-5-
قدامه بن جعفر
(( نقد الشعر ))
أولاً-مضـــــــمون الكتاب:
يتضمن كتاب نقد الشعر ( مقدمة وثلاثة فصول)
1-المقدمـــــة:
صاغها المؤلف صياغة موجزة مركزة تحدث فيها عن قيمة ما أسماه علم النقد وأهميته بين علوم الأدب الأخرى كعلم العروض وعلم القوافي وعلم الغريب وعلم المعاني وأطلق على هذا العلم الذي يبحث في نقد الأشعار اسم ( علم جيد الشعر ورديئه) ، وتحدث في هذه المقدمة عن عناية العلماء بهذه العلوم الجانبية الأخرى وأخذ عليهم إعراضهم عن التصدي للتأليف في نقد الشعر وتخليص جيده من رديئه لأن هذا العلم أولى بالتأليف من غيره من العلوم الأخرى ولما وجد الناس يخبطون في هذا العلم وأنهم قصروا في تأليف كتاب فيه أحب إن يؤلف كتابه هذا فكانت هذه هي غايته من تصنيف هذا الكتاب
2-الفصل الأول:
فقد تكلم فيه على حد الشعر وعرفه، فقال: إنه قول موزون مقفى يدل على معنى وشرع في الحديث عن هذه العناصر الأربعة التي يتكون منها الشعر أخذا بعين الاعتبار إن الشعر صناعة من الصناعات وكل صناعة يتوخى من صانعها إن يبلغ بها الكمال ولكن همة الصانع قد تقصر به قليلا أو كثيرا عن بلوغ هذه الغاية وقيمة الصناعة تكمن في إتقان الصنعة التي ينبغي للشاعر أنى يحذقها لا في جودة المادة التي يتخذ منها صناعته وجعل المعاني المادة الأولية في صناعة الشعر وجعل الصورة هي الوسيلة التي يتخذها الصانع للتعبير عن هذه المادة الأولية وقاده هذا الاعتبار إلى أنه لا دخل للقيم الأخلاقية في القيم الفنية كما قاده أيضا إلى أنه ينبغي إن نغتفر للشاعر مناقضته في مدح الشيء وذمه وعرض الفكرة ونقيضها إذا كان مجودا في الحالتين ودافع عن وجهة نظرة هذه بمثال تطبيقي من شعر امرئ القيس في فكرتين تبدوان متناقضتين
أحداهما : تدعو إلى الطموح
والأخرى : تدعو إلى القناعة ولكنه أجاد في عرضهما وأحسن التعبير عنهما مع إنهما على طرفي نقيض كما تحدث عن اعتزامه على وضع مصطلحات نقدية في هذا الكتاب تساعد على استيعاب الأفكار التي يعالجها متذرعا بان من سبقه من المشتغلين في حقل النقد – على قلتهم- لم ينتبهوا إلى قيمة هذه المصطلحات التي تتبلور فيها الأفكار وتتجسد المعاني ولذا اعتبر نفسه في هذا الصنيع رائدا في ميدان النقد وتعريف الشعر ومصطلحاته النقدية وإذا عدنا إلى تعريفه السابق للشعر وجدنا أنه يقصر الشعر على العناصر الأربعة التالية: (اللفظ والمعنى والوزن و القافية ) ؛ فهذه هي العناصر البسيطة التي يتركب منها الشعر فإذا ما أردنا تقويم الشعر فينبغي لنا إن نأخذ بعين الاعتبار تقويم هذه العناصر البسيطة ومركبة ويقصد من تقويمها مركبة أن ينظر إليها في ائتلاف كل عنصر من هذه العناصر البسيطة مؤتلفا مع عنصر آخر ولهذا تكونت لدية أربعة عناصر أخرى مركبة من هذه العناصر الأربعة البسيطة هي:
1-ائتلاف اللفظ مع المعنى
2-ائتلاف اللفظ مع الوزن
