أغراض الشعر في عصر الانحدار

-1-
شعر الرثاء
يعد الرثاء الفن الأكثر مرافقة للإنسان على مر الزمن وهو موضوع ساخن في عصر الحروب الصليبية وجهه الشعراء إلى رثاء الخلفاء في الدولة العباسية والعبيدية ورثاء الوزراء والولاة ورثاء الأقارب والأرحام والأبناء كما رثى أسامة بن منقذ ابنه عتيق وكما رثى العفيف التلمساني لابنه الشاب الظريف أو كما رثا ابن سناء الملك أمه بالإضافة إلى نوع آخر من الرثاء للدول حيث رثى الشاعر عمارة اليمني للدولة العبيدية والدولة العباسية ورثوا القصور رثاء القاضي الفاضل قصر عبد العزيز بن صلاح الدين الأيوبي يقول أسامة بن منقذ في رثاء أسرته:
هذي قصورهم أمست قبورهم كذاك كانوا بها من قبل سكانا
ريح الزلازل أفنت معشري فإذا ذكرتهم خلتني في القوم سكرانا
ويقول ابن سناء الملك في رثاء أمه :
صح من دهرنا وفاة الحياء فليطل منكما بكاء الوفاء
وليبن ما عقدتماه من الصبر بأن تحللا وكار البكاء
قد رماني الزمان منه بخطب امحت عنه ألسن الخطباء
ويقول الشاعر الأمير نجم الدولة أحمد بن أبي الفتوح يرثي ابنه عبد المنعم :
لبس الجنود حديدهم في عيدهم ولبست حزن أبي الحسين جديدا
أيسر في عيد ولم أر وجهه فيه ألا بعدا لذلك عيدا
وقد كانت الحروب ذات وقع على نفوس الشعراء لأنهم كانوا من خلالها يفقدون المدافعين عن حياض الأرض وخاصة الأبطال القادة كمرثية عمار الأصفهاني لصلاح الدين الأيوبي :
من للعلا من للذرى من للهدى يحميه من اليأس من النائل
ومن المراثي المميزة مرثية الشاعر الريس أبي معلي التميمي التي رثى فيها عماد الدين زنكي :
كذاك عماد الدين زنكي تنافرت سعادته عنه وخرت دعائمه
فلما تناهى ملكه وجلاله وراعت ولاة الأرض منه لوائمه
أتاه قضاء لا أقود سهامه فلم تنجه أمواله وغنائمه
وكذلك رثى الشعراء الديار التي أضر بها الصليبيون
أحل الكفر بالإسلام ضيما يطول عليه للدين النحيب
فحق ضائع وحمى مباح وسيف قاطع ودم صبيب
وكم من مسلم أمسى سليبا ومسلمة لها حرم سليب
وكم من مسجد جعلوه ديرا على محرابه نصب الصليب
دم الخنزير فيه لهم خلوق وتحريق المصاحف فيه طيب
أمور لو تأملهن طفل لطفل في عوارضه المشيب
وقد رثى الشاعر وجيه بن عبد الله بن نصر المعرة بعد أن خربها الفرنجة //492 ه//
هذه صاح بلدة قد قضى الله عليها كما ترى بالخراب
وقد رثى الشعراء القدس قبل سقوطها بيد الفرنجة وبعد سقوطها بأيديهم ، ومن ذلك رثاء شهاب الدين أبي يوسف يعقوب :
لتبك على القدس البلاد بأسرها وتعلن بالأحزان والترحات
لتبك عليها مكة فهي أختها وتشكو الذي لاقت إلى عرفات
لتبك على ماحل بالقدس طيبة وتشرحه في أكرم الحجرات
وكذلك قول أحدهم:
مررت على القدس الشريف مسلما على ما تبقى من ربوع كأنجم
ففاضت دموع العين مني صبابة على ما مضى من عصرنا المتقدم
أما خراب بغداد فقد خصها الشاعر شمس الدين الواعظ بقصيدتين مطلع الأولى:
إن كنت مثلي للأحبة فاقدا أو في فؤادك لوعة وغرام
قف في ديار الطاغين ونادها يا دار ما صنعت بك الأيام
ومطلع الثانية :
إن لم تقرح أدمعي أجفاني من بعد بعدكم فما أجناني
إنسان عيني مذ تناء وأركم ما راقه نظر إلى إنسان
ما للمنازل أصبحت لا أهلها أهلي ولا جيرانها جيراني








