مدح آل البيت في عصر الانحدار
إبان الدولة الفاطمية
التي جعل خلفاؤها من أنفسهم أصحاب الحق الذين وصلوا إليه، وتبنّوا كل ما قيل عنهم منذ عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى عهدهم، وزادوا عليهم ببناء فلسفة تعطيهم القداسة المطلقة والعصمة، ولذلك يقول ابن أبي حصينة المعري الحسن بن عبد الله بن أحمد، شاعر من الأمراء، ولد ونشأ في معرة النعمان، وانقطع إلى دولة بني مرداس في حلب، فأوفدوه إلى الخليفة الفاطمي، فمدحه فمنحه الخليفة لقب الإمارة، له ديوان شعر توفي (457 هـ) .( ابن شاكر: فوات الوفيات 1/ 332.) في مدح المستنصر الفاطمي:
لولا بنو الزّهراء ما عرف التّقى ... فينا ولا تبع الهدى الأقوام
يا آل أحمد ثبّتت أقدامكم ... وتزلزلت بعداكم الأقدام
لستم وغيركم سواء، أنتم ... للدّين أرواح وهم أجسام
يا آل طه حبّكم وولاؤكم ... فرض وإن عذل اللّحاة ولاموا
وقد أفرط الشعراء الفاطميون في مدح خلفائهم، وجاوزوا بذلك الحد، وخلعوا عليهم صفات النبوة وأشركوهم فيما ذهبوا إليه من سبق الرسول الكريم بالخلق على كل الخلائق، وجعله علة الكون، ومصدر فيض الموجودات، وبدؤوا ذلك بتشبيههم بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في جلالته وهيبته، مثل قول الأجلّ في مدح المستنصر:
جلالة هيبة هذا المقام ... تحيّر عالم علم الكلام
كأنّ المناجي به قائما ... يناجي النّبي عليه السّلام
وثنّوا بإشراك آل البيت للرسول صلّى الله عليه وسلّم بالشفاعة، فتوسّلوا بحبهم للخلاص من الذنوب والعذاب، وفي ذلك يقول الأجلّ:
معشر حبّهم وطاعتهم حص ... ن لنا من عذاب نار السّعير
مدحهم في المعاد ذخري إذا أف ... لست من كلّ مقتنى مذخور
وبعد ذلك لم نعد نجد فرقا بين ما مدح به المادحون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين ما مدح به شعراء الفاطميين خلفاءهم، فالمؤيد داعي الدعاة يمدح المستنصر بقصيدة، لولا القرينة لظننا أنه يمدح النبي الكريم بقوله:
تزيّن مدح المادحين بذكره ... فعنه تبدّت مدحة وثناء
إذا ما لواء الحمد زيّن أهله ... فأنت لمحمود اللّواء لواء
تباهي بك الأرض السّماء حقيقة ... فأنت لمن فوق السّماء سماء
ثم دخل شعراء الفاطميين في غلوهم المستمد من العقيدة الفاطمية، وهذا الغلو هو ما قال به المتصوفة في النبي صلّى الله عليه وسلّم، وغيرهم، الذين يقولون بالحقيقة المحمدية، فالفاطميون هم أول من تجلى الله بهم واستجار بهم الأنبياء، وخدمتهم الملائكة، وفي ذلك يقول داعي الدعاة:
هم الألى بهم تجلّى ربّنا ... لخلقه سبحانه عزّ وجل
ويظهر من شعر الفاطميين تأكيد على بيان مذهبهم، وجوانب عقيدتهم، فكان التفاتهم إلى مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم قليلا، ولولا ادعاء الفاطميين بالانتساب إليه ووراثته لما وجدنا عندهم هذه الالتفاتة العجلى، وحتى عند ما عادوا إلى الوراء، وتحدثوا عن علي ابن أبي طالب وفضائله وخلافته للرسول الكريم لم يزيدوا على ما ذكروه شيئا. فطلائع ابن رزيك الذي سرد في قصيدة له بعض أخبار علي، لم يزد في ذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ما جاء به غيره، فقال:
بال رسول الله ناجيت خالقي ... بصدق فينجي من نوب النّوائب
وبوّاني منه أمانا موسّعا ... وقد كنت أخشى أن تسدّ مذاهبي
فمنهم إمام الحقّ حيدرة الذي ... أبان غموض المشكلات الغرايب
عليه ترى الإجماع لا شكّ واقعا ... ولم تره بعد النّبيّ لصاحب
