أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: خطوات- قصة قصيرة

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي خطوات- قصة قصيرة

    خطا خطواته الأولى خارج المقهى التي اعتاد التردد عليها، مند مدة،ولا يبرح كراسييها حتى حلول الظلام وأحيانا حتى بزوغ الفجر. زَرَّرَ معطفه الداكن ووضع فوق رأسه قبعة صوفية سوداء من صنع أمه، ثم أطرق عائدا إلى حيث لا يدري.
    أخرج من جيب قميصه القطني أخر سيجارة متبقية لديه، تفحصها ببطء وأدفأها بلطف بين يديه، ثم أشعلها بعود ثقاب خشبي وبدأ يستنشق دخانها بنهم وهو يردد بصوت هادئ إحدى أغاني أم كلثوم: "..هل رأى الحب سكارى...". ثم بدا له في أخر لحظة، وهو يهم بفتح باب منزله، أن يتفقد أحد أصدقائه في الحي الجامعي القريب من محل سكناه.

    سيارة ركنت في زاوية مظلمة بالقرب من مدخل الحي الجامعي تتقدم نحوها بحذر فتاة في ريعان شبابها، وردة ناطقة بالحياة، تفوح منها رائحة عطر رخيص، تلتحف رداء يحجب وجهها، يختلط سواد لونه بدجة الليل، تضع نظارة ملونة تخفي بها عينيها. لم يكترث كثيرا بما رأى، ربما تطبع مع المشهد أو هي ثقافة غيرالتي جبل عليها بدأت تنخر عقله وروحه ببطء من حيت لا يعي وجعلته يقبل الأشياء كما أصبحت عليه.
    دخل كعادته من غير أن يدلي بأية وثيقة للموظفين، رغم حرصهم على ذلك. كان يتمرد على ما يعتبره قوانين الذل والعار، كان الطالب بنسبة له قانونا يحيا وليس بحاجة إلى من يراقبه. في جناح الذكور صعد الدرج حتى الطابق الثاني ثم توجه نحو الغرفة رقم 13، على يمين المراحيض، حيث يقطن محمد رفقة ثلاث طلاب آخرين كحد أدنى. تردد قبل أن يطرق الباب إلى أن لمح نورا خافتا يتسلل من ثقب المفتاح، تعانقا كأنهما يلتقيان صدفة بعد طول فراق،رغم أنهما نادرا ما يفترقان.

    جلس يحتسي الشاي رفقة أخرين إلى مائدة بلاستيكية، ارتشف قطرات، ثم زاغ ببصره صوب صورة غيفارا وضعت مباشرة فوق سرير محمد، واختلس بعض النظرات من الجانب الأيمن للغرفة حيت عُلقت لوحة كُتبت في وسطها أية قرآنية. ارتحل بجسده وعقله إلى طاولة خشبية وضعت قرب نافدة مطلة على ساحة تتوسطها أشجار الزيتون وبعض الحشائش، قبلة لسعداء الحب وأشقيائه. أخد يتصفح الكتب، يقرأ العناوين بتمعن، ينتقل من كتب حمراء سيئة الطباعة لماركس ولينين..إلى أخرى دينية بأغلفة جميلة وأوراق ذات جودة جيدة..ثم إلى صور لمشاهير السينما والفن وأخرى لدعاة ووعاظ ... وأشياء أخرى متناقضة تتعايش بسلام فوق هذه الطاولة.

    أذن المؤذن فقام الاثنان للصلاة بينما بقي الأخرون منهمكين في لعب الورق. ارتأيا أن يذهبا معا إلى المقصف لمراجعة بعض مواد الامتحانات. من حين إلى أخر كانا يخوضان في أحاديث كثيرة عن الدين والسياسة وعن الكون والوجود...
    بعد منتصف الليل بقليل أشار إلى صاحبه مودعا. تسلل بين الأزقة وهو يدندن بمقاطع موسيقية يعشقها. نظر بعينين متعبتين، من السهر المتواصل، إلى طرف الزقاق فلمح من بعيد نفس الفتاة، هذه المرة من غير نظارة ولا رداء. قبلته ثم فتحت الباب وأرسلت له أخرى عبر الهواء، اقترب منهما فلم يستطيع أن يصدق نفسه في حوار مقيت مع الذات.التفتت نحوه فجأة فاختباء بسرعة خلف عمود الإنارة، قطع الشك باليقين، هي إلهام بكل تأكيد، زميلة الدراسة ورفيقة النضال. أدار الرجل محرك سيارته ومر من أمامه مسرعا. ارتعشت يداه وتصبب العرق من جبينه، ترجل من مكانه بعدما توارت خلف الظلام وبقي هو واقفا وسط الزقاق يتتبع دخان سيارة أستاذه في الكلية في ذهول.

