نهج قصيدة الثناء النبوي في عصر الانحدار
1-ذكر الأماكن:
أول ما نجده في مضمون المدحة النبوية هو المقدمة أو التمهيد، وهي سنّة قديمة في قصائد المدح العربية، أخذها مدّاح النبي الأمين وغيّروا فيها لتتلاءم مع مدحهم لسيد الخلق. والمقدمة تحتوي مواضيع متنوعة، منها الوقوف على الأطلال، وهو تقديم قديم، يراد منه إثارة مشاعر المتلقي، وخلق الجو النفسي الذي يهيّئه لسماع مضمون القصيدة، ويشدّه لمتابعة ما يأتي به الشاعر، ويجعله أقرب إلى التأثر بما يريده. وكانت مقدمات المدائح النبوية في بداية أمرها تقليدية خالصة، لأن شعراء المديح النبوي في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يكن أمامهم مثال يحتذونه، فلم يخرجوا في مدحهم له عمّا عرفوه في مدح غيره، إلا بإضافة بعض المعاني الإسلامية إلى مديحهم. فظلوا يقدمون لمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما اعتادوا على تقديمه في مدح غيره، لأنه لم ترسخ المفاهيم الإسلامية في صنعتهم الشعرية، ولم يتح لهم الوقت الكافي ليجسّدوا مفهوم النبوة شعريا، وظلوا على تقاليدهم الشعرية التي رسخت في وجدانهم. ومن العجب أن نجد شعراء المدح النبوي في العصر المملوكي يقلدون الشعر الذي مدحه به الشعراء القدامى في الوقوف على الأطلال ويفتتحون به مديحهم النبوي، وربما لم يروا طللا، لكنها سنة الشعراء التي تعطي الشاعر شيئا من الأصالة التي يريد أن يدلّ بها على غيره. فالصرصري مثلا، يقدّم لإحدى مدائحه النبوية بقوله:
لمن طلل دون الرّبا والتّنائث ... يعفّى بأيدي العاصفات العوائث
ومنخرق السّربال يخترق الفلا ... ويقدم إقدام الشّجاع الدّلاهث
فقلت له إن رمت أمنا وعزّة ... فعذ من عوادي النّائبات الكوارث
بأفضل مبعوث إلى خير أمّة ... بخير كتاب جاء من خير باعث
وبعد أن وقف الصرصري على أطلاله المزعومة، التي أذكت شوقه وحنينه على طريقة الشعراء القدامى، تحدث عن رحلته وراحلته التي أوصلته إلى الحجاز، وأوصله الحديث عنها إلى مديحه. وأخذ شعراء المديح النبوي يستعيضون شيئا فشيئا عن ذكر الأطلال والديار التي درج عليها الشعراء بذكر الأماكن الحجازية، والتشوق إليها، لأنها الأنسب للمديح النبوي، فهذه الأماكن مقدسة عند المسلمين، تهفو إليها أفئدتهم، وهي التي شهدت ولادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونشأته وبعثته وجهاده وانتقاله إلى جوار ربه، وضمّت جسده الطاهر، فذكرها يوصل إلى ذكر من شرفت به، إضافة إلى أنه يهيّئ المتلقي لسماع المديح النبوي، بعد أن يذكر له هذه الأماكن التي تثير حنينه، وتشيع في نفسه القداسة والصفاء. وكان شعراء العصر السابق للعصر المملوكي قد فتنوا بالتشوق للأماكن المقدسة، وجعلوه فنا شعريا مستقلا، لما أشاعه المتصوفة في شعرهم من وجد وهيام بهذه الأماكن، والملفت للنظر في ذكر المقدسات، تغزل شعراء المديح النبوي بالكعبة المشرفة، وبثها الأشواق والحنين، ومخاطبتها مخاطبة المحبوبة، فالصرصري يسميها ربّة الستور، ويرمز لها باسم حبيبته، فيقول:
تهت يا ربّة السّتور على الصّ ... بّ دلالا وعزّ منك اللّقاء
آه لو بلّغت إليك على بع ... د مغانيك جسرة وجناء