وزوّجه الرّحمن بالطّهر فاطما ... وقد ردّ عنها راغما كلّ خاطب
ويتأكد من ذلك كله أن شعراء الفاطميين قد أخذوا بالعقيدة الفاطمية، ولم يلتفتوا إلى ما سواها، فأفرغوا قدراتهم في جلائها، ومدح الخلفاء الفاطميين وآل البيت، وكان من الطبيعي أن يمدحوا مدار فخرهم وعلة تفضيلهم، وهو الرسول العظيم، لكنهم لم يفعلوا، وظل الأمر عندهم يرد عرضا دون قصد إليه. ويؤكد هذا الاتجاه طلائع بن رزيك الذي وصل إلى مرحلة نظم الروايات والأحاديث التي تؤكد وصية النبي لعلي بن أبي طالب، لكنه لم يخص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدح ما خص به عليّا، فقال في إحدى قصائده:
ويوم (خمّ) وقد قال النّبيّ له ... بين الحضور وشالت عضده يده
من كنت مولى له هذا يكون له ... مولى، أتاني به أمر يؤكّده
من كان يخذ له فالله يخذله ... أو كان يعضده فالله يعضده
نادى بأعلى العلا جبريل ممتدحا ... هذا الوصيّ وهذا الطّهر أحمده
وفي الفرات حديث إذ طغى فأتى ... كلّ إليه لخوف الهلك يقصده
قالوا: أجرنا، فقام المرتضى فرحا ... بالفضل والله بالإفضال مفرده
وقال للماء غض طوعا فبان لهم ... حصباؤه حين وافاه يهدّده
ويظهر أنه أراد بسرد هذه الروايات أن يثبت ما لعليّ من كرامة ومعجزات تشابه معجزات الأنبياء، ويؤكد وصول علي إلى مرتبة الأنبياء حين يجعل قصده مثل الحج، وحين يجعله علة قبول العبادات والطاعات، في قوله:
فلولا أنت لم تقبل صلاتي ... ولولا أنت لم يقبل صيامي
عسى أسقى بكأسك يوم حشري ... ويبرد حين أشربها أوامي
فأين ذكر رسول الله في هذا الشعر؟ لا نجده، لأن شعراء الفاطميين كدّوا أذهانهم للإحاطة بعقائدهم وغيبياتهم التي جعلت من الخلفاء تجسيدا للسر الإلهي أو للجوهر الفرد، كما قال عمارة اليمني حين ردّ على أحد الشعراء الذي ذمّ الدولة الفاطمية:
والجوهر الفرد نور ليس يعرفه ... من البريّة إلّا كلّ من عرفا
لولا تجسّمه فيهم لكان على ... ضعف البصائر للأبصار مختطفا
لذلك أظهر الشعراء عجزهم عن الإحاطة بفضائل الفاطميين، وهذا المعنى تناقله شعراء المدائح النبوية الذين وجدوا أنفسهم مقصرين في كل ما يقولونه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهذا عمارة اليمني يخاطب العاضد قائلا
لا يبلغ البلغاء وصف مناقب ... أثنى على إحسانها التّنزيل
شيم لكم غرّ أتى بمديحها ال ... فرقان والتّوراة والإنجيل
سير نسخناها من السّور التي ... ما شانها نسخ ولا تبديل
ولم يكتف عمارة بقوله إن القرآن مدح الفاطميين، بل زاد على ذلك ورود مدحهم في التوراة والإنجيل، وهذا ما يذهب إليه المؤلفون في دلائل النبوة، وفي أن الكتب السماوية بشّرت بمبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا ما ردّده شعراء المدائح النبوية بعد ذلك. لكن هذا التوجه لم يكن عند الشعراء الفاطميين جميعا، فكان بعضهم يؤكد في مدحه على التوجه السياسي والديني، ويشير إلى علاقتهم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من مثل قول ظافر الحداد في الآمر:
لأنت وارث ملك الأرض قاطبة ... ومدّعيه سواك الغاصب العادي
وسوف تكمل ما استوجبت حوزته ... بمنزل الوحي لا أخبار آحاد
بجند نصرك فرسان ملائكة ... لا ما يرى النّاس من خيل وأجناد
بها أمدّ أباك الله في أحد ... وفي حنين وبدر أيّ إمداد
فأنت للخلق روح ظاهر وبه ... يحيا ولو لاك أضحى رمّ أجساد