3-ائتلاف المعنى مع الوزن
4-ائتلاف المعنى مع القافية
وهكذا يجد الناقد نفسه إزاء أربعة عناصر أخرى مركبة أو مؤتلفة فلذا لا بد للناقد من النظر إلى هذه العناصر جميعا إذا أراد تقويم أي أثر من الآثار الشعرية كما لا بد له من دراسة كل هذه العناصر بسيطة ومركبة ليتعرف على (نعوتها) و(عيوبها) لتتكون لدية المقاييس التي تعينه على تقويم الأثر الشعري وتقديره حق قدره من حيث جودته أو رداءته وهذا ما تضمنه الفصلان اللاحقان في هذا الكتاب
3-الفـصـــل الثاني:
أفرده قدامة للحديث عن نعوت هذه العناصر الثمانية وقصد بالنعوت الشروط التي يجب أن تتوفر فيها العناصر لتكون جيدة. وابتداء قدامة كلامه هذا الفصل على نعوت العناصر البسيطة، فشرع في الحديث عن (نعوت اللفظ)
أ-فاشترط إن يكون اللفظ سمحا سهل مخارج الحروف عليه رونق الفصاحة مع الخلو من البشاعة ومثل لذلك بنماذج من شعر الحادرة الذبياني ومحمد بن عبد الله السلاماني ، والشماخ وجبها الاشجعي وغيرهم
ب-ثم انتقل من الحديث عن نعت اللفظ إلى الحديث عن نعت الوزن واشترط فيه أن يكون سهل العروض ومثل له أيضا بنماذج من شعر القدامى والمحدثين
ج- وقاده الحديث عن نعت الوزن إلى الكلام على ( الترصيع) فعرفه وأكثر من التمثيل له وأشار إلى المواطن التي يحسن فيها الترصيع والمواطن التي يقبح فيها وعلى الرغم من أنه ناقش هذه الظاهرة مناقشة النقاد
د-إلا أنه أسهم في انحراف النقد من النقد الذي يعتمد الذوق إلى النقد الذي يعتمد الشكل وبهذا أخذ يبتعد عن النقد الخالص ويقترب من البلاغة وقواعدها فناقش هذه المصطلحات البلاغية التي أخذ على نفسه تبعة تعريفها وتوضيحا والاستشهاد عليها وهكذا سار في بقية نعوت العناصر البسيطة والمركبة مفتقا ألوانا كثيرة من البلاغة لم تصل إليها يد من سبقة ممن اشتغلوا في البيان العربي وبلاغته
4-الفصل الثالث:
أ-ويأتي هذا الفصل في الجهة المناظرة للفصل الثاني فإذا كان الفصل الثاني قد تضمن الحديث عن الشروط التي تجعل عناصر الشعر مقبولة مستحسنة
ب-فإن الفصل الثالث قد قصر على الحديث عن العيوب التي تلحق القبح بهذه العناصر
ج-ونهج المنهج ذاته الذي اتبعه في عرض نعوت الشعر
د-فبدأ بعرض
1-عيوب اللفظ
2-وثنى بعيوب الوزن
3- ثم خلص من عيوب القوافي والمعاني
4-إلى الحديث عن عيوب العناصر المركبة
5-وهو لا يني يفتق ألوانا أخرى من الألوان البلاغية يعرفها ويمثل لها بالشعر القديم والمحدث أيضا . هذه صورة سريعة مقتضبة عن مضمون الكتاب ومن يمعن النظر في هذا المؤلف يجد أن قدامة قد فتح صفحة جديدة في التأليف النقدي عند العرب ذلك لأن كتابة قائم على نظرة جديدة موضوعية إلى صناعة الشعر كما يجد أن المؤلف قد اعتمد على منهج صارم شامل دونه في مطلع كتابه ثم التزمه في فصول الكتاب المتعاقبة التزاما تاما ولهذا فإننا أصبحنا مع قدامة في منأى عن