فن المقامات الأندلسية

أ-مقدمة :
المقامة : هي نوع من النثر الفني نشأ في المشرق على يد بديع الزمان الهمذاني، ثم حذا حذوه الحريري. فتأثر الأندلسيون بمقاماتهم تأثراً جلياً، إذ كان من الطبيعي أن تثير إنجازاتهما إعجاباً بين الأدباء، وتخلق تياراً من المحاكاة في ميدان الكتابة عموماً وفي فن كتابة المقامات خصوصاً، ومن منطلق هذا الإعجاب عارض أبو طاهر محمد التميمي السرقسطي (توفي بقرطبة سنة 538هـ) مقامات الحريري الخمسين بكتاب الخمسين مقامة اللزومية، وهي المعروفة بالمقامات السرقسطية، ولزم في نثرها المسجوع ما لا يلزم. كتب أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأزدي (ت750هـ) «مقامة العيد» التي استكدى فيها أضحية العيد من حاكم مالقة الرئيس أبي سعيد فرج بن نصر. كما ألَّف لسان الدين بن الخطيب مقامات كثيرة منها مقامته في السياسة، وقد بناها على حوار بين بطلين هما الخليفة هارون الرشيد وحكيم فارسي الأصل عربي اللسان، وقد تضمّنت آراؤه وتجاربه الشخصية فيما ينبغي أن تكون عليه سياسة الحكم . وبدخول الأندلس عهد ملوك الطوائف كانت مقامات الهمداني ورسائله قد انتشرت انتشاراً واسعاً حتى أصبح الكثير من الأدباء يؤلفون في هذا الصنف من الأدب . وكانت قد ظهرت مقامات الحريري في مطلع عهد المرابطين وسرعان ما تداولها الناس على نطاق واسع. وإن العديد من الأندلسيين سمعوا الحريري يبسط مقاماته في حديقته ببغداد، ثم عادوا إلى الأندلس لينشروا ما سمعوا. وبعد موت الحريري تابع تلاميذه بدورهم بسط المقامات باعتبارهم معتمدين من قبل أسيادهم . لقد استخدم الأندلسيون المقامة وسيطاً لوصف الإدارة العامة والعدالة، ومثال ذلك مقالة كتبها ابن الخطيب ذاته، عنوانها "خطرة الطيف ورحلة الشتاء والصيف".
ب-أنواع المقامات : للمقامات أنواع متعددة :
أولاً-من حيث الهدف :
1-استخدمت المقامات لأغراض تعليمية
2-ولأغراض تربوية
3-وسيلة لتعليم الأدب
4-وسيلة لتعليم القواعد ليوفر على التلاميذ مشقة الرجوع إلى مؤلفات أكبر في هذه المواضيع.
5-وتحتوي المقامات إلى جانب ذلك غايات وأهدافاً تربوية وخلقية،
6- وفيها تعبير ناقد للمجتمع الذي نشأت فيه
ثانياً-من حيث الأسلوب :
إن نظرة فاحصة متأملة إلى المقامات الأندلسية تهدي إلى القول بأن تلك المقامات تناولت عدداً من الموضوعات المتنوعة بطرق وأساليب من مثل:
1-الأسلوب الوصفي
2-الأسلوب الوعظي
3-الأسلوب الفكاهي
4-الأسلوب الأدبي
5-الأسلوب النقدي
ثالثاً-من حيث الموضوعات:
فقد تعرضت المقامة الأندلسية إلى
1-العلاقات الاجتماعية بين الأفراد
2-روابط الصداقة، ووصف الصديق
3-الضيوف والكرم وما يكون من الكرماء من العطاء،
4- المشكلات اليومية المتعلقة بحرفة الإنسان ومهنته،
وهكذا جاءت المقامة تعبيراً عن حاجة اجتماعية، فقد صورت كثيراً من ظواهر المجتمع، وعالجت جملة من المشكلات الاجتماعية المختلفة ، وعبرت عن آراء الكتاب ومشكلاتهم وهمومهم الذاتية .