  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    الأستاذ احمد العكيدي

    نص جميل .. والقفلة كانت مفاجئة على إيلامها .
    يعكس الجانب الآخر من الحياة .. يتفاجأ فيها طالب العلم حين يرى بعض المثل تختفي في بيئة يفترض ان يغلب فيها الالتزام والتعليم - ليس للتعميم طبعا - .

    تحيتي لكم .


    كان الطالب بالنسبة له قانونا
    فاختبأ
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,113
    المواضيع : 317
    الردود : 21113
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    قفلة صادمة ومؤلمة لما يخفي الظلام من آثام
    قلم قادر على الوصف الواقعي بسرد ماتع جاذب في نص جميل.
    تحياتي وتقديري. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام دغمش مشاهدة المشاركة
    الأستاذ احمد العكيدي

    نص جميل .. والقفلة كانت مفاجئة على إيلامها .
    يعكس الجانب الآخر من الحياة .. يتفاجأ فيها طالب العلم حين يرى بعض المثل تختفي في بيئة يفترض ان يغلب فيها الالتزام والتعليم - ليس للتعميم طبعا - .

    تحيتي لكم .


    كان الطالب بالنسبة له قانونا
    فاختبأ
    شكرا لك أستاذي الكريم ومرحبا بإطلالتك الجميلة

  6. #6
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد فتحي المقداد مشاهدة المشاركة
    حالات صارت معتادة..
    لاعبات تتأجج إثمًا تحت جنح الظلام
    نص جميل أستاذ
    يملت يداك
    شكرا لك أستاذ محمد فتحي المقداد ودمت مبدعا

  7. #7
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    قفلة صادمة ومؤلمة لما يخفي الظلام من آثام
    قلم قادر على الوصف الواقعي بسرد ماتع جاذب في نص جميل.
    تحياتي وتقديري. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سعدت كثيرا بمرورك أستاذتي ناديه محمد الجابي وشكرا لك

  8. #8
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    خطا خطواته الأولى خارج المقهى التي اعتاد التردد عليها، مند مدة، ولا يبرح كراسييها حتى حلول الظلام وأحيانا حتى بزوغ الفجر. زَرَّرَ معطفه الداكن ووضع فوق رأسه قبعة صوفية سوداء من صنع أمه، ثم أطرق عائدا إلى حيث لا يدري.
    أخرج من جيب قميصه القطني أخر سيجارة متبقية لديه، تفحصها ببطء وأدفأها بلطف بين يديه، ثم أشعلها بعود ثقاب خشبي وبدأ يستنشق دخانها بنهم وهو يردد بصوت هادئ إحدى أغاني أم كلثوم: "..هل رأى الحب سكارى...". ثم بدا له في أخر لحظة، وهو يهم بفتح باب منزله، أن يتفقد أحد أصدقائه في الحي الجامعي القريب من محل سكناه.

