اليقظة العربية في العصر العثماني وأهم أسبابها
أ-فترة اليقظة
من الحملة الفرنسية إلى ولاية إسماعيل 1798-1863
ب-أهم أسباب اليقظة:
1- أسلحة علمية للحملة الفرنسية:
كانت الحملة الفرنسية ترمي إلى تكوين إمبراطورية شرقية قوية مستقرة (تاريخ الحركة القومية جـ1 ص66.) ، لذلك اتخذت العلم سلاحًا ضمن أسلحتها، وحشدت العلماء جندًا ضمن جنودها2، وكان من مظاهر ذلك أن أنشاء العلماء الفرنسيون المصاحبون للحملة في مصر، مراكز للأبحاث الرياضية، ومراصد فلكية، ومعامل كيماوية، كما أنشأوا بعض المصانع ومعملًا للورق، ثم مجمعًا عليمًّا لدراسة أحوال مصر الطبيعية والجغرافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتاريخية والثقافية؛ وكان ذلك أساسًا لإمداد الحكومة الفرنسية بالمعلومات والتوجيهات، والإحصاءات والخرائط، ولتأكيد الوجود الفرنسي في مصر، وإقامته على دعائم من العلم والخبرة.. كذلك أقام الفرنسيون مطبعة عربية، وأصدروا صحيفتين فرنسيتين ونشرة باللغة العربية، كما أقاموا أيضًا مسرحًا للتمثيل، كانوا يقدمون فيه رواية فرنسية كل عشر ليال، وفتحوا مدرستين لتعليم أبناء الفرنسيين، ومكتبة عامة جمعوا فيها ما حملوه معهم من كتب، وما جمعوه من مساجد مصر وأضرحتها. وكانوا يدعون بعض المصريين إلى مشاهدة ما بها من كتب، كما كانوا يدعونهم إلى مشاهدة بعض تجاربهم العلمية، وذلك لتأليف قلوبهم، وإيهامهم بأنهم جاءوا لتحضيرهم والنهوض بهم . ولعل مما يرتبط بهذه المظاهر، تشكيلهم للديوان، الذي كان يضم تسعة أعضاء من علماء الأزهر، وذلك للعمل على استتباب الأمن، والتظاهر بأن الشعب يشارك في حكم نفسه ( تاريخ الحركة القومية جـ1 ص95.) ، ويلاحظ أولًا: أن أغلب تلك المظاهر الثقافية متصل بالعلم العملي، كما يلاحظ ثانيًا، أن جميعها جاءت في صورة عدوانية ضمن الحملة الفرنسية الغازية، ومن هنا لم يكن لها تأثير فعلي في وصل المصريين بالثقافة الأوروبية، وبخاصة الثقافة الأدبية، وإنما اقتصر تأثير كل هذه المظاهر على الإثارة أو الإيقاظ، حتى أحس البعض بوجوب التغيير، وتطلع إلى التسلح بوسائل أفضل، وهذا ما عبر عنه الشيخ حسن العطار، وهو من كبار علماء الأزهر، ومم تولوا مشيخته، وقد عاصر الحملة الفرنسية وكان على صلة ببعض علمائها، وهو أستاذ لرفاعة الطهطاوي، وقد توفي سنة 1835م. بقوله حينذاك: إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد ما بها من العلوم والمعارف ( الخطط التوفيقية لعلي مبارك جـ4 ص38.)
