أدب الوصايا في الأندلس

أ-مقدمة :
الوصايا أدب نثري وشعري يحمل الجمال الفني المؤثر، الصادر من أديب يوجز تجربته وثمرة علمه بقطعة نثرية على شك لوصية يدعمه بالآيات القرآنية، والحكم البليغة ، وفن الوصية يأتي غالبًا في حالة خلوص ذهن، وقرب فراق في حالة يصعب على الإنسان إلا أن يحكي ما استقر في نفسه من تجارب الحياة؛ فتكون الوصية بذلك موجزة صادقة ، وأدب الوصايا فن طريف، يجمع فيه الموصي خلاصة تجاربه، ويجسد فيه عمق معرفته والوصايا تراث يسمو في مضمونه وصياغته كالوصايا من والد لولده، ولا تقف فوائد المضمون عند ذلك الولد،
ولذلك حملت الوصايا الأندلسية مضامين مهمة، تنبعث منها عاطفة جياشة، عبر عنها الأدباء بلغة فصيحة........................................ ...............
ب أهمية الوصايا :
1-تتجلى أهمية الوصايا من خلال احتفاء التشريع الإسلامي بها، يدل على ذلك ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة من نماذج للوصايا المفيدة، مثل وصية لقمان لابنه........................................ ............................

أدب الوصايا باب من أبواب التربية، بل هي فن من ضرورياته.2-
ج-أشهر الوصايا وأصحابها :
لم يهتم الأدباء الأندلسيون بالوصايا كثيراً على طريقة أسلافهم ؛ وإنما أكثر الخطباء من وصايا التمسك بعرى الدين، والزهد بمغريات الدنيا ، والدفاع عن أرض أندلس من الاستعادةل
1-ولعل أول الوصايا الزهدية في الأندلس ما وَعَظ به القاضي الزاهدُ منذر بن سعيد الخليفة عبد الرحمن الناصر لما رآه منه من انهماك في العناية بمدينة الزهراء، وانصراف عن الاهتمام بصلاة الجمعة، فخطب في الناس بحضور الخليفة، وعرّض به، فذكره بالموت ودعاه إلى الزهد في عرض الدنيا الزائل، حتى بكى الناس وبكى الخليفة، وندم على ما سلف له من فرطه، واستعاذ بالله من سخطه، وقد بدأ الواعظ خطبته بقوله تعالى: أتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون... فمتاع الدنيا قليل، والآخرة خير لمن اتقى، وهي دار القرار، ومكان الجزاء...."وهي وصية على شكل خطبة
2-ومن الوعاظ الزهاد ابن الطلاع، إذ كانت له موعظة مع المعتمد ابن عباد صاحب إشبيلية، فقد لقيه المعتمد يوماً، فنزل له عن دابته، ووعظه ابن الطلاع، ووبخه على حياته اللاهية العابثة من خلال الوصية .
3-وممن عرف بمثل هذه الوصايا والعظات الدينية الزاهد أبو بكر الطُرطُوشي، إذ دخل يوماً على الأفضل بن أمير الجيوش، فوعظه حتى أبكاه، وما جاء في موعظته: "إن الأمر الذي أصبحت فيه من الملك إنما صار إليك بموت مَنْ كان قبلك، وهو خارج عن يدك بمثل ما صار إليك، فاتق الله فيما خولك من هذه الأمة، فإن الله - عز وجل - سائلك عن النقير والقمطير والفتيل، واعلم أن الله -عز وجل - أتى سليمان بن داود مَلَكَ الدنيا بحذافيرها، فسخر له الإنس والجن والشياطين والوحش والبهائم، وسخر له الريح تجري بأمره رخاء، حيث أصاب، ورفع عنه حساب ذلك أجمع، فقال له عزَ مَنْ قال " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب "، فما عُد ذلك نعمة كما عددتموها، ولا سحبها كرامة كما حسبتموها، بل خاف أن يكون استدراجاً من الله عز وجل، فقال: " هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر " فافتح الباب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم ". وتعد هذه الموعظة التي جاءت على شكل وصية من أجمل المواعظ الدينية وأبرعها، لما امتازت به من بساطة التعبير وصدقه، وبعد عن التكليف، وقدرة على استمالة الأمير وإقناعه، وقد تسربلت تلك الموعظة بعاطفة دينية صادقة كان لها تأثير في نفس الأمير دفعته إلى البكاء فَرَقا، لأن " لأكثر الوصايا والخطب الدينية والمواعظ أثراً في النفس، وبلوغاً إلى القلب، وتأثيراً في السامع ما كان عن مطابقة حقيقية بين القول والفعل، وما كان صدى مستقيماً لسلوك مستقيم، وخلق قويم" ولقد سلك الزاهد في موعظته سبيل الترسل الذي اعتمد العبارة الطويلة مبتعداً عن العبارة القصيرة المسجوعة إلا ما ورد منها عفو الخاطر دون قصد مثل: "فافتح الباب، وسهل الحجاب". وكان تأثرها بمسلك القرآن الكريم في الوعظ وبأسلوبه واضحاً جلياً، فقد اقتبس من آي الذكر الحكيم على سبيل الاستشهاد، ليكون بينه على صدق ما يقول، وصحة ما يذهب إليه، الأمر الذي منح الموعظة جواً من المهابة والجلال الديني، وأورث " الكلام البهاء والوقار والرقة وحسن الموقع ". ويمكن أن يعد ما ورد في كتاب " سراج الملوك " للمؤلف نفسه من وصايا على شكل مواعظ زهدية في باب مقامات الوعاظ والزهاد عند الأمراء والسلاطين، ومن قوله: " يا أيها الرجل... أما ترى الدنيا تقبل إقبال الطالب، وتدبر إدبار الهارب، فخيرها يسير، وعيشها قصير، وإقبالها خديعة، وإدبارها فجيعة، ولذاتها فانية، وتبعاتها باقية، فاغتنم غفوة الزمان، وانتهز فرصة الإمكان، وخذ من نفسك لنفسك، وتزود من يومك لغدك ولا تنافس أهل الدنيا في خفض عيشهم ولين رياشهم، ولكن انظر إلى سرعة ظعنهم، وسوء منقلبهم"
4-وصى الواعظ الخطيب أبو الحسن بن شريح أمير المسلمين علي بن تاشفين ونصحه موصيا إياه باتباع العدل وحسن اختيار الولاة الصالحين " اقتداء بالخلفاء الراشدين، وامتثالاً لفعل الأئمة الصالحين الذين قدروا هذه الدنيا حق قدرها، وتحققوا مكرها وغدرها، فعدلوا إلى الدار الآخرة، وابتاعوا ما يدوم ويبقى بما يبيد ويفنى، لم يشغلهم عن القيام بأمر الله إلْف ولا سكن، ولا ثبطهم عن جهاد عدوه دار ولا وطن" . وتدل وصايا ومواعظ الزهاد الدينية عند الأمراء بجلاء على إيمانهم برسالتهم في الصلاح البشري وعلى شجاعتهم وقدرتهم على الجهر بكلمة الحق، واستهانتهم بالدنيا وزهدهم في حب العيش فيها، فكان الموصي والواعظ الزاهد ابن الطلاع " قوّالا بالحق، وإن أوذي فيه، لا تأخذه في الله لومة لائم". فجمعت مواعظهم بذلك بين الصدق والشجاعة بعيداً عن التكلف والمصانعة.





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)