فن الوصف في عصر الانحدار
أ-إضاءة :
وهو كلّ ما كتب في التراجم والرحلات ووصف الرياضات والطرديات والخواطر التأملية ، وهي نوعان :
1-وبعضها يميل إلى البساطة
2-والآخر إلى الصنعة.
ب-نماذج من الصف في هذا العصر :
1-وصف حديقة لابن حبيب الحلبي المتوفى سنة / 977 ه / انحدار
لما صدئت مرآة الجنان قصدت لجلائها بعض الجنان فدخلت إليها وما كدت أن أقدم فإذا هي جنة عالية قطوفها دانية وطلحها منضود وظلها ممدود وأعلام أشجارها مرفوعة وفاكهتها لا مقطوعة ولا ممنوعة تجوس المياه خلال ديارها وتشرق بآفاقها أنوارا نوارها نزهة النواظر وشرك الخواطر بها أشجار لا تحصى وثمار لا تعد ولا تستقصى .
2-وصف عاصفة لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة / 911 ه / انحدار
إني عارض في ليلة الجمعة التاسعة من جمادى الآخرة وكانت فيه ظلمات متكاثفة وبروق خاطفة ورياح فقويت أهويتها واشتد هبوبها فتدافعت لها أعنة مطلقات وارتفعت لها صواعق مصعقات فرجفت لها الجدران واصطفت وتلاقت على بعدها واعتنقت وثار بين السماء والأرض عجاج فقيل لعل هذه على هذه أطبقت وتحسب أن جهنم قد سال منها وعدا منها وزاد عصف الرياح إلى أن انطفأت مصابيح النجوم ومزق أديم السماء ومحى ما فوقه من الرقوم لا عاصم من الخطف للأبصار ولا ملجأ من الخطب إلا معاقل الاستغفار وفر الناس نساء ورجالا ونفروا من دورهم خفافا وثقالا لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فاعتصموا بالمساجد الجامعة وأذعنوا للنازلة بأعناق خاضعة ووجوه عانية ونفوس عن الأهل والمال سالية ينظرون من طرف خفي ويتوقعون أي خطب جلي قد انقطعت من الحياة علقهم وعميت عن النجاة طرقهم ووقعت الفكرة فيما عليه قادمون وقاموا إلى صلاتهم وودوا أن لو كانوا من الذين عليها دائمون إلى أن إذن الله في الركود وأسعف الهاجدين بالجهود .
3-وصف ابن الأثير المتوفى سنة 759 أبا تمام والبحتري والمتنبي:
قال :
لقد وقفت من الشعر في كل ديوان ومجموع وأنفدت شطرا من العمر في المحفوظ والمسموع فألفيته بحرا لا يوقف على ساحله وكيف يحصي قول لم تحص أسماء قائليه ؟ فعند ذلك اقتصرت منه على ما تكثر فوائده وتتشعب مقاصده ولم أكن ممن أخذ بالتقليد والتسليم في أتباع في قصر نظره على الشعر القديم إذ المراد من الشعر إنما هو إيداع المعنى الشريف في اللفظ الجزل اللطيف فمتى وجدت ذلك فكل مكان خيمت فهو بابل وقد اكتفيت من هذا بشعر أبي تمام والبحتري والمتنبي وهؤلاء الثلاثة هم لات الشعر وعزاه ومناته الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته وقد حوت أشعارهم غرابة المحدثين وفصاحة القدماء وجمعت بين الأمثال السائرة وحكمة الحكماء
أما أبو تمام :
فإنه رب معان وصقيل أذهان وقد شهد له بكل معنى مبتكر لم يمشي فيه أثر فهو غير مدافع عن مقام الإعراب الذي برز فيه على الإضراب .
