خصائص الكتابة الفنيَّة والأدبية في عصر الانحدار
تقديم:
نظراً لاتساع رقعة الدولة وانتشار العلوم والمعارف المختلفة ، فقد ازداد الاهتمام بالكتابة النثرية، وأصبحت الحاجة ملحة سواء أكان ذلك في دواوين الدولة ومراسلاتها ومكاتباتها ، أم كانت من خلال انتشار التأليف والكتابة الوعظية والخطابة الدينية والاجتماعية ، وهذا ما جعل الاهتمام بهذا الفن يأخذ منحىً جديداً. وقد انقسم النثر في هذا العصر إلى نثر علمي ونثر فني ، وأول ما نلاحظه أن الكتابة تنقسم إلى أقسام أساسية:
أولاً-الكتابة العلمية : وهي لغة العلوم
ثانياً-الكتابة المعرفية : وهي لغة المعارف بشكل عام
ثالثاً-الكتابة الفنية : وهي الكتابة بلغة الفن والأدب والمتصلة بموضوع من الموضوعات الحيوية , لمعالجة أحداث أو مشكلات في الحياة ولكل من هذين القسمين (الفن –الأدب ) قسماته الأسلوبية واللغوية.
أ-أما الكتابة الفنية : فقد اتجه الكتاب فيها إلى :
1-مزيد من التزويق باستخدام البديع استخداما مسرفا ً ,
2- وتركيز الاهتمام على التورية وعلى التجنيس .
3-دخلت لغة الكتابة تعبيرات عامية وألفاظ دارجة أو دخيلة , تركية أو فارسية أو إفرنجية ,
3- وقد انتشرت الألفاظ التركية خاصة وكان للمماليك دورهم الكبير في إشاعة هذه الألفاظ والعبارات .
4- وربما تلقفها بعض الكتاب والشعراء ولم يحسنوا استخدامها .
5- وكان السجع إطارا لفظيا سائدا ً لمعظم فنون الكتابة , وكان بعضهم يجيده , ويتكلفه آخرون ويسيئون استخدامه فيسقطون سقطات مشينة , وأشار بعض علماء العصر إلى أولئك المتكلفين .
6-واهتم الكتاب كذلك بالاقتباس من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر القديم والمثل السائر والنوادر وقصص العرب وحكاياتهم وأحاديثهم , وتفننوا في هذا الاقتباس بين تضمين الكلام بنصه ولفظه أو الإشارة إلى معانيه أو إيراد بعض لفظه أو التلميح له , وهي جميعا درجات في الاقتباس .
7-وألف بعض العلماء في هذا الفن أيضا كما ألفوا في التورية , والجناس مبينين أصوله .
8-ومن بينهم :
-صلاح الدين الصفدي ,
-وشهاب الدين محمود صاحب كتاب التوسل إلى صناعة الترسل ,
-وابن حجة الحموي
-واختيار الدين بن غياث الدين الحسيني صاحب أساس الاقتباس
وأقسام النثر
1-فالنثر الفني: اعتمد الصنعة البيانية والبديعية واستخدم فيه السجع و الاقتباس والتضمين والجناس.
2-والنثر العلمي :غلب عليه التحرر من الصنعة والاهتمام بوضوح المعاني وسهولة الأداء، وقد ظهر إلى جانب ذلك أدب شعبي قارب العامية وابتعد عن لغة القصور ، والغاية عند الكتاب في هذا العصر إبراز مقدرتهم الفنية واللغوية وإن أودى بهم الأمر إلى القيود في الصنعة التي حولت الأدب عن مساره الحقيقي.
أولاً-النثر في مصر:
إذا أخذنا نبحث عن وثائق الكتابة الأدبية في مصر في أثناء الفترة الأولى، ونقصد فترة الولاة من عمرو بن العاص إلى أحمد بن طولون، لم نكد نتبين شيئًا واضحًا، وليس معنى ذلك أنه لم يكن في مصر كتابة ولا كتاب، فالمقريزي يقول: "لما كانت مصر إمارة كان بها ديوان البريد، ويقال لمتوليه: صاحب البريد.. وهو الذي يطالع بأخبار مصر، كما كان لبعض أمراء مصر كتاب ينشئون عنهم الكتب والرسائل" . وبجانب ديوان البريد الذي يشير إليه المقريزي كان بمصر ديوان للخراج، وكانوا يكتبون فيه أولًا باليونانية، ثم كتبوا فيه منذ عهد عبد الملك أو ابنه الوليد بالعربية، ومن يستعرض ما جاء في كتاب الوزراء والكتاب للجهيشاري، عن دواوين مصر وكتابها في العصر الأموي، وأوئل العصر العباسي يلاحظ أن الكتاب الرسميين، الذي يتصلون بديوان البريد، وديوان الخراج كانوا غالبًا من غير المصريين، فهو يروي أن عبد العزيز بن مروان والي مصر، كان يكتب له يناس بن خمايا من أهل الرها، كما يروي أن سليمان بن عبد الملك، ولي رجلا من موالي معاوية الخراج بمصر . هذا في العصر الأموي، أما في العصر العباسي، فيروي الجهشياري أن هارون الرشيد ولى على مصر عمر بن مهران كاتب الخيزران، فأخذ معه رجلًا استكتبه على الديوان4، وكذلك يروي أن الخصيب استكتب جابر بن داود جد البلاذري المؤرخ المشهور، وهو فارسي الأصل، ولما ولي عبد الله بن طاهر مصر في عصر المأمون، اصطحب معه إسحاق بن أبي ربعي ليكون كاتبه، وفيه يقول بعض الشعراء2:
