3
-قصص مجهولة المؤلف :
أ-قصة ألف ليلة وليلة :
ب-أثر "ألف ليله وليله" في الأدب الغربي:
"ألف ليلة وليلة" كما جاء في المادة المخصصة لها في الموسوعة العربية العالمية، هي: مجموعة من الحكايات التي روتها شخصية تُسمى شهر زاد للسلطان شهريار، وشهريار ملك عاين خيانة زوجته؛ فتحول إلى سفاح، يأخذ بكرًا كل ليلة، ويفترعها ثم يقتلها من ليلتها، حتى ضَجّ الناس وهربوا ببناتهم، ولم يبق في تلك المدينة إلا شهر زاد ابنة الوزير. وشهر زاد حاكية هذه القصص شخصية قرأت الكتب، وسِيرَ المُلُوك وأخبارَ الأُمَم، قيل: إنها جمعت ألف كتاب من كتب التواريخ والشعر؛ فقالت لأبيها وزير السلطان: زوجني هذا الملك، إما أن أعيش، وإما أن أكون فداءً للبنات، وسببًا لخلاصهن؛ وكانت تَقُصّ عليه كُلّ ليلة حكاية، ثم تسكتُ عندما يُدركها الصباح عند موقف مشوق؛ مما جعل السلطان يستبقيها لسماع حكاياتها الباقيات. وبفضل هذه الحكايات التي روتها شهر زاد، تحولت شخصية شهريار من شخصية شريرة، إلى شخصية خيرة، ومع أنّ المسعودي وابن النديم، يشيران إلى كتابٍ فارسي بعنوان "هزار أفسان" قريب الشبه في عنوانه وشخصياته الرئيسية بألف ليلة وليلة، إلا أنّ ألف ليلة وليلة بتقاليدها القصصية الشفهية التي تناقلتها الأجيال، واحتفاظها بصورة مميزة للحياة العربية ورموزها الحضارية عبر العصور، خصوصًا العصر المملوكي، تؤكد براعة المخيلة العربية، واستمرارية التقليد الشفهي القصصي، إلى أن تم تدوينها. تعودُ أقدم مخطوطة وصلت إلينا من "ألف ليلة وليلة"، إلى القرن الحادي عشر الهجري، وقد كُتبت بِلُغة أقرب للعامية، ومَسجُوعَة أحيانًا، وتتجه بخطابها القصصي إلى الإنسان العادي، ولم تتقيد بقواعد النحو العربي، ولم يعرف لها مؤلف، ولذلك عُدّت أدبًا شعبيًّا. وتُصور "ألف ليلة وليلة" حياة الحكام والتجار، وحياة الفقراء والكادحين، وتشع فيها أجواء العجائب، وعوالم الغرائب، ويشكل انتصار الخير على الشر محورًا أساسيًّا في هذه الحكايات التي تكتظ بأجواء السحر، وعوالم الجن. ففي حكاية "مصباح علاء الدين" يتحول الشاب المتواضع علاء الدين، بمساعدة الجني، إلى ثري يتغلب على الوزير الشرير، ويتزوج من ابنة السلطان، ويتكرر في هذه القصص تحول البشر بفضل السحر إلى حيوانات مختلفة، وتكثر فيها قصص المغامرات المثيرة؛ مثل رحلات السندباد، وما شاهده من عجائب المخلوقات، مثل: طائر الرخ، والسمكة التي التبس أمرها على الملاحين، فرسوا عليها ظنًّا منهم أنها جزيرة في البحر والملاحظ أن الكلام عن هذا الكتاب في التراث العربي شحيح غاية الشحة، حتى إننا لا نجد حديثًا عنه تقريبًا إلا في كتابين اثنين هما: (مروج الذهب) للمسعودي، و (الفهرست) لابن النديم، والنّصان قصيران نسبيًّا، وإن كان نَص المسعودي أقصر كثيرًا من نص ابن النديم، ولا يشفي غليلًا. فأما في (مروج الذهب) فيقول المسعودي: إنه قد ذكر كثير من الناس، أنّ هَذه أخبار موضوعة من خرافات مصنوعة، نظمها من تقرب للملوك بروايتها، وصال على أهل عصره بحفظها والمذاكرة بها، وأنّ سَبِيلَها الكُتب المنقولة إلينا، والمُترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية، وسبيلُ تأليفها مما ذكرنا مثل كتاب (هزار أفسانة) وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية ألف خرافة، والخُرافة بالفارسية يقال لها: أفسانة والناس يسمون هذا الكتاب: (ألف ليلة وليلة) وهو خبر الملك والوزير وابنته وجاريتها، وهما: شيرزاد ودنيا زاد. ومثل كتاب (فرزة وسيماس) وما فيه من أخبار ملوك الهند والوزراء، ومثل كتاب (السندباد) وغيرها من الكتب في هذا المعنى. وأما في كتاب ابن النديم؛ فنقرأ تحت عنوان "الفن الأول في أخبار المساومين والمخارفين" وأسماء الكتب المصنفة في الأصناف، أن أول من صنف الخرافات، وجعل لها كتبًا وأودعها الخزائن، وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان، الفرس الأول؛ ثُمّ أغْرَق في ذلك ملوك الأشغانِيّة، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس، ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية، ونقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء والبلغاء؛ فهذبوه ونمقوه، وصنفوا في معناه ما يشبهه.