ويصفها العزازي بذات الخال، فيقول مفتتحا إحدى مدائحه النبوية:
دمي بأطلال ذات الخال مطلول ... وجيش صبري مهزوم ومفلول
ويصرّح ابن الزملكاني بحبه للكعبة ربّة الأستار بقوله:
أهواك يا ربّة الأستار أهواك ... وإن تباعد عن مغناي مغناك
وأعمل العيس والأشواق ترشدني ... عسى يشاهد معناك معنّاك
يا ربّة الحرم العالي الأمين لمن ... وافاه من أين هذا الأمن لولاك
وقد حططّت رحالي في حماك عسى ... تحطّ أثقال أوزاري بلقياك
وهكذا أصبح ذكر الأماكن المقدسة تقليدا ثابتا في مقدمة المدحة النبوية، تثير لدى الشعراء والمتلقين معا مشاعر الوجد الديني، والحنين إلى مهبط الوحي، وتشيع في حنايا نفوسهم دفء الطمأنينة والقداسة فإظهار الشوق إلى الأماكن المقدسة، يكاد لا تخلو منه مقدمة مدحة نبوية، وهو الذي يظهر عواطف الشاعر، ويجلو مشاعره، ويحرّك المشاعر الدينية في نفوس السامعين، لذلك افتتح به كثير من شعراء المدائح النبوية قصائدهم، متجاوزين الوقوف على الأطلال، مظهرين براعتهم في استمالة النفوس إلى نفثات أرواحهم، وإلى إجادتهم للنسيب الرمزي الذي ترتاح إليه القلوب، ويزداد هذا الشوق حرقة وتأججا، حين يجد الشاعر موانع قاسية تحول بينه وبين الوصول إلى الحجاز، وخاصة حين يكون بلده بعيدا جدا عنه، مثل المغاربة الذين كانوا يكابدون مشقات جمّة للوصول إلى الحجاز، فابن سعيد علي بن موسى وصل بعد جهد وعناء إلى الإسكندرية، لكنه تعذّر عليه الحج، فنظم فيها مدحة نبوية أودعها شوقه وحنينه، وافتتحها بقوله:
وارحمة لمتيّم ذي غربة ... ومع التّغرّب فاته ما يقصد
قد سار من أقصى المغارب قاصدا ... من لذّ فيه مسيره إذ يجهد
لا طاب عيشي أو أحلّ بطيبة ... أفقا به خير الأنام محمّد
وإن كان ابن سعيد قد لمّح إلى سبب شوقه ووجده، وتجشمه المصاعب، فإن النواجي محمد بن حسن بن علي بن عثمان قد بدأ مدحته النبوية ببيان سبب الشوق، ودواعي الرحيل، فقال:
إليك رسول الله جبنا الفلا وخدا ... ولولاك لم نهو العقيق ولا الرّندا
ولولا اشتياقي أن أراك بمقلتي ... لما كنت أشتاق الغوير ولا نجدا
2-الغزل:
وإذا كانت القصيدة التقليدية في المدح قد حوت في مقدمتها الغزل بالمحبوبة التي هيّج ذكراها الوقوف على الأطلال وذكر الديار، فإن المدحة النبوية لم تخل من الغزل، جريا على عادة الشعراء، واتّباعا لسنّة العرب في شعرهم، لأن الغزل يستميل القلوب، وتهواه الأسماع، وكان الشعراء يوردونه في بداية قصائدهم ليسترعوا انتباه سامعيهم إلى غرضهم ومقصدهم من الشعر. وقد نقل شعراء المديح النبوي هذه السنّة إلى قصائدهم، وجاروا بها الشعراء الذين مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته، مثل حسان بن ثابت وكعب بن زهير، بيد أن شعراء المديح النبوي في العصر المملوكي، والأدباء الذين أولعوا بهذا الفن اشترطوا في الغزل الذي تصدّر به المدحة النبوية شروطا، تبتعد به عمّا يخدش الحشمة، وعمّا لا يليق في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال ابن حجة في ذلك: «إن الغزل الذي يصدّر به المديح النبوي، يتعين على الناظم أن يحتشم فيه ويتأدب، ويتضاءل