1
-مفهوم الصورة في الأدب العربي:
يكون من الصعب قبل عصر التدوين أن نقف بدقة على مدى الفهم للصورة الأدبية في العصر الجاهلي وفي بداية عصر الإسلام، لأن تعليقاتهم الموجزة على الشركات في الغالب غير مدونة، فأصبحت عرضة للضياع، فإذا كان الشعر قد ضاع معظمه، ولم يبق إلا أقله، وليس هو مظنة الضياع، لتمكنه من النفس والعقل معًا، فكيف بالنثر الذي قيل حوله، ولو انتهى إلينا خبر عن بعض النقاد في العصر الجاهلي يبين مدى اهتمامه بالصياغة والصورة فقد يتسرب الشك فيه وفي نقله، كما حدث فيما ورد عن النابغة الناقد في سوق عكاظ تحت القبة الحمراء، ليصدر حكمه في شعر وقع لمشاهير ثلاثة الأعشى والخنساء وحسان، قد فاضل بينهم على الترتيب السابق، فسأله حسان عن سرّ تفوق الخنساء عليه، وهي في نفس الوقت دون الأعشى في الحكم، فقال النابغة لحسان: "قلت: الجفنات، وهي جمع قلة لو قلت: الجفان، لكان أفضل، وقلت: يلمعن، واللمعان يختفي ويظهر، ولو قلت يشرفنَ لكان أفضل وقلت بالضحى، وكل شيء يلمع في الضحى، ولو قلت بالدجى لكان أفضل، وقلت يقطرن، ولو قلت يجرين، لكان أفضل. كان مثل هذا يحدث من نوابغ الشعراء النقاد كالنابغة، حين أظهر اهتمامه بالصياغة، واختيار الصورة المناسبة للمعنى الذي عبر عنه حسان، ووضح في المحاورة النقدية التي تمت بينهما ما هبط فيه شعر حسان، وكشف النابغة عن أسرار الضعف في اختيار الألفاظ غير الملائمة للمعنى، مما أدَّى إلى نزول شعره إلى المرتبة الثالثة. ويزيد من اهتمام النقاد في العصر الجاهلي بالصورة وللصباغة، ما اتجه إليه بعضهم من الصناعة الشعرية، كزهير بن أبي سلمى، زعيم مدرسة الصنعة في الشعر آنذاك- ومعلوم إذا أطلق لفظ الصناعة في الكلام، إنما يتجه إلى الصياغة والتصوير، لأن زهيرًا ومن اعتنق مدرسته كانوا يعكفون على القصيدة حولًا كاملًا- حتى سميت القصائد بالحوليات فيتميز اللفظ ويوضع مكانه لفظ آخر، أو يعدل الأسول، أو تضاف استعارة، أو يحذف تشبيهه ويستبدل بآخر، وهكذا، ومثل هذا الصنيع، يجعلنا تحكم على المدرسة بأنها تهتم بالصياغة والصورة، ليشرف المعنى ويقول الجاحظ: "ومن شعراء العرب، من كان يدع القصيدة تمكث عنده حولًا كريتًا، وزمنًا طويلًا، يردَّد فيها نظره، ويجيل فيها عقله، ويقلب فيها رآيه اتهامًا لعقله وتتبعًا على نفسه فيجعل عقله زمامًا على رأيه، ورأيه عبارًا على شعره، إشفاقًا على أدبه، وإحرازًا لما خوله الله من نعمته، وكانوا يسمون تلك القصائد الحوليات والمقلدات والمنقحات والمحكمات، ليصير قائلها حذيذا وشاعرًا مفلقًا" كما ورد في (البيان والتبيين: الجاحظ جـ 2 ص 9. د. محمد عبد المنعم خفاجي-1958.) لذا يقول الدكتور خفاجي: "وكان ارتباط الشعر الجاهلي، بالغناء ورغبة بعض الشعراء في التجويد والتجديد في المعاني من أسباب نشأة هذه المذهب الفني". وقال أيضًا: "كان زهير بن أبي سلمى يسمى كبار قصائده بالحوليات، ولذا قال الحطيئة خير الشعر الحولي المحكك، وقال الأصمعى: زهير بن أبي سلمى والحطيئة وأشباههما عبيد الشعر، وكذلك كل من جود في جميع شعره، ووقف عدد كل بيت قاله وأعاد فيه النظر، حتى يخرج أبيات القصيدة كلها مستوية في الجردة" لهذا كله كان النقاد في العصر الجاهلي، يحكمون على الشعراء بمقدار جودتهم في الصياغة، ويصفونهم حسب أسلوبهم وتصويرهم، فيقولون: إن ربيعة بن عيد كان يسمى المهلهل، لأنه أول من هلهل الشعر وأرقه كما ورد في (الأغاني: الأصفهاني ط دار الكتب جـ 5 ص 57.) ، وكذلك المرقش لتحسينه شعره وتنميقه ، وكذلك قالوا: الأفوه، والمثقب، والمنخل، وسموا القصائد الحوليات والمقلدات والمنقحات والمحكمات . ويدل هذا على اهتمام مدرسة الصنعة بالأسلوب والصياغة، وعنهما كانت الصورة الأدبية بعد ذلك وهكذا استمر مذهب التثقيف وطول التهذيب مذهبًا فيما يسير عليه بعض الشعراء حتى بعد العصر الجاهلي وكان أساسًا لمذهب البديع الذي نشأ على يد مسلم وأبي تمام من المحدثين( الحياة الأدبية في العصر الجاهلي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص 244، 247. طبعة ثانية 1958 م.) وقد غالى من رمي الشعر الجاهلي كله ونقده بالشك وعدم صحة الإخبار عنه (مثل د. طه حسين في كتابه "في الأدب الجاهلي وغيره ) ، ولست معهم في هذا الشك المطلق، ما دام هناك في الأدب العربي صناعة شعرية، وللصناعة في أي فنّ، مادة وشكل، ومعنى وصورة. لذلك تجد ذا الرمة الشاعر الإسلامي، يعجب بالصورة والشكل في أبيات للكميت ولم يصرح بهذا اللفظ، وإن ذكر خاصة تتصل بالصورة لا المعنى قال: "أحسنت ترقيص هذه القوافي" ( المذاهب الأدبية: د. ماهر حسن فهمي ص 27.) ، كما تعجب الكميت من تصوير ذي الرمة حينما أنشد قوله:
دعاني ما دعاني الهوى من بلادها ... .......إذا ما نأت خرقاء عنى بغافل
فقال الكميت: لله بلاء هذا الغلام، ما أحسن قوله وأجود وصفه يقول: الأستاذ الدكتور خفاجي: "وهذا يدل على إنصاف الكميت في النقد وتمييز الجيد من الرديء في الشعر(" دراسات في النقد الأدبي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص 100 طبعة أولى ).


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)