-9-
عبد القاهر الجرجاني
(( نظرية النظم ))
أولاً-العرب أول من وضع البنيوية :
1-يمكن اعتبار عبد القاهر من خلال نظريته في النظم أول بنيوي عربي كما يؤكد أكثر من باحث معاصر .
2-يقول مصطفى الجوزو أن النظم عند عبد القاهر هو – وضع الكلام الوضع الذي يقتضيه علم النحو
3- والنحو هنا لا ينحصر بالإعراب بل يشمل كذلك علم المعاني والبلاغة والبيان والبديع ويدور حول الشكل , لا المعنى فيتناول الصناعة والاختيار والحسين .
4-والشكل لا يتعلق باللفظ المفرد بل بموقعه في الجملة ولا بالجملة برأسها بل بائتلافها مع جاراتها .
5- فالجرجاني كما يقول :الجوزو ينظر إلى المجموعة أو ما يسمى في أيامنا بالبنية , لا إلى المفردات ولهذا قد يصح أن نعده بحق – أبا المدرسة البنيوية .
6-ويقول إحسان عباس : كانت نظرية النظم ( أو التأليف ) عند عبد القاهر إنكارا لتلك الثنائية . أي أن يعني الناقد برؤية الصورة مجتمعة من الطرفين معا ً , دون إنكارا لتلك الثنائية , دون فصل بينهما .
7- لقد أصبح مصطلح ( المعنى ) لديه يعني الدلالة الكلية المستمدة من الوحدة
8-ثم انتقل من تفاوت الدلالات إلى مرحلة لم ينتبه إليها أحد قبله من النقاد . إلا وهي معنى المعنى .
9-يقول عبد القادر في أسرار البلاغة : وإذا عرفت هذه الجملة فها هنا عبارة مختصرة وهي أن تقول المعنى ومعنى المعنى . تعني بالمعنى بالمفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل إليه بغير واسطة . وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر )) .
10-وفي كتابه (( دلائل الإعجاز )) مجموعة من الأفكار الأساسية :
أولا ً : يقول : (( ينبغي أن ينظر إلى الكلمة قبل دخولها في التأليف وقبل أن تصير إلى الصورة التي بها يكون الكلم إخبارا وأمرا ونهيا واستخبارا وتعجبا ً , وتؤدي في الجملة معنى من المعاني التي لا سبيل إلى إفادتها إلا بضم كلمة إلى كلمة وبناء لفظة على لفظة )) .
ثانيا ً : تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب من بعض . والكلم ثلاث : اسم وفعل وحرف . وللتعليق فيما بينها طرق معلومة , وهو لا يعدو ثلاثة أقسام : تعلق اسم باسم وتعلق فعل بفعل وتعلق حرف بهما . ولا يكون كلام من جزء واحد , وانه لا بد من مسند ومسند إليه وكذلك السبيل في كل حرف يدخل على جملة .
ثالثا ً : إن الألفاظ لا تفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة , ولا من حيث هي كلم مجردة , وان الفضيلة وخلافها , في ملائمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها . ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع ثم تراها بعينها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر والألفاظ تابعة والمعاني متبوعة .
رابعا ً : في نظم الكلم – تقتفي الحروف في نظمها – أثار المعاني وترتبها على حسب ترتيب المعاني في النفس . فهو نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض , وليس هو النظم الذي معناه ضم الشيء إلى الشيء كيف جاء واتفق . ولذلك كان عندهم نظيرا النسيج والتأليف والصناعة والبناء والوشي والتحبير وما أشبه ذلك , مما يوجب اعتبار الأجزاء بعضها مع بعض حتى يكون لوضع كل حيث وضع , علة تقتضي كونه هناك , وحتى لو وضع في مكان غيره لم يصلح والفائدة في معرفة هذا الفرق بين الحروف المنظومة والكلم المنظومة انك إذا عرفته عرفت أن ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها في النطق , بل أن تناسقت دلالتها وتلاقت معانيها على الوجه الذي اقتضاه العقل
خامسا ً : النظم صنعة يستعان عليها بالفكرة . ومحال أن تفكر في شيء وأنت لا تضع فيه شيئا وإنما تضعه في غيره لو جاز لك ذلك , لجاز أن يفكر البناء في الغزل ليجعل فكره فيه وصلة إلى أن يصنع من الآجر , وهو من الإحالة المفرطة . واعلم أن ترتيب الألفاظ وتواليها على النظم الخاص , ليس هو الذي طلبته بالفكر ولكنه شيء بسبب الأول ضرورة , من حيث أن الألفاظ إذ كانت أوعية للمعاني , فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها . فإذا وجب لمعنى أن يكون أولا في النفس , وجب للفظ الدال عليه أن يكون مثله أولا في النطق . فإما أن تتصور في الألفاظ أن تكون مقصودة قبل المعاني بالنظم والترتيب وان يكون الفكر في النظم الذي يتواصفه لان تجيء بالألفاظ على نسقها فباطل من الظن .