ويتشبب، مطربا بذكر سلع ورامة، وسفح العقيق والعذيب، والغوير ولعلع، وأكناف حاجر، ويطرح ذكر محاسن المرد، والتغزل في ثقل الأرداف، ورقة الخصر، وبياض الساق، وحمرة الخد، وخضرة العذار، وما أشبه ذلك» كما ورد عند ابن حجة: (خزانة الأدب ص 11.) وبعد أن ردّدت عائشة الباعونية ما قاله ابن حجة، أضافت: «فإن سلوك هذا الطريق في المدح النبوي مشعر بقلة الأدب، وحسب العاقل قول الله تعالى: } وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الآية: الحج/ 30.]"( الباعونية: شرح الفتح المبين ص 312؟ ، وقد أورد ابن حجة في خزانته أمثلة على الغزل المحتشم والغزل الذي لا يليق بالمدحة النبوية، ويظهر أن هذه المسألة كانت موضع أخذ ورد، يناصر بعض الشعراء والأدباء توجّه ابن حجة، ويعارضه آخرون اقتداء بالشعراء الذين مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته، فعبّر النبهاني عن هذا الاختلاف بالرأي في قوله: «أما قصيدة بانت سعاد التي اتخذها دليلا بعض من سلك هذا المسلك، واستحسنه، وهو في نفسه غير حسن، فهي لا تصلح دليلا لذلك، لأن ناظمها كعب بن زهير- رضي الله عنه- كان قبل إسلامه شاعرا جاهليا، فنظمها على طريقتهم قبل أن يجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ويسلم على يديه، ويعرف آداب الإسلام.. ولم يحصل مثل هذا التشبيب بعد إسلامه، ولا من أحد من شعراء النبي صلّى الله عليه وسلّم» ( المجموعة النبهانية: 1/ 14.) . ولا يخطّئ النبهاني الشعراء الذين تغزلوا في مقدمات مدحاتهم النبوية تغزلا ماديا، بل يلتمس لهم المعذرة والمسامحة، فيقول: «ولئن أساؤوا من تلك الجهة بعض الإساءة، فقد أحسنوا من جهة مديحهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم كل الإحسان، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «اتبع السيئة الحسنة تمحها» (مسند ابن حنبل: 5/ 158.) ، والأرجح أن الغزل في مقدمة المدحة النبوية، ليس مقصودا لذاته، ولا يعبّر عن مشاعر محرّمة عند المادح، ولا يقصد به إثارة غرائز السامعين، وهو لا يعدو مقدمة فنية لإثبات المقدرة الشعرية، وجريا على عادة متأصلة في نفوس الشعراء، وإنما يكون الغزل المحتشم أكثر ملاءمة للموضوع، وجو القصيدة، وجلالة الممدوح، ويبدو أن مقدرة الشاعر الفنية، وتأصّل الاتجاه الشعري عنده، هو الذي يفرض عليه لون الغزل الذي يقدم به للمدحة النبوية، ولا يعقل أن يورد شاعر يمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قصيدته ما يسيء إليها عامدا متعمّدا، لذلك لم يردّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على غزل كعب، ولم يكره ذلك منه، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يدرك الظروف التي ينظم فيها الشعراء شعرهم، ففي ذلك الوقت كان الغزل يقتضي وصف محاسن المحبوبة، وهذا ما فعله كعب حين قدّم لقصيدته بقوله:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيّم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البيّن إذ رحلوا ... إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة ... لا يشتكى قصر منها ولا طول
