المرأة في الشعر الأندلسي
أولاً-تمهيـــد: الباحث في المجتمع الأندلسي يكتشف :
1-انتشار الدين والتقوى والورع في الغالب
2- الجهر بالمتع الحسية وهذا كثير
3-الجمود والتزمت في المناطق المتاخمة للأندلسيين
4-الشذوذ والانحلال في العناصر المستهترة
5-تعدد العناصر والأجناس والطبقات التي كان يتكون منها
6-الفتن والحروب التي لا تهدأ إلا لفترات محدودة،
7-والتقلبات السياسية المذهلة
8- مستحدثات الحضارة الأندلسية الباذخة في الأوساط المترفة، من طرب ولهو ومجالس خمر، ورقص، وجواري ... إلخ.
ومن هنا، كانت غزارة شعر الغزل والخمريات، والدعوة إلى التمتع بالحياة ،.. وتقاسم الولاء للقيم الدينية وتعاليم الإسلام والاستسلام للذائذ الحياة، حيث مغريات الدنيا من جواري وغلمان ومجالس طرب وخمر إضافة إلى جمال الطبيعة الذي يدفع إلى الإقبال على الحياة ، وقد انعكس ذلك في أشعار الأندلسيين على مستوى تباين الرؤية الفنية وتعدد المواقف .
ثانياً-المرأة بين المعنى والجسد:
أ-المرأة المحبوبة :
تختلف مكانة المرأة عند الشعراء بحسب وضع المرأة ونفسية الشعراء ، فالمرأة الجارية ، وساقية الخمر، لا يرى فيها الشاعر سوى المفاتن الجسدية ، والمرأة المحبوبة تأتي ممتزجة بين الجمال الجسدي واللواعج النفسية التي تخلقها في قلب الشاعر. وهي صور تركز على مواضع الجمال الجزئي في المرأة :
1-لون العيون، وشكلها،
2-حمرة الخدود،
3-لون البشرة،
4-دقة الخصر،
5-ضخامة الأرداف
من ذلك قول أحد القضاة يصف زهرة النيلوثر :
كأنما النيلوثر المستحسن الفـض البهج
مقلة خـود ملئت سمـرا و غنجا ودعج
أو خاتمتا مـن فضة وفصه مـن السيج.
أو مثل وصف المرأة كوسيلة للهو والمتعة :
فالــورد وجنة خــود بيضاء، غـراء، بضـه
كمـــا البنفسج خــد أبقى بــه الهشـم عضه
وكان ابن زيدون أكثر الشعراء سموا في غزله في ولادة :
إني ذكرتك بالزهراء مشــتاقا والأفق طلق ووجه الارض قد راقا
وكان أكثر الشعراء مثالية في حبه ابن حزم القرطبي، ويكفي أن نستشهد بهذه الأبيات لتتضح المكانة المحترمة التي تحتلها المرأة المحبوبة في قلبه :
وددت بأن القلب شت بمدية وأدخلت فيه ثم أطبق في صدري
فأصبحت فيه لاتحلين غيـره إلى ملتقى يوم القيامـة والحشر
تعيشين فيه ما حييت فإن أمت سكنت شغاف القلب في ظلم القبر
مظاهر النظرة الجسدية للمرأة :
1-اتخاذ المرأة كهدية:
خاصة الجواري اللواتي كن يقدمن أحيانا هدايا كبقية الهدايا المادية قال ابن خفاجة
زفت أبا بكر إليك محاسنا جاءتك تحمل عذرة الأبكار
2-النظر إليها جسدياً :
بوصف جمالها الجسدي، والنظر إليه عضوا، من قمة الرأس إلى أخمص القدم. كقول أبي القاسم المنيشي :
وعجزاء لفاء وفق الهوى تحيرت فيها وفي أمرهــا
غلامية ليس في جسمـها مكان رقيق سوى خصرها
والمرأة عند ابن حمديس، غانية تسلب الألباب، قوامها كالغصن، أردافها كالنقا وثغرها كالأقاح وهي كالمهاة حين ترنو في نقابها، كالظبية في التفاتتها وجمال عنقها رضا بها كالطل، كالروضة تعبق نشرا، كما في قصيدة له :
بأبي من أقبلـت في صـورة ليس للتائـب عنـها من متـتاب
كل حسن كامــل في خلقهـا ليتها تنجـو مـن العيـن بعـاب
فالقوام الغصن والردف النــقا والأقـاح الثغر والطل الرضـاب
طيبة في العقد إمـــا التفتت ومهاة حيـن تونو فـي النقـاب
وتصبح المرأة مرتبطة بتجربة الغربة التي عاناها ابن حمديس منذ أن خرج من وطنه صقلية:
رشأ أحن إلى هواه كانه وطن ولدت بأرضه ونشيت
كما تصير المرأة رمزا للجنة الموعودة التي ظل يحن إليها، ويمني نفسه دوما بلقائها.