سادسا ً : إن النظم لا يكون في الكلم , حتى يعلق بعضها ببعض ويبني بعضه على بعض وتجعل هذه بسبب من تلك . ولما كانت المعاني إنما تتبين بالألفاظ وكان لا سبيل للمرتب لها والجامع شملها إلى أن يعلمك ما صنع في ترتيبها بفكره , إلا بترتيب الألفاظ في نطقه , تجوزوا فكنوا عن ترتيب المعاني بترتيب الألفاظ ثم بالألفاظ بحذف الترتيب , ثم اتبعوا ذلك من الوصف والنعت ما إبان الغرض وكشف المراد .
سابعا ً : النظم هو : توخي معاني النحو في معاني الكلم إن الشعر لا يختص بقائه من جهة نفس الكلم وأوضاع اللغة . فالحلي لا تختص بصائغها من حيث الفضة والذهب ولكن من جهة العمل والصنعة . فالاستعارة في أصلها مبتذلة معروفة وإنما كان ما ترى من الحسن , بالمسلك الذي سلك في النظم والتأليف . فالشعر كما قال الجاحظ : (( صياغة وضرب من التصوير )) .
ثامنا ً : لا يصلح تقدير الحكاية في النظم والترتيب : بل لن تغدو الحكاية الألفاظ وأجراس الحروف , وذاك أن الحاكي هو من يأتي بمثل ما أتى به المحي عنه , ولا بد أن تكون حكايته فعلا له وان يكون بها عاملا عملا مثل عمل المحكي عنه , نحو أن يصوغ إنسان خاتما يبدع فيه صنعة ويأتي في صناعته بخاصة تستغرب , فيعمد آخر يعمل خاتما على تلك الصورة والهيئة ويجيء بمثل صنعته فيه , ويؤديها كما هي فيقال : انه قد حكى عمل فلان وصنعة فلان .
تاسعا ً : التخييل هو : (( ما يثبت فيه الشاعر أمرا هو غير ثابت أصلا , ويدعى دعوي لا طريق إلى تحصلها ويقول قولا لا يخرج فيه نفسه ويريها ما لا ترى ( انه ) خداع للعقل وضرب من التزويق .
عاشرا ً : وراوي الشعر حاك , وليس على الحاكي عيب ولا عليه تبعة , إذا هو لم يقصد بحكايته أن ينصر باطلا ً أو يسوء مسلما وقد حكى الله تعالى كلام الكفار , فانظر إلى الغرض الذي له روي الشعر ومن اجله أريد .
ملاحظات حول أفكار عبد القاهر الجرجاني:
1- استخدم عبد القاهر المصطلحات التالية : التأليف – الصياغة – الباني – الاتحاد – الكلام – التغيير – الإبدال – التحويل – الصورة – الفكر – الحكاية – المرتب – الجامع – الترتيب – التخييل – الإحالة – المسند والمسند إليه – التوالي – النفس – العقل – المعنى – اللفظ – الصنعة – الهيئة – الدال والمدلول والدلالة – التناسق – التعليق – الجملة – الملائمة – معنى المعنى – التحسين – الواسطة – الإفضاء . . . الخ .
هذا القاموس المنحوت من الخبرة بعلم الشعر ولعم النظم يوحي لنا – بعد أن نضعه في السياق – بالتأثير الواضح لقاموس عبد القاهر النقدي في الدراسات العربية المعاصرة .
2- نظر الجرجاني إلى النص الشعري على أنه مجموعة من البنى لا قيمة لإحداها دون الأخرى . والأهم من ذلك ليس التعرف على البنى وإنما تحديد ماهية العلاقة بينها .
3-تجاوز المرحلتين التقليديتين :
- المعنى الظاهري
-والمعنى الباطني ,
إلى سلسلة لا نهاية لها من المعاني
4- كسر ثنائية الألفاظ والمعاني وأقام بدلا منها بناءا ً جديدا ً شاملا ً .
5- هناك كينونة للألفاظ قبل استعمالها تختلف عن كينونتها بعد الاستعمال حيث تنتقل من الثبات إلى التحويل .
6- ربط النظم بالصنعة والحالة النفسية معا ً .
7- الفصاحة ليست في الألفاظ (( وإنما هي في تلك العملية الفكرية التي تضع تركيبا ً من عدة ألفاظ )) . كما يلاحظ إحسان عباس على أفكار الجرجاني .
8- الجملة هي الأصل الجزئي وليس اللفظ .
9- إن مفهوم الشعرية هنا يشمل الشعر والنثر
10- شعرية عبد القاهر هي شعرية الكتابة والتأليف والنظم .
11- والنظم نفسه يعني صناعة وتأليف الكتابة




المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)