إن الغزل الذي قدّم به الشعراء لمدائحهم النبوية، وتابعوا فيه كعب بن زهير- رضي الله عنه- هو تقليد شعري محض، مثل تقليد (ابن هتيمل القاسم بن علي ) الذي نظم مدحة نبوية نهج في أسلوبها ومعانيها منهج القدماء، وهذا كان أسلوبه في شعره كله، فلا غرابة حين نجده في مقدمة مدحته النبوية يذكر الأطلال ويتغزل، ويصف محبوبته بالأوصاف نفسها التي ذكرها القدماء، وكأن الأمر لا يعدو صورة شعرية تتكرر، وليست تجارب عاطفية، أو أوصافا لمحبوبة يعرفها، ويعرف مواطن الجمال فيها، ويطلع على مفاتنها، لذلك نجد مقدمته لمدحته النبوية تسير كالتالي:
لولا محبّة أهل الدّار والدّار ... ما غاض صبري وجفني ماؤه الجاري
ولا عكفت وأصحابي تعنّفني ... على العكوف على نؤي وأحجار
أستودع الله أرواحا رحلن بها ... عنّا المهابين أحداج وأكوار
تحت المآزر من أكفالها كثب ... ترتجّ من تحت قضبان وأقمار
وفي البراقع من ألحاظها فتن ... يطلعن ما بين أطواق وأزرار
وأحيانا لا يتعدى وصف محاسن المحبوبة ما يمكّن الشاعر من إظهار براعته البديعية وولعه بفنون الصنعة الشعرية، والغزل والوصف يتسعان لمثل هذه الضروب البديعية، وعند ما نقرأ غزل الشاعر في مقدمة مدحته، ندرك على الفور أنه لا يتحدث عن تجربة شعورية، وإنما يستعرض مقدرة بديعية، وهذا ما نلمسه في المقدمة الغزلية لمدحة القلقشندي أحمد بن علي الفزاري النبوية:
سيف العيون على العشّاق مسلول ... وصارم اللّحظ مسنون ومصقول
والخدّ كالجمر أو كالورد في شبه ... والخال في خدّه بالنار مشعول
وهكذا أخذ الغزل في مقدمات المديح النبوي يبتعد عن الأوصاف الحسية للمحبوبة وعن التغزل بمحبوبة معروفة، وأضحى غزلا صناعيا صرفا، موجّها إلى محبوبة غير متعينة، يظهر خلاله الشاعر عواطفه ومشاعر الحنين والوجد التي يتسم بها الشعر الديني، ومنه المدائح النبوية، وهذا ما نشعر به في غزل ابن خالدون الذي قدّم به لمدحته النبوية، فقال:
أسرفن في هجري وفي تعذيبي ... وأطلن موقف عبرتي ونحيبي
لله عهد الظّاعنين وقد غدا ... قلبي رهين صبابة ووجيب
غربت ركائبهم ودمعي سافح ... فشربت بعدهم بماء غروب
وقد ابتعد الغزل في مقدمة المدائح النبوية عن التعيين، فلم يعد يتبين قارئه إن كان غزلا حقيقيا أم أنه رمز لأشياء أخرى كما هو الأمر عند المتصوفة، الذين عبّروا عن حبهم الإلهي ووجدهم بطريقة الغزل المعروفة، ومن ذلك قول الصرصري في مقدمة نبوية:
شواهد قلب الصّبّ لا تقبل الرّشا ... فكيف قبول النّصح من كاشح وشى
أيأمر خلو بالتّصبّر مغرما ... وآنس ربع الحبّ أصبح موحشا
أما في الهوى العذري عذر لشيّق ... إذا لاح برق من تهامة أجهشا
ومثل هذا الغزل في مقدمة المدحة النبوية، لا يمكن أن يكون في أحبّة من النساء اللواتي يستملن قلوب العشاق، والغزل كله وجد على طريقة المتصوفة. فشعراء المديح النبوي لم يكن غزلهم بفتاة معينة، ولم يكن هدفه إظهار المشاعر نحو النساء، وإنما كان غزلا تقليديا، لاستكمال الشكل الشعري للمدحة النبوية، وكان غزلا رمزيا، يراد منه إشاعة مشاعر الوجد والحب للرسول الأمين وصحابته والأماكن المقدسة، والتمهيد للمديح النبوي.