ج-موضوع المقامات وأغراضها الاجتماعية:
ركز موضوع المقامات على أغراض متعددة
1-التعبير عن الأهداف الشخصية والغايات الاجتماعية في آن واحد
2- تبدى الطابع الاجتماعي فيها بشكل أوضح من غيره،
3-التعبير عن الظواهر الاجتماعية المختلفة وأحوال المجتمع، وكل ما يصورالحياة العلاقات بين الأفراد كظاهرة "الكدية"،
4-ظاهرة الشكوى من الزمان والمصائب والمحن التي حاقت بالناس
5-التعبير عن الذات وهمومها
6-الإحساس بظلم الدهر ،
7-الإحساس بالضعة والفقر وضيق الرزق والفاقة
8- عرض تناقضات المجتمع،
9- تمثيل أخلاق المعاصرين، وأحوال العصر في القرن السادس الهجري
10-تصوير حياة العبث والمجون والترف التي انغمس فيها بعض الـأندلسيين
11-رسم النزعة الدينية القوية لدى أفراد المجتمع في الإقبال على الزهد والتعبد والتنسك ، والحرص على حضور حلقات الوعظ والنصح الديني التي كان يعقدها أهل التقوى والورع من الزهاد والصلحاء
12-عرض صورة الواعظ الذي يصدر في وعظه عن تقوى وورع وإيمان صادق برسالته التي تروم الهداية والصلاح
13-تناول ظاهرة زهد المجان، وحياة الترف والمجون التي انغمس فيها بعض أفراد المجتمع،
14-تصوير صحوة الضمير عند ذوي النفوس الحية والضمائر اليقظة ، ويسجل ما يدور في نفوسهم من صراع بين الرغبة في التمادي في حياة العبث واللهو وبين نيتهم الصادقة في التوبة وهجر الذنوب،
15- تصوير طبيعة التركيب الاجتماعي بين طبقة غنية تملك رفاهة الحياة ، وأخرى تحرم منها، بين فئة سائدة، وأخرى مسودة بقصد دفع الأغنياء إلى العطاء والسخاء
16- وصف عادات بعض طوائف من المجتمع والتعرف الى تقاليدهم في الحياة
17-وصف التكسب من ترقيص الدببة "
18-انتحال مهنة من المهن : كما في مقامة "الطب والعرافة"، حيث يَبرز البطل وقد انتحل مهنة الطب والعرافة معاً ، فهو يداوي فتى أصابه المرض ففعل به الأفاعيــل،
19-تصوبر صورة "القاضي" لنقل مشهدا من مشاهد الظلم الاجتماعي والفساد والرشوة
20-الحثُ على الزهد في الدنيا ومتاعها، ووصفها بأسوأ النعوت والصفات من: غدر وخداع وتقلب
21-الحث على التوبة،
22-تصوير العابثَ اللاهي.
23-تصوير الموت ، والتنبيه إلى نهاية كل حي، والتذكير بثواب الآخرة والبعث والحساب، بغية زجر السامعين، وتنبيه الغافلين وتخويفهم ، فالموت خير واعظ ، وهو قدر محتوم لا يستطيع المرء الفكاك منه
24-الاعتبار" بمن مضى من الأمم وعظام الرجال الذين أخنى عليهم الدهر ، وعصفت بهم يد الحدثان ينساب صوت وعظي تأملي ينبه إلى المصير الذي آلت إليه تلك الممالك والدول.
25-حث أصحاب الثراء والمال الى البذل والعطاء وملء بطون الأيتام والفقراء والمعوزين ويدعو إلى الكرم والسخاء والبذل في سبيل الله، ويحتقر البخل وعبادة المال ويحذر من الطمع والحرص
د-أسلوب الكتاب في المقامات :
تميزت أساليب الكتاب في مقاماتهم بما يلي
1- جاءت اللغة مفردات وأساليب مصوغة في تراكيب بسيطة سهلة واضحة،
2-استخدام السجع بشكل سائغ،
3-إبراز ثقافته الدينية التي تناسب الموضوع
4-الاقتباس من آي الذكر الحكيم؛ ليفخم بها موعظته، ويجتذب نفوس السامعين فمن الاقتباس باللفظ والصيغة
5-اختتام المقامة الوعظية بقطعة من الشعر
6- التزام السجعة أكثر من حرفين ، وهذا السجع يفيض عذوبة ورقة، وينسجم مع المعنى العام للمقامة، إذ وقع في النفس موقع الاستحسان ؛ لما أحدثه من أثر في تجميل العبارة وتزيينها وإثرائها بالموسيقى.
7-إبداء مهارة فائقة في عرض المواعظ والتوجيهات الوعظية ، إذ غالباً ما كانت الشخصية المقامية تتنكر في صورة الولي الصالح، والعابد الناسك الذي يزهد الناس في الدنيا، ويحبب إليهم الآخرة، ويذكرهم الموت والثواب والعقاب، ويحثهم على التوبة وهجر الذنوب والمعاصي، ويحض على التجمل بمكارم الأخلاق من قناعة وصبر وسخاء وتقوى
8-التعبير عن ذلك بطريقة البوح الذاتي التي تعتمد المكاشفة والمصارحة بعيداً عن الخداع والتمويه



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)