فأول كتاب عمل في هذا المعنى كتاب (هزار أفسان) ومعناه: "ألف خرافة" وكان السبب في ذلك أنّ ملكًا من ملوكهم، كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة، قتلها من الغد؛ فتزوج بجارية من أولاد الملوك، ممن لها عقل ودراية، يُقال لها: شهر زاد، فلما حصلت معه ابتدأت تخرفه، وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها، ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث، إلى أن أتى عليها ألف ليلة. وهو مع ذلك يطؤها إلى رُزقت منه ولدًا، فأغارته وأوقفته على حيلتها معه؛ فاستعقلها ومال إليها واستبقاها. وكان الملك "قهرمانة" يقال لها: دنيا زاد؛ فكانت موافقة لها على ذلك، وقيل: إن هذا الكتاب ألف لحمانة ابنة بهمن، وجاءوا فيه بخبر غير هذا، والصحيح -إن شاء الله- أنّ أول من سمر بالليل الإسكندر، وكان له قوم يضحكونه ، ويخرفونه، لا يريد بذلك اللذة، وإنما كان يريد الحفظ والحرس، واستعمل لذلك بعده الملوك كتاب (هزار أفسان) ويحتوي على ألف ليلة، وعلى دون المائتي سمر؛ لأن السمر رُبّما حُدّث به في عدة ليالٍ، وقد رأيته بتمامه دفعات، وهو بالحقيقة كتاب غث بارد. وابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياني صاحب كتاب (الوزراء) بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم، وغيرهم. كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره، وأحضر المُسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه، وكان فاضلًا فاجتمع له من ذلك أربعمائة ليلة وثمانون ليلة، كُل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقة، وأقل أو أكثر. ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر، ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي. والآن أحب أن نقرأ معًا قصة من كتاب (ألف ليلة وليلة) كي يكون الكلام عن شيء واضح ملموس، لا كلامًا نظريًّا؛ والقصة التي اخترتها لكم هي قصة: "الصياد والعفريت" تقول شهر زاد للملك شهريار: بلغني أيها الملك السعيد، أنه كان رجل صياد، وكان طاعنًا في السن، وله زوجة وثلاثة أولاد، وهو فقير الحال، وكان من عادته أنه يرمي شبكته كل يوم أربع مرات لا غير، ثم إنّه خرجَ يومًا من الأيام في وقت الظهر إلى شاطئ البحر، وحط معطفه وطرح شبكته، وصبر إلى أن استقرت في الماء، ثم جمع خيطانها؛ فوجدها ثقيلة، فجذبها فلم يقدر على ذلك، فذَهب بالطرف إلى البر، ودَقّ وتدًا وربطها فيه، ثم تعرى وغطس في الماء حول الشبكة. وما زال يُعالج حتى أطلعها، ولبس ثيابه وجاء إلى الشبكة؛ فوجد فيها حمارًا ميتًا، فلما رأى ذلك حزن، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم قال: إن هذا الرزقَ عجيب وأنشد يقول:
يا خائضًا في ظلام الله والهلكة ... أقصر عليك فليس الرزق بالحركة ، ثم إنّ الصيادَ لمّا رأى الحمار ميتًا خلصه من الشبكة وعصرها، فلما فرغ من عصرها نشرها، وبعد ذلك نزل البحر، وقال: "بسم الله" وطرحها فيه وصبر عليها حتى استقرت ثم جذبها، فثقلت ورسخت أكثر من الأول، فظن أنه سمك فربط الشبكة وتعرى، ونزل وغطس، ثم عالج إلى أن خلصها وأطلعها على البر، فوجد فيها زيرًا كبيرًا، وهو ملآن برمل وطين.