-2-
شعر الطبيعة
تشكل الطبيعة الهاجس الأهم لشعراء هذا العصر، فما من ديوان شعر إلا وللطبيعة أثر كبير فيه كوصف الماء والأشجار والنجوم والرياض والورود والزهور والسحاب وتساقط الأمطار ومن ذلك وصف المهند المزرفي للرياض
الروض بين متوج ومكلل والماء بين مكفر ومصندل
فانظر إلى الوسمي كيف كما الثرى ثوبا يطرزه معين الجدول
والشاعر فتيان الشاغوري يصف لنا الطبيعة من خلال ليلة من الليالي:
وهلال السماء يشرق والشهب تروق العيون نظما وزهرا
والثريا كأنها كف حسود ختمت ياقوتا وتبرا ودرا
والدجى هارب كما تهرب الزنـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــج من الروم إذ تخاف الفجرا
ولدينا من الربيع برود حملت من وشي الرياض الزهرا
والشاعر ابن البنية المصري يصور لوحات الجمال الطبيعية حيث الرياض تتوج بالأزهار والورود :
الروض بين متوج ومشنف والأرض بين مدبج ومقوف
والغصن غناه الحمام فهزه طربا وحياة الغمام يقرقف
ويصف الشاعر الصرصري الربيع قائلا:
خط الربيع بأقلام التباشير رسالة كتبت بالنور والنور
حي البقاع الحيا فاهتزها دمعا لما أتتها يد البشرى بمنشور
وانشقت الأرض عن مكون ما خبأت كأنما باكرتها نفحة الصور
أما العفيف التلمساني فقد وصف الرياض والزهور والورود والحمائم قائلا :
ندى في الأقحوان أم ثراب وطل في الشقيقة أم رضاب
فتلك وهذه كاس وثغر لذا ظلم وفي هذي شراب
وورق حمائم في كل فن إذا انطلقت لها لحن صواب
أما الشاعر ابن مكندا فيهتز لنوم الحمام قائلا :
نوم الحمام على فروع ألبان أهدى إلي بلابل الأشجان
ناديتهن ودمع عيني هاطل لما حمتن وملن بالأفنان
بالله يا ورق الحمام أعنني بهديلكم وكنّ من أعواني
والشاعر إبراهيم الحراني ينقلنا بين أحياء دمشق ويمتع أبصارنا بغزلانها قائلا :
ربوع جلت للأوطان أوطان وليس فيها من الندمان ندمان
آليت أنشد في غزلانها غزلا لما غزت كبدي باللحظ غزلان
أما ترى الأرض إذا أبكى السحاب بها آذارها ضحكت إذ حار نيسان
والزهر كالزهر حياه الحيا فبدت في الروض منه إلى الأبصار ألوان














-3-
شعر الوجدانيات
الوجدانيات باب واسع من أبواب الشعر العربي في كل عصر وفي هذا العصر خاصته فقد عبر الشعراء عن مكوناتهم الخاصة سواء أكانت غزلا أم بثا للشكوى أو وجدانا صوفيا يمثل التدفق الشعري باتجاه قضايا العصر التي عاشها أولئك الشعراء ومن الشعر الوجداني ما تأثر بالغزو الصليبي والغزل بالمذكر والغزل الماجن وسنعرض عن النوعين الأخيرين لمناقضتهما الأديان والأخلاق والنظرة السليمة
هذا هو الرئيس أبو الفرج المولود //482ه// يتغنى بمحبوبته التي كان الشاعر كلف بها كلفا شديدا :
الوشاة قد صدقوا في الذي به نطقوا
أنني بكم كلف مدمنا للحشا قلق
هل عليكم حرج أو ينالكم فرق
لو وصلتم كمدا قلبه به علق
وهذا هو الشاعر ابن داوس القنا يستنطق اللطف في محبوبته قائلا :
هل أنت منجزة بالوصل ميعادي أم أنت مشمتة بالهجر حسادي
سألت طيفك إلماما فضن به ولو ألم لأردى غلة الهادي
يا ظبية الحي ما حيدي بمنعطف إلى سواك ولا حيلي بمنقاد
إن تأسروا فذووا عزّ ومقدرة أو تطلقوا فذووا وهن وإرفاد
وقد عارض كل من الشعراء أحمد الدبيني وراجح بن إسماعيل الحلي قصيدة ابن زريق البغدادي (عينيته) .
فقال الأول :
وليلة زارني فيها على عجل والشوق يحفزه والخوف ينزعه
وبات مستنطقا أوتار مزهرة الفصاح يتبعها طورا وتتبعه
وقال الثاني:
أخفى الغرام فأبداه توجعه وترجمت عن مصون الجد أدمعه
يا عذب الله قلبي كم يجن هوى يجني عليه ويرعى من يروعه
ويقول الشاعر ابن عربي :
ناحت مطوقة فحن حزين وشجاه ترجيع لها وحنين
إن الفراق مع الغرام لقاتل صعب الغرام مع اللقاء يهون
وإذا كان الشعراء قد أعجبوا بالفرنجة في تلك الفترة ، فإنما أعجبوا ببنات الأديرة وسفورهن حيث كتب الشاعر القيسراني ديوانه الثغريات وكذلك كتب الشاعر عون الدين العجمي آهاته قائلا :
يا سائق البيداء معتسفا بضامر لم يكن في صبره واني
إن جزت بالشام شم تلك العروق ولا يعدل بلغت المنى عن دير مران
واقصد علالي قلالية ثلاث بها ما تشتهي النفس من حور وولدان
وأما الغزل الماجن والغزل بالمذكر فإن اللسان والقلم يعفان عن ذكره ذلك كما قلنا لمخالفته الشرع والفطرة الإنسانية كما وأننا في هذا العصر بحاجة إلى كبح جماح الشهوات المحرمة التي كثر طالبوها والباحثون عنها وهو من سوء آخر الزمان الذي يقود الإنسانية إلى الخراب والدمار والموت .