3-الرحلة:
ومثلما ذكر شعراء المديح القدامى رحلتهم إلى الممدوح، ووصفوا طريق الرحلة، ووصفوا راحلاتهم ، ليظهروا ما تجشموه من مشاق للوصول إلى الممدوح، فيجزل لهم العطاء، كذلك فعل شعراء المديح النبوي، ونقلوا هذا التقليد إلى المدائح النبوية، وهم صادقون في حديثهم عن الرحلة، لأنهم كانوا يقومون بها للحج أو لزيارة مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذكر الرحلة والراحلة تقديم معروف للقصيدة المدحية، أفاد منه شعراء المديح النبوي، لأنه في وصف المصاعب التي اعترضتهم في رحلتهم، يظهرون فيه مدى محبتهم وشوقهم للرسول الكريم، وهو مناسبة لإضفاء هذه المشاعر على راحلاتهم، فتكون أعمق وأبلغ وأشد تأثيرا في النفس، فإذا كانت هذه البهائم تشعر بالشوق إلى الأماكن المقدسة، وتتجاوز الصعاب للوصول إليها، فكيف يكون حال من يركبها؟ هذا ما ظهر في تقديم الشهاب محمود في ذكر الرحلة إلى الحجاز، فوصف النوق وصفا خارجيا ونفسيا، وأضفى عليها المشاعر الإنسانية في قوله:
أرحها فقد ملّ الظّلام سراها ... وأنحلها بعد المدى وبراها
وغادرها جلدا وعظاما حنينها ... إلى منزل فيه اللّقاء قراها
ألست تراها كلّما ذكر الحمى ... تمدّ له أعناقها وخطاها
سرى وحنين واشتياق ثلاثة ... برت لحمها بري السّهام مداها
فهو لا يتحدث عن الراحلات وإنما عن نفوس راكبيها، وإن مزج بين معاناة هذه النياق وبين مشاعر الركب الذين يتلهفون للوصول إلى المدينة المنورة، ورؤية الروضة الشريفة.
4-وصف الطبيعة:
وجارى شعراء المديح النبوي في مقدماتهم شعراء المديح التقليدي في وصف الطبيعة، ولكنهم لم يصفوا الصحراء القاحلة إلّا لماما، وأثناء الحديث عن رحلتهم، وإنما وصفوا الطبيعة الزاهية التي تعكس فرح نفوسهم بزيارة مسجدرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والتي تظهر قدرة الباري- عز وجل- على إحياء الميت من الأرض، وآياته في تنويع الخلق، وهذا ما أوضحه الصرصري في تقديمه لإحدى نبوياته، حين قال:
خطّ الرّبيع بأقلام التّباشير ... رسالة كتبت بالنّور والنّور
حيّا البقاع الحيا فاهتزّ هامدها ... لمّا أتتها يد البشرى بمنشور
والورق تهتف في الأوراق شاكرة ... إحسان مبتدئ بالفضل مشكور
وقد فهمنا لهذا الفضل ترجمة ... إنّ المهيمن يحيي كلّ مقبور
أما الصفي الحلي، فإنه اقتصر في تقديمه لمدائحه النبوية على وصف الطبيعة فقط، فأظهر براعة في وصف مظاهر الطبيعة المشرقة التي تجذب اهتمام السامع، وتجعله يتابع الشاعر باهتمام، ويتفكّر في خلق الله، وتنتشي نفسه بالمظاهر التي تبعث على السرور والنشاط، فإذا وصل الشاعر إلى المديح النبوي، وجد سامعيه على استعداد لمتابعته بنشاط وتحفّز، فقال:
فيروزج الصّبح أم ياقوتة الشّفق ... بدت فهيّجت الورقاء في الورق
وفاح من أرج الأزهار منتشرا ... نشر تعطّر منه كلّ منتشق
كأنّ ذكر رسول الله مرّ بها ... فأكسبت أرجا من نشره العبق
وقد نحا ابن فضل الله العمري أحمد بن يحيى القرشي هذا المنحى في التقديم لمدحته النبوية، مضيفا إلى وصف الطبيعة شيئا من المشاعر الإنسانية، فقال:
الشّمس قد همّت لتذهب رهبة ... لكنّها بقيت لنا لم تذهب
وعلى الأصائل رقّة. فكأنّما ... لبست نحول العاشق المتلّهب
ومبشّر النّوار جاء مخلّفا ... لا شكّ قد خطرت نوافح يثرب
وهذا يظهر لنا أن مدّاح النبي الكريم الذين اختاروا الطبيعة مقدمة لقصائدهم، كانوا يريدون إظهار بهجة نفوسهم لمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونقل هذه البهجة إلى نفوس سامعيهم، إضافة إلى رغبتهم بإظهار مقدرتهم الفنية، ومعرفتهم لضروب الصنعة البديعية، التي كان لها شأن كبير في ذلك الوقت.