ويوضح هذا التوجه ابن سناء الملك هبة الله بن جعفر، أديب مشهور كتب في ديوان الإنشاء وكان بارع الترسل والنظم، له كتاب (دار الطراز في الموشحات) وديوان شعر. توفي سنة (608 هـ) . حين طلب الشفاعة من الخليفة الفاطمي، لكنه جعله واسطة بينه وبين صاحب الشفاعة، رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
يا ابن النّبيّ عسى في البعث تبعث لي ... من عند جدّك عتقا لي من النّار
وقد تأثر الشعراء الذين لا يتشيّعون بهذا التوجّه في مدح آل البيت، وظلوا يذكرونهم بعد القضاء على الدولة الفاطمية، مثل قول البوصيري فيهم:
فقل لبني الزّهراء والقول قربة ... يكلّ لسان فيهم أو قصائد
أحبّكم قلبي فأصبح منطقي ... يجادل عنكم حسبة ويجالد
وهل حبّكم للنّاس إلّا عقيدة ... على أسّها في الله تبنى القواعد
وإنّ اعتقادا خاليا من محبّة ... وودّ لكم آل النّبيّ لفاسد
وظل ذكر آل البيت في الشعر المملوكي سائرا، ومدحهم موجودا في المدائح النبوية وسواها، وخاصة حين يقصد الشاعر أحد الهاشميين مادحا، فإنه لا يجد مدحا لهم أكثر من انتسابهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وربما أضاف إلى ذلك ما تسرّب إليه من شعراء الدولة الفاطمية، أو ما كان يمدح به الهاشميون قبل عصره، الجزار: يحيى بن عبد العظيم. شاعر وقته، كان في بداية أمره جزارا، وله مصنفات توفي سنة (679 هـ) .( ابن شاكر: فوات الوفيات 4/ 277. ) الشاعر المملوكي مثلا، يقول في مدح الشريف تقي الدين بن ثعلب:
ليت شعري أيقظة أم مناما ... نظرت مقلتاي هذا المقاما
وقفتني ببيت من كانت الأم ... لاك قدما لبيته خدّاما
ببني جعفر ابن عمّ رسول الل ... له أرجو من الخطوب اعتصاما
طالما جاءهم من الله جبري ... ل فأهدى تحيّة وسلاما
واستمر الاحتفال بيوم عاشوراء يجدد ذكرى أليمة لكل المسلمين، وليس للشيعة منهم فقط، فكان هذا اليوم يعيد إلى أذهان الناس استشهاد الحسين- رضي الله عنه- وقتله مع آل بيته شر قتله، وهذا أمر مستنكر من المسلمين جميعا، بل إن قتل أي مسلم (فاضل أمر يستنكره المسلمون، فكيف بقتل الحسين، سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على هذه الصورة التي نقلتها كتب التاريخ، لذلك نجد الشعراء أمثال أبي الحسين الجزار يسارعون إلى التعبير عما يثيره هذا اليوم في النفس، فهو يقول:
ويعود عاشوراء يذكّرني ... رزء الحسين فليت لم يعد
أمّا وقد قتل الحسين به ... فأبو الحسين أحقّ بالكمد
ويقول أحد شعراء دمشق في هذا اليوم، وقد وقع به مطر غزير:
يوم عاشوراء جادت بالحيا ... سحب تهطل بالدّمع الهمول
عجبا حتى السّماوات بكت ... رزء مولاي الحسين ابن البتول
وإذا نظرنا إلى شعراء المديح النبوي، وجدنا أنهم لم ينسوا ذكر آل البيت في أشعارهم، يشركونهم في المديح مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لكن هذا المدح لم يكن مقصودا لذاته، وإنما يستدعيه مدح الرسول الكريم واستذكار سيرته أو عند ما يصلون على النبي. فإن الصلاة عليه مقرونة بالصلاة على آله، ولهذا نجد البوصيري أشهر مدّاح النبي يقول في إحدى نبوياته:
ريحانتاه على زهر الرّبا زهتا ... فما لقلبي وذكر البان والأثل
ريحانتاه من الزّهراء فاطمة ... خير النّساء ومن صنو الإمام علي
إذا امتدحت نسيبا من سلالته ... فهو النّسيب لمدحي سيّد الرّسل