-4-
الشعر العابث
يعد الشعر العابث لونا جديدا في هذا العصر جاء نتيجة الميل للزخرفة القولية ومحاولة اكتشاف طرق جديدة للتعبير عن قضايا عصرية أو لادعاء التجديد في الشعر ومن ذلك قول الحريري الذي يمثل هذا العبث اللغوي
أس أرملا إذا عرا وارع إذا المرء أسا
أسند أخا بناهسة ابن إخاء دنسا
اسل جناب غاشم مشاغب إن جلسا
أسر إذا هب مرا وارم به إذا رسا
وإذا كانت الأبيات تفتقر إلى التدفق الشعوري وتخلو من المضمون وتنأى عن الخيال الشعري المبدع فإنها تنبض بالصناعة اللفظية التي تجاوزت دور الشعر في عكس صورة الحياة . وكذلك قول الأرجاني في بيته المشهور :
مودته تدوم لكل هول وهل كل مودته تدوم
وقد يكتب الشاعر أبياتا غير معجمية أو أبياتا تأكلها معجمه الحروف مثل :
أعدد لحسادك حد السلاح وأورد الأمل ورود السماح
واسع لإدراك محل سما عماده لادراع المراح
والله ما السؤدد حد الطلا ولا مراد الحمد رؤد رداح
ومثل :
فتنتني فجننتني تجني بتجن يفتن غب تجن
وقد يلتزم الشاعر الحرف الأول من الأبيات ليماثل آخرها أو قد يستهل كل بيت بحرف من حروف الميم حتى آخر القصيدة ويعبر هذا العبث الشعري عن نزهة أدبية يرتادها الشاعر في فراغه ولهوه ومنتدياته . وقد أكثر شرف الدين الأنصاري من اللزوميات في مقطوعاته ومن ذلك ما قاله في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم .
أمر علياك في الورى غير خاف فإليك انتهى مدى الأوصاف
بعث الله منك خير نبي خاتم الرسل فاتح الأطراف
وهكذا فلم يكن هذا اللون العابث مما انتشر عند كل الشعراء بل كانوا يتداو لونه لهوا