5-الوعظ:
إلا أن شعراء المديح النبوي لم يقفوا عند هذه الألوان من مقدمات قصائد المديح، بل اتسعوا في مقدماتهم ونوّعوها تنويعا كبيرا، ومن ذلك تقديمهم للمدائح النبوية بالحكم والمواعظ، وضرب الأمثال، وهذه الألوان وردت في مقدمات قصائد المديح العربي، وهي تلائم المدحة النبوية، لأن المقام مقام ديني، ولأن الحكم والمواعظ تسترعي الانتباه، وتوحي بموضوع القصيدة، وتدفع إلى الخشية والورع، وهذا ما يقصد إليه شعراء المدائح النبوية، ليعتبر الناس من سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخلاقه وأفعاله. وغالبا ما تكون المواعظ في ذكر الذنوب وطلب التوبة والمغفرة، وهو ما يتطلع إليه الشعراء الذين مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من وراء مدحهم، وهذا ما لا حظه النبهاني، ودعا إليه حين قال: «ويستحسن أيضا تقديم المواعظ والحكم في ابتداء مدائحه صلّى الله عليه وسلّم، لأنها من الأمور النافعة المستحسنة طبعا وشرعا»( الصفدي: الوافي بالوفيات 8/ 265. ). فالشاعر يشرع في ذكر حاله وذنوبه، ويتحسر على مضي العمر في الغواية، فلا يجد مهربا من ذنوبه إلا استغفار الله تعالى والتشفع برسوله الكريم، مثلما قال البوصيري في افتتاح إحدى مدائحه النبوية.
وافاك بالذّنب العظيم المذنب ... خجلا يعنّف نفسه ويؤنّب
لم لا يشوب دموعه بدمائه ... ذو شيبة عوراتها ما تخضب
يستغفر الله الذّنوب وقلبه ... شرها على أمثالها يتوثّب
ضاقت مذاهبه عليه فما له ... إلّا إلى حرم بطيبة مهرب
ويفتتح الصرصري إحدى مدائحه النبوية بالتحسر على عمره الذي أمضاه في المعاصي، ويتذكر يوم الحساب فلا يجد من يتشفع به غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويدعو إلى التوبة قبل الممات، وبالتفكر في خلق الله، فيقول:
قم فبادر من قبل رفع النّعوش ... حلبة السّبق ذا إزار كميش
وتدبّر خلق السّماء ففيها ... عبر جمّة لذي التّفتيش
وتفكّر في خلقة الأرض تنظر ... عجبا في مهادها المفروش
ويكثر الشعراء في مقدماتهم الوعظية للمدائح النبوية من ذكر الموت الذي يبعث في النفوس الخشية والرهبة، ويحثها على ترك المعاصي، والمبادرة إلى التوبة واستغفار الله تعالى، فيخرجون ذكرهم للموت مخرج الحكم والمواعظ.
6-الدعاء:
وإلى جانب الحكم والمواعظ والتذكير بالموت وطلب التوبة، افتتح شعراء المديح النبوي بعض المدائح النبوية بالدعاء إلى الله تعالى، وطلب مغفرته، وكشف الكرب والغم، والتشفع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تمهيدا لمدحه، ومن ذلك مدحة نبوية للشهاب محمود، بدأها قائلا:
يا من إليه بعزّه أتشفّع ... وبذلّتي أعنو إليه وأخضع
يا كاشف الكرب التي إن أعجزت ... ضرّاؤها فإليه فيها يرجع
أدعوك دعوة مستجير ماله ... إلّا إليك مدى الزّمان تطلع
مستشفعا بالمصطفى الهادي الذي ... هو في القيامة في العصاة مشفّع