الكتابات النقدية السابقة التي لا تعدو أن تكون مجموعة من الخواطر المتناثرة أكثر من أن تكون كتبا نقدية منهجية شاملة . إن كتاب نقد الشعر يطغي عليه الطابع المنطقي فكرة وتعبيرا ذلك لأن قدامة كان يكتب بوحي من ثقافته المنطقية التي بينا جوانب منها قبل قليل وبينا الأثر اليوناني فيها بوجه خاص يضاف إلى ذلك ما كان قدامة يستشهد به في غير موضع من الكتاب بآراء فلاسفة اليونان ؛ ولعل أبرز ما في الكتاب من خصائص تلك النزعة التقريرية في النقد فالذي يتصفح صفحات الكتاب من أوله إلى أخره يلمس إيمان المؤلف بالقواعد النقدية النظرية إيمانا مطلقا ولذلك هدر المؤلف بصنيعه هذا كل قيمة للذوق الفردي والشخصية الذاتية في النقد وكان كل ما يطلب من الناقد هو إن يتعلم القواعد النقدية النظرية وأن يتقن تطبيقها ثم يطلق إحكامه النقدية التي لا تخطئ على الآثار الشعرية ومن أجل هذا السبب ألف قدامة كتابه لأن من سبقه من النقاد وصفهم بأنهم (( كانوا يخبطون في تمييز جيد الشعر من رديئه منذ تفقهوا في العلوم فقليلا ما يصيبون)) ولكي يجنب الناس الوقوع في هذا الخبط رغب في أن يضع للناس القواعد التي يسلمون بها من الوقوع في الخطأ ، وتتصف هذه النزعة التقريرية القاعدية بصفتين أساسيتين:-الجـــــدة والخطـــورة -؛
1-إما الجدة : فلأن قدامة لم يسبقه أحد من النقاد إلى مثل هذا الاتجاه القاعدي الصارم في النظر إلى الشعر وهو في ذلك يغاير من سبقه من النقاد الذين يقيمون وزنا كبيرا للقيم الجمالية التي تدرك بالذوق السليم أو بالحس المرهف دون أن يستطيع الناقد التعبير عن هذه القيم وتحديدها بحدود وتعريفات
2-وأما الخطورة : فهي كامنة بكون هذه النزعة تفسر الأدب المتطور بطبيعته على قوالب متحجرة وتخضعه لقواعد ثابتة فهي بهذا تقضي على الأصالة والذوق الشخصي عند كل من الأديب والناقد على حد سواء
أثر كتاب قدامة في النقاد :
وقد كان لكتاب (نقد الشعر) أثرا كبيرا في أوساط النقاد والبلاغيين
1-فقد كان حافزا لبعض العلماء على محاولة تكميله أو شرحه أو توضيحه ومن هؤلاء موفق الدين عبد اللطيف البغدادي الذي ألف كتابين أولهما (تكملة الصناعة في شرح نقد قدامة) وثانيهما(كشف الظلامة عن قدامة )واحتذى أبو عبد الله محمد بن يوسف الكفر طابي حذو قدامة فألف كتابا سماه كتاب (نقد الشعر)
2-كما أحدث مصنف قدامة أثرا عكسيا عند بعض النقاد فتتبعوه وأحصوا ما به من غلط ومن هؤلاء الحسن بن بشر الآمدي صاحب كتاب الموازنة الذي ألف كتابا انتقد فيه كتاب قدامة وبين سهوه في كتاب سماه(تبيين غلط قدامة في كتاب نقد الشعر) وكذلك فعل ابن رشيق القيرواني صاحب كتاب العمدة فألف كتابا سماه(تزييف نقد قدامة)
3-يضاف إلى كل هذا ما نهلته كتب النقد الأخرى من كتاب نقد الشعر بعضها صرح بالأخذ منه كالمرزباني في كتابه (الموشح) فقد نهل كثيرا من كتاب قدامة وخاصة من الفصل الثالث الذي عالج فيه قدامة عيوب الشعر وبعضها الآخر لم يصرح بالأخذ منه وان كان يستمد منه كثيرا من أمثلته وتعريفاته