أما وصف البحتري والمتنبي:
ولقد مارست من الشعر كل أول وأخير ولم أقل ما أقوله إلا بعد التنقير فمن حفظ شعر الرجل وكشف عن غامضة وراض فكره برائضه أطاعته أعنة الكلام وكان قوله في البلاغة ما قالت حذام فخذ مني في ذلك قول حكيم وتعلم ففوق كل ذي علم عليم
وأما البحتري : فإنه في سبك اللفظ على المعنى ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الإطلاق فبينا يكون في شظف نجد إذ يتشبث بريف العراق
وسئل المتنبي عنه وعن أبي تمام وعن نفسه فقال : أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري ولعمري إنه أنصف في حكمه وأعرب بقوله هذا عن متانة علمه فإن البحتري أتى في شعره بالمعنى المقدود من الصخرة الصماء في اللفظ المصوغ من سلافه الماء فأدرك بذلك بعد المرام مع قربة إلى الإفهام وما أقول إلا أنه أتى في معانيه بالنوادر الغالية ورقى في ديباجة لفظه إلى الدرجة العالية
وأما المتنبي : فإنه أراد أن يسلك مسلك أبي تمام فقصرت عنه خطاه ولم يعطه الشعر من قياده ما أعطاه ولكنه حظي في ش وأما المتنبي : فإنه أراد أن يسلك مسلك أبي تمام فقصرت عنه خطاه ولم يعطه الشعر من قياده ما أعطاه ولكنه حظي في شعره بالحكم والأمثال واختص بالإبداع في وصف مواقف القتال وأنا أقول قولا لست فيه متأثما ولا منه متلثما وذاك أنه إذا خاض في وصف معركة كان لسانه أمضى من أنصالها وأشجع من أبطالها وقامت أقواله للسامع مقام أفعالها حتى يظن أن الفريقين قد تقابلا والسلاحين قد تواصلا فطريقه في ذلك تضل بسالكه وتقوم بعذر تاركه ولا شك أنه كان يشهد الحروب مع سيف الدولة فيصف لسانه ما أداه إليه عيانة ومع هذا فإني رأيت الناس عادلين عن سنن التوسط فإما مفرط في وصفه وإما مفرط على أنه إذا كان انفرد بطريق صار أبا عذره ولقد صدق في قوله من أبيات يمدح بها سيف الدولة :
لا تطلبن كريما بعد رؤيته أن الكرام بأسخاهم يدا ختموا
ولا تبال بشعر بعد شاعره قد أفسد القول حتى أحمد الصمم
4-وكتب بدر محمد بن حبيب الحلبي المتوفى سنة 799 ه / انحدار
رفقا بمن ملك الوجد قيادة وعطفا على من أذب الشوق فؤاده متيم أقلقه فرط صدودك ومغرم أغراه بحبك قول حسودك وسقيم لا شفاء له دون مزارك ومقيم على عهدك ولو طالت مدة نفارك إلام هذا التنائي والنفور ؟ وعلام ياذا القد العادل تجور ؟ لقد تضاعف الأسف والأسى وتطاول التعلل بلعل وعسى .
هبني تخطيت إلى زلة ولم أكن أذنبت فيما مضى
أليس لي من بعدها حرمة توجب لي منك جميل الرضا
ولست ألوذ إلا بباب نعمك ولا اعتمد في محو الإساءة إلا على حلمك وكرمك وما جل ذنب يضاف إلى صفحك ولا عظم جرم يسند إلى عفوك ومثلك من يقيل العثرات ويتجاوز عن الهفوات :
وكنت أظن أن جبال رضوى تزول وأن ودك لا يزول
ولكن القلوب لها انقلاب وحالات ابن آدم تستحيل
طالما أنستني بقربك ودنوت مني مفارقا ظباء سربك وأنجزت وعودي وأطعت نجوم سعودي :
وكنت إذا ما جئت أدنيت مجلسي ووجهك من ماء البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت مرة إليّ بها في سالف الدهر تنظر
قيدت أملي عن سواك وبهرت ناظري بنظرة سناك وكسرت جيش قراري وتركتني لا أفرق بين ليلي ونهاري أحوم حول الديار وأعوم في بحر الأفكار وأتمسك بعطف عطفك وأتعلق بأذيال مكارمك ولطفك أما علمت أن الكريم إذا قدر غفر ؟ وإذا صدرت من عبده زلة أسبل عليها رداء العفو وستر ؟ وأن شفيع المذنب إقراره ؟ ورفض خطيئته عند مولاه استغفاره ؟
ومن كان ذا عذر لديك وحجة فعذري إقراري بأن ليس لي عذر
لهفي على عيش بسلاف حديثك ســــــــــــــــــــــــ ـــــــــــلف وأوقات حلت ثم خلت
وأورثت التلف ، واها لأيام بطيب أنسك مضت وبروق ليال لولا قربك ما أومضت
قد كنت أعرف في الهوى مقدارها رحلت وبالأسف المبرح عوضت
كيف السبيل إلى إعادة مثلها وهي التي بالبعد قلبي أمرضت
وارع الود القديم وأبدل شقاء محبك بالنعيم ولا تعدل عن منهاج المعدلة وسلم فقد أخذت حقها المسالة واغمد سيف حيف صيرته مسلولا وأوف بالعهد إن العهد كان مسؤولا .
5-وكتب القاضي الفاضل إلى أخيه عبد الكريم يؤنبه على إيذائه علم الدين
ابن النحاس : سبب إصدار هذه المكاتبة إلى الأخ – أصلحه الله – لإعلامه ما صح عندي من الأحوال التي أخفاها والله مبديها في حق علم الدين .