فلما رأى ذلك تأسف، ثم إنه رمى الزير وعصر شبكته ونظفها، واستغفر الله، وعاد إلى البحر ثالث مرة، ورمى الشبكة وصبر عليها حتى استقرت، وجذبها فوجد فيها شفافة وقوارير، فأنشد قول الشاعر:
هو الرزق لا حل لديك ولا ربط ... ولا قلم يجدي عليك ولا خط
ثمّ إنه رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إنك تعلم أني لم أرم شبكتي غير أربع مرات، وقد رميت ثلاثًا ثم إنه "سم الله" ورمى الشبكة في البحر وصبر إلى أن استقرت وجذبها؛ فلم يُطق جذبها وإذا بها وإذا بها اشتبكت في الأرض، فقال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" فتعرى وغطس عليها، وصار يعالج فيها إلى أن طلعت على البحر، وفتحها فوجد فيها قمقمًا من نحاس أصفر ملآن، وفمه مختوم برصاص، عليه طابع خاتم سيدنا سُليمان. فلما رآه الصياد، فرح وقال: هذا أبيعه في سوق النحاس؛ فإنه يساوي عشرة دنانير ذهبًا، ثم إنه حركه فوجده ثقيلًا، فقال: لا بد أني أفتحه، وأنظر ما فيه، وأدخره في الخرج، ثم أبيعه في سوق النحاس، ثم إنه أخرج سكينًا، وعالج في الرصاص، إلى أن فكه من القمقم، وحطه على الأرض وهزه لينكت ما فيه، فلم ينزل منه شيء، ولكن خرج من ذلك القمقم دُخان صعد إلى السماء، ومشى على وجه الأرض؛ فتعجب غاية العجب. وبعد ذلك تكامل الدخان واجتمع، ثم انتفض فصار عفريتًا، رأسه في السحاب، ورجله في التراب برأس كالقبة، وأيدٍ كالمداري، ورجلين كالسواري، وفم كالمغارة، وأسنان كالحجارة، ومناخير كالإبريق، وعينين كالسراجين، أشعثَ أغبر؛ فلما رأى الصياد ذلك العفريت، ارتعدت فرائصه، وتشبكت أسنانه، ونشف ريقه، وعمي عن طريقه. فلما رآه العفريت قال: لا إله إلا الله سُليمان نبي الله. ثم قال العفريت: يا نبي الله، لا تقتلني؛ فإني لا عُدّت أخالف لك قولًا، أو أعصي لك أمرًا؛ فقال له الصياد: أيها المارد، أتقول سليمان نبي الله، وسليمان مات من مدة ألف وثمانمائة سنة، ونحن في آخر الزّمان فما قصتك؟ وما حديثك؟ وما سبب دخولك إلى هذا القمقم؟ فلما سَمِعَ الماردُ كلام الصياد قال: لا إله إلا الله، أبشر يا صياد فقال الصياد: بماذا تُبشرني؟ فقال: بقتلك في هذه الساعة أشَرّ القتلات. قال الصياد: تستَحِقُّ على هذه البشارة يا قيم العفاريت زوال الستر عنك، يا بعيد، لأي شيء تقتلني، وأي شيء يوجب قتلي، وقد خلصتك من القمقم، ونجيتُك من قرار البحر، وأطلعتك إلى البر، فقال العفريت: تمنى علي أي موتة تموتها، وأي قتلة تُقتلها، فقال الصياد: ما ذنبي حتى يكون هذا جزائي منك؟ قال العفريت: اسمع حكايتي يا صياد، قال الصياد: قل وأوجز في الكلام؛ فإن روحي وصلت إلى قدمي. قال: اعلم أني من الجن المارقين، وقد عصيت سليمان بن داود وأنا صخر الجني، فأرسل لي وزيره آصف بن برخيا؛ فأتى بي مكرهًا، وقادني إليه، وأنا ذليل على رغم أنفي، وأوقفني بين يديه، فلما رآني سُليمان استعاذ مني، وعرضَ عَليّ الإيمانُ والدخولَ تحت طاعته فأبيت، فطلب هذا القمقم، وحبسني فيه، وختم علي بالرصاص، وطبعه بالاسم الأعظم، وأمر الجان فاحتملوني وألقوني في وسط البحر. فأقمت مائة عام، وقلت في قلبي: كل من خلصني أهنيته إلى الأبد؛ فمرت المائة عام، ولم يخلصني أحد، ودخلت مائة أخرى؛ فقلت: كل من خلصني فتحت له كنوز الأرض، فلم يخلصني أحد، فمرت علي أربعمائة عام فقلت: كل من خلصني أقضي له ثلاث حاجات؛ فلم يخلصني أحد، فغضبت غضبًا شديدًا، وقلت في نفسي: كل من خلصني في هذه الساعة قتلته، ومنيته كيف يموت، وها إنك قد خلصتني ومنيتك كيف تموت. فلما سَمِعَ الصّياد كلام العِفريت قال: يا الله، العجب! أنا ما جئت أخلصك إلا في هذه الأيام، ثم قال الصياد للعفريت: اعف عن قتلي يعف الله عنك، ولا تهلكني يُسلط الله عليك من يهلكك؛ فقال: لا بد من قتلك، فتمنى علي أي موتةٍ تموتها، فلما تحقق ذلك منه الصياد راجع العفريت وقال: اعف عني إكرامًا لما أعتقتك، فقال العفريت: وأنا ما أقتلك إلا لأجل ما خلصتني. فقال الصياد: يا شيخ العفاريت، هل أصنع معك مليح فتقابلني بالقبيح، ولكن لم يكذب المثل حين قال:
فعلنا جميلًا قابلوه بضده ... وهذا لعمري من فعال الفواجر
ومن يفعل المعروف مع غير أهله ... يجازى كما جوزي مجير بن عامر
فلما سَمِعَ العفريتُ كَلامَه قال: لا تطمع فلا بد من موتك؛ فقال الصياد: هذا جني وأنا إنسي، وقد أعطاني الله عقلًا كاملًا، وها أنا أدبر أمرًا في هلاكه بحيلتي وعقلي، وهو يدبر بمكره وخبثه. ثم قال للعفريت: هل صممت على قتلي؟ قال: نعم، فقال له: بالاسم الأعظم المنقوش على خاتم سُليمان أسألك عن شيء وتصدقني فيه، قال: نعم، ثم إنّ العفريت لما سمع ذكر الاسم الأعظم، اضطرب واهتز، وقال: اسأل وأوجز، فقال له: كيف كنت في هذا القمقم، والقمقم لا يسع يدك ولا رجلك، فكيف يسعك كلك! فقال العفريت: وهل أنت لا تصدق أنني كنت فيه؟ فقال الصياد: لا أصدق أبدًا حتى أنظرك فيه بعيني، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الرابعة: قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنّ الصيادَ لما قال للعفريت: لا أصدقك أبدًا حتى أنظرك بعيني في القمقم، انتفض العفريت وصار دخانًا صاعدًا إلى الجو، ثم اجتمع ودخل في القمقم قليلًا قليلًا، حتى استكمل الدخان داخل القمقم، وإذا بالصائد أسرع، وأخذ سدادة الرصاص المختومة، وسَدّ بها فم القمقم ونادى العفريت، وقال له: تمن علي أي موتة تموتها لأرميك في هذا البحر، وأبني لي هنا بيتًا، وكل من أتى هنا أمنعه أن يصطاد، وأقول له: هنا عفريت، وكل من أطلعه يبين له أنواع الموت يخيره بينها، فلما سَمِعَ العِفريت كلام الصياد أراد الخروج فلم يقدر، ورأى نفسه محبوسًا، ورأى عليه طابع خاتم سُليمان، وعلم أن الصياد سجنه، وسجن أحقر العفاريت وأقذرها وأصغرها. ثم إنّ الصياد ذهب بالقمقم إلى جهة البحر، فقال العفريت: لا لا، فقال الصياد: لا بد لا بد، فلطف المارد كلامه وخضع، وقال: ما تريد أن تصنع بي يا صياد؟ قال: ألقيك في البحر إن كنت أقمت فيه ألفًا وثمانمائة عام، فأنا أجعلك تمكث إلى أن تقوم الساعة، أما قلت لك: أبقني يبقك الله، ولا تقتلني يقتلك الله، فأبيت قولي وما أردت إلا غدري؛ فألقاك الله في يدي فغدرت بك، فقال العفريت: افتح لي حتى أحسن إليك. فقال له الصياد: تكذب يا ملعون، أنا مثلي ومثلك، مثل وزير الملك يونان، والحكيم رويان، فقال العفريت: ما شأن وزير الملك يونان، والحكيم رويان؟ وما قصتهما؟ إلى آخره. وإنّ الإنسان ليتساءل عن السبب في هذا الصمت شبه التام الذي أحاط بهذا العمل، في الكتب العربية القديمة، رغم افتتان الأجيال الأخيرة به، وبخاصة في الغرب، ولعلّ المسئول عن ذلك أنّه لا ينتمي لأحد من الكتاب، لا المشهورين ولا غير المشهورين؛ إذ هو نَتَاجٌ شَعبيٌّ ليس له صاحب معين، بل كان كل من يقدر على الإضافة إليه يصنعُ ذلك حسبما تيسر. وأغلب الظنِّ أنّه لم يكن هناك كتاب أصلًا على غرار الوضع الذي أمامنا الآن، وإنّما كانت الليالي تحكى شفاهيًّا، وتتناقل من جيل إلى جيل، على هذا النحو الذي كفل لكل مستطيع حرية الإضافة إليه، دون عائق؛ فهو كلام غير مثبت، ومن ثم لم يكن هناك حرج في الإضافة إليه، إذ من ذلك الذي كان من الممكن أن يعترض على مثل تلك الإضافات، والعمل لم يكن له صاحب كما قلنا. لقد كان الطُّلاب يقصدون مؤلفي الكتب في تلك الأزمان، ويقرؤونها عليهم، فيجيزونهم بها، إلا أنّنا في هذه الحالة لم يكن لدينا كتاب، ولا كان للعمل صاحب معين أصلًا، بل لقد ظلّ باب الإضافة مفتوحًا حتى بعد أن تم تسجيل النص كتابةً بزمن طويل، إذ تحتوي مثلًا ترجمة جالان، التي قام بها ذلك المستشرق الفرنسي