد المعتدين .
8-الصراع بين أمراء الطوائف : الذي تجاوز كل الحدود ،ووصل هذا الصراع إلى حد الاستعانة بخصوم العرب من أمراء دويلات الشمال الإسبانية فقد أخذ كل فريق يستعين على جاره بالأعداء نظير إعطائهم بعض الحصون . وكان ذلك كله على حساب العرب ودولتهم في الأندلس .
9-التفاهم والاتحاد بين دويلات الأسبان لتحقيق الهدف المشترك: وهو إخراج العرب من الأندلس
10-النجدات الأوربية للإسبان وبخاصة العائدون من الشرق أثر الحروب الصليبية وحقدهم على العرب والمسلمين .



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)