وبالله أقسم لئن لم تداو ما جرحت وتستدرك ما فعلت وتمح ما أثبت وتستأنف ضد القبيح الذي كتبت به وشافهت وتعتذر بالجميل فيما قاطعت الله به وبارزت ليكونن الحديث مني بغير الكتاب ولأزيلن السبب الذي قدرت به على مضرة الأصحاب وما أشد معرفتي بأن الطباع لا تتغير وبأنك ستحوجني بعد هذا الكتاب إلى ما لا يتأخر وبالجملة فاستدرك بفعلك لا بإيمانك لي وتنصلك إلى فالدم في النصل شاهد عجب
وويل لمن كانت غنيمته من الأيام عقد القلوب على البغضاء وإطلاق الألسنة بالمذام ولولا أنني شريكك في كل ما تستوحيه من الناس لألقيت حبلك على غاريك وتركتك وما اخترت لنفسك ولكن كيف بمن يرمي وليس برام ؟
ولكن سكوت الناس عن قبيحك مقابلة لجميل كثير مني فإذا أنت لا تنفق إلا من كيسي فأشفق على نفسك إن كنت تنظر في غد وعلى بيتك إن كنت تنظر في أمس وعلى مكانك مني إن كنت لا تنظر إلا في اليوم ولا تجاوبني إلا بلسان الرجل شاكرا لك فإنه وإن كان والله ما ذمك فقد ذممتك به عنه وما أظن أنك تذكر أنني كتبت إليك كتابا ولا كنت أوثره ولولا حافظ غليظ ما كتبته ولولا علمي أن الكثير مما قيل عنك في أمر الرجل هو القليل مما فعلته لأضربت عن هذا كما أضربت عن غيره وستعرفك الأيام ما كنت تجهل . والله بأخذ بنا صيتك إلى رضاه ويغمد سيف حليلتك عن مقلتك والسلام .
6-وكتب عبد الرحمن محمد بن طاهر المتوفى سنة 931 ه :
كنت – أعزك الله – عن ضمير اندمج على سر اعتقادك دره وتبلج في آفق ودادك بدره وسال على صفحات ثنائك مسكه وصار في راحتي سناؤك ملكه ولما ظفرت بفلان حملته من تحتي زهرا جنيا يوافيك عرفه ذكيا ويواليك أنسه نجيا ويقضي من حقك فرضا مأتيا على أن شخص جلالك لي مائل وبين ضلوعي نازل لا يمله خاطر ولا يمسه عرض دائر إن شاء الله عز وجل .
7-وصف حديقة لابن حبيب الحلبي المتوفى سنة / 977 ه :
لما صدئت مرآة الجنان لجان قصدت لجلائها بعض الجنان فدخلت إليها وما كدت أن أقدم فإذا هي جنة عالية قطوفها دانية وطلحها منضود وظلها ممدود وأعلام أشجارها مرفوعة وفاكهتها لا مقطوعة ولا ممنوعة تجوس المياه خلال ديارها وتشرق بآفاقها أنوارا نوارها نزهة النواظر وشرك الخواطر بها أشجار لا تحصى وثمار لا تعد ولا تستقصى .
8-وصف عاصفة لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة / 911 ه :
إني عارض في ليلة الجمعة التاسعة من جمادى الآخرة وكانت فيه ظلمات متكاثفة ويروق خاطفة ورياح فقويت أهويتها واشتد هبوبها فتدافعت لها أعنة مطلقات وارتفعت لها صواعق مصعقات فرجفت لها الجدران واصطفت وتلاقت على بعدها واعتنقت وثار بين السماء والأرض عجاج فقيل لعل هذه على هذه أطبقت وتحسب أن جهنم قد سال منها وعدا منها وزاد عصف الرياح إلى أن انطفأت مصابيح النجوم ومزق أديم السماء ومحى ما فوقه من الرقوم لا عاصم من الخطف للأبصار ولا ملجأ من الخطب إلا معاقل الاستغفار وفر الناس نساء ورجالا ونفروا من دورهم خفافا وثقالا لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فاعتصموا بالمساجد الجامعة وأذعنوا للنازلة بأعناق خاضعة ووجوه عانية ونفوس عن الأهل والمال سالية ينظرون من طرف خفي ويتوقعون أي خطب جلي قد انقطعت من الحياة علقهم وعميت عن النجاة طرقهم ووقعت الفكرة فيما عليه قادمون وقاموا إلى صلاتهم وودوا أن لو كانوا من الذين عليها دائمون إلى أن إذن الله في الركود وأسعف الهاجدين بالجهود .


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)