4-وإذا أردنا إن نقوم كتاب نقد الشعر ونضعه في موضعه من كتب النقد فلا يسمعنا إلا إن نقول:
أ-إن الكتاب قد كان له أثر غير محمود لمزجه البلاغة بالنقد مزجا صميميا وذلك بجعله الألوان البديعية جزءا لا يتجزأ من النقد الأدبي خلال قرون طويلة
ب- إن جل كتب النقد التي ظهرت بعد قدامة قد امتزج فيها النقد بالبلاغة وأصبح هذا المزج أصلا من الأصول المعتمدة فيها حتى ليبدو الفصل عسيرا بين ما هو من اختصاص النقد وما هو من اختصاص البلاغة وغدت الصفة البلاغية مسيطرة على هذه المصنفات سيطرة تامة فكثير من المصطلحات التي درسها قدامة تحت عنوان النقد كالترصيع الذي هو من نعوت الوزن والتقسيم والمبالغة والمقابلة والتعميم والتكافؤ والالتفات التي هي من نعوت المعاني والإشارة والإرداف والتمثيل وهي من نعوت ائتلاف اللفظ مع المعنى والتوشيح والإيغال وهما من نعوت ائتلاف القافية مع المعنى.... وغيرها من مصطلحات قدامة النقدية لان كثيرا منها أصبح من مصطلحات البلاغة بل دخل في باب واحد من أبواب البلاغة هو باب البديع
5-يقسم قدامة بن جعفر الشعرية – كعلم لموضوعة الشعر إلى عدة أقسام تشمل جميعها ما يسمى بالبنية السطحية وهذه الأقسام هي :
أولا : علم العروض والوزن .
ثانيا ً : علم القوافي والمقاطع .
ثالثا ً : علم لغة الشعر .
رابعا ً : علم معاني الشعر .
خامسا ً : علم الجيد والرديء من الشعر ,
ويزعم قدامة أنه لم يجد أحدا قد وضع كتابا في نقد الشعر وتخليص جيده من رديئه قبله . وأن الناس قد قصروا في وضع كتاب فيه . وبالتالي فإن قدامة كان يطمح طموحا واضحا ً ومقصودا ً لتأسيس ( علم الشعرية ) بجناحيها : النظري والتطبيقي ونلاحظ أيضا أن قدامة قدم هيكلا متكاملا لنظرية شعرية , وحدد الأجزاء وقام بتركيبها وإن لم يستطع أن يقرأ شرايين الجسد . نعني شبكة العلاقات الداخلية في النص الشعري . وسبب ذلك هو تأثره بالفكر المنطقي لأرسطو كما لاحظ عدد من النقاد , مع هذا فإن محاولته تتسم بالجدية والجهد رغم النتائج .
6-يبدأ قدامة كتابه بالبحث عن عناصر ومكونات الشعر أو ما سماه : (( معرفة حد الشعر الجائز عما ليس بشعر ويبدأ بتحديد الشعر بأنه (( قول موزون مقفى يدل على معنى )) ثم يشرح التعريف على النحو التالي :
أ- (( فقولنا – قول ٌ – دال على أصل الكلام الذي هو بمنزلة الجنس للشعر )) .
ب- (( وقولنا موزون , يفصله مما ليس بموزون من القول الموزون وغير الموزون )) .
ج- (( وقولنا – مقفى : فصل بين ما له من الكلام الموزون قواف وبين ما لا قوافي له ولا مقاطع )) .
د- (( وقولنا يدل على معنى – يصل ما جرى من القول على قافية ووزن مع دلالة على معنى , مما جرى على ذلك من غير دلالة على معنى )) .
