فن الرسائل في عصر الانحدار:
تناول الأدب في عصر الدول المتتابعة (المملوكي وأدب عصر الحروب الصليبية ) موضوعات من صميم الحياة ، فهاجم العادات الشاذة، ونقد موظفي الدولة المتهاونين ونقد المكوس، ودعا إلى الكفاح وطرد المغتصبين، وتبدى ذلك في الرسائل والخطابة والقصص والمقامات والأدب الشعبي والسير وغيرها :
أولاً-الرسائل الرسمية:
1-تعد كتابة الرسائل في عصر الانحدار من المناصب الرفيعة لدى السلطان تضاهي منازل قادة الجيوش وكبار القضاة فهو بمنزلة الوزير أو نائب السلطان كما هو مع القاضي الفاضل يتولى ديوان الإنشاء وقد استحدث المماليك منصب كاتب السر أو رئيس الديوان السلطاني ومن أشهر من تولى منصب كاتب السر ابن عبد الظاهر وابن فضل الله العمري وعلاء الدين ابن الأثير .
2-تعددت موضوعات الرسائل الديوانية الرسمية كرسائل الملوك ورسائل السلاطين في الأمور المهمة والأحداث الجليلة في السلم والحرب كرسائل السلاطين لملوك العرب والمسلمين والصليبيين وملوك أوروبا وسلاطين التتار وبيزنطة وقد تكون الرسائل تهديدا ووعيدا أو سلاما وصداقة وهناك رسائل تعالج حالات اجتماعية أو الدعوة لترك أمور سيئة تخالف الدين كترك الحشيش أو رسائل وصفية كرسالة ابن دقيق العبد في وصف متاعب العلم وتحصيله أو رسالة أبي الخصال في وصف السراج وقد شاركت الرسائل الناس في أفراحهم وأتراحهم .

5-استحدث المماليك منصب (كاتب السر) رئيس الديوان السلطاني ، وهو أعلى من صاحب ديوان الإنشاء تنافس في توليه كبار الكتاب كابن عبد الظاهر وابن فضل الله العمري ، وعلاء الدين بن الأثير.
6-وتنوعت رسائل الديوان بموضوعاتها بين رسائل تدور بين الملوك والسلاطين، وما بين رسائل تهديد ووعيد وتهاني. وأشهرها رسالة قلوون إلى السلطان أحمد غازان سلطان التتار ، وقد كتبها ابن عبد الظاهر ردا على رسالة من سلطان التتار طلب فيها الهدنة بعد اعتناقه الإسلام. وقد كثرت فيها المحسنات البديعية والصنعة
ثانيأً-الرسائل الذاتية:
وهي رسائل الإخوانيات بين الأدباء والكتاب ، تنوعت موضوعاتها ، وترك فيها العنان لخيال وعواطف الكاتب ، وشاركت في عرض مبكيات ومضحكات الحياة، فكانت رسائل في وصف الطبيعة ، ووصف الشمعة والديك والببغاء والرسائل الماجنة، إضافة إلى رسائل الشكوى والعتاب والمفاكهة وتبادل الرأي ، ومن أمثلتها رسالة من الأديب عيسى بن حجاج إلى الوزير الكاتب فخر الدين بن مكانس إضافة إلى رسائل في الرثاء والمفاضلات بين البلاد أو بين السيف والقلم. -وتراسل الأدباء بين بعضهم عتابا وشكوى ومفاكهة ، وتخطت الرسائل إلى أغراض أخرى كالرثاء مثل رسالة ابن الوردي في رثاء العالم الفقيه البارزي الشافعي كما كتب الكتاب رسائل في المفاضلة بين السيف والقلم وبين البلاد والأقاليم أو في مدح مدينة وذمها كرسالة ذم القاهرة لزكي الدين الحسين ومدحها لأخيه كذلك رسائل المعارضات كرسالة الشاعر الحسن بن علي بن أحمد ( قريض القرين ) التي عارض فيها رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد .

ثالثاً-ومن نماذج الرسائل في هذا العصر:
1-كتب القاضي الفاضل إلى أخيه عبد الكريم يؤنبه على إيذائه علم الدين ابن النحاس : سبب إصدار هذه المكاتبة إلى الأخ – أصلحه الله – أعلامه ما صح عندي من الأحوال التي أخفاها والله مبديها في حق علم الدين .
وبالله اقسم لئن لم تداو ما جرحت وتستدرك ما فعلت وتمح ما اثبت وتستأنف ضد القبيح الذي كتبت به وشافهت وتعتذر بالجميل فيما قاطعت الله به وبارزت ليكونن الحديث مني بغير الكتاب ولا زيلن السبب الذي قدرت به على مضرة الأصحاب وما اشد معرفتي بأن الطباع لا تتغير وبأنك ستحوجني بعد هذا الكتاب إلى ما لا يتأخر وبالجملة فاستدرك بفعلك لا بإيمانك لي وتنصلك إلى فالدم في النصل شاهد عجب
وويل لمن كانت غنيمته من الأيام عقد القلوب على البغضاء وإطلاق الألسنة بالمذام ولولا إنني شريكك في كل ما تستوحيه من الناس لألقيت حبلك على غاريك وتركتك وما اخترت لنفسك ولكن كيف بمن يرمي وليس برام ؟ ولكن سكوت الناس عن قبيحك مقابلة لجميل كثير مني فإذا أنت لا تنفق إلا من كيسي فأشفق على نفسك أن كنت تنظر في غد وعلى بيتك أن كنت تنظر في أمس وعلى مكانك مني أن كنت لا تنظر إلا في اليوم ولا تجاوبني إلا بلسان الرجل شاكرا لك فانه وأن كان والله ما ذمك فقد ذممتك به عنه وما أظن انك تذكر إنني كتبت إليك كتابا ولا كنت اوثره ولولا حافظ غليظ ما كتبته ولولا علمي أن الكثير مما قيل عنك في أمر الرجل هو القليل مما فعلته لأضربت عن هذا كما أضربت عن غيره وستعرفك الأيام ما كنت تجهل . والله بأخذ بنا صيتك إلى رضاه ويغمد سيف حليلتك عن مقلتك والسلام .
2-وكتب عبد الرحمن محمد بن طاهر المتوفى سنة 931 ه :
كنت – أعزك الله – عن ضمير اندمج على سر اعتقادك دره وتبلج في آفق ودادك بدره وسال على صفحات ثنائك مسكه وصار في راحتي سنائك ملكه ولما ظفرت بفلان حملته من تحتي زهرا جنيا يوافيك عرفه ذكيا ويواليك انسه نجيا ويقضي من حقك فرضا مأتيا على أن شخص جلالك لي مائل وبين ضلوعي نازل لا يمله خاطر ولا يمسه عرض دائر أن شاء الله عز وجل .
3-وكتب أبو الفضل ابن العميد المتوفى سنة 360 ه
قد قرب أيدك الله محلك على تراخيه وتصاقب مستقرك على تنائيه لأن الشوق يمثلك والذكر يخيلك فنحن في الظاهر على افتراق وفي الباطن على تلاق وفي النسبة متباينون وفي المعنى متواصلون ولئن تفارقت الأشباح لقد تعانقت الأرواح
4-استعطاف للخوارزمي :
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالأغصان بالماء اعتصاري
كيف يقدر – أبقى الله السيد – على الدواء من لا يهتدي إلى أوجه الداء وكيف يداري أعداءه من لا يعرف الأعداء من الأصدقاء ؟ أم كيف يسربلا دليل في الظلماء ؟ أم كيف يخرج الهارب من بين الأرض والسماء ؟ الكريم أيد الله مولاي – إذا قدر غفر وإذا أوثق أطلق وإذا اسر اعتق ولقد هربت من الشيخ إليه وتسلحت بعفوه عليه وألقيت ربقة حياتي ومماتي بيديه فليذقني حلاوة رضاه عني كما أذاقني مرارة انتقامه مني ولتلح على حالي غرة عفوه كما لاحت عليها مواسم غضبه وسطوه وليعلم أن الحر كريم الظفر إذا نال أقال وأن اللئيم لئيم الظفر إذا نال استطال وليغتنم التجاوز عن عثرات الأحرار ولينتهز فرض الاقتدار وليحمد الذي أقامه مقام من يرتجي ويخشى وركب نصابه في رتبة شاب الزمان ومجدها فتى واخلق العالم وذكرها طري وليعقد انه قد هابه من استتر ولم يذنب إليه من اعتذر وفق الله تعالى لما يحفظ عليه قلوب أوليائه وعصمه مما يزيد به في جماجم أعدائه .



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)