في القرن الثامن عشر، على بعض حكايات مثل: "علاء الدين والمصباح السحري" و"علي بابا والأربعين حرامي" لا وجود لها في أية مخطوطة من مخطوطات ذلك العمل، على ما يخبرنا محرر مادة ألف ليلة وليلة، في موسوعة "الوكيبيديا" إذ أدخلها جلال في صلب الكتاب بناءً على ما سماعه إياها من عالم حلبي اسمه "حنا دياب". وبالمثل؛ فإنّ نص الكتاب المنشور بالعربية والألمانية في برسلاو بألمانيا قبل منتصف القرن التاسع عشر بقليل، يحتوي على قصص لم تكن في صلب "ألف ليلة وليلة"، أضافها "كرستيان هبش" من قصص سمعها أو قرأها هنا وهناك . كذلك قد تَصِحُّ الإشَارَةُ إلى أنّ الأسلوبَ الذي صيغت به قصص "ألف ليلة وليلة" ليس من الأساليب الفخمة التي تعود عليها الأدب العربي، كما لم يخل ذلك الأسلوب من الأخطاء اللغوية والنحوية، علاوة على ما يفيض به من نكهة شعبية، وعدم اهتمام بالصحية التاريخية؛ لما يشتمل عليه من أحداث وشخصيات، ودعنا مما تعج به بعض القصص من مجون فاحش. ثم لا ينبغي أن يغيب عن بالنا ما لاحظته منذ وقت طويل، من أن التراث العربي، وإن عَرَف الإبداع القصصي على نطاق واسع مذهل، كان ينقصه للأسف أن تُواكب تلك الحركة الإبداعية حركة نقدية توجهها، وتأخذ بيدها، وتُساعدها على التطوير والتجديد والتحسين، وذلك رغم ما كان هناك من حركة نقدية شعرية نشطة، بل مدوية. وحركة نقد خاصة بالرسائل والخطب، وإن كانت أقل منها نشاطًا وصخبًا. ولا ندري الآن السر في هذا الصمت النقدي تجاه الإبداع القصصي العظيم، الذي خَلّفه لنا أجدادُنَا، ولكن هكذا كانت الأمور، وظَلّت حتى العصر الحديث، حين تأثرنا بالأدب الغربي؛ فاهتممنا بالنقد القصصي، الذي لم يكن في مبتدئه سوى قطرات من ماء، ثم استحال غربًا متدفقًا آخر الأمر. على أية حال ظل هذا حال "ألف ليلة وليلة" حتى بعدما تحولت إلى نص مكتوب، ولم يقتصر ذلك النص على صورة واحدة، بل تعدد بتعدد البيئات التي سجلته، ومن هنا أصبح لدينا عدد من المخطوطات المختلفة لذلك العمل، حسب البلاد المُختلفة التي وُجدَتْ فيها تلك المخطوطات، إلى أن لفت الكتاب أنظار الغربيين؛ فعندئذٍ تبَدّل الحالُ غير الحال، وكتب لـ"ألف ليلة وليلة" حياة جديدة تختلف عن حياتها السابقة، وبخاصة حين عرفنا في العالم العربي نظام التعليم الجامعي، وبالذات بعد أن أدخلنا دراسة الأدب الشعبي ضمن مقرراته؛ فتتابعت الدراسات التي تُعنى بذلك الكتاب وكثرت.
وكانت أول ترجمة لذلك الكتاب على يد "أنطوان جالان" المستشرق الفرنسي، الذي كان يعيش في القرن الثامن عشر، ثم تبعتها ترجمة "إدور وليم لين" ما بين ألف وثمانمائة وثمانٍ وثلاثين، وألف وثمانمائة وأربعين، ثم ترجمة "جون باين" ما بين عامي ألف وثمانمائة واثنين وثمانين، وألف وثمانمائة وأربعة وثمانين، ثم ترجمة "رتشر برتن" الإنجليزية، التي ظهرت عام ألف وثمانمائة وخمسة وثمانين. وهناك ترجمة فرنسية أخرى قام بها "مار دريه" ثم تُرجمت "ألف ليلة وليلة" منها إلى الإنجليزية، ترجمة ثانية غير ترجمة "برتن" كما قام حسين هنداوي بترجمة النص الذي تولى تحقيقه العراقي محسن مهدي، كذلك ظهرت ترجمة إنجليزية بقلم "ماركلم أورسولا لاينس". سنة ألفين وثمانمائة في ثلاثة مجلدات عن دار "البنجون" المعروفة. وفي البرازيل شرع "ماميدي مصطفي جاروش" يطبع ترجمته البرتغالية التي ظهر منها حتى الآن ثلاثة مجلدات من نحو ستة مجلدات، طبقًا لما خطط له، إلى آخر ما هنالك من ترجمات إنجليزية وفرنسية وإيطالية، وألمانية وأسبانية وبرتغالية، ورومانية وهولندية ودانيماركية، ويويانية وسويدية وروسية، وبولندية، ومجرية. وكان لقصص "ألف ليلة وليلة" ولا يزال تأثير عظيم على الأدب، وسواه من الفنون في العالم الغربي، وغير العالم الغربي؛ فهي إنجاز أدبي ضخم قدّره الغربيون؛ فترجموه إلى