7-ثم ينتقل إلى الحد الثاني للشعر فيرى أن الشعر صناعة : (( للشعر صناعة والغرض في كل صناعة إجراء ما يصنع ويعمل بها على غاية التجويد والكمال )) . ثم وضع لصناعة الشعر طرفين :
أ-غاية الجودة
ب-وغاية الرداءة وما بينهما وسماها قدامة ( الوسائط ) ثم شرح فكرته بأسلوب المنطق الشكلي صفات الجودة وصفات الرداءة وصفات الوسطية . (( وما يجتمع فيه من الحالتين - الجودة والرداءة – يكون الحكم عليه – بحسب قربه من الجيد أو من الرديء أو وقوعه في الوسط )) مثلما يقال : المز هو وسط بين الحلو والحامض إلا أنه لا حلو ولا حامض . ثم ينتقل إلى المعاني فيرى أن المعاني كلها معرضة للشاعر , وله أن يتكلم منها فيما أحب وآثر , من غير أن يحظر عليه معنى يروم الكلام فيه , إذ كانت المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة والشعر فيها كالصورة كما يوجد في كل صناعة من أنه لا بد فيها من شيء موضوع يقبل تأثير الصور منها )) وهنا نلاحظ الفكرة الأفلاطونية وتأثره بها . ويلغي قدامة بعض تناقضات الشاعر ويصفها بأنها مشروعة (( كأن يصف الشاعر وصفا حسنا ثم يذمه بعد ذلك ذما حسنا ً )) . كذلك يرى أن (( ليس فحاشة المعنى في نفسه مما يزيل جودة الشعر فيه )) وإنما طريقة الاستعمال هي التي تحدد ذلك , ويرى قدامة أيضا (( لا يوصف الشاعر بأن يكون صادقا , بل إنما يراد منه إذا أخذ في معنى من المعاني كائنا ما كان أن يجيده في وقته الحاضر , لا أن ينسخ ما قاله في وقت آخر )) . ومن هنا فإن – حد الشعر – عند قدامة يتكون من أربعة عناصر أساسية (( اللفظ – الوزن – القافية – المعنى )) . وأربعة أخرى تنشأ عن التشكيل وعلاقة الاستعمال بين هذه العناصر في حال ائتلافها : ((ائتلاف اللفظ بالمعنى – ائتلاف اللفظ بالوزن – ائتلاف المعنى بالوزن – ائتلاف المعنى بالقافية )). وإذن يصبح لدينا ثمانية أنواع تنحصر داخلها صفات الشعر في طرفي الجودة والرداءة والوسيطة والتدرجات التي تتشكل بينها . يقول : (( وصارت أجناس الشعر ثمانية وهي الأربعة المفردات البسائط التي يدل عليها حده , والأربعة المؤلفات منها )) . ثم يبدأ قدامة بشرح الأربعة مفردات :
أولا ً : اللفظ :أن يكون سمحا ً , سهل مخارج الحروف من مواضعها عليه رونق الفصاحة , مع الخلو من البشاعة .
ثانيا ً : الوزن :أن يكون سهل العروض من أشعار يوجد فيها وإن خلت من أكثر نعوت الشعر .
ثالثا ً : القوافي :أن تكون عذبة الحرف سلسة المخرج والتصريع .
رابعا ً : المعاني :أن يكون المعنى موجها للغرض المقصود , غير عادل عن الأمر المطلوب . (( ورأيت الناس مختلفين في مذهبين من مذاهب الشعر وهما :
أ-الغلو في المعنى إذا شعر فيه .
ب-والاقتصار على الحد الأوسط في ما يقال منه ))
وأغراض الشعراء هي : (( المديح – الهجاء – النسيب – المرائي – الوصف – التشبيه )) .
-أغراض المعاني عند قدامة:
ثم يبدأ قدامة في شرح تفريعات أغراض المعاني :
أولا ً : المديح : مدح الرجل بما هو فيه وبما يليق به .