2- أول الاتصال الفعلي بالثقافة الحديثة:
كان محمد علي جنديًا ألبانيا مغامرًا، قد جاء إلى مصر ضمن الحملة التركية التي اشتركت في إخراج الفرنسيين سنة 1801م، وقد امتدت أطماعه إلى الاستقلال بمصر أولًا، ثم تأسيس إمبراطورية كبيرة ثانيًا، واستطاع بدهائه ومكره أن يخدع القوى الشعبية التي ظهرت قوتها أثناء مقاومة الفرنسيين، حتى ولته تلك القوى حاكمًا على البلاد سنة 1805م، وما لبث أن خان تلك القوى، فاضطهد زعماءها وعلى رأسهم السيد عمر مكرم، كما غدر بالمماليك فنكل بهم في مذبحة القلعة، ورأى أن الحاجة ماسة إلى قوة مسلحة تخمد القوى الشعبية التي يدين لها بعرشه، وترهب بقايا المماليك الذين ينازعونه سلطانه، كما تحميه من تركيا التي تملك عزله، وإنجلترا التي تهدد أطماعه ، واقرأ إن شئت عن محمد علي بالتفصيل في: ( تاريخ الحركة القومية للرافعي جـ2 ص311 وما بعدها، وجـ3.) فقد عمد محمد علي إلى إنشاء جيش قوي، وعمل كل ما من شأنه أن يحيط هذا الجيش بأسباب القوة، فأنشأ مدرسة حربية، ثم مدرسة للطب ليقوم أبناؤها بعلاج الجيش، ثم أنشأ مدرسة للصيدلة، وأخرى للطب البيطري -وأخرى للهندسة- كما أنشأ عددًا من المدارس الابتدائية والتجهيزية ( تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ4 ص19 وما بعدها، وتاريخ التعليم في عصر محمد علي لأحمد عزت عبد الكريم ) وقد استقدم محمد علي -أول الأمر- الأساتذة الأجانب للتدريس في المدارس المختلفة، ونظرًا لعدم معرفة هؤلاء بلغة البلاد أو معرفة التلاميذ بلغتهم، فقد استعان بالمترجمين من السوريين والمغاربة، وغيرهم ( تاريخ آداب اللغة العربية جـ4 ص30، 166.) ، كذلك أرسل محمد علي البعثات إلى أوروبا، ليقوم أبناؤها فيما بعد بمطالب الجيش، وللتدريس في تلك المدارس التي هي في خدمة الجيش، وقد تعددت البعثات وتنوعت، بين هندسية وطبية وزراعية وصيدلية وقانونية، وسياسية وكيماوية، كما كان منها بعثات للتخصص في الطباعة والحفر، والميكانيكا وغيرها ( تاريخ آداب اللغة العربية جـ4 ص30، ص20-21، وتاريخ التعليم في عصر محمد علي لأحمد عزت عبد الكريم ص434-453) ، وهكذا كان أول لقاء عملي بين المصريين والثقافة الغربية في العصر الحديث. وقد أنتج هذا اللقاء ثمارًا طيبة، فقد عاد هؤلاء المبعوثون بعلم جديد وعقلية جديدة إلى بلادهم، فعلموا في المدارس وعملوا في المصالح، وترجموا وألفوا وخططوا، وبهذا وضعوا أساس الحركة الثقافية والأدبية الحديثة، كما بدؤوا تطوير اللغة بما ترجموا إليها من علوم حديثة، وبما أمدوها به من مصطلحات جديدة، ثم بما عبروا عنه من أفكار وموضوعات منوعة، أكثرها يتصل بالحياة، ويرتبط بموكب الثقافة الإنسانية المتطورة. وكان من أجل مظاهر ذلك، مدرسة الألسن التي اقترح إنشاءها رفاعة الطهطاوي، وعهد إليه بإدارتها، وكانت تعني بدراسة اللغات الفرنسية والإيطالية والتركية والفارسية، إلى جانب آداب اللغة العربية، والتاريخ والجغرافيا والشريعة الإسلامية، والشرائع الأجنبية. وقد استطاعت مدرسة الألسن بفضل خريجيها، أن تترجم كثيرًا من الكتب القيمة، كما ترجم رفاعة رسائل عديدة في مختلف الفنون والعلوم، وترجم كذلك بعض قطع من الشعر الفرنسي، من بينها نشيد المرسيلييز، وترجم دستور فرنسا وعلق عليه بوعي لمفاهيم الحرية، وحقوق المواطنين ونظام الحكم (تاريخ الحركة القومية لعبد الرحمن الرافعي جـ1 ص478 وما بعدها، واقرأ عن رفاعة في: رفاعة الطهطاوي للدكتور أحمد بدوي، والخطط التوفيقية لعلي مبارك جـ13 ص53، وتراجم مشاهير الشرق جـ3 ص19، تاريخ الحركة القومية للرافعي جـ4 ص470، وما بعدها. لتدرك ذلك ) . ولعل من أهم المظاهر الثقافية التي عرفت في تلك الآونة، إنشاء المطبعة الأميرية سنة 1822، ثم إصدار صحيفة سميت أولًا باسم جورنال الخديوي، ثم أخذت اسم الوقائع المصرية، وكانت تحرر أولًا بالتركية والعربية، ثم صارت تكتب بالعربية وحدها ( تاريخ آداب اللغاة العربية لجورجي زيدان جـ3 ص63 وما بعدها، وأدب المقالة الصحفية في مصر للدكتور عبد اللطيف حمزة جـ1 ص110، 126، 127. وتاريخ الحركة القومية للرافعي جـ3 ص537-538. ) ، وليس من شك في أن تلك الألوان الثقافية قد أثمرت ثمارًا طيبة منذ تلك الآونة، رغم ما كان من نكسة للثقافة، وتعويق الفكر في عهد عباس الأول وسعيد، على اختلاف في درجة التعويق، ومظهر النكسة بين هذين الحاكمين الرجعيين ، فقد أغلق عباس المدارس بما في ذلك مدرسة الألسن، واستدعى أعضاء البعثات، ونفي رفاعه الطهطاوي إلى السودان، وأمر أولًا بقصر الترجمة على التركية، ثم ألغاها نهائيًا. أما سعيد فرغم أنه أتاح بعض الفرص للمصريين بإلغاء نظام الاحتكار، وإباحة الترقي في الجيش إلى رتبة ضابط، فإنه قد ألغى ديوان المدارس، وأوقف مطبعة بولاق وعطل حركة الترجمة والنشر ( تاريخ التعليم في مصر -عصر عباس وسعيد، لأحمد عزت عبد الكريم.) ، وهناك ملاحظات على تلك الحركة الثقافية التي كانت في عهد محمد علي، منها أنها دارت -قبل كل شيء- حول الجيش، ولم تتجه أساسًا إلى إضاءة الحياة المدنية، ومنها أنه عنيت أولًا بأبناء الأتراك والمماليك، وكان حظ أبناء الشعب منها ضئيلًا، ومنها أنها اهتمت -أكثر ما اهتمت- بالجوانب العملية والمادية، ولم تعط إلا القليل للجوانب النظرية والأدبية.
ولهذا كله لم يكن تأثير تلك الحركة الثقافية على الحياة الفكرية والأدبية قويًّا، وخاصة إذا ذكرنا أن الشعب كان في ذاك العهد يعاني من سوء الحالة الاقتصادية ما لا يمكنه أن يفرغ لفكر أو يقبل على أدب؛ فقد نزع محمد علي الأرض من يد الفلاحين، وأصبح هو المالك لكل شيء، أما الناس عنده فهم أشبه بآلات تعمل لتنتج له ما يرضي طمعه، كما كان الوالي هو صاحب الأمر في كل شيء، وليس للشعب رأي في أمور بلده، بعد نفي الزعامات الشعبية واضطهاد العناصر الوطنية، وحكم الشعب حكمًا استبداديًّا غاشمًا. وأهم الثمار التي جنيت من هذه الحركة الثقافية هي ظهور جماعة من المثقفين المصريين، الذين نهلوا من ثقافة الغرب وعرفوا لغته وبعض أدبه، وأصبحوا يمثلون -آخر الأمر- لونًا جديدًا إلى جانب اللون التقليدي الممثل في علماء الأزهر حينذاك، وهؤلاء المثقفون الجدد سيقومون هم، وتلاميذهم بريادة التيار الثقافي الجديد، والتبشير بحياة أدبية جديدة، رغم ما حدث من تعويق وانتكاس في عهدي عباس، وسعيد على ما سبقت الإشارة إليه ، وربما كان من ثمار تلك الحركة كذلك، انتعاش اللغة العربية بعض الانتعاش، وتجددها بعض التجدد، وذلك؛ لأنها أصبحت لغة العلوم الحديثة ولغة الصحافة الجديدة، ووسيلة الأفكار والنظم الوافدة، فاتسعت للمصطلحات العلمية والفنية، ومالت أكثر إلى الموضوعية، وتخلصت نوعًا من الركاكة والتكلف. وربما كانت تلك بداية اللغة العربية الحديثة المتطورة .



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)