لغاتهم، وأمعنوا فيه دراسة وتحليلًا؛ حتى تحولت الليالي إلى وحي لفنانين كثيرين، ظهر في أعمالهم الروائية والمسرحية والشعرية والموسيقية وغيرها. وتضم قائمة المتأثرين بها من الأدباء وحدهم أسماء مثل: "هنري فلدنج" و"سلمان رشدي" و"خرخلوس برخيس" و"ثاكلي" و"اسكت" و"جوتا" و"جيرال دي نرفال" و"دماس" و"استندال" و"فلبير" و"هلكي كونل" وهلمَّ جرًّا. لقد نسجت قصص على منوالها، واشتهر كثير من شخصياتها "كعلاء الدين" و"السندباد" و"علي بابا" مثلًا كما استوحي جو الغرائب والعجائب الذي يسودها، عند كتابة كثير من القصص في عصرنا هذا، فرأينا فيها الجني والبهموت، والبساط الطائر، وهذا غير استلهامها في ميدان الفنون الأخرى؛ فقد وضع "رامسيكي كورساكوف" مثلًا سيمفونيته الشهيرة "شهر زاد" عام ألف وثمانمائة وسبعة وثمانين، كما ألهمت الرسام "إدموندولاك" وغيره. وتحولت بعض حكايته إلى أفلام، كفلم "علاء الدين" و"لص بغداد" فضلًا عن كثير من ألعاب الأطفال وبرامج تسليتهم. ومن الأعمال الأدَبية التي تأثرت بألف ليلة وليلة مسرحية "كالدرون" الكاتب الأسباني "إنما الحياة حلم" إذ استعار مؤلفها هيكل قصة النائم الذي صحا، وتلخص أن ملكًا سمع شحاذًا يشكو سوء حاله، فسقاه شرابًا مخدرًا لينام ثم يستيقظ فيجد نفسه محوطًا بمظاهر الثروة والأبهة، ثم يغلبه النوم مرة أخرى ثم يستيقظ فيجد نفسه في هذه المرة، وقد عاد شحاذًا كما كان. وهناك أيضًا المعجزة الثالثة والعشرون في "ديوان المعجزات" للشاعر الأسباني "جونثالوا ديبرثيوا" وهي تشبه تمام الشبه قصة التاجر البغدادي المسلم، الذي سُرقت منه أمواله في الصين؛ فاضطر إلى استدانة ألف مثقال من أحد التجار هناك، واعدًا إياه أن يردها له في ميعاد وموضع معين، إلا أنه لما اتسع حاله وحلّ ميعاد الدين، استحال عليه أن يكون في الموضع المذكور؛ فما كان منه إلا أن وضع المبلغ في خشبة وألقاها في الماء داعيًا الله أن يوصلها إلى صاحب المال، وهو ما حدث. ولدينا "الأيام العشرة" للكاتب الإيطالي الشهير "بويكاشيو" الذي ضمن عمله هذا مائة حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، وأسندها إلى سبع سيدات، وثلاثة رِجال اعتزلوا المدينة في بعض الضواحي فرارًا من الطاعون، وفرضوا على كل منهم حكاية يقصها على أصحابه، كل صباح تسجية للفراغ؛ وقد صار "تشوسر" في ضربه؛ فكتب قصص "كانتربري" على المنوال ذاته، كما اقتبس منها الكاتب الانجليزي "شكسبير" موضوع مسرحيته "العبرة بالنهاية" ولسنج الكاتب الألماني مسرحيته "نافان الحكيم". وهناك شبيه لها يتمثل في رواية من روايات القرن الثامن عشر الميلادي، عنوانها " the man skrebt fown en saragosa" لـ"جان بوتوكي" البولاندي كما استوحاه "وليم تومس بيك فورد" في روايته "فاسك" و"إدجر ألن بو" في قصته " the sothand and saknd tern of shahr zad" الليلة الثانية بعد الألف من ليالي شهر زاد، التي أنهاها بإعدام الملك شهريار زوجته شهر زاد، على خلاف ما في ألف ليلة وليلة الأصلية، وهي تصور الرحلة الثامنة والأخيرة من رحلات السندباد، وما لقيه أثناءها من غرائب مدهشة، ولكن بعد أن حول "بو" بيئة الحوادث إلى بيئة عصرية. وكان من جراء قصة "بو" أن كتبت "كيتلين كير نان" قصة أخرى استوحتها من سلفها الأمريكي، اسمها " the sothand and therd tern of shahr zad" وفي قصته febl one thaothand and one nit of snofol نرى "بل ولينجهام" يتخذ من حكاية شهر زاد أساسًا إذ تقوم "سنو وايت" بقص حكاياتها للسلطان بما فيها من شخصيات سحرية؛ كي تفلت من مصير القتل الذي ينتظرها. ومن الأعمال التي تأثرت بـ"ألف ليلة وليلة" أيضًا: قصة " the story telars dotar". التي كتبتها "كاميرون دوكي" للأطفال" مُستلهمة إياها من "ألف ليلة وليلة" ومن الذين اعتمدوا