-5-
شعر الألغاز والأحاجي
يتبين لنا من خلال معنى كلمة لغز في الشعر غموض شعري بقصد إخفاء معنى من معاني تحت عباءة ألفاظ موهمة تؤول عدة تأويلات بحيث يكون للكلام ظاهر عجيب وباطن غير عجيب من خلال التلاعب بالألفاظ بصنعة أدبية ومع توغل الصليبيين في عالمنا الإسلامي وما وقع للمسلمين من هزائم لم يكن لهذا النوع من الشعر وجود ولكنه لما استعاد الأيوبيين بيت المقدس وخفت الحروب وكثر الفراغ والثراء انتشر هذا اللون من الرياضة الشعرية الفكرية من خلال المباريات والمطارحات القولية والارتجالية ومن هذه الألغاز في العقرب :
وما حيوان يتقي الناس شره على انه واهي القوى واهن البطش
إذا ضعفوا نصف اسمه صار صائرا وأن ضعفوا باقية صار من الوحش
ومنه في تلغيز المشمش والسمسم :
نباتان من أصله سامق قاس وذا من خائب قاصر
أيهما صحفت معكوسا دل بلا شك على الآخر
ويفتقر شعر الألغاز إلى خاصية التجربة الشعورية وما يؤثر في النفس وهي بذلك تقترب من النظم أكثر من الشعر، قريب إلى الارتجال والسطحية الفنية وتبتعد عن الإبداع والمضمون الإنساني للشعر وقد كتب الملك المعظم لغزا في الإسلام وطلب من الشاعر ابن عنين الإجابة عنه
أي شيء تراه حقا يقينا حالما أعوج في الزمان استقاما
وقد رد عليه ابن عنين وقرضه قائلا :
أيها السيد الذي جعل الشر ك حطاما وشيد الإسلاما
قد أتاك الجواب لا شك فيه فاتخذني للمشكلات إماما
ومن ذلك قول البهاء زهير في مدينة ( يافا ) :
بعيشك خبرني عن اسم مدينة يكون رباعيا إذا ما ذكرته
على أنه حرفان حين تقوله ومعناه حرف واحد إن قلبته
ومنه قول الشاب الظريف في ( مقراض ):
ومجتمعين ما اجتمعا لاثم وإن وصفا بضم واعتناق
لعمر أبيك ما اجتمعا لمعنى سوى معنى القطيعة والفراق
وقد أدرك الأوائل عبثية هذه الألفاظ فلم يدونوها وإنما جاءت في هذا العصر كتسلية مداعبة ومطارحة .



















-6-
الغربة والاغتراب
ليس هناك ألم يحفر في النفس أشد من الغربة والاغتراب ، فالغربة نار محرقة تلذع صاحبها كلما ذكر مسكنه أو وطنه وخاصة إذا كانت الغربة اضطرارية وأكثر ما كان اغتراب الناس بسبب الحاجة للمال أو لطلب العلم أو لمرافقة السلاطين في أسفارهم وحروبهم الداخلية والخارجية والاغتراب قد يكون والمرء في وطنه وفي بيته ومسكنه بسبب تردي العلاقات الاجتماعية السيئة وكثرة الكذب والنفاق وعدم الوفاء والحاجة والفقر وضنك العيش وفي ذلك يقول هبة الله بن علي الربعي
لا عز للمرء إلا في مواطنه والذل غاية ما يلقي من اغتربا
وقد شكا علي بن حسن بن عساكر غربته في نيسابور حيث لا صديق ولا سكن ولا مأوى .
لا قدس الله نيسابور من بلد ما فيه من صاحب يسلي ولا سكن
لولا الحميم الذي في القلب من حرق لفرقة الأهل والأحباب والوطن
لمت من شدة البرد التي ظهرت أثار شدته في ظاهر البدن
حتى أننا لنجد البهاء زهير يتمنى الاستقرار حتى تأتيه منيته
ليت شعري ليت شعري أي أرض هي قبري
ضاع عمري في اغتراب ورحيل مستمرّ
وقد أكثر الأمير أسامه بن منقذ من شعر الاغتراب وكذلك الشاعر المغترب ابن عتين يضاف إلى ذلك غرابة الشعراء الصوفيين من خلال انزوائهم في الزوايا وخروجهم من المجتمع وهم فيه مدعين الصلة بالله ومن ذلك همزية ابن الفارض
يا ساكني البطحاء هل من عودة أحيا بها يا ساكني البطحاء
واحسرتى ضاع الزمان ولم أفز منكم أهيل مودتي بلقـــــــــــــاء









