من الشعر الأندلسي
بقلم: الدكتور سمير قادر حبيب

8- الرصافي البلنسي (536 - 572 ه / 1140 - 1175م ) محمد بن غالب الرفاء الرصافي البلنسي شاعر وقته في الاندلس واصله من رصافة بلنسية واليها نسبه .
قال عبدالرحمن المراكشي في المعجب في تلخيص اخبار المغرب ولده لا يتعدى 536 ه . كان يرفأ الثياب ترفعا عن التكسب بشعره .
قال المراكشي صاحب المعجب . (الوزير الكاتب سكن وتوفي في بلنسية).
قال ابو جعفر بن سعيد ، (هو ابن رومي الأندلس لما راه من حسن اختراعه وتوكيده المعاني) . المغرب في حلي المغرب ، ابو سعيد المغربي 2 /342 .
و يذكر المقري في نفح الطيب / 1073قوله (ان الرصافي المراهق كان في مالقة يطلب العلم وان الطلبه صنعوا نزهة بالوادي الكبير بمالقة ، و ارتجل الرصافي بيتين في تلك الرحلة فلما سمعهما استاذه استنبئه وقال له انك ستكون شاعر زمانك) نفح الطيب/ 1073. كان شعره سهلا محببا الى القلوب مؤثرا في النفوس .
لقد طرق الرصافي البلنسي اكثر اغراض الشعر العربي فقال في المديح والرثاء والغزل و وصف الطبيعة ، وله في كل منها مشاركة بالأتجاهات العامة التي تسير عليها ، وأختلاف يميزه عن الأخرين بما يعتمده من عناصر ذاتية . وله ديوان شعر مطبوع تقديم وتحقيق الساعاتي.

أ - قال الرصافي البلنسي :

هي الدرة البيضاء من حيث جئتها
أضاءت ومن للدر أن يشبه البدرا

يستثمر الشاعر في هذا البيت الوصف الحسي دون ان يذكر اسما صريحا له ، ولكنه يعطينا شيئا يتسم بطبيعته الثمينة ، تدل على قيمة اعتبارية أثيرة إلى نفس الشاعر اتية من كون الحاجة التي ذكرها تتصف بندرتها وصعوبة الحصول عليها ، وربما تمنعها أيضا . ولكن هذه اﻷوصاف تجلت في الدرة الثمينة التي تتلألأ وتشع في الموضع الذي هو فيها ، وتلألؤها وأشعتها لا تنحسر عن أي جانب ، ولكنها تواصل هذا اﻹشعاع والنور من كافة جوانبها ،وكنايتها في هذا الجانب هو تشبيه ارتضاه الشاعر لنفسه باﻹشارة إلى مدح مدينة بلنسية التي لها أهميتها وجلالها في ذات الشاعر حتى اتخذت صورتها لون الدر الذي تجتمع فيه كل اﻷلوان ، و لكنها ليست اعتيادية ، وإنما قيمته وقدرته في التأثير قادمة من درة ثمينة ومن للدر أن يشبه البدرا ، أي لاشيء يشبه هذا الدر ، ولكن نرى الشاعر يردف القول معززا القيمة الأعتبارية المتاحة في هذا التشبيه فيتساءل مستبعدا شبه الدر بالبدر ، وإمكانية عدم شبه الدر بالبدر تمنحنا صورة أخرى متعلقة بالمشبه ، وهي مدينة بلنسية ، أي عدم إمكانية شبه الدر لبلنسية لعدم إمكانية شبه الدر للبدر ، والدر في مردوده الصوتي المتشكل من حرفين أحدهما مضعف ، وتضعيفه فيه دلالة صوتية على تركز مدلول معين وهو يترك أثره الفاعل في ذات اﻹنسان من ناحية مضامينه الحسية إذا نظرنا للأمر من زواية حسية ومن جانبه الأعتباري إذا نظرنا للأمر من زاوية مادية .