عليها أيضًا "جون بارت" الذي ذكرها مرارًا في أعماله القصصية، أو أخذ منها بعض عناصرها وشخصياتها "وليجيسون جرت" مسرحية ظهرت عام 2005 بعنوان: "ألف وواحدة" استوحى فيها أشياء من "ألف ليلة وليلة" مع خلطها بعناصر عصرية حقيقية ومتخيلة، وأخرى من كتابات "فلوبير" وثالثة من أفلام "هتشكوك" ورابعة من "مايكل جاكسون". وفي ذات العام نشر الروائي "جوزيف كوفي نو" رواية بعنوان " frest and saknd arebian nit slost slstil verses " وهذا العنوان في حد ذات يكفي للدلالة على ما نريد قوله. وفي اليابان في أقصى الشرق نجدُ "ألف ليلة وليلة" قد تكررت ترجمتها في القرن التاسع عشر مرتين، وفي القرن العشرين عدد من المرات، وكان لها حضور طويل في أعمال غير قليل من الروائيين والشعراء، الذين ذكر بعضهم فضلها، وأشادوا بها. وفي مَجال الشعر الإنجليزي وحده لدينا قصيدة "ويلز ويرث" " the belud" "tenson the kolekshns" "the arebin nit" وإذا أردنا شيئًا من التفصيل فلنأخذ مثلًا: حكايات "كانتربري" التي ألفها "تشوسر" و"لنجاة مراني" كتاب بعنوان (آثار عربية في حكايات كانتربري) تذكر فيه أن ثلاثًا من حكايات "كانتربري" تشبه بعض قصص "ألف ليلة وليلة" فالقسم الأول من حكايات الفارس الصغير يُقابله الحصان الطائر، والمرآة والخاتم السحريان، وهو يشبه ما ورد في ألف ليلة وليلة عن الحكماء الثلاثة، الذين قدموا للملك نفس هذه الهدايا السحرية. كما أن القسم الثاني من حكاية الفارس الصغير، وهو قصة الأميرة "تكانيس" التي أدركت عدم وفاء الرجال، وعزفت عن الزواج بعد سماعها حكاية في هذا الموضوع على لسان الطيور، هذا القسم يشبه حكاية أخرى من ألف ليلة وليلة، رأتْ الأميرة فيها حلمًا من عالم الطيور، يماثل ما سمعته كانيس على لسان تلك الطير، ولا تكتفت الباحثة بهذا الكلام الموجز المرسل بل تترجم ال حكايات "التشوسرية" الثلاث، ثم تضع إزاءها النصوص العربية، كي يستطيع من يريد المقارنة بينهما بنفسه. ثم تقوم برصد وجوه الشبه تفصيلًا. وأخيرًا تختم كلامها بقولها: "إن الحكايات العربية الموازية لحكايات "تشوشر" سابقة عليها في الظهور إلى عالم الوجود، فضلًا عما ثبت مما لا يدع مجالًا للريب ؛ من أنها قد تُرجمت إلى اللاتينية قبل كتابة "تشوشر" لحكاياته، وهو ما يدل على أن الحكايات العربية كانت من المكونات لخلفية حكايات "كانتربري". هذا من جهة المضمون، وتبقى الناحية الفنية، وقبل أن تتناول الكاتبة هذا الجانب تشير إلى ما يسمى في عالم الحكايات الشعبية بقصة الإطار، وهي نوع من القصص يتكون من عدة حلقات، كل منها يشكل حكاية مستقلة؛ إلا أنها مرتبطة في ذات الوقت بالحكايات الأخرى؛ قائلة: إنه كان هناك في أوربا وقت ذاك ثلاث حكايات من ذلك الصنف، هي حكايات "روماي السبعة" و"ألدي كامير" وحكايات "كانتربري". والذي يهمنا من كلام الكاتبة هنا: هو ما قالته عن الحكايات الأخيرة، وخلاصته: أنّ عددًا من الحُجّاج الذين كانوا في طريقهم لزيارة مثوى القديس "توماس بكت" التقوا في إحدى الحانات القائمة في ضاحية من الضواحي اللندنية، وفيهم الفارس والطحان والطباخ والكاتب، والمحامي والبحار، والطبيب والقسيس، والراهب والراهبة؛ فضلًا عن "توباز" راوي القصة ذاته الذي يشرع في وصف الحقول والبساتين، والجو الطبيعي، والحانة وصاحبها، وكل شخص من تلك الشخصيات. ثم يحكي لنا الطريقة التي اتفق هؤلاء الحجاج ليلتهم تلك، في الحانة المذكورة على أن يقطعوا بها رحلتهم إلى المزار الذي كانوا يقصدونه، وذلك بأن يحكي كل منهم قصة ذات مغزًى أخلاقيّ رفيع، تعينهم على قطع الطريق، وتخفف عنهم مشاقه. وهكذا يبدأ كلًا منهم في حكاية قصته مع مقدمة ووصلة تربطها بما قبلها، في الوقت الذي ينصت الجميع بانتباه إلى ما يقول، مع مقاطعة هنا أو هناك، تطفي