ثانيا ً : الهجاء : ضد المديح (( كلما كثرت أضداد المديح في الشعر كان أهجى ))
ثالثا ً : المرائي : (( ليس بين المرئية والمدحة فصل , إلا أن يذكر في اللفظ ما يدل على انه لهالك , لان تأبين الميت إنما هو بمثل ما كان يمدح في حياته )) .
رابعا ً : التشبيه : إنه من الأمور المعلومة أن الشيء لا يشبه بنفسه ولا بغيره من كل الجهات إذ كان الشيئان إذا تشابها من جميع الوجوه ولم يقع بينهما تغايرا ً البتة , اتحدا , فصار الاثنان واحداً , فبقي أن يكون التشبيه ينفرد كل واحد منهما بصفتهما وإذ كان الأمر كذلك فأحسن التشبيه هو ما أوقع بين الشيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما فيهما حتى يدني بهما إلى حال الاتحاد .
خامسا ً : الوصف : هو ذكر الشيء كما فيه من الأحوال والهيئات . وأحسن الشعراء من أتي في شعره بأكثر من المعاني التي الموصوف مركب منها , ثم بأظهرها فيه وأولاها حتى يحيكه بشعره ويمثله للحسن بنعته .
سادسا ً : النسيب : هو ذكر خلق النساء وأخلاقهن وتصرف أحوال الهوى به معهن . أما الغزل فهو التصابي والاستهتار بمودات النساء . أما النسيب فهو ما كثرت فيه الأدلة على التهالك في الصبابة وما كان فيه من التصابي والرقة والخشوع والذلة والرخاوة والوجد واللوعة .
صفات تعم جميع المعاني الشعرية :
1- صحة التقسيم : أن يبتدئ الشاعر فيضع أقساما فيستوقفها ولا يغادر قسما منها
2- صحة المقابلة : أن يصنع الشاعر معاني يريد التوفيق بين بعضها وبعض والمخالفة فيأتي بالموافق بما يوافق وفي المخالف بما يخالف على الصحة .
3- صحة التفسير : أن يضع الشاعر معاني يريد أن يذكر أحوالها في شعره الذي يصنفه فإذا ذكرها أتى بها من غير أن يخالف معنى ما أتى به منها ولا يزيد أو ينقص .
4- التتميم : : أن يذكر الشاعر المعنى فلا يدع من الأحوال التي تتم بها صحته وتكمل معها جودته شيئا ً إلا أتى به .
5- المبالغة : أن يذكر الشاعر حالا من الأحوال في شعر لو وقف عليها لاجزاه ذلك في الغرض الذي قصده , فلا يقف حتى يزيد في معنى ما ذكره من تلك الحال ما يكون ابلغ في ما قصد .
6- التكافؤ : أن يصف الشاعر شيئا ً أو يذمه ويتكلم فيه , أي معنى كان يأتي بمعنيين متكافئين أي متقابلين أما من جهة المصادرة أو السلب والإيجاب أو غيرهما من أقسام التقابل .
7- الالتفات : أن يكون الشاعر آخذا في معنى , فكأنه يعترضه إما شك فيه أو ظن بأن رادا ً يرد عليه قوله أو سائلا ً يسأله عن سببه فيعود راجعا ً إلى ما قدمه فإما أن يذكر سببه أو يحل الشك فيه .
نعوت عناصر الشعر الأربعة المركبات :
1- ائتلاف اللفظ مع المعنى : ومن أنواعه :
أولا ً : المساواة : هو أن يكون اللفظ مساويا ً للمعنى حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه , وهذه هي البلاغة التي وصف بها بعض الكتاب رجلا ً , فقال : كانت ألفاظه قوالب لمعانيه أي هي مساوية لها لا يفضل احدهما على الآخر .
ثانيا ً : الإشارة : أن يكون اللفظ القليل مشتملا ً على معان كثيرة بإيماء إليها , أو لمحة تدل عليها كما وصف احدهم البلاغة فقال : هي لمحة دالة .