    سيارة ركنت في زاوية مظلمة بالقرب من مدخل الحي الجامعي تتقدم نحوها بحذر فتاة في ريعان شبابها، وردة ناطقة بالحياة، تفوح منها رائحة عطر رخيص، تلتحف رداء يحجب وجهها، يختلط سواد لونه بدجة الليل، تضع نظارة ملونة تخفي بها عينيها. لم يكترث كثيرا بما رأى، ربما تطبع مع المشهد أو هي ثقافة غير التي جبل عليها بدأت تنخر عقله وروحه ببطء من حيت لا يعي وجعلته يقبل الأشياء كما أصبحت عليه.
    دخل كعادته من غير أن يدلي بأية وثيقة للموظفين، رغم حرصهم على ذلك. كان يتمرد على ما يعتبره قوانين الذل والعار، كان الطالب بالنسبة له قانونا يحيا وليس بحاجة إلى من يراقبه. في جناح الذكور صعد الدرج حتى الطابق الثاني ثم توجه نحو الغرفة رقم 13، على يمين المراحيض، حيث يقطن محمد رفقة ثلاث طلاب آخرين كحد أدنى. تردد قبل أن يطرق الباب إلى أن لمح نورا خافتا يتسلل من ثقب المفتاح، تعانقا كأنهما يلتقيان صدفة بعد طول فراق، رغم أنهما نادرا ما يفترقان.

    جلس يحتسي الشاي رفقة أخرين إلى مائدة بلاستيكية، ارتشف قطرات، ثم زاغ ببصره صوب صورة غيفارا وضعت مباشرة فوق سرير محمد، واختلس بعض النظرات من الجانب الأيمن للغرفة حيت عُلقت لوحة كُتبت في وسطها أية قرآنية. ارتحل بجسده وعقله إلى طاولة خشبية وضعت قرب نافدة مطلة على ساحة تتوسطها أشجار الزيتون وبعض الحشائش، قبلة لسعداء الحب وأشقيائه. أخد يتصفح الكتب، يقرأ العناوين بتمعن، ينتقل من كتب حمراء سيئة الطباعة لماركس ولينين..إلى أخرى دينية بأغلفة جميلة وأوراق ذات جودة جيدة..ثم إلى صور لمشاهير السينما والفن وأخرى لدعاة ووعاظ ... وأشياء أخرى متناقضة تتعايش بسلام فوق هذه الطاولة.

    أذن المؤذن فقام الاثنان للصلاة بينما بقي الأخرون منهمكين في لعب الورق. ارتأيا أن يذهبا معا إلى المقصف لمراجعة بعض مواد الامتحانات. من حين إلى أخر كانا يخوضان في أحاديث كثيرة عن الدين والسياسة وعن الكون والوجود...
    بعد منتصف الليل بقليل أشار إلى صاحبه مودعا. تسلل بين الأزقة وهو يدندن بمقاطع موسيقية يعشقها. نظر بعينين متعبتين، من السهر المتواصل، إلى طرف الزقاق فلمح من بعيد نفس الفتاة، هذه المرة من غير نظارة ولا رداء. قبلته ثم فتحت الباب وأرسلت له أخرى عبر الهواء، اقترب منهما فلم يستطيع أن يصدق نفسه في حوار مقيت مع الذات. التفتت نحوه فجأة فاختبأ بسرعة خلف عمود الإنارة، قطع الشك باليقين، هي إلهام بكل تأكيد، زميلة الدراسة ورفيقة النضال. أدار الرجل محرك سيارته ومر من أمامه مسرعا. ارتعشت يداه وتصبب العرق من جبينه، ترجل من مكانه بعدما توارت خلف الظلام وبقي هو واقفا وسط الزقاق يتتبع دخان سيارة أستاذه في الكلية في ذهول

  9. #9

  10. #10
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري مشاهدة المشاركة
    خطوات
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سعدت كثيرا بهذا التصميم الجميل
    شكر لك أستاذ عباس العكري

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. خطوات على درب القدر
    بواسطة يسرى علي آل فنه في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 27-04-2007, 08:40 PM
  2. أربع خطوات للتخلص من سلوك طفلك الفظ
    بواسطة عبلة محمد زقزوق في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 30-07-2006, 02:56 PM
  3. الرابطة الأدبية في فلسطين..خطوات عملية
    بواسطة تسنيم المحروق في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 30-03-2006, 12:40 AM
  4. خطوات عملية لمواجهة التنصير
    بواسطة عبدالله في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2004, 10:17 PM
  5. ( خطوات على آثار الحجيج ) قصيدة
    بواسطة ناجي الحرز في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 03-02-2004, 09:53 AM