ولا نعدم عند شعراء المديح النبوي قصائد خاصة يفردونها لمدح آل البيت، فإن محبة آل البيت في القلوب، والتعاطف معهم على أشده، لأنهم على فضلهم ومكانتهم، لم يقيض لهم أن يصلوا إلى حقهم، وظلوا زمنا طويلا عرضة للاضطهاد، فلم يبق لهم في عهد المماليك حول ولا قوة، فهل أقل من مدحهم والإشادة بهم، يقوله شاعر لإنصافهم، ويخفي وراء مدحهم نزعته العربية، فلا يعترضه معترض، ولا يأخذه الأتراك بقوله؟ ومن هؤلاء الشعراء الذين مدحوا آل البيت شاعر يدعي الأسنائي حسن بن منصور بن محمد، نشأ رئيسا فاضلا كاملا، ورفض العمل عند السلاطين رمي بالتشيع وتوفي سنة (706 هـ) . ابن حجر الدرر الكامنة: 2/ 46.
، نظم في مدحهم قصيدة اشتهرت في عصره، يقول فيها:
يا أهيل الحيّ من نجد عسى ... تجبروا قلب أسير من جراح
فهو لاح لأولي آل العبا ... معدن الإحسان طرّا والسّماح
آل طه لو شرحنا فضلهم ... رجعت منّا صدور في انشراح
جدّكم أشرف من داس الثّرى ... في مقام وغدو ورواح
وأبوكم بعده خير الورى ... فارس الفرسان في يوم الكفاح
وأشهر من تشيع من شعراء المديح النبوي في العصر المملوكي هو صفي الدين الحلي، الذي نظم عدة قصائد في مدح علي بن أبي طالب وآل البيت، واعتمد في تفضيل علي على ما جاء من أحاديث وروايات تنص على تفضيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له فقال فيه:
فو الله ما اختار الإله محمّدا ... حبيبا، وبين العالمين له مثل
كذلك ما اختار النّبيّ لنفسه ... عليّا وصيّا، وهو لا بنته بعل
وصيّره دون الأنام أخا له ... وصنوا، وفيهم من له دونه فضل
وشاهد عقل المرء حسن اختياره ... فما حال من يختاره الله والرّسل
وقد يشتد في مدحه، فيمدحه مثلما يمدح الأنبياء، ولولا أنه ذكر سابقا أن عليّا يأتي بعد الرسول صلّى الله عليه وسلّم لظننا أنه يمدح النبي في قصيدته التي جارى فيها المدائح النبوية والتي قال فيها:
جمعت في صفاتك الأضداد ... فلهذا عزّت لك الأنداد
زاهد، حاكم، عليم، شجاع ... ناسك، فاتك، فقير، جواد
شيم، ما جمعن في بشر قطّ ... ولا حاز مثّلهن العباد
فلهذا تعمّقت فيك أقوام ... بأقوالهم، فزانوا وزادوا
وغلت في صفات فضلك (ياسين) ... و (صاد) وآل سين وصاد
ظهرت منك للورى معجزات ... فأقرّت بفضلك الحسّاد
جلّ معناك أن يحيط به الشّع ... ر وتحصي صفاته النّقاد
ذاك مدح الإله فيكم فإن فه ... ت بمدح فذاك قول معاد
وأوضح شاعر من القرن التاسع أسباب تعلق الناس بال البيت، فذهب إلى أن حبهم فرض من الله وأن الصلاة عليهم إتمام للصلاة، فقال:
يا أهل بيت رسول الله حبّكم ... فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنّكم ... من لم يصلّ عليكم لا صلاة له
أما الشعراء المغاربة، فإن ذكرهم لآل البيت، لا يتعدى ما قالوه في غيرهم من الصحابة، ونادرا ما يخصون آل البيت بحديث خاص في شعرهم، ومعظم ذكرهم لآل البيت يأتي في قصائد المديح النبوي، أو في القصائد التي يتشوقون فيها إلى الأماكن المقدسة، أو في الشعر الذي ينظمونه عند الوصول إلى المشاهد الحجازية، فحين وصل أحدهم إلى الحجاز، وزار معاهده، وقف على قبر حمزة سيد الشهداء- رضي الله عنه- فقال:
يا سيّد الشّهداء بعد محمّد ... ورضيع ذي المجد المرفّع أحمد
يا بن الأعزّة من خلاصة هاشم ... سرح المعالي والكرام المجّد
يا من لعظم مصابه خصّ الأسى ... قلب الرّسول وعمّ كلّ موحّد
جئناك يا عمّ الرّسول وصنوه ... قصد الزّيارة فاحتفل بالقصّد
واسأل إلهك في اغتفار ذنوبنا ... شيم المزور قيامه بالعوّد
وحين يذكرون عليا، فإنهم يذكرونه ضمن الصحابة الكرام، ويشيدون بفضائله، مثلما يشيدون بفضائلهم، ولا ينسون صلته بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، لأن الصلة بالرسول الكريم هي مدار التفاضل بين المسلمين.