أرى كاتبًا جاه الكتابة بين ... عليه وتأديب العراق منير
له حركات قد تشاهد أنه ... عليم بتقسيط الخراج بصير
وقد سقنا ذلك لندل على أن مصر لم تستفد كثيرًا في عهد الولاة، من حيث النشاط الأدبي في باب الكتابة الرسمية، إذ كانت تستورد دواوينها من الخارج، ومن أجل ذلك لم يكن لها نشاط واضح في هذا الجانب، إلا ما رواه المقريزي من أنه كان لبعض أمرائها كتاب، ينشئون عنهم بعض الرسائل، ومن هؤلاء الكتاب عبد الله بن صالح، كاتب الليث بن سعد3، ولعل مما يتصل بذلك ما يقال: من أنه كان لعبد الحميد الكاتب عقب يسكنون مصر، منذ قتل في موقعة الزاب، وكانوا يكتبون لأمرائها4، على أنه ليس عندنا نصوص لهذه الطائفة من كتاب الأمراء، ولا للطائفة الأخرى من كتاب الولاة، ومن ثم كنا لا نبعد إذا قلنا: إن مصر لم تستولها صورة واضحة من الكتابة الفنية في عصر الولاة، غير أننا لا نصل إلى عصر ابن طولون، الذي استقل بها، وأسس فيها دولة كان لها شأن مهم في القرن الثالث للهجرة، حتى نجد مصر تبدأ عصرًا جديدًا في تاريخ النثر الأدبي، وذلك لسبب بسيط، وهو أن ابن طولون اتخذ لنفسه ديوان رسائل، وبذلك وجدت الوسيلة لنشوء حركة أدبية، تماثل ما نشأن في دمشق، وبغداد حول دواوين الرسائل، يقول صاحب صبح الأعشى: "لم يكن لديوان الإنشاء بالديار المصرية في مدة نواب الخلفاء، صرف عناية تقاصرًا عن التشبه بديوان الخلافة، إذ كانت الخلافة يومئذ في غاية العز ورفعة السلطان، ونيابة مصر بل سائل النيابات مضمحلة في جانبها، والولايات الصادرة عن النواب في نياياتهم متصاغرة متضائلة بالنسبة إلى ما يصدر من أبواب الخلافة من الولايات، فلذلك لم يقع مما كتب منها ما تتوافر الدواعي على نقله، وتنصرف الهمم لتدوينه، مع تطاول الأيام وتوالي الليالي ... ولما أخذ أحمد بن طولون في تدبير الملك، وإقامة السلطنة بالديار المصرية، وشمخ بها سلطانه، وارتفع بها شأنه، أخذ في ترتيب ديوان الإنشاء "ديون الرسائل" لما يحتاج إليه في المكاتبات والولايات، فاستكتب ابن عبد كان، فأقام منار ديوان الإنشاء ورفع مقداره" ، ولم يكتف ابن طولون بابن عبد كان، فقد جاء بجماعة من كتاب العراق تعاونه مثل أبي عبد الله الواسطي، ويعقوب بن إسحاق، وأحمد بن أيمن، وكان يكتب في حداثته للعباس بن خالد البرمكي ، وضم إلى هؤلاء الكتاب آخرين من كتاب مصر، وعلى رأسهم الحسن بن محمد بن أبي المهاجر، وإخوته علي وأبو القاسم وأبو عيسى، وكلهم من عقب عبد الحميد الكاتب5. وبذلك كله نهض ابن طولون بديوان الرسائل في مصر نهضة عظيمة، وهي نهضة جعلت بعض كتاب العراق، يهاجر إلى مصر طلبًا للتوظف في هذا الديوان، على نحو ما يحدثنا ياقوت عن إسحاق بن نصير الكاتب البغدادي، فقد قدم على ابن عبد كان رئيس الديوان، والتمس منه التصرف ولم يزل معه إلا أن توفي، فاستخلفه مكانه خمارويه، وأجرى عليه أربعمائة دينار في الشهر، ثم رفعها إلى ألف دينار، ويذهب عصر الطولونيين، وتدخل مصر مرة أخرى في عصرة الولاة، فيضعف بها ديوان الإنشاء، ويستمر على ضعفه في عصر الإخشيديين، إذ لا نجد لمصر -على عهدهم- كاتبا مشهورًا يمكن أن نقرنه إلى ابن عبد، كان الذي كان يباهي به ابن طولون كُتَّاب بغداد والعراق، ونحن نقف عند هذا الكاتب وقفة قصيرة، لنطلع على ما كانت تخرجه مصر في عهده من نماذج الكتابة الفنية.






المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)