وإذا كان الشهاب محمود قد دعا الله تعالى وتضرّع إليه، ليغفر له ذنوبه، ويذهب كروبه، فإن الصرصري بدأ قصيدته في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتسبيح الله عز وجل وذكر آلائه ومظاهر قدرته في الكون، ليعتبر الغافل، وقد جعل من آلائه وفضائله على عباده بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الناس، فقال:
سبّح لربّك في الظّلام الدّاجي ... واذكره ذكر مواظب لهّاج
سبحان من رفع السّماوات العلا ... سبعا وزان السّقف بالأبراج
فتبارك الله المهيمن مخرج ال ... أموات منها أحسن الإخراج
واختار آدم من تراب بارئا ... أولاده من نطفة أمشاج
واختار منهم أجمعين محمدا ... لظهور دين واضح المنهاج
7-المباشرة بالمدح:
لكن بعض شعراء المدائح افتتحوا قصائدهم بما يقرب من المدح، ويشير إلى موضوع قصائدهم، فالواعظ البغدادي بدأ إحدى نبوياته بطلب شكر الله على بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الأمة العربية، فقال:
عليكم بشكر الله يا خير أمّة ... نبيّكم أعلى نبيّ وأرفع
وبدأ الأبشيهي مدحته النبوية بالدعوة إلى زيارة النبي الكريم، فقال:
حثّ الرّكاب إلى الجناب الأفضل ... ودع التّعلّل بالخلائق وارحل
فهنا بدأ بعض الشعراء يتخففون من المقدمات التقليدية وغيرها للمدحة، وأخذوا يفتتحون قصائدهم بذكر رسول الله مباشرة، أو يجعلون الحديث عن المديح النبوي مدخلا لقصائدهم. وصرنا نجد بين المدائح النبوية مدائح تخلو من المقدمات، فضّل شعراؤها الدخول في مديح رسول الله مباشرة، كأنهم شعروا أن ذكر النبي الكريم لا يحتاج إلى تمهيد وتقديم، فذكره مقدم على كل حديث، وهذا ما فعله البوصيري في همزيته حين افتتحها قائلا:
كيف ترقى رقيّك الأنبياء ... يا سماء ما طاولتها سماء
وللصرصري مدائح عدّة أضرب فيها عن ذكر المقدمات، ودخل في مديح النبي مباشرة، مثل قصيدته التي مطلعها:
قفا بحمى سلع فساكنه الذي ... من الحادث المرهوب أصبح منقذي
وتأتي المدائح النبوية التي تنظم للإنشاد في الاحتفالات الدينية وحلقات الذكر في الغالب دون مقدمات فالشاعر يبدأ المدحة النبوية بالمدح مباشرة، مثل البرعي الذي نظم أكثر من قصيدة من هذا اللون، فبدأ إحداها بقوله:
بمحمّد خطر المحامد يعظم ... وعقود تيجان القبول تنظّم
وله الشّفاعة والمقام الأعظم ... يوم القلوب لدى الحناجر كظّم
وهكذا نرى أن التقديم في قصائد المديح النبوي متباين، فمنه التقديم التقليدي الذي جمع الوقوف على الأطلال والغزل ووصف الرحلة. وقد قدم مادحو النبي الكريم بعض أجزاء هذا التقديم وأخّروها، ليحركوا رتابته، وحذفوا أجزاء منه، واستعاضوا عن ذكر الأطلال بذكر الأماكن المقدسة، إلى أن وصلوا في تلوين مقدماتهم إلى وصف الطبيعة أو الحديث عن التوبة والمغفرة والوعظ، وقسم منهم ترك المقدمات وشرع في المدح مباشرة.