سنحت في السرب من حور الجنان ظبية تبسم عن سمطي جمان
وقد قدم لنا وصفا لفتاة تشبه إحدى حوريات الجنة، ذات أسنان بيضاء منتظمة ولامعة وعيون ساحرة النظرات، تغوي الناسك المتعبد فلا يستطيع التوبة. فهي في الرابعة عشر من العمر وهو في الواحدة والخمسين :
بنت سبع وثمان وجــدت عمري ضربك سبعا في ثمان
3- تشخيص الطبيعة بالمرأة:
من خلال تجسيد صورة المرأة في الطبيعة، فالجارية التي تقترن بلحظة اللهو الآنية، هي أفضل من الحسناء وتتوب عنها في المجلس، لها عيوب كالنرجس وراحة كالسوسن وهي قوراء، بيضاء المحاسن. إنها حسناء مثقلة بأنواع الحلي والدمالج والأسورة قدها كالغصن، نهودها كالرمان...
وقـوراء بيضاء المحاسن طلقة لبست بها الليل البهيم نهارا
هززت لأغصان القدود معاطفا بها ولـرمان النهود ثمارا
وتتحول القصيدة إلى تمنيات وحسرات تتمنى رجوع إلى الزمن إلى الوراء، فلا يدعوها يا : "ابنتي؟" ولا تدعوه : "ياعمي"؟
فيا ليتني كنت ابن عشر وأربع فلم أدعها بنتا ولم تدعني عما
ب-المرأة الزوجة أو الأم:
وهي المرأة المثالية خاصة في الرثاء والمودة
ج-المرأة رمز الأشواق :
تحولت صورة المرأة إلى رمز للأشواق العارمة حنين جارف نحو نساء رمزيات لا يعرفن الشاعر في الواقع، لكن يعرفن كرموز من خلال الوجدان كهند وسلمى وليلى، هذه الأسماء الثلاثة هي الأكثر حضورا، وهي أسماء لها قداسة تجذرت في وجدان العربي المسلم وغالبا ما يأتي ذكرهن مرتبطا بأماكن في الجزيرة العربية خصوصا بالحجاز، "كرامة" و"سلع" و"تهامة" و"نجد" وغيرها من الاماكن التي يحن إليها هؤلاء الشعراء حنينا عارما لما تمثله لي وجدانهم من قداسة. ومعظم الشعراء توجهوا بأشواقهم العارمة، إلى امرأ مثالية في جمالها غالبا ما تسمى سلمى أو ليلى، تذهب بعقل الشاعر وترحل عنه بعيدا، وتتركه يعاني الوحدة والأشواق الملتهبة
سل البان عنها أين باتت ركائبها ولم رفعت فوق المطي قبابها
ولم تركت منا قلوبا مشوقــة بقلبها طوع الغرام التهابـها
وكم يشكو الشاعر من لواعج الهوى الذي خلفته في قلبه تلك الظبية النافرة التي تشبه هلال الدجى، والتي أنسته أهله ووطنه .. ثم يتحسر على تلك الفتاة/ الجنة/ ويتمنى عودة اللقاء بينهما في آلم وحرقة ...
فيا جنة ما زلت منذ فراقـــها بنار الأسى بعد اتصالي صاليا


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)