درًا من الحياة والموضوعية على الموضوع برمته، وقد تتطور المقاطعة إلى خصام وجدال، سَرْعان ما يتدخل صاحب الحانة بفضه بالتي هي أحسن. فإن انتقلنا إلى "ألف ليلة وليلة" وجدناها أيضًا أنها تقوم على حكاية إطار، حكاية شهرزاد وشهريار، إذ تأخذ شهر زاد كل يوم برواية حكاية صغيرة، أو حلقة من حكايات طويلة تشغل بها الملك المتعطش لدماء النساء، عن ممارسة هوايته، وتبقيه متشوقًا، ينتظر الحكاية أو الحلقة التالية، فيبقي هو بدوره على حياتها، حتى تكمل له قصتها المشوقة، ولا تنتهي تلك الحلقات إلا مع انتهاء الكتاب كله كما هو معروف. فضلًا عن أن أبطالَ الكتاب يَظَلّون حاضرون طوال الوقت، منذ أول حكاية إلى أن نبلغ الحكاية الأخيرة. ومن هنا يتبين لنا أن الأبطال في كلا الكتابين، هم الذين يروون الحكايات الموجودة فيه، وإن كانت هناك مع ذلك بعض الاختلافات الفنية، لحساب هذه مرة وتلك أخرى. ولعلنا قد لاحظنا كيف تتطور العناصر المأخوذة أو المستوحاة من عمل ينتمي إلى أحد الآداب القومية، عبر رحلته إلى أدب قومي آخر، ولا يبقى كما هو، بل يتحول في العادة متخذًا أشكالًا مختلفة، ومُكتسبًا طعومًا مُتباينة تبعًا لاختلاف البيئات، وتباين الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية في كل بلد، عنها في البلاد الأخرى غالبًا. لكنّ هذه الحقيقة لا ينبغي أن تلغي فضل الأدب المعطي، ولا أن تسلب حقّ الإبْدَاع عن الأدب الآخذ، إذ لا شيء يأتي من فراغ، بل كل إبداع أدبي أو غير أدبي إنما هو في الواقع حلقة في سلسلة طويلة متشابكة، مكوناتها: ثمرات العقل والخيال البشري على مر العصور، وعبر الأوطان. ولنأخذ أيضًا قصيدة ألفريد تين سون " collection of the arebin laies " التي يقول النقاد: إنه قد استوح ى أسوارها الساحرة من قراءته في "ألف ليلة وليلة" وبالذات من قصة "نور الدين وأنيس الجليس"، وعلى وجه أخص ذلك الجزء الذي تحكيه شهر زاد في الليلة الثالثة والثلاثين، فضلًا عن تردد ألفاظ مثل: بغداد وهارون الرشيد، والبلبل والخلافة في القصيدة، واستخدام الهلال للإمبراطورية العثمانية المسلمة، مع تكرار عبارة " the golden brim of god haron alrasheed " في آخر كل مقطع. ومما مارسته أيضًا "ألف ليلة وليلة" من تأثير في حقل الأدب الاشتراك في تمهيد السبيل لظهور مذهب الواقعية السحرية "ماجيك ريليزم" في الكتابات الروائية، ذلك المذهب الذي شاع في ثمانينات القرن العشرين، على يد عدد من روائيي أمريكا اللاتينية من أمثال الأرجنتيني "خورخي لويس بوخيس" والكولمبي "يرسيم بركيس" إذ يرسُم الكاتِبُ تفاصيل قصته رسمًا موغلًا في البساطة والألفة، وهو ما يزيد من حدة الاصطدام بالغريب والمستحيل الحدوث، حين يجاوره ويشتبك معه. والوَاقِعُ أنّ جُذور هذه الواقعية السحرية البعيدة، موجودة في الأساطير القديمة، وبخاصة في حكايات "ألف ليلة وليلة" وليس أدلّ على ذلك من إعلان "بلخيس" نفسه مرارًا عن تأثره بذلك الكتاب في بناء طريقته الإبداعية، بما تعج به من الخوارق والمعجزات، والدهشة والغرابة، واللا معقول. وبالمناسبة فلـ"بورخيس" مقالٌ عن مترجمي ألف ليلة وليلة ذلك الكتاب الذي كان يحمله معه أينما ذهب، كما أنّ الكثير من قصصه، وبخاصة في مجموعته "المرايا والمتاهات" قد بُنيت على أساس أشياء مستعارة من ألف ليلة وليلة؛ حيث تتسمُ الحِكَايةُ بالبَسَاطَةِ والأُلفَة وتُوغِلُ في أمور الواقعي اليومي ثم فجأة ودون تمهيدات، يطير البطل مثلًا، أو تبتلعه الأرض، أو تخرجه الفتاة التي أسرها العفريت سلسلة من خواتم تخصُّ الرجال الذين واقعوها، برغم تحذيراته لها وهكذا. كما قرأ "جابريل جارثيا ماركيس" مختارات من ألف ليلة وليلة في طفولته، وظل مفتونًا بها.



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)