ثالثا ً : الإرداف : أن يريد الشاعر دلالة على معنى من المعاني فلا يأتي باللفظ الدال على ذلك المعنى , بل بلفظ يدل على معنى هو ردفه وتابع له , فإذا دل على التابع إبان عن المتبوع .
رابعا ً : التمثيل : أن يرى الشاعر إشارة إلى معنى فيضع كلاما يدل على معنى آخر , وذلك المعنى الآخر والكلام ينبئان عما أراد أن يشير إليه .
خامسا ً : المطابق .
سادسا ً : المجانس .
2- ائتلاف اللفظ والوزن : هو أن تكون الأسماء والأفعال في الشعر تامة مستقيمة كما بنيت لم يضطر الأمر في الوزن إلى نقضها عن البنية بالزيادة عليها والنقصان منها وان تكون أوضاع الأسماء والأفعال والمؤلفة منها وهي الأقوال على ترتيب ونظم لم يضطر الوزن إلى تأخير ما يجب تقديمه ولا إلى تقديم ما يجب تأخيره . وان لا يكون الوزن قد اضطر إلى إدخال معنى ليس الغرض في لشعر محتاجا إليه حتى إذا حذف لم تنقص الدلالة .
3- ائتلاف المعنى والوزن :
أن تكون المعاني تامة مستوفاة لم تضطر بإقامة الوزن إلى نقصها عن الواجب ولا إلى الزيادة فيها عليه وان تكون المعاني أيضا مواجهة للغرض , لم تمتنع عن ذلك وتعدل عنه من اجل إقامة الوزن والطلب لصحته .
4- ائتلاف المعنى والقافية :
هو مع ما يدل عليه سائر البيت أن تكون القافية متعلقة بما تقدم من معنى البيت تعلق نظم له وملائمة لما مر فيه من أنواع الائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر معنى البيت مثل :
أولا : التوشيح : أن يكون أول البيت شاهدا بقافيته ومعناها متعلقا به حتى أن الذي يعرف قافية القصيدة التي لبيت منها إذا سمع أول البيت عرف آخره وبانت له قافيته
ثانيا ً : الإيغال : هو أن يأتي الشاعر بالمعنى في البيت تاما من غير أن يكون للقافية في ذكره صنع , ثم يأتي بها لحاجة الشعر يزيد بمعناها في تجويد ما ذكره من المعنى في البيت .
عيوب الشعر :
يعدد قدامة عيوب الشعر بأنها عيوب ترجع إلى العناصر الأربعة المفردة
أولا : عيوب اللفظ : المعاظلة .
ثانيا : عيوب الوزن .
ثالثا ً عيوب القافية : التجميع الإقواء – الايطاء – إسناد .
رابعا ً : عيوب المعاني وهي :
1- عيوب المديح
2- – الهجاء
3- – المرائي
4- – التشبيه
5- – الوصف
6- – الغزل
7-والنسيب
-وهناك عيوب عامة في المعاني منها :
1- فساد التفسير .
4- الاستحالة والرفض .
5-إيقاع الممتنع في المعاني في حال ما يجوز وقوعه
6-مخالفة العرف .
7-أن ينسب إلى الشيء ما ليس فيه وله
وهناك عيوب ترجع إلى العناصر الأربعة المركبة :
أولا ً : عيوب ائتلاف اللفظ والمعنى :
1 – الإخلال
2- التطويل لغير فائدة .
ثانيا ً : عيوب ائتلاف اللفظ مع الوزن :
1- الحشو
2- التثليم
3- التذنيب .
4- التغيير
5- التعطيل .
ثالثا ً : عيوب ائتلاف المعنى والوزن :
1- المقلوب
2- المبتور .
رابعا ً : عيوب ائتلاف المعنى والقافية :
1- التكلف في طلب القافية
2 – الإتيان بالقافية من أجل السجع .




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)