6-قدامة بن جعفر والصورة الأدبية:

وممن أشار إلى الصورة الأدبية قدامة بن جعفر الذي اعترف بها عنصرًا من عناصر الشعر، وربطها بغيرها من العناصر الأخرى فهو يرى "أن المعاني كلها معرضة للشاعر وله أن يتكلم منها فيما أحبَّها وآثر، من غير أن يحظر عليه معنى يروم الكلام فيه، إذا كانت المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة، والشعر فيها كالصورة، كما يوجد في كل صناعة، من أنه لا بد ليها من شيء موضوع يقل تأثير الصورة منها، مثل المحب للتجارة، والفضة للصباغة ( نقد الشعر: قدامة بن جعفر ص 13 المتوفي سنة 337.) وكلام قدامة أدخل في باب التصوير من رأى الجاحظ فيه، فقد جعل للشعر مادة وهي المعاني، وصورة وهي الصناعة اللفظية، وبالتجويد في الصياغة، يقول: "وعلى الشاعر إذا شرع في أي معنى كان من الرفعة أو الصنعة.... وغير ذلك من المعاني الحميدة أو الذميمة أن يتوخَّى البلوغ من التجويد في ذلك إلى الغاية المطلوبة ، ويضيف قدامة عنصرًا جديدًا في بيان مفهوم الصورة الشعرية، حيث يشبه صناعة الشعر بغيره من سائر الصناعات كالتجارة للخشب، والصياغة للفضة، فالجميع يعتمد على مادة وشكل، فالفضة مثلًا يتخذ منها أشكالًا مختلفة، وكل شكل يسمى صورة كالخاتم مثلًا، وكذلك الأمر في الشعر لأنه كسائر الصناعات يقول ابن سلام الجمحي عن الشعر "صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات" ( طبقات الشعراء: ابن سلام الجمحي المتوفي عام 332 هـ ص 3. ). ويبيّن أيضًا فضل الصورة في العمل الأدبي، إذ بها تقاس قدرة الشاعر ومهارته في صناعة الشعر، فالقطعة من الخشب أو الفضة في ذاتها لا تفصل قطعة أخرى إلا بالصورة التي ظهرت فيها، وقد يتناولها الصانع في صورتين، فتظهر إحداهما ذميمة، والأخرى جميلة، مع أن المادة من الخشب أو الفضة واحدة فيها. وكذلك الشعر عند ابن جعفر، قد يتناول الشاعر موضوعًا واحدًا، يصوره تصويرًا حسنًا في مواطن، ويعرض إيَّاه في معرض قبيح في موطن آخر، ويدل هذا -مع اتحاد المادة- على قدرة الشاعر ونبوغه، التي ترجع إلى التصوير يقول في ذلك. "إن مناقضة الشاعر نفسه في قصيدتين أو كلمتين، بأن يصف شيئًا وصفًا حسنًا، ثم يذمه بعد ذلك ذمًّا حسنًا بينًا غير منكر عليه، ولا معيب من نعله، إذا أحسن المدح والذم، بل ذلك يدل على قوة الشاعر في صناعته واقتداره عليها( نقد الشعر: قدامة ابن جعفر ص 13، 14.") . وفي مكان آخر ينتصر اللفظ والصورة، ويقدمها على المعنى والمادة، فيرى أن معيار الجمال يرجع إلى الشكل أكثر مما يرجع إلى المعنى، مما لا يستغنى عنه شاعر ولا خطيب ويذكر الخصائص التي تتصل به وتنبني عليه، وهي موسيقى الصورة التي ترجع إلى الشكل لا إلى المعنى كالترصيع والسجع. واعتدال الوزن وغيرها مما يتصل بالشكل ويرجع إلى بنائه يقول: "وأحسن البلاغة الترصيع والسجع، واتساق البناء، واعتدال الوزن، واشتقاق لفظ من لفظ، وعكس ما نظم من بناء وتلخيص العبارة بألفاظ مستعارة، وإيرادها موقورة بالتمام، وتصحيح المقابلة بمعانٍ متبادلة. وصحة التقسيم بإنفاق النظوم وتلخيص الأوصاف بنفي الخلاف، والمبالغة في الرصف بتكرير الوصف، وتكافؤ المعاني في المقابلة والتوازي، وإرداف اللواحق، وتمثيل المعاني ... فهذه المعاني مما يحتاج إليه في بلاغة المنطق، ولا يستغنى عن معرفتها شاعر ولا خطيب " (جواهر الألفاظ: قدامة بن جعفر ص 3: 8 ط القاهرة "1350 هـ - 1932 م"). والحديث هنا حديث الألفاظ والصياغة، والإيقاع والوزن وغيرها مما تعتمد عليه الصورة الأدبية من ترصيع وسجع، وتلاؤم وزن، وطباق واستعارة، وتقسيم ومقابلة وتكافؤ ومبالغة في الوصف، وتوازن وكناية، وغير ذلك مما يتصل بالشكل واللفظ اتصالًا مباشرًا لا بالمادة والمعنى. ومن هذا نعلم أن قدامة قد اعترف بالصورة الأدبية وعرف لها مكانها في العمل الأدبي ولم يجحد العناصر الأخرى المكونة مع الصورة للعمل الأدبي".


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)