-7-
الشعر التأملي
يعد الشعر التأملي من أنواع الشعر الذي يقرأ صورة الكون والحياة على صفحات النفس الإنسانية حيث تتجلى عظمة الخالق وقد أكثر الشعراء في هذا العصر وخاصة الشعراء الصوفيون من هذه التأملات الذاتية والإنسانية وقد أكثر الشاعر البوصيري من هذه التأملات التي تستمد هذا التأمل من قوله تعالى { وفي أنفسكم أفلا تبصرون } [ ] .
يا قسوة القلب مالي حيلة فيك ملكت قلبي فأضحى شر مملوك
حجبت عني إفادات الخشوع فلا يشفيك ذكر ولا وعظ يداويك
وما تماديت من كسب الذنوب ولكن الذنوب أراها لصق تماديك
وأنت يا نفس مأوى كل معضلة وكل داء قبلي من عواديك
أنت الطليعة للشيطان في جسدي فليس يدخل إلا من نواحيك
ولما بلغ الشاعر الصرصرى الستين أخذ يئن تحت وطأة الأمراض ويستذكر من قضى نحبه من محبيه وأهله حيث يقول :
ذهب الشباب وخانني جلدي وتفشت الأسقام في جسدي
ورمتني السنون من عمري فأصاب رشق سهامها كبدي
ويتألق القاضي في تأمله قائلا :
نظرت إليه نظرة فتحيرت دقائق فكري في بديع صفاته
فأوحى إليه القلب إني أحبه فثأر ذاك الوهن في وصفاته
وقد يتأمل الشعراء في صفات الله تعالى وفي مخلوقاته وسمائه وأرضه ونجومه فهو الذي رصع السماء بنجومها وأنشأ السحاب الثقال وجعل الشمس ضياء والقمر نورا ومحا آية الليل ودحى الأرض .
فيا ملكا زان السماء بأنجم على الفلك الأعلى طفت أحسن الطفو
وسخر ما بين السماء وأرضه سحائب يخفو برقها أحسن الخفو
وأبقى على شمس النهار ضيائها وخص بنقص أية الليل بالمحو
ولما دحا الأرض اقتدارا وحكمة على الماء أرسى الشم في أثر الدحو
واحيا بفضل ميت الأرض بالحيا وزينها من بعد ذلك بالصحو
ولكن تأمل الشعراء في هذا العصر لم يصل إلى حد التفلسف . إنه تفكر وتذكر واعتراف لله بقدرته وفضله




















-8-
شعر المعارضات
أعجب الشعراء في عصور ما بعد الجاهلية وصدر الإسلام والعصر العباسي بمن قبلهم من الشعراء لما وجدوه عندهم من بناء سامق للقصائد من حيث الأفكار والموضوعات واللغة والأسلوب ، ومن خلال ما جادت به قرائحهم النقية وطبعهم السليم حتى غدت قصائدهم نموذجا فاخرا من حيث الشكل والمضمون
وقد جاءت أحداث هذا العصر مشابهة في بعضها للعصور السابقة مما حدا بالشعراء إلى بناء قصائدهم على الوزن والبحر والقافية نفسها كما صنع الشاعر القيسراني بمعارضته لقصيدة أبي تمام في فتح عورية.
قال أبو تمام :
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
وقال القيسراني :
هذي العزائم لا ما تدعي القضب وذي المكارم لا ما قالت الكتب
وكذلك عارض العماد والاصبهاني قصيدة أبي تمام قائلا :
بالجد أدركت ما أدركت لا اللعب كم راحة جنيت من روحة التعب
وكذلك عارضها الجاحظ أبو القاسم في مدح نور الدين :
لما سمحت لأهل الشام بالخشب عرضت مصر بما فيها من النشب
ومن العارضات الأخرى ما قاله ابن الدهان في ناصر الدين محمد بن شيركوه معارضا لامية كعب بن زهير رضي الله
عنه قال كعب :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم أثرها لم يفد مكبول
وقال ابن الدهان :
سيف جفنيك مغمد مسلول ماض على العشاق وهو كليل
وقد تكون المعارضات من شعراء عاصروا بعضهم كما حدث بين ابن منير الطرابلسي والعماد الاصبهاني
قال الطرابلسي :
حي الديار على علياء جيرون مهوى الهوى ومغاني الخرد العين
وقال العماد الاصبهاني :
أهدي النسيم لنا ريا الرياحين أم طيب أخلاق جيراني بجيرون
كما وشطر الشعراء قصائد غيرهم كتشطير شرف الدين الأنصاري للامية كعب بن زهير وكلا القصيدتين في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال شرف الدين الأنصاري:
أوهمت نصحا لوان النصح مقبول لا أنهينك إني عنك مشغول
بان التجدد عني والتصبر مذ بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول
ومن ذلك مسمطات للشاعر أسامة بن منقذ التي سمط فيها شعر قيس بن ذريح ومجنون ليلى ومهيار ومن تسميطه لشعر قيس
كعهدك بأنات الحمى فوق كثبها
ودار الهوى تحمي العدى سرح سربها
أقول وسمر الخط حجب لحجبها
سقى طل الدار التي أنتم بها حناتم ويل صفي وربيع
بدارك ما بي من بلى الشوق والهوى
وبي ما بها من وحشة البين والنوى



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)