8-الانتقال:
المدحة النبوية مثل غيرها من المدائح لا تقتصر في مضمونها على موضوع واحد، بل تتعدد فيها الأغراض والمواضيع، فينتقل الشاعر أثناءها من موضوع إلى آخر انتقالا حادا حينا، يشعر المتتبع بالافتعال والتصنع، وانتقالا رفيقا حينا آخر، يدل على مهارة الشاعر ومقدرته على ربط المواضيع، بعضها ببعض، وخاصة عند ما ينتقل الشاعر من مقدماته إلى غرضه الأساس (المديح) ، ويسمى هذا الانتقال عند البلاغيين المخلص أو حسن المخلص، إذ يجب على الشاعر أن يحترز من انقطاع الكلام، أو الحشو الذي لا طائل من ورائه، أو من اضطراب الكلام عند ذلك، فيشعر قارئ القصيدة أو سامعها بارتباك الشاعر عند انتقاله. والأمثلة على ذلك كثيرة، فجميع قصائد المديح النبوي تحوي على مثل هذا التخلص، يجيده الشاعر حينا، ويستعجل حبكه حينا آخر. ومن ذلك انتقال البوصيري إلى المديح بعد أن تحدث عن المعاصي فجعل ذلك مخلصا إلى مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
ظلمت سنّة من أحيا الظّلام إلى ... أن اشتكت قدماه الضّرّ من ورم
والصرصري تحدث في مقدمة إحدى مدائحه عن الأماكن المقدسة، ودعا لها بالسّقيا، منتقلا بذلك إلى مدح النبي الكريم، فقال:
سحّت غمائم أنوار المزيد على ... قبابه البيض سحّا دونه السّحب
فهي الشّفاء لأسقامي وساكنها ... هو الحبيب الذي أبغي وأطّلب
وعند ما يقدم الشاعر لمديحه النبوي بالغزل، فإن مهمة التخلص إلى المديح تصبح أصعب، وتتطلب مهارة وحنكة، فابن حجر قدّم لإحدى مدائحه النبوية بأبيات هي خليط من الغزل وعتاب النفس، أظهر فيها وجده وهيامه، وعذابه في الحب، فجعل خلاصه من آلام الحب وعذابه في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال:
بيني وبينك في المحبّة نسبة ... فاحفظ عهود تغزّل ونسيب
والله مالي من هواك تخلّص ... إلّا بمدح المصطفى المحبوب
وأظهر الشرف الأنصاري مقدرة ومهارة حين انتهى إلى وصف محاسن محبوبته في مقدمة مدحة نبوية، فجعل التعجب منها مخلصا إلى المدح النبوي، فقال:
غصن نقا حلّ عقد صبري ... بلين خصر يكاد يعقد
فمن رأى ذلك الوشاح الص ... صائم صلّى على محمّد
فالصلاة على النبي تقال عادة عند رؤية شيء يحوز الإعجاب، فيدعو مشاهده لحفظه وصونه، ويصلّي على النبي. التقط الشاعر هذه العادة، وجعلها مخلصا له من وصف محاسن محبوبته إلى مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فمظاهر القصيدة المدحية في الشعر العربي جميعها توفرت في شكل قصائد المدح النبوي، وهذا أمر طبيعي، لأن المدائح النبوية ليست من صنع شاعر واحد، وليست من إبداع قطر واحد، وليست من إنتاج زمن واحد، بل هي مما أبدعته قرائح شعراء لا يعلم عددهم إلا الله تعالى، ومن الأقطار الإسلامية المختلفة، ومن عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى نهاية العصر المملوكي الذي ندرس المدائح النبوية فيه، واستمرت بعد ذلك إلى يومنا هذا، ولذلك كان لا بد من أن يتنوع شكل القصيدة المدحية، وأن تتمثل فيه جميع المظاهر والتطورات التي ألّمت بقصيدة المدح العربية. وليست قصائد المدح النبوي جميعها ذات أجزاء متباينة، وذات مقدمات وخاتمات، ففيها قصائد تحمل وحدة موضوعية، يمزج فيها الشاعر أجزاء القصيدة دون أن يترك شيئا، ودون أن يشعر المتابع بتوالي أجزاء القصيدة، ومثال ذلك قصيدة للشهاب محمود يقول فيها:
نعم آن أن يسري الرّفاق إلى الحمى ... فقم أو فمت إن ركب هامة أتهما
ألا حبّذا مسرى الرّكاب وقد رأت ... لها معلما عند الثّنيّة معلما
وقد أشرقت تلك القباب وأشرقت ... وعاين أنوار الهدى من توسّما
وشاهد في تلك المشاهد والرّبا ... معارج جبريل الأمين إلى السّما
يرى منبر الهادي وموضع قبره ... ومزدحم الأملاك والوحي فيهما
عليه سلام الله ما هبّت الصّبا ... وسارت نجوم اللّيل تتبع أنجما
فالشاعر لم يحتج إلى ما يربط به أجزاء القصيدة، لأنه مزج بين هذه الأجزاء، ولم يفصل جزآ عن آخر، وربطها جميعا بمشاعره التي ظلت ظاهرة متأججة منذ بداية القصيدة وحتى نهايتها.





المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)