ويظهر مما تقدم أن مدح آل البيت قديم، بدأ منذ كان رسول الله حيا، فكان يضاف مدحهم إلى مدحه، ثم استقل بعد ذلك، حيث انقسم المسلمون حول الخلافة، وتشيع قسم منهم لعلي بن أبي طالب وأبنائه من بعده. وقد توجه إليهم الشعراء بالمدح والإشادة، يدافعون عن حقهم في الخلافة، ويظهرون صفاتهم ومزاياهم ويذكرون قرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وحين يتعرضون لهذه الصلة مع الرسول الكريم، فإنهم يخصونه بشيء من المدح، لكن هذا المدح لم يكن مقصودا لذاته عند شعراء الشيعة، ولم تكن القصائد مبنية عليه، لذلك لا يعد مديح آل البيت من المديح النبوي، وإن التقى معه في ذكر النبي الكريم، فالأصل أن تكون القصيدة منظومة من أجل مديح النبي، وإن ذكر فيها آل البيت ومدحوا، أما إذا كانت في مدح آل البيت واستدعى الموضوع مدح الرسول الكريم، فإنها لا تكون من المديح النبوي. ولا شك في أن مديح آل البيت قد أثّر في المديح النبوي أو تأثر به، فشعراء الشيعة، والفاطميون منهم خاصة، أضفوا على آل البيت من الصفات العالية ما يليق بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وبنوا قصائدهم على غرار قصائد المديح النبوي، واستخدموا معاني المديح النبوي، ولولا القرائن التي تظهر المقصود بالمديح، لظن قارئ تلك القصائد أنها مدائح نبوية خالصة. ويظهر أن كثيرا من مبالغات مدّاح النبي، واستغراقاتهم في الغيبيات، جاءتهم من شعراء الشيعة، ومن مجاراتهم فيما قالوه في علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- وفي الخلفاء الفاطميين، فإنهم وجدوا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحق بتلك الصفات من علي بن أبي طالب. ولذلك أضحت قصائد الشيعة في مدح أئمتهم أحد المؤثرات في قصائد المديح النبوي من حيث الشكل والمضمون على حد سواء. إن هذا التداخل بين المدح النبوي ومدح آل البيت، هو الذي دفع بعض الباحثين إلى إدراج مدح آل البيت ضمن المدح النبوي، أو إلى جعله لونا من ألوانه، لكن إمعان النظر في قصائد مدح آل البيت يظهر الفرق بين الفنين الشعريين، وإن تشابها في نواح عدة، فالفصل بينهما يعتمد على المقصود من المدح، وعلى الموضوع الذي تبنى عليه القصيدة، ولا بأس في أن يرد المدح النبوي في قصائد مدح آل البيت، أو أن يرد مدح آل البيت في قصائد المدح النبوي. والملاحظة الجديرة بالتوقف عندها، هي أن الشعراء الشيعة هم أقل فئات الشعراء مدحا للنبي في قصائد مستقلة، بل إن بعضهم مدح آل البيت دون أن يشير من قريب أو بعيد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)